الدكتور أيوب ثابت
أعصاب مشنَّجة التفَّ بعضها ببعض، فعملت رجُلًا هو الدكتور «أيوب ثابت».
وجهٌ نحاسيٌّ رُشِّح له ببلالة من التصوف، ورُقمَت عليه هذه الآية: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ.
عينان غلب الذكاء على رقتهما فإذا هما موقدان ملتهبان.
نادرًا ما تجده مُشرِق الوجه، ففي معدته جِنَّة تعبث بها فتسدُّ مجاريها وتعكِّر عليه صفاء باله، أما إذا ضحك لك يومًا فأيقِنْ أن أنبوبًا قد انفتح في معدته، فمزاج هذا الرجُل يتوقف على حالة الأنابيب في بطنه.
داهية من دهاة السياسة، إلا أنَّ سياسته عنصر سام قد يكون استقاه من ينابيع «شكسبير».
يقرن شدة الحزم إلى سموِّ الأخلاق. عصبيٌّ إلى حد الجنون، يستعين على عصبيته بأقداح «الوسكي» فتزداد.
قد لا تجد في لبنان من هو أجدر منه بمعالجة القضايا الخطرة، فإذا عقبتَ بالتذكار إلى عهد القضية العربية اللامركزية قبل سنوات الحرب علمتَ أنه كان من أشدِّ أركانها، وإذا سبرتَ غور الحدث الذي أوجده برنامج الأستاذ «إدَّه» في هذه الأيام، اتَّضح لك أن حسناته إنما هي أصلاب من برنامج كان في خاطر الدكتور «أيوب».
يحبُّ من فرنسا ناحيتها المجيدة، إلا أنه يأبى على الانتداب أن يكون له ضلع في جميع شئون بلاده، فهو من هذه الجهة انتدابي ضئيل.
عريُّ المبدأ من المذاهب، فهو يدِينُ في سياسته بِدين الديمقراطية الصحيحة.
برلمانيٌّ نزيه، يجمع إلى تضلُّعه من أصول السياسة إخلاصًا أكيدًا واستقامة بكرًا.
يمتُّ بهَوَسه إلى هَوَس الأستاذ «إدَّه».
تصوِّر له الثقة بالنفس أنه إذا عالج أمرًا ملَكَه من جميع أقطاره، وأنه جدير بأن يتبوَّأ في البلاد أظهر مراكزها، وقد يكون مصيبًا، فجميع خلق الله في لبنان — من أقطابهم إلى زعانفهم — يعرفون في الدكتور «أيوب ثابت» جميع ألوان الرجُل الرجُل.
ولكن الحكومات المستعبَدة لا تنظر إلى أحرارها نظرة الحكومات الحرَّة لهم، فإذا فكرتَ في الدكتور «ثابت» فقُل معي: «إذا استنسر البُغاث تطوي النُّسور أجنحتها.»