Obvious Role of Quantum Mechanics in
Photosynthesis
«إن التركيب الضوئي عمليةٌ عالية الاكتمال، يمكن تعلُّم دروسٍ
مهمةٍ منها عن المبادئ العاملة في الطبيعة.»
Cao et al., (2020)
(١) الطاقة في التركيب
الضوئي Energy In photosynthesis
الحياة ظاهرةٌ تنتُج عن منظومةٍ من الجزيئات العضوية العالية
التنظيم والتعقيد، وجزيئات لا عضوية، وتتبادل المواد والطاقة
والمعلومات مع البيئة، وهي جزءٌ منها. وحيث إن التكاثُر والنمو،
والتي تؤدي إلى الزيادة في العدَد والكتلة على التوالي، من الخواص
الأساسية للمنظومة الحية، فهي تأخذ من المواد والطاقة والمعلومات
أكثر مما تفقد. وهكذا فهي ليست في حالةِ توازنٍ مع البيئة. وبسبب
التفاعل ما بين الكائنات الحية وبينها والبيئة، فإن المادة بضمنها
العناصر المعدنية تتحرك بدورات. وحيث إن كمية المادة في المحيط
الأحيائي (Biosphere) ثابتة، فلا
بد من الطاقة لتفعيل دورات المادة، وإلا فإن انسياب المادة في
النهاية سيتوقف بسبب زيادة الإنتروبي. والإنتروبي هو مقياسٌ
للعشوائية واللانظام أو الشواش، وهو في تزايدٍ مستمرٍّ حسب القانون
الثاني للديناميكا الحرارية؛ أي إن الأشياء تتجه عمومًا نحو
التفكُّك والتبسيط؛ وعليه فإن الحفاظ على حالة النظام والتعقيد
للمنظومة الحية يقتضي بالضرورة تخفيض الإنتروبي بتصديره إلى
البيئة؛ عن طريق التزوُّد المستمر بالطاقة. وما الموت إلا انقطاعُ
سيلِ الطاقة والمواد والمعلومات إلى المنظومة الحية، وبالتالي
تحولُها إلى جزءٍ مماثلٍ لأجزاء البيئة المحيطة غير الحية، وبدء
التفسُّخ والتحلُّل ووصولها إلى حالة التوازُن معها. وهكذا يصبح
التعريف الأبسط للحياة هو القدرة على استغلال الطاقة والسيطرة
عليها (Olson & Straub,
2016).
كل فرد من المحيط الحيوي
بحاجة إلى مصدرٍ للطاقة؛ فالحيوانات العليا تستخدم المواد العضوية
الجاهزة من سلسلةٍ من حيواناتٍ أخرى تنتهي بحيواناتٍ تتغذَّى على
النباتات أو الطحالب أو بعض أنواع البكتيريا. والحيوانات الدنيا
والفطريات والكثير من أنواع البكتيريا، تعتمد على تلك الأحياء
أيضًا. الأحياء التي تعتمد على أحياءٍ أخرى في الحصول على الطاقة،
هي أحياءٌ غيريةُ
التغذية (Heterotrophic). والأحياء التي تكون مصدرًا أوليًّا للطاقة
لنفسها، ومن ثَم لغيرها، هي أحياءٌ ذاتية التغذية (Autotrophic) وهي تعتمد
مباشرةً على الطاقة الشمسية، وعلى الطاقة الكيميائية المخزونة في
بعض المواد.
يصل إلى كوكب الأرض من الطاقة الشمسية ما قَدْرُه ١٦٦ بيتا واط
(1 PW =
1015
W). يعكس الكوكب إلى الفضاء ٣٠٪ منها، وتمتص
الغيوم ١٩٪ ويتبقَّى ٨٥ بيتا واط قابلة للاستغلال على الكوكب. ما
يُستخدَم في التركيب الضوئي من الطاقة الشمسية جزءٌ صغير فقط، هو
٧٥ تيرا واط (1 TW =
1012
W). للمقارنة، فإن متوسط الاستهلاك البشري من
الطاقة سنة ٢٠١٠م هو ١٦ تيرا واط (Mirkovic
et al.,
2016).
الأحياء الذاتية التغذية تُميَّز إلى أحياءٍ تعتمد على طاقة ضوء
الشمس كمصدرٍ أوَّليٍّ للطاقة، وتُسمَّى ذاتية التغذية الضوئية (Photoautotrophic)
وتشمل النباتات الخضراء والطحالب والسيانوبكتيريا
(Cyanobacteria البكتيريا الخضراء
المزرقة) والبكتيريا الأرجوانية وبكتيريا الكبريت الخضراء. وأحياءٍ
تعتمد على الطاقة الكيميائية في بعض المواد اللاعضوية، وتُسمَّى
ذاتية التغذية
الكيميائية (Chemoautotrophic). هذه الأحياء تشمل البكتيريا المؤكسِدة
للكبريت Protobacteria
وAquafica والأركيا المكوِّنة
للميثان والبكتيريا المؤكسِدة للحديد.
المجموعة الأخيرة تعتمد على أكسدة الهيدروجين أو كبريتيد
الهيدروجين أو الميثان أو أيونات الحديدوز أو الأمونيا للحصول على
الطاقة الأوَّلية لتحويل ثاني أوكسيد الكاربون أو الميثان إلى
مركَّبات سكَّرية.
ومن المرجَّح أن هذه الأحياء مثَّلَت الطريق الأقدَم تطوريًّا في
التغذية الذاتية؛ حيث لا يتوفر الضوء الكافي في أعماق المحيطات،
ولم يكن الأوكسجين الغازي الحر مُتوفرًا.
تُشير التقديرات إلى أن حوالي ٢٠٠ مليار طن من غاز ثاني أوكسيد
الكاربون يتم تحويلُه إلى كتلةٍ حيوية. حوالي ٤٠٪ من الكتلة
الحيوية يتم إنتاجُها بواسطة العوالق النباتية البحرية. ومعظم
الكاربون يُضمن بشكل موادَّ عضويةٍ عن طريق اختزاله في عملية
التركيب الضوئي (Taiz & Zeiger,
2002).
الأركيا تستخدم مساراتٍ غيرَ دورة كالفن من أجل تكوين
Acetyl-CoA كوسيلة لتثبيت الكاربون
من CO2
(Berg et al.,
2010).
الأحياء الذاتية التغذية الضوئية والتي تستخدم آلية التركيب
الضوئي تُميَّز إلى مجموعتَين:
الأحياء الأوكسجينية التركيب الضوئي: وهي الأحياء التي تُنتِج الأوكسجين في التركيب
الضوئي، وتشمل النباتات الخضراء والطحالب
والسيانوبكتيريا، وهي مصدر الكاربون العضوي والأوكسجين
الغازي في كوكب الأرض. تعتمد الأحياء الأوكسجينية على
صبغات كلوروفيل a
والمنظومة الضوئية I
والمنظومة الضوئية II
في الحصول على طاقة الضوء، واستغلالها في أكسدة
جُزيئات الماء.
الأحياء اللاأوكسجينية التركيب الضوئي: وهي أنواعٌ من البكتيريا لا تُنتِج الأوكسجين في
عملية التركيب الضوئي والذي يُعرف بالتركيب الضوئي اللاأوكسجيني (Anoxygenic
photosynthesis). هذه
البكتيريا لا تتمكَّن من استخدام جُزيئات الماء
كمانحاتٍ للإلكترونات، وإنما تستخدم الكبريتيد
والهيدروجين أو المواد العضوية. وهكذا فهي لا تُسهِم
في تكوين الأوكسجين في الطبيعة، لكنها تُسهِم في تكوين
المواد العضوية. البكتيريا اللاأوكسجينية تستخدم صبغة
الكلوروفيل
البكتيري (Bacteriochlorophyll) ومنظومةً ضوئية واحدة؛ هي أما
النظام الضوئي I في
بعض الأنواع أو النظام الضوئي
II في أنواعٍ
أخرى.
أحياء التركيب الضوئي اللاأوكسجينية تشمل البكتيريا الأرجوانية (Purple bacteria) مثل
أنواع Rhodospirillum التي تعود إلى شعبة
Proteobacteria، وبكتيريا الكبريت
الخضراء (Green sulfur bacteria)
مثل أنواع Chlorobium العائدة إلى شعبة
Chlorobi وأنواع
Heliobacterium تعود إلى شعبة
Firmicutes وChloracidobacterium
thermophilum تعود إلى شعبة
Acidobacteria
وGemmatimonas
phototrophica تعود إلى شعبة
Gemmatimonadetes وغيرها
(Hanada, 2016).
يُعتبر التركيب الضوئي من
بين أهم المواضيع في علوم الحياة، واستقطب جهود آلاف العلماء في
سبيل دراسته وفهم آلياته عَبْر عددٍ هائلٍ من الأبحاث. وكدلالةٍ
على ذلك فإنه أفضى إلى حصول باحثيه على جائزتَي نوبل في الكيمياء؛
الأولى سنة ١٩٦١م؛ حيث حصل عليها Melvin
Calvin باكتشافه دورةَ تثبيت الكاربون والمعروفة
باسمه، والثانية سنة ١٩٨٨م، وحصل عليها سوية Johann
Deisenhofer وRobert
Huber وHartmut
Michel لاكتشافهم التركيب الثلاثي الأبعاد لمركز
التفاعُل في التركيب الضوئي.
يختلف ميكانيك الكَم عن الميكانيك التقليدي في النظر إلى العالَم
عند التعامل مع الأبعاد الصغيرة جدًّا والأحداث السريعة جدًّا.
وهكذا، وعلى خلاف الميكانيك التقليدي، لا تتماشى التأثيراتُ
الكمومية مع خبرتنا اليومية بسهولة، بل غالبًا ما تكون مناقضةً
للبديهة التي اعتدنا عليها. وهكذا تضعنا الأبعاد والأزمنة التي
تحصُل فيها عمليات التركيب الضوئي قرب حدود ميكانيك الكَم
والميكانيك التقليدي وفي مدَيات التأثيرات الكمومية القابلة للقياس
(Keren & Paltiel,
2018).
ولغرضِ فَهم عملية التركيب
الضوئي ودَور ميكانيك الكَم فيه لا بد من استعراض العناصر التي
تلعب الأدوار الرئيسة فيه، وهي الضوء والصبغات ونُظُم استقبال
ومعالجة الطاقة.
(٢) الضوء Light
الضوء المرئي هو جزءٌ ضيق من الأشعة الكهرومغناطيسية في أطوالٍ
موجيةٍ محصورة بين ٤٠٠ (الضوء البنفسجي) إلى حوالي ٧٠٠ن م (اللون
الأحمر) (شكل ٨-٥). يمثِّل الضوءُ مصدرًا
أوليًّا للطاقة والمعلومات، كما تم الإشارة إليه سابقًا. وتلعب
الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء أدوارًا بيولوجيةً مهمة
أيضًا.
يتألَّف الضوء من فوتونات وهي جسيماتٌ تحت ذرية تسير بموجاتٍ ذات
طول يُرمز له بالحرف اللاتيني λ
وتردُّد يُرمز له بالحرف ν
والعلاقة بينهما حسب المعادلة:
حيث تمثِّل c
سرعةَ الضوء.
شكل ١٣-١: الطبيعة الكهرومغناطيسية للمادة وأنماط
إثارتها الفردانية (يسار). الجزء العلوي يوضِّح مخطَّط
متطلَّبات طاقة الذرة الداخلية لتحفيز الإثارة حتى الوصول
إلى التأيُّن. الجزء السفلي يكشف عن مدارات الذرة القابلة
للإثارة في ترتيبها المكاني. عن: Madl
& Egot-Lemaire (2015).
ويحمل الفوتون طاقةً غير قابلةٍ للتجزئة هي الكَم
(Quantum) تتناسب قيمتُها
(Eq) مع طول الموجة وتردُّدها حسب
المعادلة:
حيث يمثِّل h
ثابت بلانك (= ٦٫٦٢ × ١٠−٣٤ جول
ثانية/فوتون).
في الجدول ١٣-١ عرضٌ للأطوال الموجية والطاقة
لمكوِّنات الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية وتحت
الحمراء.
الخاصية شبه الجُسيمية للفوتون تتوضَّح في تآثُره مع التراكيب
الأساسية وامتصاصه، ولكي يتم امتصاص الفوتون، يجب أن تتوافَق طاقته
تمامًا مع فَرقِ الطاقة بين الحالة القاعية (Ground
state)
وإحدى الحالات العالية الطاقة لذلك التركيب الأساسي. وفي مثل هذه
الحالة يمكن أن تنتقل طاقة الفوتون إلى ذرة أو أيون أو جُزيئة
(استطارة غير مرنة) محوِّلًا إياها إلى حالةٍ طاقيةٍ أعلى تُسمَّى
طاقة
الإثارة (Excited state).
الاستطارة غير المرنة يمكن أن تغيِّر كثيرًا الإشعاع
الإلكترومغناطيسي؛ حيث يمكن أن يحصُل إعادة إشعاع بأطوالٍ موجيةٍ
أطول أو أقصر (شكل ١٣-١b). مثل هذه الظاهرة غالبًا ما
تحصُل عندما يُعاد إشعاع الضوء الأزرق، الساقط بشكل ضوءٍ أحمر (كما
في الوميض شكل ١٣-١d). يُظهِر النصف الأيمن من
الشكل ١٣-١ أنماطًا مختلفة من التآثُر.
(a) عندما تكون طاقة الفوتون
الداخل صغيرة، أو الطول الموجي λ
كبير مقارنة بالذرة، يبقى الهدف بحالته القاعية والفوتون الخارج
يُستطار وهو محافظ على طاقته. (b)
الفوتون الأكثر طاقةً يؤدي إلى حالة إثارة للذرة، ويُحرِّر فوتونًا
أقل طاقةً نوعًا ما. (c) توافُق
طاقة الفوتون الساقط وفرق الطاقة المؤدي إلى الحالة المثارة للذرة،
يُتبع بالارتخاء إلى الحالة القاعية وينتج فوتونًا مماثلًا للفوتون
الساقط. (d) الإثارة الأقوى لرفع
الذرة إلى حالة الإثارة جدًّا، تؤدي إلى ارتخاءٍ تدريجي منتجةً
فوتوناتٍ بطاقةٍ أقلَّ لحين أن تفقد الذرة الإثارة تمامًا.
(e) الفوتون العالي الطاقة يُحرِّر
إلكترونًا مُسببًا تأين الذرة. (f)
الفوتون يحفِّز التأين زائدًا تحرير فوتون بطاقةٍ أقل.
(g) عندما تُضرب الذرة المثارة
أصلًا بفوتون، يحصل ارتخاءٌ للذرة؛ حيث يتحرَّر فوتون يكون مرتبطًا
تماسكيًّا مع الفوتون الساقط كما في الليزر (Madl
& Egot-Lemaire, 2015).
جدول ١٣-١: الإشعاعات المهمة بيولوجيا. عن: Hopkins
& Hüner (2009)
اللون
الطول الموجي ن م
معدل الطاقة كيلوجول/مول فوتون
الأشعة فوق البنفسجية
UV
١٠٠–٤٠٠
UV-C
١٠٠–٢٨٠
٤٧١
UV-B
٢٨٠–٣٢٠
٣٩٩
UV-A
٣٢٠–٤٠٠
٣٣٢
الضوء المرئي
٤٠٠–٧٤٠
البنفسجي
٤٠٠–٤٢٥
٢٩٠
الأزرق
٤٢٥–٤٩٠
٢٧٤
الأخضر
٤٩٠–٥٥٠
٢٣٠
الأصفر
٥٥٠–٥٨٥
٢١٢
البرتقالي
٥٨٥–٦٤٠
١٩٦
الأحمر
٦٤٠–٧٠٠
١٨١
الأحمر البعيد
٧٠٠–٧٤٠
١٦٦
الأشعة تحت الحمراء
٧٤٠
٨٥
من المواد العالية القدرة على التفاعُل مع الضوء هي الصبغات؛ حيث
تمتص الضوء بأطوالٍ موجيةٍ معيَّنة.
(٣) البلاستيدة
الخضراء Chloroplast
وهي عُضَيٌّ خلَوي في الأحياء الحقيقية النواة القادرة على
التركيب الضوئي. قطرها في النباتات حوالي ٤–٦مكم وسمكها ١-٢مكم.
تتألَّف من غشاءٍ مزدوجٍ خارجي وداخلي يحيط بالحشوة
(Stroma) والتي تتألف من سائل
يحتوي على الإنزيمات الذائبة، وكذلك
DNA
وRNA ورايبوزومات البلاستيدة التي
تمكِّنها من تكوين بروتيناتها الخاصة، وتمكِّن من انقسامها. وتضُم
البلاستيدة أغشيةً تُسمَّى الثايلوكويدات (Thylakoids) وهي أغشيةٌ مزدوجةٌ تحتوي على فراغٍ
بينها. تحمل هذه الأغشية الصبغات والنُّظم الضوئية وإنزيمات
السايتوكروم واﻟ ATPase. تُوجد هذه
الأغشية بشكلِ نضائدَ تُسمَّى البذَيرات
(Grana)، وتمتد أغشيةٌ مفردةٌ منها
هي أغشية
الحَشْوة (Stroma lamellae) لتُشكِّل شبكةً متصلة (شكل ١٢-٢). في السيانوبكتيريا تُوجَد أغشية ثايلوكويد
لكنها غير متميِّزة إلى بذَيرات وحَشْوة.
شكل ١٣-٢: (a) رسمٌ
تخطيطيٌّ للبلاستيدة الخضراء حيث تتنضَّد الثايلوكويدات
المفلطَحة بشكل بذَيرات.
(b) التوزُّع المكاني
للمُعقدات المطمورة في غشاء الثايلوكويد. مُحوَّر عن:
Mirkovic et al., (2016).
شكل ١٣-٣: بروتين FMO
ثلاثي الوحدات. جُزيئات الكلوروفيل البكتيري
a باللون الأخضر، وذرة
المغنسيوم المركزية باللون الأحمر والبروتين باللون
الرمادي. عن: Julian Adolphs prepared
using 4bcl.pdb (from protein data bank) and software
“rasmol”
(http://www.openrasmol.org).
الكلوروسوم هو معقد امتصاص الضوء في بكتيريا الكبريت الخضراء،
ويتميَّز بكبر حجمه، وعدم وجود بروتيناتٍ تسند صبغات التركيب
الضوئي. معقد الصبغة-البروتين FMO
(شكل ١٣-٣) في البكتيريا
Chlorobium
tepidum يحتوي على بروتيناتٍ حاملةٍ
لصبغة الكلوروفيل البكتيري a
بطريقةٍ غيرِ متناظرة وانحدارية؛ حيث يمكن أن تُوصل الإكسيتونات (Exitons) والتي سنتطرق إليها
لاحقًا، إلى مركز التفاعل بطريقٍ تقليدي، أو كحركةٍ موجية تتجنَّب
العوائق الحركية، وتزيد من كفاءته ما جعله يُستخدَم كمنظومةٍ
نموذجية.
لعمليات نقل الطاقة في التركيب الضوئي
(Panitchayangkoona et al., 2010). اتجاه طاقة الإثارة في
الكلوروسوم يكون من الصبغات في الكلوروسوم إلى بروتين
CsmA في الصحن القاعدي إلى معقد
بروتين FMO إلى مركز التفاعُل
(Oostergetel et al., 2010).
(٥) الصبغات Pigments
الصبغة هي مادةٌ حساسة ضوئيًّا؛ حيث تُغيِّر لون الضوء المنعكس
عنها، أو النافذ منها، حسب الطول الموجي الخاص الذي تمتصه منه. يتم
امتصاص الفوتون بسرعةٍ كبيرةٍ جدًّا، تبلغ فيمتوثانية (١ ×
١٠−١٥ ثانية) حيث يتلقاه الإلكترون
الخارجي في جُزيئة الصبغة، والتي تمكِّنها من الانتقال من الحالة
القاعية إلى حالة الإثارة (أو الحالة المنفردة Singlet) التي تجعلها قادرةً على التفاعل الكيميائي
الضوئي. جُزيئة الصبغة المعقدة تمتلك إلكتروناتٍ يمكن أن تمتص
فوتونات بمستوياتٍ طاقيةٍ مختلفة، وبالتالي بأطوالٍ موجيةٍ
مختلفة.
الجُزيئة المثارة تبقى كذلك لفترةٍ قصيرةٍ جدًّا، بحدود
النانوثانية (١ × ١٠−٩ ثانية) وفي حالة
عدم تآثُرها مع جُزيئةٍ أخرى، عليها التخلُّص من الطاقة الزائدة،
والعودة إلى الحالة القاعية. تبديد هذه الطاقة يتم بطُرقٍ متعدِّدة منها:
الفقدان بشكل طاقةٍ حرارية.
الوميض بإطلاق فوتونات باللون الأحمر.
الرنين المحفِّز أو النقل غير الإشعاعي؛ حيث تُنقل
الطاقة إلى جزيئاتِ صبغةٍ مجاورة جدًّا، وهو ما يحصُل في
صبغات التركيب الضوئي في البلاستيدة الخضراء.
الانتقال من الحالة المنفردة إلى الحالة الثلاثية
(Triplet) الأكثر
استقرارًا، والتي تتسبَّب عن اختلاف حالات البرم المغزلي
للإلكترون (راجع الفصل الحادي عشر). هذه الحالة لطول فترة
بقائها، تُمكِّن من التفاعُل الكيميائي الضوئي
(Hopkins & Hüner,
2009).
إن التفاعُلات الكيموضوئية في التركيب الضوئي، هي من بين
التفاعُلات الكيميائية الأسرع. وهذه السرعة الفائقة ضروريةٌ
للتفاعُلات الكيموضوئية، كي تنافس التفاعُلات الثلاثة الأخرى
المحتملة للحالة المستثارة (Taiz & Zeiger,
2002).
(٥-١) صبغة
الكلوروفيل Chlorophyll pigment
شكل ١٣-٤: التركيب الكيميائي لجُزيئة كلوروفيل
a (يسار). كلوروفيل
b يشبه كلوروفيل
a لكن تُستبدل مجموعة
المثيل بمجموعة فورمايل في الحلقة
II. كلوروفيل
c يشبه كلوروفيل
a عدا أنه يفتقد
السلسلة الكاربونية الطويلة (الذيل). كلوروفيل
d يشبه كلوروفيل
a لكن تعوض مجموعة
—O—CHO على الحلقة
I كما موضَّحة في
الشكل. شكل مجسَّم لجُزيئة كلوروفيل
a (يمين). عن:
Hopkins & Hüner
(2009)
وJyntohttps://commons.wikimedia.org/w/index.php?curid=15955515.
شكل ١٣-٥: تركيب جُزيئة كلوروفيل
f. عن:
Willows et al., (2013).
وهي الصبغة الأساسية المسئولة عن امتصاص طاقة الفوتونات التي
تعمل في عملية التركيب الضوئي. تتألَّف جُزيئة الكلوروفيل من
جزأَين هما: رأس بورفيرين (Porphyrin) وذيل هيدروكاربوني طويل متمثلًا ﺑ
«فايتول» (Phytol).
البورفيرين يتألَّف من أربع حلقاتِ بايرول محتويةٍ على
النتروجين، وهو المسئول أساسًا عن امتصاص الضوء. ومعروف أن
البورفيرينات موجودةٌ في الهيموغلوبين، وكذلك في
السايتوكرومات. أما الفايتول فهو كحول مؤلَّف من ٢٠ ذرة
كاربون، وهو يذوب في الدهون، وبالتالي يمكن الجُزيئة من
التموضُع في غشاء البلاستيدة. في مركز الرأس بين ذرات
النتروجين الأربعة يُوجد أيون المغنسيوم، فقدانه يؤدي إلى
فقدان اللون الأخضر من جُزيئة الكلوروفيل. كما يلعب دورًا
أساسيًّا في تكوين الإكسيتون (Exciton) نتيجة تعرُّضه للفوتون. جُزيئات
الكلوروفيل ترتبط لا تساهميًّا مع بروتينات الغشاء، وهذا سيجعل
طيف امتصاصها للضوء يختلفُ عما هو عندما تكون الصبغة في
المحلول (خارج الجسم الحي).
لأكثر من ٦٠ سنة كان يُعرف ٤ أنواع من الكلوروفيل في
النباتات والطحالب والسيانوبكتيريا؛ كلوروفيل
a وكلوروفيل
b وكلوروفيل
c وكلوروفيل
d. واكتُشف نوعٌ خامس في
السيانوبكتيريا هو كلوروفيل f.
تم عزلُ كلوروفيل f من
السيانوبكتيريا Halomicronema hongdechloris سنة
٢٠١٠م، من قِبل Chen et al., (2010). وتم عزلُه من
أنواعٍ أخرى من السيانوبكتيريا (Kato et al., 2020).
ويُوجد الكلوروفيل البكتيري a
(Bacteriochlorophyll a) في
البكتيريا.
يُوجد كلوروفيل a في
النباتات والطحالب والبكتيريا. كلوروفيل
b يُوجد في النباتات الراقية
والطحالب الخضراء. كلوروفيل c
يُوجد في الطحالب (الدياتومات والطحالب المسوطة والبنية). أما
كلوروفيل d فيُوجد في الطحالب
الحمراء فقط. تركيب الكلوروفيلات
b
وc
وd
وf مشابه لتركيب كلوروفيل
a مع تحويراتٍ موضَّحة في
الشكلَين ١٣-٤ و١٣-٥.
تتشابه الكلوروفيلات في الشكل العام لأطياف امتصاصها للضوء،
لكنها تختلف في قمم امتصاصها له (شكل ١٣-٦). من الشكل يتوضَّح أن قمم امتصاص الكلوروفيلات تتركَّز حول
الضوءَين الأزرق والأحمر.
ولكون الاختلافات التركيبية بين أنواع الكلوروفيلات، تتركَّز
في الجزء البورفيريني من الجُزيئة، فإنه يؤكِّد أهميته في
امتصاص الضوء وليس الذيل الكحولي لها.
كلوروفيل f يمتص الضوء في
الطيف الأحمر (الأشعة تحت الحمراء) أكثر من صبغات الكلوروفيل
الأخرى في أحياء التركيب الضوئي الأوكسجينية. هذا سيضيف إلى
الأحياء التي تمتلكه إمكاناتٍ تنافسيةً في البيئة
(Chen et al., 2010; Willows et al., 2013). وتبيَّن أن
جُزيئات كلوروفيل f هي جزء من
النظام الضوئي I وليس في سلسلة
نقل الإلكترون (Kato et al., 2020).
(٥-٢) الفايكوبولينات Phycobilins
وهي صبغاتٌ مُكمِّلةٌ لامتصاص الضوء في الطحالب
والسيانوبكتيريا. تضُم هذه المجموعة الفايكوارثرين (Phycoerythrin)
والفايكوسيانين (Phycocyanin)
والوفايكوسيانين
(Allophycocyanin). هذه الصبغات تمتص الضوء في الطيف الأخضر من
الضوء.
(٥-٣) الكاروتينات Carotenoids
تؤلِّف مجموعة من الصبغات البرتقالية والصفراء، وتُوجد في
جميع الأحياء القادرة على التركيب الضوئي. تضُم الجُزيئة وهي
تربينويدية ٤٠ ذرة كاربون وهي ذائبة في الدهون، وتكون على
نوعَين؛ كاروتينات ( و و كاروتين) وزانثينات (Xanthins). تمتص كاروتينات الضوء الأزرق، ولها دَورٌ في حماية
الكلوروفيل من تأثيرات الأكسدة (Cupellini
et al.,
2020)، كما تُسهِم مع الكلوروفيل في حماية
منظومة التركيب الضوئي عَبْر مسار تبديد الطاقة الزائدة
(Son et al., 2020).
الصبغة المحتوية على بروتين تُسمَّى بروتين صبغي (Chromoprotein)، وهكذا
فالبروتينات الصبغية تعمل كمُستقبِلات للضوء. والجزء من
البروتين الصبغي المسئول عن امتصاص الضوء فعلًا هو حامل الصبغة (Chromophore).
(٦) تفاعُلات الأكسدة الاختزال في التركيب الضوئي
Oxidation-reduction reactions in
photosynthesis
تعتمد تفاعُلات التركيب الضوئي الأوكسجينية على اختزال الكاربون،
ومصدره غاز ثاني أوكسيد الكاربون من الهواء؛ حيث يؤكسِد الأخير
الماء لتتحرَّر إلكترونات وأيونات هيدروجين تربط مع الكاربون رغم
عدم ميلها لذلك؛ حيث إن فرقَ الطاقة موجب
(ΔG+). وبذلك سيكون ثمَّة حاجةٌ
للطاقة لأكسدة جُزيئات الماء، وكذلك ربط الهيدروجين مع الكربون.
والطاقة المطلوبة مصدرُها ضوء الشمس.
يمكن تلخيصُ محصلة تفاعُلات التركيب الضوئي بالمعادلة
التالية:
ويمكن أن تُختصر المعادلة إلى:
حيث إن
(CH2O)
تمثِّل وحدة الكاربوهيدرات التي تُضاف إلى السكَّر الخماسي
ريبيولوز ليتكوَّن كلوكوز في كل مرة.
في النباتات تحصُل تفاعُلات التركيب الضوئي في البلاستيدات
الخضراء، وتحديدًا في أغشية الثايلوكويدات. يقع مركز تفاعُل النظام
الضوئي II (شكل ١٣-٧) مع كلوروفيلات الهوائي والبروتينات الناقلة
للإلكترون المرافقة في أغشية البذَيرات. بينما يقع مركز تفاعُل
النظام الضوئي I (شكل ١٣-٨) مع صبغات الهوائي التابع له، وبروتينات نقل
الإلكترون أيضًا والإنزيم المكوِّن لجُزيئات
ATP في أغشية الحشوة حصرًا وعلى
حواف أغشية البذَيرات. في حين يقع معقد السايتوكروم
b6f لسلسلة نقل الإلكترون، والذي يربط
النظامَين الضوئيَّين بين الحشوة والبذَيرات بالتساوي. وهكذا فإن
حاملات الإلكترون التي تعمل بين النظامَين تتوجَّه من غشاء
البذَيرة إلى منطقة الحشوة، حيث تنقل الإلكترونات إلى النظام
الضوئي I.
يتألَّف النظام الضوئي I من ١٨
وحدة جُزئية والنظام الضوئي II من
٣١ وحدةً جزئية ويضُمَّان بروتينات وجزيئات كلوروفيل وكاروتينات
تمتَص الضوء (شكل ١٣-٧ و١٣-٨).
معظم جُزيئات الكلوروفيل تعمل كهوائيٍّ لاقطٍ للفوتونات مع
النظام الضوئي II والنظام الضوئي
I وتُميَّز إلى هوائي كلوروفيل
أساسي (Core antenna) مجاور لمراكز
التفاعُل، وهوائي محيطي أو طَرفي. تنتقل فوتونات الضوء الممتصة من
قِبل الهوائيات الكلوروفيلية إلى مركز التفاعُل
II ومركز التفاعُل
I.
تركيب الهوائيات الحاصدة للضوء يتراوح بين تجمُّعاتٍ تلقائيةٍ
شبه مبعثرة إلى هيئاتٍ عالية التناظر مرتبطةٍ بسقالاتٍ بروتينية،
تُشكِّل معقداتٍ ترتبط بمراكز التفاعُل (Marais
et al.,
2018).
شكل ١٣-٧: تركيب النظام الضوئي
I في النبات من جانب
الحشوة. جُزيئات الكلوروفيل (أخضر) الكاروتينات والدهون
(أحمر) مع وجود الهيكل البروتيني المؤلَّف من ١٦ وحدة.
موقع البروتينات PsaG
وPsaH
وPsaK
وLHCa1-4 موضَّحة بالشكل.
Nelson & Yocum
(2006).
شكل ١٣-٨: منظرٌ جانبيٌّ لتركيب النظام الضوئي
II في السيانوبكتيريا.
أُشِّرَت مواقع الببتيدات المتعددة الخارجية سوية مع
الوحدات الداخلية PsbA-D
والوحدة الداخلية الملحقة.
PsbZ كلوروفيل
a (أخضر) والكاروتينات
(أحمر) والبلاستوكيونينات (أزرق). الهيمات
c550
وb559 (أحمر) وتجمُّع
Mn (أزرق). والخط الوهمي
الفاصل بين الوحدتَين مؤشَّر بالسهم المنقَّط. عن:
Nelson & Yocum
(2006).
يُولِّد النظام الضوئي II
مؤكسِدًا ذا قدرةِ أكسدة-اختزال قويةٍ جدًّا بما يكفي لأكسدة
جُزيئات الماء. وحيث إن الماء من الوفرة بحيث يؤمِّن مصدرًا غير
محدودٍ للإلكترونات اللازمة لإدامة الحياة على الأرض. أما النظام
الضوئي I فيُولِّد قدرة
أكسدة-اختزال سالبة هي الأقوى في الطبيعة، وهي التي تُحدِّد كمية
الطاقة الكلية في النُّظم الحية (Nilson &
Yocum, 2006).
في النظام الضوئي II تتم أكسدة ٢
من جُزيئات الماء لينتج ٤ إلكترونات و٤ بروتونات وجُزيئة
أوكسجين:
البروتونات يجب أن تصل إلى منطقة الحشوة حيث تتكوَّن جُزيئات
ATP (شكل ١٣-٩).
تعمل منظومةُ الهوائي المجمِّع للضوء على امتصاص الضوء، والحماية
الضوئية؛ فمن المعروف أن أغلب الأحياء غير القادرة على التركيب
الضوئي، لا تتمكَّن من التعامُل المباشر مع الطاقة الشمسية
للتأثيرات المدمِّرة على المواد الحية بتكوين أنواع الأوكسجين
الفعَّالة الشديدة القدرة التأكسُدية. غير أن منظومة الهوائي
المجمِّع للضوء تتمكَّن من حماية مركز التفاعل
I بتقليلها تكوين أنواع الأوكسجين
الفعالة؛ حيث تعمل كفواصل (Switches) في الشدَّات العالية للضوء
(Alboresi et al., 2009).
شكل ١٣-٩: ترتيب منظومة نقل الإلكترون في التركيب الضوئي
في غشاء الثاليكويد. مُحوَّر عن: Hopkins
& Hüner (2009).
وتعمل منظومة الهوائي الخارجية في النظام الضوئي
II على امتصاص ونقل الفوتونات إلى
مركز التفاعل، وتتحول بسرعة إلى حالة تبديد الطاقة عند زيادة شدة
الضوء عن الحاجة فتُحوِّلها إلى حرارة (Ioannidis
et al.,
2016). وحسب Magdaong &
Blankenship (2018) تؤدِّي معقدات حصاد الضوء
عملًا مزدوجًا في التركيب الضوئي، اعتمادًا على ظروف الإضاءة
السائدة. في ظروف الإضاءة المنخفضة تؤمِّن كفاءةً عالية في التركيب
الضوئي عن طريق تعظيم سعة امتصاص الضوء، وخزن الطاقة. وفي ظروف
الإضاءة الزائدة، تقوم بوظيفةٍ إخماديةً للحيلولة دون تكوين حالاتٍ
ضارة، مثل الكلوروفيل الثلاثي والأوكسجين المنفرد، التي تؤذي
منظومة التركيب الضوئي.
يتألَّف كل مركز تفاعُل من جُزيئة كلوروفيل
a. ويمثِّل مركز التفاعُل كمصبٍّ
للطاقة الواردة من الهوائيات الكلوروفيلية، حيث تحصُل تفاعلات
الأكسدة-الاختزال الضوئية. ويُسمَّى كلوروفيل مركز التفاعُل
II ﺑ
P700 وكلوروفيل مركز التفاعُل
I ﺑ
P680 والتي هي إشارة إلى قمة
امتصاصهما للضوء بتلك الأطوال الموجية.
إلى جانب المكوِّنات الأخرى، ثمَّة معقدي كلوروفيل بروتين هما:
معقد اكتساب الضوء (LHCII) II
يُصاحِب مركز التفاعُل II ومعقد
اكتساب الضوء (LHCI) I المُصاحِب
لمركز التفاعُل I (شكل ١٣-١٠). هذان المعقدان يمثِّلان امتدادَين لنُظُم
الهوائي الكلوروفيلي، ويحتويان على ٧٠٪ من الكلوروفيل الكلي بضمنها
كلُّ كلوروفيل b.
شكل ١٣-١٠: (a) معقد حصاد
الضوء II في البكتيريا
الأرجوانية و(b) معقد
FMO في بكتيريا الكبريت
الخضراء. اللون الأصفر يشير إلى البروتين واللون الأبيض
إلى الحوامل الصبغية. عن: Sension
(2007).
عند امتصاص جُزيئة الكلوروفيل للفوتون فإنه يؤدي إلى دفع
الإلكترون الخارجي في ذرة المغنسيوم داخل الجُزيئة، تاركًا فراغًا
موجب الشحنة. الإلكترون القافز السالب الشحنة والفراغ الموجب
الشحنة يُشكِّلان ما يُعرف بالإكسيتون (Exciton) ويعمل كبطاريةٍ دقيقةٍ لها قطبانِ سالب
وموجب، ويمكنه خزن الطاقة لاستخدامها لاحقًا (شكل ١٣-١١).
شكل ١٣-١١: يتألَّف الإكسيتون من إلكترون أُخرج من ذرته،
والفراغ الذي يتركُه خلفه. مُحوَّر عن:
McFadden & Al-Khalili
(2014).
وحيث إن الإكسيتون غير مستقر، فهو إما أن ينهار باتحاد الإلكترون
السالب مع الفراغ الموجب، فتتحوَّل طاقة الفوتون الممتص إلى حرارة
تتبدَّد، أو أن ينقل الإكسيتون بسرعة فائقة إلى ذرة المغنسيوم في
جُزيئة الكلوروفيل الشديدة القرب ليتكون إكسيتون، ومنها إلى الأخرى
والأخرى. وهكذا إلى أن يصل إلى مركز التفاعل حيث تحصُل عملية فصل
الشحنة؛ فحسب Fassioli et al., (2014) حالة الإثارة في
جُزيئة الكلوروفيل تكون قصيرةً مقارنةً بالفعاليات البيولوجية
الأخرى؛ فهي تعود إلى الحالة الطاقية القاعية بعد ٦ نانوثانية خارج
الجسم الحي و٤ نانوثانية داخل الجسم الحي. كما تكون الحالة
المستثارة المنفردة (Singlet)
أقصر من حالة التبديد التي تُنتِج الحالة المستثارة الثلاثية (Triplet) ويكون ثابتُ الزمن لهذه
العملية ١٠ نانوثانية. يجب أن «تُلتقط» الإثارة الإلكترونية قبل
هذا التحول لتُنقل إلى مركز التفاعل. في هذه العملية يتم فصلُ
إلكترونٍ عالي الطاقة عن ذرَّته واستلامُه من قِبل المساعد
الإنزيمي NADPH؛ الذي سيُستخدم في
تفاعلات التركيب الضوئي اللاحقة. الاعتقاد الذي كان سائدًا سابقًا
أن انتقال طاقة الفوتونات بين مئات جُزيئات الكلوروفيل التي تشكِّل
الهوائي ومعقداتِ حصادِ الفوتونات
II
وI وصولًا إلى مركز التفاعُل الذي
يبعُد عنها مساقة نانومترات، تتم بصورةٍ عشوائية. غير أن الانتقال
العشوائي يُطيل زمن وصول طاقة الفوتونات إلى مركز التفاعل؛
وبالتالي يتبدَّد جزءٌ منها بشكل حرارة، فحسب
McFadden & Al-Khalili
(2014) المسافة المقطوعة في السير العشوائي تساوي
الجذر التربيعي للزمن المُستغرَق فيها؛ وبالتالي إذا كانت سرعة
الجسم هي ١م/ثانية، فستكون المسافة المقطوعة في ثانية هي ١م، وفي
ثانيتَين ستكون ١م أيضًا، وتكون ٢م في ٤ ثوانٍ و٣م في ٩ ثوانٍ
وهكذا. لكن في السير الموجَّه أو غير العشوائي ستكون المسافة
المقطوعة ١م و٢م و٤م و٩م على التوالي؛ أي إن الوصول للهدف يكون
أسرعَ كثيرًا.
ظاهرة نقل الطاقة في الأبعاد النانوية تتضمن السلوك الكمومي
والسلوك التقليدي (Rebentrost et al., 2009). وحيث إن
نتائج التجارب تشير إلى كفاءةٍ عاليةٍ جدًّا؛ تصل إلى ١٠٠٪ في نقل
الطاقة من جُزيئات الكلوروفيل إلى مركز التفاعُل في التركيب
الضوئي، فلا بد من سلوك الإكسيتونات الطُّرقَ الأسرعَ للوصول إلى
مركزِ التفاعُل. هذا النمط تبيَّن أنه يعود إلى حالة التراكُب الكمومي (Quantum superposition) حيث
تسلُك الإكسيتونات كل الطرق في الوقت نفسه وليس القفز الانتشاري
التقليدي من جُزيئة كلوروفيل إلى أخرى.
إن نقل الاستثارة الطاقية خلال المنظومات المتآثِرة يلعب دورًا
مهمًّا في العديد من المجالات في الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا.
غير أن التآثُر غير المنضبط لشبكات النقل أو البث في بيئةٍ
ضوضائيةٍ تُعطي تصوُّر أنها تفسدُ قدرتها على النقل، خاصة عندما
تكون المنظومة كمومية (Caruso et al., 2009). وحسب
Sarovar et al., (2010) فإن منشأ التماسُك
الكمومي في معقدات حصاد الضوء في التركيب الضوئي يرجع إلى التراصُف
الكثيف لجزيئات الصبغة؛ حيث يكون معدَّل الفواصل بينها بحدود ١٥
أنكستروم (١٫٥ن م). في فواصل كهذه يكون الارتباط الثنائي القطب (Dipole coupling)
لهذه الجزيئات مهمًّا، ويؤدي إلى تآثُرات التماسُك الكمومي في
فتراتٍ زمنيةٍ ملحوظة. وحيث إن معقدات حصاد الضوء هذه منظوماتٌ
متعددةُ الأجزاء ومترابطةٌ ومتماسكةٌ إلكترونيًّا، فمن الراجح حصول
التشابُك الكمومي (Entanglement).
وفي دراستهم لمنظومة FMO في الظروف
الطبيعية، بيَّن الباحثون أن هذه المنظومة تتضمَّن حُصول التشابُك
الكُمومي على نطاقٍ كبيرٍ بين حوامل الصبغات الثنائية الوحدات، كما
يحصُل التشابُك الكمومي المتعدِّد الأجزاء الطويل المدى بمستوياتٍ
صغيرةٍ حتى في درجات الحرارة الفسلجية. واعتبر هؤلاء الباحثون أن
هذا الكشف يمثِّل أوَّل توثيقٍ كمِّي مُحكَم لحصولِ التشابُك
الكمومي في المنظومات البيولوجية. ودرَس Ishizaki
& Fleming (2010) التشابُك الكمومي في
جُزيئات الكلوروفيل في معقد حصاد الضوء
II وبيَّنا حصول تشابُكٍ كموميٍّ
قوي في الاستثارات المفردة. كما سبق أن بيَّن
Thorwart et al., (2009) حصول التشابُك الكمومي
بين زوجَي الإكسيتونات المترابطة في ظروف تبادُل حالاتِ تبديدِ
الطاقة القوي والضعيف. غير أن حصول الظواهر الكمومية (التراكُب
والتشابُك وغيرها) كما هو معروفٌ يجب أن تحصُل في فتراتٍ زمنيةٍ
قصيرة جدًّا قبل حصول فك
التماسُك (Decoherence). وحيث إن تجارب دراسة الظواهر الكمومية في
النماذج غير الحية في المختبرات الفيزيائية تتم في درجات حرارة
تقترب من الصفر المطلَق، وفي حيِّزٍ مفرَّغ من الهواء لتجنُّب
التشويش، فإن حصولها في المواد الحية والكائنات الحية المكتظَّة
بالجُزيئات أمرٌ لم يكن متوقعًا إطلاقًا. لكن Engel
et al.,
(2007) أثبتَ حصولَ التماسُك الكُمومي في التركيب
الضوئي من خلال ملاحظة إشارات النبض الكمومي في الإكسيتونات في
معقد Fenna-Matthews-Olson (FMO)
التي يُوصِّلها إلى مركز التفاعُل في بكتيريا الكبريت الخضراء تحت
ظروف درجة حرارةٍ واطئةٍ (−١٧٠مº).
وحسب Castro et al., (2008) فإن التراكُب
والتشابُك الكموميَّين في معقد امتصاص الضوء-مركز التفاعل يقومان
بدَورَين مهمَّين هما: زيادة كفاءة التركيب الضوئي، وحماية ماكنة
التركيب الضوئي من الاحتراق، عن طريق التحكُّم بهذه
الكفاءة.
ويؤكِّد Whaley et al., (2011) تحقُّق التشابُك
الكمومي غير العابر في الوضعيات البيولوجية والتي هي ليست في حالة
توازُن مع البيئة؛ فقد تَم دراسة حركيات الإكسيتون في معقد
FMO والتشابُك الكمومي الإلكتروني
في تراكيب البروتين-الصبغات. وناقش الباحثون المعطيات المتحقِّقة
في التشابُك الكمومي في معقد حصاد الضوء (LHCII)
II الأكثر تعقيدًا وحساسية.
وبيَّنَت التجارب اللاحقة أن النقل الكمومي في التركيب الضوئي،
لا يقتصر على ظروف درجات الحرارة الواطئة جدًّا كما ذُكر أعلاه؛
فقد أكَّد Panitchayangkoona et al., (2010) أن
اقتناص وتركيز الطاقة الشمسية بنقل الإكسيتونات إلى مركز التفاعل،
يحصل بكفاءةٍ كموميةٍ تقترب من الكمال. وباستخدام معقد
FMO تُشير الدراسات النظرية
المتضمِّنة نقل الطاقة المتماسك وغير المتماسك كموميًّا (النقل
التقليدي) وفك التماسك الحراري إلى أن البيئة تساعد على حصول تصعيد
في كفاءة النقل الكمومي في درجاتِ حرارة قريبةٍ من درجات الحرارة
الفسلجية، وأن التماسك الكمومي في معقد
FMO في درجات الحرارة الفسلجية
يستمر لمدة ٣٠٠ فمتوثانية، وهي مدةٌ كافيةٌ لإتمام نقل الطاقة في
التركيب الضوئي. وأرجع الباحثون هذا الزمن (الطويل) لبقاء التماسُك
إلى الحركات المتناسقة ضمن البروتين المحيط بحاملات الصبغة ودرجة
الحماية التي يوفِّرها البروتين تكون ثابتةً على مدًى من درجات
الحرارة بين ٧٧ كالفن (−١٧٠مº) و٢٧٧
كالفن (٤مº)؛ فالبروتين يمهِّد الوضع
الطاقي، ويُسهِّل عملية نقل الطاقة رغم التقلُّبات الحرارية،
والمسألة المهمة هو أن يستمر خلال عملية نقل الطاقة في درجات
الحرارة الفسلجية. مع زيادة درجات الحرارة، تقود أنماط اهتزاز
البروتين المستثار حراريًّا التقلُّبات الحرارية الكبيرة، فتُعجِّل
بفك التماسُك الكمومي. إن تحطيم الطور الموجي هذا يبدو غير ملائم،
إلا أن Mohseni et al., (2008) وكذلك
Plenio & Huelga (2008)
بيَّنوا أن تبادُل الأدوار الحساس بين التماسُك الكمومي وفك
التماسُك الكمومي، يخلُق مساراتِ نقلٍ سريعةً وأحادية الاتجاه ضمن
هذه المعقدات تؤدِّي إلى عمليةِ نقلِ طاقةٍ إلكترونيٍّ عالية
الكفاءة. هذا السيناريو يُبيِّن أن التماسُك الكمومي يتخطَّى حاجز
طاقة، لكن كسر الطور الموجي يُبقي الإثارة في الموقع الهدف؛ لذا
يمكن القول إن النقل الكفوء يتطلَّب كلا الأمرَين؛ نقل الطاقة
بالتماسُك الكمومي وكسر الطور الموجي. وكان Lee
et al.,
(2007) قد بيَّنوا أن بيئات البروتين المتناسقة
تحفظ التماسُك الإلكتروني في معقدات التركيب الضوئي، وتسمح للطاقة
المستثارة بالحركة المتماسكة كموميًّا عَبْر المكان، ممكِّنة بذلك
من اقتناصٍ كفوءٍ للطاقة في التركيب الضوئي. وفي الاتجاه نفسه،
شخَّص Caruso et al., (2009) آلياتٍ رئيسةً تعمل
بواسطتها الضوضاء، فيما يبدو مناقضًا للبديهة، ككاسرٍ للطَّور
الموجي على المساعدة في عملية النقل عَبْر شبكة تبديد الطاقة، وفتح
مساراتٍ إضافية لنقل طاقة الإثارة. وعمومًا يكون تبادُل الأدوار
بين الخواص الكمومية وضوضاء البيئة التي لا يُمكِن تفاديها، هو
الذي يؤدي إلى الوضع المثالي للمنظومة. وحسب
Rebentrost et al., (2009) فإن النقل الكمومي
بمساعدة البيئة يحصُل في أنواعٍ مختلفةٍ من نُظم النقل. وهو مشابهٌ
نوعًا ما للرنين العشوائي؛ فإضافة ضوضاء لمنظومةٍ متماسكةٍ
كموميًّا، يشجِّع على حصول معدَّل تحوُّلٍ مناسب.
كما تم إبراز دَور التشابُك
الكمومي (Entanglement) في نقل طاقة الاستثارة؛ حيث أُشير إلى تبادُل
الأدوار بين نشوء التشابُك الكمومي لمسافات وفتراتٍ زمنيةٍ قصيرة
(من خلال تآثُر التماسُك الكمومي) المتبوع بانهيار التشابُك
الكمومي على المسافات والأزمنة الأطول (من خلال الضوضاء الكاسرة
للطَّور الموجي) يبدو ضروريًّا للنقل الأفضل للطاقة في التركيب
الضوئي (Carus et al., 2010). وبيَّن
Hildner et al., (2013) في تجاربهم على معقدات
حصاد الطاقة المنفردة في البكتيريا الأرجوانية
Rhodopseudomonas
acidophila حصولَ نقلِ طاقة متماسكٍ
كموميًّا فائق السرعة تحت الظروف الفسلجية. ووجدوا أن التماسُك
الكمومي الطويل الأمد (٤٠٠ فمتوثانية)، يجعل نقل الطاقة في منظومات
التركيب الضوئي فعَّالًا بوجود حالة اللانظام، وهو متطلب لعملية
حصاد الطاقة الكَفُوءَة.
باستخدام التحليل الموجي لمركز تفاعُل النظام الضوئي
II بواسطة المطيافية الإلكترونية
الثنائية الأبعاد (Two-dimensional electronic
spectroscopy) تمكَّن Romero
et al.,
(2017) من توضيح أن التماسُك بين الإكسيتونات،
المحفِّز لمسارَي تفاعُل فصل الشحنة، يكون فعَّالًا لمدة تزيد عن
٥٠٠ فمتوثانية. وأورَد Marais et al., (2018) حصول
التماسُك الكمومي الإلكتروني خلال نقل الإكسيتونات إلى ٦٠٠
فمتوثانية أو أكثر. وإن التماسك بين حالات الإكسيتون ونقل الشحنة؛
أي المواد المتفاعلة والنواتج لتفاعُل فصل الشحنة على التوالي،
تكون فعَّالة لمدة ١ بيكوثانية على الأقل. هذه النتائج تستدعي أن
يوظَّف مركز تفاعُل النظام الضوئي
II التماسُك الكمومي في مقايسة
مسارات نقل الإلكترون المتنافسة، وإنجاز عملية نقل إلكترون موجَّهة
وفائقة السرعة. وتشير القياسات المتعددة الأبعاد الفائقة السرعة
لمعقدات حصاد الضوء في التركيب الضوئي إلى حصول تماسكاتٍ كموميةٍ
بأبعادٍ زمنيةٍ تُقارَن بعمليات نقل الطاقة (Wang
et al.,
2019).
(٧) اختزال الكاربون في التركيب الضوئي
Reduction of carbon in
photosynthesis
في هذه العملية يتم استخدام نواتجِ نقلِ الإلكترونات في التركيب
الضوئي، وهي جُزيئات ATP الخازنة
للطاقة وجُزيئات NADPH المختزلة
لغرض اختزال الكاربون من غاز ثاني أوكسيد الكاربون الذي مصدَره
الهواء.
تحصُل هذه العملية عَبْر سلاسل من التفاعلات الكيميائية التي
يشترك بها أحد عشر إنزيمًا على الأقل بضمنها دورة كالفن (شكل ١٣-١٢). تشمل الأخيرة ثلاثَ مراحل متتالية هي:
(١)
إضافة الكاربون
(Carboxylation) من
CO2
إلى السكَّر الخماسي ريبيولوز الثنائي الفوسفات
Ribulose bisphosphate
(RuBP) وتحويله إلى جُزيئتَين من الحامض
الثلاثي الكاربون المفسفر كليسرالديهايد-٣-فوسفات
Glyceraldehyde-3-phosphate
(G3P). هذه العملية تسير بواسطة الإنزيم
RuBisCO الذي ربما يكون
أكثر البروتينات وفرةً في الطبيعة؛ كونه المصدر للكتلة
الحيوية على الأرض حسب McFadden
& Al-Khalili
(2014).
(٢)
الاختزال وهو تحويلُ الحامض الثلاثي الكاربون المفسفَر
G3P إلى سكرٍ ثلاثيٍّ
مفسفَر باستخدام جُزيئتَي
ATP
وNADPH الناتجتَين من
عملية نقل الإلكترون في التركيب الضوئي.
(٣)
إعادة
التكوين (Regeneration) ويتم فيها تحويلُ بعض جُزيئات
السكَّر الثلاثي المفسفَر إلى السكر الخماسي المفسفَر
RuBP باستخدام جُزيئة
ATP إضافية، لتأمين
استمرار عملية تثبيت
CO2.
شكل ١٣-١٢: دورة اختزال الكاربون (دورة كالفن). محوَّرة
عن: Hopkins & Hüner
(2009).
في ثلاث دورات من دورة كالفن يتم أخذ ٣ جزيئات
CO2 من
الهواء، وتُستهلك خلالها ٦ جُزيئات
NADPH و٩ جُزيئات
ATP. وهكذا في تثبيت جُزيئة
CO2 واحدة،
تُستهلك ٢ جزيئة NADPH و٣ جُزيئات
ATP. وحيث إن كل جزيئة
NADPH تخزن ٢ إلكترون، فيكون
المطلوب ٤ إلكترونات لتثبيت جُزيئة
CO2 واحدة.
هذا يقابل إدخال ٥٢٩ كيلوجول/مول
CO2. وإن
أكسدة ١ مول من السكَّر السداسي يعطي حوالي ٢٨١٧ كيلوجول أو ٤٦٩
كيلوجول/مول
CO2. وهكذا
تمثِّل عملية الاختزال في التركيب الضوئي خزنَ طاقةٍ بكفاءة ٨٨٪.
وإذا احتسبنا الطاقة المفقودة من ٣ جُزيئات
ATP لإعادة تكوين
RuBP، فإن خزن الطاقة يكون بكفاءة
٥٨٪ (Hopkins & Hüner,
2009).
السكَّريات الثلاثية المتكوِّنة في دورة كالفن تكون مصدرًا
لتكوين كل السكَّريات والمواد العضوية المختلفة عَبْر مساراتٍ
أيضيةٍ متعدِّدة. كما تكون مصدرًا رئيسًا للطاقة لكل الأحياء
الغيرية التغذية الأخرى؛ كالكثير من أنواع البكتيريا، وكل أنواع
الفطريات والحيوانات والإنسان بالطبع.
إن عمل الظواهر الكمومية في التركيب الضوئي في البكتيريا
والطحالب (Chenu & Scholes, 2015; Jedlicka,
2017) والنباتات يشير إلى أن التطوُّر انتخب
واستثمر الظواهر الكمومية في نمذجةِ عملية التركيب الضوئي في ثلاثِ
ممالكَ أحيائيةٍ مختلفة، وهذا يُعطي زخمًا لأبحاث البيولوجيا
الكمومية في كونها ظواهرَ غيرَ عابرة في حياتية الكائنات
الحية.
وهكذا ما كانت الأحياء لتتطوَّر وتُظهِر هذا التنوُّع العظيم
الذي نشهده لولا عملية التركيب الضوئي التي وفَّرَت مصدر طاقةٍ
هائلًا، لا ينضبُ إلا بانطفاء الشمس. وبيَّنَت لنا أن الحياة بكل
تنوُّعها وتفاصيلها ما هي إلا نتاجُ الصراع الجدلي بين عمليات
التماسُك الكمومي الخاطفة وفك التماسُك الكمومي الممتد والتي تعجز
البديهة البشرية عن تصوُّرها.