ابن عمار
«وتنغلق الطُّرق على ابن عمار، فيَبلغ الغيظُ أقصاه بالمعتمد، فيُمسِك بقطعةٍ من حديد ذات مقبض كان قد أعدَّها، ويَهوِي بها على رأس ابن عمار، ثم لا يزال يضرب ويضرب حتى يموت ابن عمار بيدِ المعتمد، بيدِ صداقةِ خمسة وعشرين عامًا، بيدِ المَجد الذي اقتعده، بيدِ القمة التي ساوَرَها.»
عاش «أبو محمد ابن عمار» حياتَه طولًا وعرضًا مُنافقًا مادحًا كاذبًا، يأكل بكلمته، ويعيش على فُتاتٍ يأخذه جزاءَ ما يلفظه شعرًا، يمدح التجارَ ليجد قُوتَ يومه، ثم ينتقل إلى الأندلس، فيقصد «المعتضد» بعد أن علم حُبه للشعر، ويصادِق ولدَه «المعتمد بن عباد» فيُقربه حتى يصبح في منزلة أخيه، يُنشِده «ابن عمار» شعره مادحًا، ويُغدِق عليه «المعتمد» من عطاياه أموالًا وعزًّا ومكانة، حتى صار وزيرًا له بعد تنصيبه مَلكًا على الأندلس، ثم خانه واستقلَّ بمرسية؛ إحدى ولايات الأندلس، بعد تخطيطٍ ودهاء وخداع لصديقه «المعتمد»، فانتهى أمره بالسجن جزاءَ ما فعل، حتى حنَّ «المعتمد» إلى مجلسه، لكنها الخيانةُ تَسري فيه مَسرى الدم، فقتله «المعتمد» بعد أن أفشى سرَّ حنينه إليه.