رواية «البربري في الجيش»١
بقلم: أمين صدقي
العرض الأول بتاريخ ٢٨ / ٣ / ١٩٢٣
العرض الأول بتاريخ ٢٨ / ٣ / ١٩٢٣
الفصل الأول
الرئيس
(بعد اللحن)
:
هيه، أدحنا خلصنا من عمدة الرجبة، ومن عمدة، هيه فاضل عندك مين
كمان؟
الضابط
:
فاضل عمدة فرس!
الشاويش
:
عمدة فرس!
العمدة
:
أيوة أديني أهه يا أفندم.
الرئيس
:
أنت عمدة فرس، التابعة لأصوان؟
العمدة
:
أيوة يا أفندم، وأصلي أنا وأبويا وأمي من فرس.
الجميع
:
تشرفنا.
العمدة
:
حاكم محسوبك أني أبقى سالم سليمان يس عبد الله، واستلمت العمدية دي بعد
وفاة المرحوم أبويا من أربعطاشر سنة دلوقت، يعني عمدة ابن عمدة أبًا عن
جد.
الرئيس
:
ماشا الله، وعندك إيه أنفار؟
العمدة
:
عندي الله يعزك تلاتة.
الرئيس
:
طيب هاتهم واحد واحد.
العمدة
:
أيوة يا أفندم، لكن واحد منهم الوله عويس أبو رحاب، تعيش أنت.
الرئيس
:
طيب ما تقول اتنين، عايزنا نجند الأموات كمان؟!
العمدة
:
أهم موجودين بره فيهم واد أفندي خرع كده اسمه جاد عبد الموجود، وواحد بلا
قافية بربري اسمه عثمان عبد الباسط.
الرئيس
:
بربري؟ بربري إزاي؟ تبقى عمدة ابن عمدة ولا تعرفش أن البرابرة معافين من
الخدمة العسكرية؟
العمدة
:
لا، أصل الوله عثمان ده بربري خليط.
الرئيس
:
خليط! خليط يعني إيه كمان؟
العمدة
:
أيوة أنا أقولك سبب خلطانه، بقى الوله عثمان ده، أمه بربرية وأبوه
سوداني، عندنا إحنا يبقى اسمه خليط.
الجميع
:
آه قول كده.
الرئيس
:
الغاية، دلوقت أنده لنا الأولاني فيهم، لفندي ده، اللي اسمه جاد عبد
الموجود.
العمدة
:
أيوة حالًا أهه، إنما بس بلا قافية …
الرئيس
:
قافية إيه كمان؟
العمدة
:
لفندي ده، لا بد من كونه يطلع معافاة يا سعادة المجلس.
الرئيس
:
معافاة ليه؟ عنده عاهة؟
العمدة
:
أيوة، زي اللي عنده في عقله، اللهم احفظنا لطشان، كل ما حد يقول قدامه
كلمة، يقعد ويصنف له عليها كلام لما يقول يا بس.
الرئيس
:
طيب إنده له هنا نشوفه.
العمدة
:
أيوة يا فندم، جاد عبد الموجود! (يخرج
الشاويش.)
الجميع
(أصوات من الداخل)
:
يا حفيظ بس دوشتنا، إيه ده؟ (يدخل
جاد.)
العسكري
:
أهه استلم يا أفندم، دا من الصبح قاعد داوشنا بره، وعم يرص في كلام فارغ
لما فلجنا.
جاد
:
فلجنا، فلجنا، فمجلس، فلسطين، فكس.
الجميع
:
هيء هيء هيء، إيه ده؟
الرئيس
:
أنت بتقول إيه جناسات؟
جاد
:
جناسات، جناسات، جناينية، جنا جناية، جانا الهم.
الجميع
:
هو هو هو.
الرئيس
:
أما نكتة لفندي ده، أنت بتشتغل في إيه؟ إيه صنعتك؟
جاد
:
صنعتك، صان عتك، صان ودَّك، صان فرنسيسكو، صان فيريان مون آمي، صندوق،
صندوتش، صاندرسون.
الجميع
:
بس، عندك عندك.
الرئيس
:
وبعدين بقى يا جماعة، مع سي جاد ده؟
جاد
:
جاد ده، جاد دا البلا، جد وجد، جده والحجاز، جدَّر ولطف.
الجميع
:
يا مغيث!
العمدة
:
يا ولة أكلح شوية واختشي ماتبقاش بولشفي.
جاد
:
بول إيه؟ بولشفي؟ بولشفي، وبولدوج، وبو الكشاكش، وأبو الهول العظيم،
وبولط سعيد، وبول أربعة وعشرين ساعة، وبول وفرجيني.
الجميع
:
ماشالله!
العمدة
:
يا خي القصد يا أفندم، دا معتوه هاودوه.
جاد
:
هاودوه؟ هاودوه، وهاويك، هاوديودوه، هأو هأو هأو.
الرئيس
:
يا سيدي بس بقى، ريح شوية الله يهديك.
جاد
:
يهديك، يه ديك، يه فرخة، يه قصدكم دلوقت، يه يه يه.
الجميع
:
اللهم طولك يا روح.
العمدة
:
أدنلوش في ودنه يا أفندم؟
دكتور
:
أما نوع جنان، لكن صحيح مسبوك.
جاد
:
مسبوك، محبوك، مشبوك، ملبوك، مربوك.
الجميع
:
أف يلعن أبوك، وأبو اللي جابوك، واللي خلفوك، واللي نفضوك.
الرئيس
:
امسكه يا شاويش ماتسيبوش، دا لازم نبعته في فرز العباسية.
الدكتور
:
أيوة أحسن أعوذ بالله!
العسكري
:
مشي قدامي (يجلسون ويخرجه العسكري ثم
يعود).
الرئيس
:
فين النفر التاني؟
العمدة
:
أيوة يا أفندم، عثمان عبد الباسط البربري.
العسكري
:
عثمان عبد الباسط.
عثمان
(من الداخل)
:
أنا في عرضكو يا شاويش.
الجميع
:
الله إيه ده كمان؟
الرئيس
:
ماله ده، عاصي؟
العمدة
:
لا بس حاصل له وهمان يا أفندم، هاته يا جدع هنا جُّره.
العسكري
:
خش كده بلاش تعصلج.
عثمان
:
سلام عليكم.
الجميع
:
أهلًا وسهلًا.
الرئيس
:
إيه مالك، عاصي ليه، مش عاوز تنفرز؟
عثمان
:
ماعلهش النوبة دي ربنا يخليك يا أفندي.
الرئيس
:
بس بلاش عبط، أنت موش عارف نفسك فين هنا؟
عثمان
:
أيوة يا أفندم، هنا في الكركون (يضحكون) لأ دنا لازم في غرزة.
الرئيس
:
كركون إيه يا مغفل؟ أنت هنا في مجلس القرعة.
العمدة
:
بأقول لكوا عبيط وعلى نياته.
عثمان
:
أيوة على نياتي خالص يا أفندم على نياتي، أروَّح؟
الدكتور
:
تعالى هنا.
الرئيس
:
ويعني قصدك إيه، موش عايزنا نفرزك؟
عثمان
:
ربنا يخليك، اللي تشوفه بقى يا حضرة الفرزنجي.
الرئيس
:
اللي أشوفه أنا إننا نفرزك، وإن كنت لايق للتجنيد نجندك، وإن ماكنتش لايق
نعافيك.
عثمان
:
لا أحسن تعافوني.
الرئيس
:
إزاي الكلام ده؟
عثمان
:
أيوة أنا عارف نفسي موش لايق.
الحكيم
:
إيش عرفك؟
عثمان
:
علشان بأهلوس بالليل كتير وأنا نايم.
الرئيس
:
يا سلام! حضرتك فاكر أن العباطة بتاعتك دي، تمنعك عن دخول
الجهادية؟
عثمان
:
ربنا يخليك، دخلني أي جهة تعجبك، إلا الجهة ديَّ.
الرئيس
:
ماهو موش ممكن دلوقت حانسيبك، إلا لازم نكشف عليك.
عثمان
:
تكشفوا عليَّ إلا تكشفوا عليَّ، ليه هنا استبالية؟
الرئيس
:
لأ، لكن دي أصول.
عثمان
:
يا سيدي سيبك، حد دلوقت بيعرف الأصول؟
الرئيس
:
بس بلا غلبة، قرب هنا، أنت مولود فين؟
عثمان
:
مولود في بيت خالتي أم يوسف.
الرئيس
:
وبعدين وياك بقى، يعني من مواليد فرس؟
عثمان
:
مواليد فرس؟ لا من مواليد بني آدم.
العمدة
:
لا يا أفندم دا من مواليد فرس، وكل أهالي فرس يشهدوا إنه ابن فرس أبًا عن
جد.
الرئيس
:
أهه عمدتك بيشهد أنك ابن فرس.
عثمان
:
كذاب، أنا ابن مبروكة بنت عبد الدايم (يضحكون) بقى أنت حاتعرف أمي أكتر مني يا راجل؟!
الرئيس
:
أما عبيط صحيح، إحنا موش بنسألك عن أمك، بنسألك على البلد اللي اتولدت
فيها؟
عثمان
:
آه، أنا افتكرت بتسألوني على أمي.
الرئيس
:
الغاية، دلوقت حتمًا من فرزك، وإذا كنت صاغ تلبس.
عثمان
:
لا أنا مش صاغ.
الرئيس
:
غريبة! أمال إيه؟
عثمان
:
أنا تعريفة (يضحكون).
الرئيس
:
يالله خده يا شاويش، قلعه هدومه وهاته سلمه للدكتور.
عثمان
:
علشان إيه يقلعني هدومي؟
الرئيس
:
امشي وياه بلا غلبة.
عثمان
:
ماهو أنا موش ممكن أقلع أبدًا.
العمدة
:
فز اخرج جاك ضفر في بوزك (يهم عثمان
بالخروج).
الحكيم
:
لكن إحنا موش في كده، استنى يا جدع، أنت متأكد من جنسية الراجل ده يا
عمدة؟
العمدة
:
يعني إيه جنسيته؟
الحكيم
:
يعني أمه بربرية وأبوه سوداني زي ما بتقول؟
العمدة
:
أيو يا أفندم، أيوة سوداني ابن سوداني حاغشكوا؟!
الحكيم
:
عظيم! إذًا لنا الحق في التجنيد.
عثمان
:
وأنا ليَّ الحق في المعافاة.
الرئيس
:
ودي ليه؟
عثمان
:
يوه علشان أنا موش طالع لأبويا، أنا طالع لأمي وشبه أمي تمام.
الرئيس
:
بس بلا كلام فارغ، خده يا شاويش قلعه هدومه.
عثمان
:
يستحيل اللي يقلعني هدومي أقلع عينه كمان (يخرج).
العسكري
:
امشي بلا غلبة (يخرج).
الحكيم
:
أما نكتة قوي البربري ده!
الرئيس
:
اتفضلوا نعمل استراحة قد خمس دقايق (ينشغل في
الأوراق).
الحكيم
:
أيوة في الفرندة اللطيفة دي، اتفضلوا بنا (يخرجون ويبقى الرئيس ويدخل العسكري).
الرئيس
:
إيه فيه إيه يا شاويش؟
العسكري
:
واحد أفندي بره إداني الكرت ده؛ علشان سعادتك.
الرئيس
:
كارت مين دا يا ترى! الدكتور فودة حكيم بيطري ببندر طنطا، لحد هنا، انده
له انده له يا شاويش.
الشاويش
:
أهو يا أفندم.
فودة
:
بونجور يا حضرة البمباشي.
الرئيس
:
أهلًا وسهلًا ومرحبًا، شقة غريبة يا دكتور، اتفضل اقعد وقل لي، إيه اللي
جابك هنا في أصوان؟
فودة
:
بقى المسألة يا عزيزي، إني كنت جاي هنا في مأمورية تجارية بالنيابة عن
ابن عمي خالد أفندي الموجود ويايا في طنطا.
الرئيس
:
أيوة، تاجر الصمغ والريش.
فودة
:
مظبوط، وبعدين بعد لما انتهت مأموريتي، خدت خبر بأن فيه وظيفة طبيب
بيطري، خالية اليومين دول في الجيش في حلفا فترددت أولًا، وبعدها رحت مقدم
الطلب؛ لأنه كلام في سرك وظيفة حكيم بيطري في الأرياف دي زي قلتها
تمام.
الرئيس
:
صحيح.
فودة
:
وبناء عليه، أديني جيت أسلم عليك أولًا، وأترجاك في كونك تساعدني في
حصولي على الوظيفة دي ثانيًا …
الرئيس
:
ياسلام! دا أقل ما يجب يا عزيزي، أنا أدِّي لك أحسن توصية.
فودة
:
مرسي، دا برضه عشمي.
الدكتور
:
فين حضرة البمباشي (يدخل).
الرئيس
:
أديني أهه يا دكتور، من حق تعالى أما أعرفك بصديقي الدكتور فودة، حكيم
بيطري في بندر طنطا.
الدكتور
:
تشرفنا يا أفندم.
فودة
:
العفو يا أفندم.
الرئيس
:
وحضرته الدكتور محسن صديقي، حكيمباشي معسكر حلفا.
فودة
:
ديهدي! بقى على كده حانكون سوا في بلد واحدة، إن كان فيه قسمة؟
الدكتور
:
إن شالله.
الرئيس
:
حقة دانتو بكره تنبسطوا قوي لما تكونوا ويَّا بعض في حلفا؛ لأن الدكتور
محسن ده، ابن حظ وعلى ذوقك خالص.
الدكتور
:
إيش أمال، ودي عايزة كلام؟
فودة
:
دانا سعيد الحظ جدًّا.
الدكتور
:
مرسي أهه بكره في حلفا نبقى ناكل سوا، ونشرب سوا، ونتفسح سوا.
فودة
:
إنشالله الغاية دلوقت، أنا حاعتمد على وعدك ليَّ خلاص، مافيش كلام
تاني.
الرئيس
:
يا سلام سلم!
فودة
:
يعني حاروح من دلوقت أقدم الطلب بتاعي، وأستعد لكوني أقلب بظابط.
الرئيس
:
وهو كذلك، إنما مستعجل ليه؟ موش بدري؟
فودة
:
لا ماعلهش عندي بعض أشغال أقضيها.
الرئيس والدكتور
:
طيب أورفوار.
فودة
:
أورفوار يا عزيزي، أورفوار.
الرئيس
:
بس خلينا نشوفك قبل ماتسافر ضروري.
فودة
:
أيوة ضروري، إنما تعرف، أنا موش صعبان عليَّ إلا حاجة واحدة.
الرئيس
:
إيه هيَّ؟
فودة
:
دقني (يضحكون).
الرئيس
(يضحك)
:
حقة من جهة دقنك دي يا عزيزي، لازم تزيلها حسب أصول الجيش.
فودة
:
الغاية، بناقص دقن بقى والسلام، أورفوار (يخرج).
الجميع
(داخلين)
:
هم الجماعة راحو فين؟
الدكتور
:
أدحنا أهه، نستأنف العمل، أيوة يالله أحسن لسه قدامنا شغل كتير (يجلسون).
الرئيس
:
أما نخلص من فرز البربري ده، اللي راح يقلع هدومه.
الدكتور
:
يا شاويش انده على البربري عثمان.
العسكري
:
أيوة يا أفندم، عثمان عبد الباسط البربري.
عثمان
(يدخل)
:
تَنَّكْ تقول بربري بربري في عين أبوك، إيه فيه إيه تاني؟
الرئيس
:
إيه دا اللي وياك ده؟
عثمان
:
دي الموبلية بتاعتي، يعني هدومي.
الرئيس
:
وما قلعتش باقي هدومك ليه؟
عثمان
:
إيه! يعني نقلع اللباس كمان؟
الرئيس
:
ملط خالص.
عثمان
:
لا كله إلا دي أنا أحتج على الملاطان.
الرئيس
:
إزاي يا راجل دي أصول! اقلع (بعد
فترة).
عثمان
:
أنا مكسوف خالص يا أفندي.
الرئيس
:
يا راجل اقلع بأقول لك، يا تيجي جوه وأنا أقلعك اللباس.
العمدة
:
ما تقلع يابني خايف على جمالك ولا حايحسدوك، جاك داهية في لونك
الزفتاوي.
عثمان
:
ما بلاش الكشف وتاخدوني كده بختك يابو بخيت.
الحكيم
:
ماعلهش، برضه يصح إننا نفرزه وهو كده؛ لأن هدومه خفيفة.
عثمان
:
ربنا يخليك يا أفندي.
الحكيم
:
ورينا طولك وعرض أكتافك.
عثمان
:
على عيني (يهم بالخروج).
الحكيم
:
الله الله! تعالى رايح فين؟
عثمان
:
موش بتقول ورينا عرض أكتافك؟
الدكتور
:
عرض أكتافك، يعني تخش هنا في القياس، اطلع اقف دغري، ارمي البقجة دي من
إيدك.
عثمان
:
لا أوزنوني قايم بهدومي.
الدكتور
:
نوزنك إيه! هو دا قباني؟ ارمي الهدوم.
الرئيس
:
قيس يا دكتور.
عثمان
:
آه النبي يا دكتور، أنا في عرضكو بنجوني قبلة.
الدكتور
:
نبنجك إيه يا راجل! إحنا راح نعمل لك عملية؟
عثمان
:
وهو فيه أسخم من دي عملية؟!
الرئيس
:
اطلع فوق، والله إن ما وقفت زي الناس، لأجيب العساكر يكتفوك، اقف دغري
وافرد إيديك.
عثمان
:
إنا لله وإنا إليه راجعون يا سيدي!
الرئيس
:
يا راجل اقف ساكت، نزل دراعك جنبك (ينكمش عثمان
تحت القياس) قيس يا دكتور.
الدكتور
:
الله الله! إيه دا يا راجل؟ قوم فز.
عثمان
:
شيلا لاستنجة دي قبلة وأنا أقوم.
العمدة
:
أنا أمسكه لكم آني، قيس بقى يا حضرة الدكتور.
الدكتور
:
متر وخمسة وستين.
الرئيس
:
متر وخمسة وستين.
عثمان
:
يا سلام! يعني ستة وستين متر؟
الدكتور
:
موش شغلك ده، انزل هنا، وريني عضلك.
عثمان
:
لا من جهة كده على كيفك، ولد.
الدكتور
:
اقف دغري، فتح عينيك وبص لي، عيونه سودة.
الرئيس
:
عيونه سود.
عثمان
:
أيوة عيون غزلان، وشعري سلب الجمال، وصدري يا خويا بلاط مرمر، لا
أسفلت.
الدكتور
:
بلاط إيه! وأسفلت إيه يا راجل!
عثمان
:
لا دي مغنى يا أفندي.
الدكتور
:
هس اخرس ما تتكلمش، كُح.
عثمان
:
أكُح؟
الدكتور
:
أيوة كُح.
عثمان
:
موش حازقني الكحاحان.
الدكتور
:
يا أخي بأقول لك كُح، اعمل أحم أحم.
عثمان
:
إلا أحم دي كمان! ليه داخل بيت الراحة؟
الدكتور
:
هه زي كده، كح.
عثمان
:
إحم إحم.
الدكتور
:
برافو عليك، صدره سليم.
عثمان
:
أيوة سليم سليم يا قصب أنا خلاص خدت عليكم.
الدكتور
:
طلع لسانك.
عثمان
:
لا، لساني موش طويل.
الدكتور
:
ماعلهش ورينا (عثمان يخرج لسانه)
لسانك أبيض ليه؟ أنت لسه مافطرتش؟ ما ترد يا حمار.
عثمان
:
أرد إزاي ولساني طالع بره؟
الدكتور
:
طيب، صاغ سليم ولايق للتجنيد.
العمدة
:
مبروك عليك يا عثمان.
عثمان
:
الله لا يبارك لك.
الرئيس
:
يا شاويش، خد عثمان ده ادي له رصاصة، ووديه مع الأنفار المفروزين.
عثمان
:
رصاصة ليه أنا عملت حاجة (يمسكه
العسكري).
الرئيس
:
رصاصة يعني نمرة في إيدك.
عثمان
:
آه أنا بأحسب.
الدكتور
:
لا ماتخافش، وخد هدومك دول وياك.
العمدة
:
لا خليهم، أنا أوصلهم للبلد.
عثمان
:
أيوة عاوز تورث.
العسكري
:
يالله بقى بلا غلبة (يخرج
وعثمان).
الرئيس
:
أف! سبحان من خلصنا من فرز البربري ده!
الدكتور
:
حقة، الساعة بقت واحدة وكسور.
الرئيس
:
إذًا نخلي بقية الفرز لبكره، يا شاويش.
العسكري
:
أفندم.
الرئيس
:
هات الأنفار اللي انفرزوا الصبح.
العسكري
:
أهم بره همَّ وقرايبهم يا أفندم.
الرئيس
:
يالله خلوا الأنفار المفروزين يودعوا قرايبهم ورحلوهم على حلفا.
المنظر الثاني
[لحن شد حزامك]:
يا بختكو ياللي حاتلفعوا الجربندية
وتتعاجبوا بلبس القايش على كسوة الجهادية
روح ودع أهلك وتعالى، ماتخليش عمة ولا خالة
أهو الطابور أهه بيستنى، افرح زقطط كده واتهنى
عقبال أملتكم يا جيرنا، غنوا معانا وقولوا يا خونا
يالله النفير أهه حايضرب، ليه من الجهادية دي نهرب
إيه الراجل منكم في دنياته، لازم يضحي ملذاته
في خدمة أمته وبلاده، يفديها بدمه وحياته
كده العسكري من دول يا حلاوته، لما يفوت كده رافع قايته
يبرك تحت العلم المصري، مين يشوفه كده ولا يسلمشي
داحنا مهما ولفنا عالغربة واعتادنا، برضه نفوسنا تمللي بتحن
لبلادنا
إزاي ننساها ولا نعيش بلاها، مصر دي أمنا وأبونا
إحنا وأرواحنا فداها، دا أتابي الغربة مرة
ياما الأغراب بيعانو، واللي تكون نفسه حرة
إزاي ينسى أوطانه، مين بينسى بلاد أجداده
ياما تهما قالوا وعادوا، برضه الغريب مهما اتغرب
يستحيل ينسى بلاده
عثمان
(يدخل)
:
والله طيب على خدمة الجهادية دي كمان! يعني إذا كان أبويا طلع بربري
زي أمي موش كنت بقيت حماية دلوقت؟ أف يا حفيظ ريحة العدس مصنن … زي أكل
البهايم، فين لما كنت خدام سفرجي عند الخواجة في مصر! فين الرزبيفات
والفليتات واللستبلاتات! موش القروانات والعدسات، آه، شوف أنا ناسي،
الدكتور محسن الحكيمباشي بتاع الأورطة كان قايل لي أدوَّر له على
الحكيم البيطري بتاع البهايم؛ علشان الحصان بتاعه، قال ماعندوش كيف،
وفين راح ندور إن شالله يموت الحصان ميت مرة، أما نودي الأكل بتاع
البني آدمين أفضل.
فودة
(داخلًا)
:
أنت يا نفر.
عثمان
:
مين نفر؟
فودة
:
أنت.
عثمان
:
أيوة نفر.
فودة
:
إيه اللي وياك ده؟ تعيين؟
عثمان
:
لا يا أفندم، دا أكل.
فودة
:
يعني اسمه تعيين يا غبي.
عثمان
:
ربنا يحفظك، مانا لسه ما نعرفش السيم بتاعكم.
فودة
:
سيم؟ سيم إيه؟ أنت يظهر أنك لسه جديد.
عثمان
:
قوي لنج.
فودة
:
غريبة! أنت بربري؟
عثمان
:
بربري عن أمي وسوداني عن أبويا.
فودة
:
آه، أنا راخر بأستغرب؛ لأن لغتك بربرية خالص.
عثمان
:
إي.
الظابط
:
صفا، حذا، جري بك (يقفون دغري)
صاي … (يعد) واحد إلخ … دول ناقصين
واحد أومباشي.
الأونباشي
:
أيوة يا أفندم، النفر عثمان عبد الباسط.
الظابط
:
إزاي؟ وهو فين؟
الأونباشي
:
أظن بيلبس يا أفندم.
الظابط
:
فين البروجي؟
البروجي
(داخلًا)
:
أفندم.
الظابط
:
اضرب طابور.
البروجي
:
حاضر يا أفندم.
عثمان
(من الداخل)
:
طيب أديني جاي.
الظابط
:
اخرج هنا، أنت بتعمل إيه؟
عثمان
:
بس أما أربط رجليَّ.
الظابط
:
اطلع هنا.
(عثمان داخلًا يجرجر في القلشين وحزامه مقلوب.)
الظابط
:
إيه ده؟
عثمان
:
موش عارف أربطهم يا أفندم.
الظابط
:
تعالى يا أونباشي وري له لف الألشين.
الأونباشي
:
حاضر يا أفندم (يتألم
عثمان).
الظابط
:
إيه؟ جرى لك إيه؟
عثمان
:
بيلوي رجلي يا أفندم.
الظابط
:
هس اخرس.
عثمان
:
ما تربط، دا باينه غشيم، تعالى ورِّي له يربط إزاي.
الأونباشي
:
خلاص يا أفندم.
الظابط
:
تاني مرة تبقى تلفه كده، صلح هدومك واعدل القايش، فين
بندقيتك؟
عثمان
:
جوه يا أفندم.
الظابط
:
امشي هاتها.
عثمان
:
ليه؟ فيه مظاهرة؟
الأونباشي
:
اخرس مظاهرة في عينك.
الظابط
:
رحاب دوَّر.
عثمان
:
أديني جبته، فيه إيه؟
الظابط
:
فيه تخش جوه الطابور.
عثمان
:
يعني ويا الناس دول؟
الظابط
:
أيوة ويَّا الناس دول.
عثمان
:
اتاخر شوية.
الظابط
:
إيه ده يا عسكري؟
عثمان
:
موش بتقول خش جوه الطابور؟ موش دا الطابور برده؟
الظابط
:
يعني تقف هنا (يضحك) بتضحك ليه يا
عسكري؟
عثمان
:
علشان جنابك بتقول خش جوه الطابور، كان لازم من الأول تقول، اقف في
حرف الطابور.
الظابط
:
طيب أنا لازم أدي لك جزا؛ علشان تاني مرة تعرف مركزك.
عثمان
:
مركزي عارفه، مركز كوم أمبو وعمدتنا سالم سليمان يس عبد الله.
الظابط
:
زنهار … زنهار يا عسكري.
عثمان
:
يعني إيه؟
الظابط
:
يعني تقف دغري، وتفرد إيدك على البندقية.
عثمان
:
زيهم؟
الظابط
:
أيوة زيهم (عثمان يعمل الحركة)
برافو عليك.
عثمان
:
لا أنا فهمي خفيف على كيفك، أنا بكرة أبقى أحسن من دول كمان.
الظابط
:
ارجع مركز يا عسكري.
عثمان
:
في الحرف ولا في الوسط؟
الظابط
:
مطرح ما كنت.
عثمان
:
حاضر.
الظابط
:
أجزا سلاح.
عثمان
:
زيهم برضه؟
الظابط
:
أيوة زيهم، انقل البندقية على كتفك الشمال يا عسكري.
عثمان
:
آه، موش تقول لي يا بهلول.
الظابط
:
أيوة كده كويس.
عثمان
:
بأقول لك أنا نفهم من أول مرة، زي اللهلوبة.
الظابط
:
طيب هس اخرس … دوَّر.
عثمان
:
الله هم راحو فين … أنت راح تعمل إيه يا وله؟
الظابط
:
اقف دغري يا عسكري.
عثمان
:
طيب … أما أشوف أخرتها وياكم.
الظابط
:
آلاي.
عثمان
:
أيوة كده خليه كله الآيات على طول.
الظابط
:
صاي.
العساكر
:
واحد لتنين … إلخ.
عثمان
:
مين دول؟
الظابط
:
نمرتك يا عسكري.
عثمان
:
ماعنديش لا نمرة ولا رخصة.
الظابط
:
نمرتك يعني لما اللي قبلك يقول تسعة تقول أنت عشرة.
عثمان
:
آه يعني عدد!
الأونباشي
:
أيوة يعني عدد، أنا عارف بيلملموكم من أنهي داهية!
عثمان
:
اوعى تطول لسانك، أنا كنت سفرجي بريمو، وكان تحت إيدي أربعة زيك
وأحسن منك كمان.
الأونباشي
:
سامع يا أفندم.
الظابط
:
ماعلهش طول بالك عليه، دا عبيط.
عثمان
:
فشر، هو اللي عبيط، جيب لي هنا أحسن سفرة بتاع ميت نفر، شوف أنا
أحضره لك حالًا زي الجن ولا لأ، على الطريقة الألفرنكة بتاع
القناصل.
الظابط
:
لك حق أنت موش حاتنفع إلا مراسلة.
عثمان
:
مراسلة يعني نجيب الحاجات من السوق؟
الظابط
:
زي كده.
عثمان
:
شايف، عارف كل حاجة إزاي (يرمي
بندقيته).
الظابط
:
إيه ده يا عسكري؟
عثمان
:
الله موش بتقول نجيب الحاجات من السوق؟
الظابط
:
سوق إيه يا مغفل ارجع مركزك … نزل القايش لتحت … اتبع النظام يا
عسكري … ودلوقت زي ما بيعملوا أخوانك اعمل زيهم.
عثمان
:
حاتعملوا إيه؟
الظابط
:
اسمع الندا وأنت ساكت … صفا دون، صولينا قطر سرعتلي مارش … دوَّر.
(لعثمان) أنت ماسمعتش وأنا
بأقول دوَّر؟
عثمان
:
مانا بأدور أهه.
الظابط
:
دوَّر يعني اقف.
عثمان
:
يا سلام! يعني إذا كنت تقول اقف على طول حرام؟
الظابط
(للأونباشي)
:
يا أونباشي خده واعمل له طابور لوحده، وامنع عنه الغدا وطلعه الطابور
حافي في الشمس.
عثمان
:
أبدًا، أنا أحتج على الحفيان، وإن كنتم خايفين على الجزمة بتاعتكم
خدوه، وأنا أجيب من البلد بدال الجزمة عشرين جزمة كمان.
الظابط
:
إيه! بتعارض؟
عثمان
:
أعارض ونص كمان، إيه؟ أنتو اشتريتوني ولا إيه؟
الظابط
:
معلوم، أنت دلوقت ابن الميري.
عثمان
:
فشر، أنا ابن عبد الرحمن ابن عبد الباسط بن عبد العزيز بن عبد
الحفيظ.
الظابط
:
هس اخرس، خده يا أونباشي (يحمله).
فودة
:
فين الحكيمباشي الدكتور محسن بتاعكم؟
عثمان
:
في الاسطبل، لكن قاعد زعلان خالص.
فودة
:
زعلان! ليه؟
عثمان
:
علشان الحصان بتاعه ماعندوش كيف النهاردة.
فودة
:
أنت يظهر أنك المراسلة، بتاع الدكتور محسن؟
عثمان
:
لا لسه ناوي ياخدني مراسلة عنده.
فودة
:
يعني مالقاش إلا أنت ياخدك مراسلة عنده؟
عثمان
:
أنا! دانا اللي نجيت حياته.
فودة
:
غريبة! إزاي؟
عثمان
:
جنابك ماعندكش خبر؟
فودة
:
لا فهمني، كان حصل له إيه؟
عثمان
:
آه، لازم جنابك لسه جديد برضه، بقى يوم الخميس اللي فات، كان
الحكيمباشي نايم في الأودة بتاعه، وساب اللمبة والع، بعدين اللمبة، من
كتر الحرارة اتفرتك ولع كل الأودة، ومافيش حد من العساكر استجرى يخش
يطفيه، وبعدين أنا لما شفت النار راح تاكله، هجمت عليه ولفيته في
البطاطين بتاع السرير، وخطفته وتني طالع أجري على بره.
فودة
:
يا سلام! أما بطل صحيح.
عثمان
:
أمال علشان كده هو كمان يحبني زي عنيه، وتمللي يديني فلوس وآكل من
الأكل الخصوصي بتاعه، تونة وسردين وبطاطس و…
فودة
:
إي، أقل منها! دانت على كده حاتعيش مبسوط مع الدكتور محسن.
عثمان
:
لأ، واللي أحسن من كده كمان، جاني جواب من الست أخته من مصر،
بتتشكرلي فيه خالص، بتقول لازم ضروري لما تنزل مصر، تفوت عليَّ علشان
أتعرف بك، وأقدم لك هدايا وبقشيش.
فودة
:
عال عال، إنما أنت على بال ما يجي دور الأجازات وتنزل مصر، لسه قدامك
سنة يا بطل.
عثمان
:
لأ، أهه لأجل بختي جاني ديك النهار إعلان علشان نروح نشهد في القضية
بتاع أولاد خالتي في المحكمة في مصر.
فودة
:
إش، أهه جات لك عالطبطاب، وإيمتى بقى ناوي تسافر؟
عثمان
:
يالنهاردة يا بكرة، بس أنا مستني الورق بتاع التصريح.
فودة
:
طيب، يالله شيل التعيين اللي وياك ودِّيه لأصحابه.
عثمان
:
هو ده اسمه تعيين؟
فودة
:
أيوة.
عثمان
:
عن إذنك يا سيدي البيه.
فودة
:
إيه فيه إيه؟
عثمان
:
جنابك ماتعرفش الحكيم البيطار بتاع البهايم؟
فودة
:
أهه أنا (يضحك).
عثمان
:
جنابك؟
فودة
:
أنا الدكتور فودة حكيم بيطري بتاع الأورطة.
عثمان
:
أما أروح أدي له خبر.
فودة
:
لأ، شيل أنت اللي وياك ده وديه لأصحابه وأنا حاروح أقابل الدكتور
محسن دلوقت.
عثمان
:
بس اوعى تنسى (يخرج وتدخل العساكر
للتعليم).
الأونباشي
:
دور … آلاي … حاصدور.
الظابط
(داخلًا)
:
تممت يا أونباشي على الأنفار الجدد؟
الأونباشي
:
أيوة يا أفندم.
الظابط
:
صفا وصولادون مارش … دور … آلاي.
فودة
(داخلًا)
:
يا سلام أما جرأة صحيح (يخرج
صورة) يا وعدي على دا جمال، أما لو الدكتور محسن خد باله،
وعرف إني سرقت الصورة دي بتاعة أخته، اللي كان حاططها في أودته؟ أما
نخبيها أحسن تبقى موش لطيفة … يا سلام! موش قادر أشبع منها، قوة غريبة
فوق إرادتي صحيح … مين يصدق أن واحد زيِّي، يقع في واحدة ويحبها ويدوب
فيها، بمجرد ما يشوف صورتها بس (يدخل
محسن).
الدكتور
:
ديهدي! أنت فين يا دكتور؟
فودة
:
هيه … أنت اللي فين يا عزيزي؟
الدكتور
:
أنا بلغني أنك كنت في انتظاري في الأودة بتاعتي، وقلقت قوام كده
ليه؟
فودة
:
لا بس … علشان اتضايقت شوية قمت … إلا قل لي من حق يا دكتور.
الدكتور
:
أفندم.
فودة
:
موش بكره ابتدا موسم الأجازات؟
الدكتور
:
أيوة، ليه؟
فودة
:
مانتش قايم في أجازة السنة دي؟
الدكتور
:
ما أظنش؛ علشان عندي هنا مسألة شغلاني قوي اليومين دول.
فودة
:
يا سلام! وأهلك في مصر ماوحشوكش؟ إلا أنت لك قرايب مين في مصر يا
دكتور؟
الدكتور
:
ديهدي! إيه الحكاية؟ إشمعنى بتسألني السؤال ده تلات مرات
دلوقت؟
فودة
:
مين أنا؟
الدكتور
:
أيوة يا أخي، سألتني وقلت لك إني ماليش حد في مصر، غير الست أختي،
اللي شوفت صورتها في أودتي و…
فودة
:
أيوة أيوة، وحتى أظن قلت لي إنها متزوجة موش كده؟
الدكتور
:
أيوة متجوزة واحد اسمه حلمي بيه من مصر، إنما شاب أهوج كده شوية،
وغاوي ركوب خيل وبسكليت وما أعرفش إيه، وتمللي مايلبسش إلا لبس ظباطي
وقال يعني أسبور.
فودة
:
غريبة!
الدكتور
:
وأنت عزمت على إيه يا دكتور نازل في أجازة؟
فودة
:
لا على إيه، والله ما يجي شحططة السفر، حتى ديك النهار، بعت جواب
للست بتاعتي في طنطا، وقلت لها فيه بالكدب إن القومندان رفض يديني
أجازة؛ علشان أنا لسه جديد في الخدمة.
الدكتور
:
وليه بقى الكدب ده، مادام أن لك حق في أجازة، في أي وقت تحب؟
فودة
:
يا خي سيبك، حاروح للست بتاعتي أعمل لها إيه، أما حقة لو شافتني كده
من غير دقن، يمكن كانت تفتكرني راجل تاني غير جوزها.
الدكتور
:
آه أنت بالك، إنما من حق عن إذنك، أحسن بدي أقابل القومندان وأكلمه
بخصوص النفر البربري ده اللي عايز أخده مراسلة عندي.
فودة
:
آه، عثمان ده اللي خلصك من الحريقة؟
الدكتور
:
أيوة، أورفوار مؤقتًا (يخرج).
فودة
:
أورفوار … يا خسارة، أما لو ماكنتش متجوزة، كنت … إيه الطريقة بس يا
هو، مافيش حيلة أقدر أتوصل بها، لكوني أكون قريب من الست دي، ولا
أكلمها، ولا أشوفها ولو من بعيد؟
عثمان
(داخلًا)
:
مافيش حد هنا أبدًا؟
فودة
:
إيه فيه إيه يا عثمان؟
عثمان
:
حضرتك تعرف تقرا؟
فودة
:
إيه، معاك حاجة عايز أقراها لك؟
عثمان
:
حاجة مهمة خالص، خد اقرا الجواب ده.
فودة
:
من مين جاي لك ده يا ترى؟ لازم من الست بتاع مصر.
عثمان
:
مظبوط من أخت الدكتور محسن.
فودة
:
يا سلام! حتى بمجرد النظر لخطها بتضطرب حواسي.
عثمان
:
بتقرا لمين، أنا هنا هُه.
فودة
:
يو، دي حاجة كده عالهامش.
عثمان
:
سيبك من الهوامش، وخش في الموضوع.
فودة
(يقرأ)
:
حضرة المراسلة عثمان عبد الباسط.
عثمان
:
أيوة أنا.
فودة
:
وصلني ردك على خطابي الأول، أنت كنت بعت لها جواب؟
عثمان
:
أيوة من كام يوم بس.
فودة
:
آه … وأنا لا أعرف بأي لسان أشكرك؛ لأنك أنقذت حياة أخي وشقيقي
الوحيد، الذي لا يمكني أن أعيش بلاه.
عثمان
:
بلاه؟
فودة
:
أيوة، يعني من غيره.
عثمان
:
آه كويس.
فودة
:
وإن شاء الله إذا حضرت لمصر، ضروري تمر علينا بمنزلي بشارع شبرا نمرة
خمسة لأحتفي بك وأكرمك، وأقبلك من عينك.
عثمان
:
أقبلك يعني إيه؟
فودة
:
يعني تبوسك من عنيك.
عثمان
:
ياولد ياولد!
فودة
:
إيه ده يا نفر، موش تختشي شوية؟
عثمان
:
لا، دانا نسيتك خالص يا أفندي.
فودة
:
طيب، أنا النوبة دي حاسامحك، إلا تبوسك من عنيك، يا بختك يا
عثمان.
عثمان
:
ياولد ياولد.
فودة
:
وتأكد إني منتظرة أن أرى وجهك في بيتي كأنه القمر في ليلة
أربعطاشر.
عثمان
:
تمام.
فودة
:
تمام إزاي؟ هي موش عارفة إن وشك أسود؟
عثمان
:
لا، ماتعرفش إني بربري، عارفة إني عثمان عبد الباسط كده بس.
فودة
:
شيء غريب!
عثمان
:
هه، كمل.
فودة
:
خلاص، الإمضا درية هانم، أخت الدكتور محسن.
عثمان
:
عن إذنك هات الجواب.
فودة
:
إنما اصبر، أنت مسافر مصر إيمتى يا عثمان؟
عثمان
:
الليلة حالًا.
فودة
:
وخدت تصريح السفر؟
عثمان
:
أمال، اتفضل.
فودة
:
تصرح للنفر عثمان عبد الباسط المراسلة، بأجازة قدرها أسبوع، لتأدية
شهادة بمحكمة مصر الأهلية (ضجة).
الأنفار
:
أيوة أمال، قرب يا ولة أنت وهو.
فودة
:
الله! إيه ده؟ جرى إيه يا نفر أنت وهو؟
الجميع
:
مسافرين في أجازة يا أفندم.
عثمان
:
أنتو أجازات، أما أروح أنا كمان، أحضر الشنطة وأسافر واياهم.
فودة
:
اصبر يا عثمان أما جات لي حتة دين فكرة أنا راخر مسافر وياك في
أجازة.
عثمان
:
يالله يا أرباب الأجازات ويانا.
[لحن ختام الفصل]:
آدي شهر الأجازات هل هلاله
والعسكري منا حايرجع لبلاده وعياله
يا فرحتنا كده بأجازاتنا، تعالوا بنا نغني تعالوا
يا حفيظ ياخوانَّا من الغربة، دا حالتنا بقت وحشة
وصعبة
دا حياة اللي بيتغرب نار، يقضي العمر مرار في مرار
الناس بتغيب غيبة بالويبة، أما احنا غيبتنا بالقنطار
وآدي النفر عثمان، لافع شنطته ومهاجر
على فين يابو عثمان، علشان إيه بس مسافر
أنا مسافر شاهد في قضية، في محكمة مصر الأهلية
إحنا مانقدرش على بعادك، إنشالله تعود تاني لبلادك
آهي دي بلادي ودكهه بلادي، ولا فيش فرق يا عم حسين
يا رب وفَّق بينا وبينهم، ولا فيش فرق بين البلدين
نهر النيل دا حياة الوادي، هو الحاجب واحنا العين
مصر بياضها واحنا سوادها، يا رب وفق بين لتنين
الفصل الثاني
[رقص على لحن]:
مين شاف هيصة زي هيصتنا، ولا فرحة زي فرحتنا
سيبك خلي لربك ساعة، وساعة برضه للذتنا
هيصوا وفرفشوا وغنوا، يالله يا حبايبنا اتهنوا
الحظ فرصته قليلة، واتفرج مالناش غنى عنه
شوفوا القوام حاجة تمام تسبي العقول
من غير كلام لما يميل دا شي جميل
النظرة له تشفي العليل
نمرة ١
:
أما كويسين قوي الرقاصات دول يا درية هانم.
الجميع
:
ذوقك لطيف.
درية
:
دول اخترتهم من ضمن رقاصات الأوبرا؛ علشان يجو يرقصوا لنا هنا كل
يوم.
نمرة ٢
:
يا سلام بقى كل يوم عندك عزومة كده، زي بتاعة النهاردة دي؟
درية
:
أيوة لحد آخر الشهر ده؛ لأن أول ما بلغني إن أخويا الدكتور محسن، اللي في
أسوان كانت حياته في خطر، وأن ربنا نجاه حلفت إني لازم أعمل عزايم وتفريح
كده، مدة شهر تمام.
نمرة ١
:
طبعًا موش أخوكِ أمال؟
درية
:
لأ وشقيقي الوحيد، يعني ماليش في الدنيا غيره.
نمرة ١
:
لكن إيه حكاية الحريقة دي، اللي كانت حصلت في أودته يا درية؟
درية
:
والله لسه ماعرفتيش تفاصيلها، أهه كل اللي أعرفه، إن أخويا الدكتور محسن
كان حايروح في شربة ميه، لولا المراسلة بتاعه اللي في أسوان اللي اسمه
عثمان عبد الباسط.
نمرة ٢
:
أما المراسلة ده بيستحق أكبر مكافأة.
درية
:
مكافأة وبس طيب دانا حالفة يمين قدام جوزي، إني أول ما أشوف المراسلة ده،
لازم أبوسه من عينيه لما أقول بس.
نمرة ١
:
ديهدي، من حق جوزك حلمي بيه فين أمال يعني، موش باين؟
درية
:
أهه تمللي زي عادته، طول النهار ساعة في البيت وإحداشر برَّه … وأهه
مالوش شغلانة غير ركوب الخيل والبسكليت وموش عارفة إيه، وموش فالقني فيه
ياخوان غير لبسه، اللي يشوفه كده، وهو تمللي بالبدبة الصفرة، والألشين على
رجليه، يفتكره ساعي في الحقانية، ولا في مصلحة الصحة. (تضحك) الغاية اتفضلوا بنا بقى لما ناخد
الشاي.
عزت
:
اتفضلي (يخرج).
الجميع
:
وي وي، اللون شيري.
درية
:
بس من حق أما أشوف الولية أم أحمد عملت إيه، يا خالتي أم أحمد.
أم أحمد
:
سوبتو يا عنيَّ (تدخل).
درية
:
تعالي هنا أنت بتعملي إيه؟
أم أحمد
:
بساوي الدنيا المكركبة جوَّه دي.
درية
:
طيب موش تخليكِ هنا، يمكن يلزم حاجة ولا محتاجة؟
أم أحمد
:
طيب أديني أهه.
درية
:
نبهي على كل البنات الخدامين، أنهم يكونوا على سنجة عشرة لحد ما ينتهي
شهر العزايم ده.
أم أحمد
:
حاضر يا ستي (جرس).
درية
:
روحي شوفي مين يا أم أحمد، دا لازم سيدك، مين عارف حضرته جاي منين دلوقت
(تخرج أم أحمد).
حلمي
:
آه، أنت هنا يا روحي؟ درية يا روحي.
درية
:
جرى إيه؟
حلمي
:
يا سلام! أما لو كانت كل الستات بترد على أجوازها بالشكل ده!
درية
:
ولو كانت كل الأجواز، ماشية مع ستاتها بسيرك ده؟!
حلمي
:
وبعدين بقى يا روحي، برضك زعلانة من حكاية الجواب إياه؟
درية
:
زعلانة! زعلانة ليه؟ أنت تهمني للدرجة دي، لما أزعل منك؟
حلمي
:
يا حفيظ على طبعك يا درية! بقى حتة جواب صغيَّر تلتقيه في جيبي، يخليكِ
تزعلي الزعل ده كله؟ أنا إيه ذنبي، إذا كانت واحدة ما أعرفهاش كتبت لي
الجواب ده، ولا بتغاذلني ولا …
درية
:
بس بس من فضلك، أنا موش طالبة منك اعتذارات، ولا تفصيلات.
حلمي
:
يا سلام! يعني موش بزيادة، إنك كل يوم والتاني، عاملة لي في البيت حفلات
رقص، وعزايم وفايف أوكلوك، وموش عارف إيه؟
درية
:
أهه أنا كده، وقبل ما تتجوزني فهمتك إن طبعي ألافرنكة، وحياتي كلها
ألافرنكة في ألافرنكة، مع ستات مع رجالة مع عفاريت زرق مع الكل كليلة، عجبك
ولا لأ؟
حلمي
:
طيب هدي أخلاقك يا روحي، ماتزعليش، خليكِ ألافرنكة زي مانت عايزة، بس
ماتعاملينيش بالخشونة دي كلها، أنا في عرضك يا درية يا روحي.
[لحن بينهما]:
بزيادة بقى جننتيني، يا روحي ليه قلبك قاسي
ولحد إيمتى تعامليني، معاملة تجرح إحساسي
دي كلمة واحدة تحبيني، تريحي قلبي وحواسي
بقى تعشق غيري، وعايزني أعاشرك
موش كتر خيري، لما أحمل هجرك
الزوج واجباته زوجته يراعيها، مادام في حياته دايمًا
بيداديها
صحيح يا روحي أنا العايب، غلطت غلطة من جهلي
وأديني أهو جيت لك تايب، إياكِ عواطفك تتشفع ليَّ
دانتِ روحي ونور عنيَّ، دانتِ أغلى الناس عليَّ
يستحيل تاني أخونك، هاتي إيدك في إيديَّ
السعادة في الحياة العائلية، اللي مافيهاش خيانة أو خلاف
طول مافيه إخلاص عيشتنا تكون هنية
بالأمانة وبالشرف وبالوفاق
حلمي
:
هيه، بقى يعني خلاص دلوقت، أنا عندي مشوار لحد صولت، أقدر أروحه مستريح
الفكر، خلاص صافي يا لبن؟
درية
:
لا موش قوي.
حلمي
:
إزاي؟
درية
:
أنا لازم أورِّي لك إن الست منا مهما كانت ضعيفة، برضها أقوى من الراجل
في أغلب الأحيان (جرس).
حلمي
:
طيب هس هس، أما نشوف مين ده.
أم أحمد
:
الدلعدي يا ستي.
حلمي ودرية
:
مين يا أم أحمد؟
أم أحمد
(تدخل)
:
واحد عسكري بيسأل على حضرتك.
حلمي
:
عسكري! أنت اتخانقتِ؟
درية
:
آه، لأ، استنى استنى، دا لازم يكون المراسلة، بتاع أخويا اللي في أسوان،
خليه يخش يا أم أحمد، خليه يخش.
أم أحمد
:
حاضر (تخرج).
حلمي
:
يخش إزاي يا ستي؟ حاتستقبلي هنا واحد عسكري مراسلة، وزيِّ مانتِ
كده؟
درية
:
آه أنا كده، أخلاقي ألافرنكة خالص، ومادام مافيش عندنا سلاملك، عايزني
أستقبله فين، في الشارع؟
حلمي
:
أما كويس خالص!
أم أحمد
:
تعالى خش يادلعدي (يدخل فودة وياخد
تعظيم).
حلمي
:
يا سيدي يا سيدي!
درية
:
أهلًا وسهلًا، أنت مين قبلة يا شاطر؟
فودة
:
أنا يا أفندم النفر عثمان عبد الباسط المراسلة بتاع أخو حضرتك الدكتور
محسن.
درية
:
آه، موش قلت لك، يا ألف مرحب يا سي عثمان، أنا أنا موش عارفة أكافئك
بإيه؛ لكونك خلصت حياة أخويا من الخطر؟!
فودة
:
العفو يا أفندم، أنا بس كنت جاي أأدي شهادة في محكمة مصر، وبعدين قلت فوت
سلم على ست هانم.
حلمي
:
الله يسلمك يا أخي ويسلمنا منك.
درية
:
يا ألف أهلًا وسهلًا، أنت حاتقعد في مصر كتير؟
فودة
:
تلات تيام بس يا أفندم.
درية
:
عال، أهه يكون في معلومك ياسي عثمان، إن البيت هنا بيتك ومطرحك، امنع كل
تكليف.
فودة
:
مرسي يا هانم.
حلمي
:
شيء لطيف خالص!
درية
:
أدي الفرصة اللي يمكن أفلفل فيها جوزي، يا أم أحمد.
أم أحمد
:
عمتي.
درية
:
روحي فضي الأودة اللي على الجنينة، قوام لسي عثمان.
أم أحمد
:
حاضر، يا مرحب يابو عفان.
درية
:
وحضري له فرش وكل شيء.
أم أحمد
:
اتفضل معايا صغانون ياادلعدي.
فودة
:
إنما بس … أنا ماجبتيش هدومي معايا، أروح أجيبهم وآجي.
درية
:
لا لا، مافيش لزوم، ياسلام … ابقي طلعي له تغييرة من بتوع البيه يا أم أحمد.
حلمي
:
إيه الكلام الفارغ ده؟ دانتِ خلتيها خل خالص!
درية
:
هس بلاش فلسفة، أنا مديونة للراجل ده بحياتي، ولازم أشيله فوق عِنيَّ
كمان.
حلمي
:
لا لا دا تصرف بايخ خالص، أنا ماقدرش أشوف كده أبدًا أعوذ بالله (يخرج).
درية
:
ها ها ها، يالله يا أم أحمد روحي اعملي زي ما قلت لك.
أم أحمد
:
حاضر يا ستي … إيه العبارة يا ختي (تخرج).
درية
:
آه من حق عن إذنك يا سي عثمان، انتظرني لحظة على بال ما أصرف الستات
المعازيم اللي عندي وآجي لك.
فودة
:
أمرك يا هانم.
درية
:
ولا أقل لك، إذا حبيت روح حصل أم أحمد وفرَّش هدومك شوية من تراب السفر،
آهي الأودة الأخرانية دي، اللي على إيدك اليمين.
فودة
:
مرسي يا هانم.
درية
:
لطيف المراسلة ده (تخرج).
فودة
:
أما يعني سبحان من ألهمني، إني أسافر مع عثمان البربري ده، وخليته قِبل
أنه يبادلني بجاكتته وبالطيه اللي لقيت في جيبه تصريح السفر بتاعه، أهه
خليه هنا في جيبي ينفع وقت اللزوم مع صاحبتنا دي، يعني آدي وقتك يا سي
فودة، يالله اتحفلط بقى وخش مغازلة، سرعتلي مارش (يخرج، جرس).
درية
(داخلة)
:
يا ستار! مين ده كمان؟ ولية يا أم أحمد.
أم أحمد
:
أفندم.
درية
:
تعالي شوفي مين ده يا شيخة، مانتيش سامعة؟
أم أحمد
:
سمعانة يادلعدي.
درية
:
وابقي خليِّ الباب مردود ما تقفلهش، بدال خوتة الأجراس دي كلها، أف!
والله مالي كيف أقابل حد ولا محتد دلوقت.
أم أحمد
:
اتفضلي يا هانم.
دولت
:
هي فين؟
درية
:
يا خبر! دولت هانم؟
دولت
:
أيوة يا روحي، إزيك سلامات.
درية
:
يا سلام! أتابي البيت منور، فين يا أختي من خمس سنين دلوقت؟
دولت
:
حقة من خمس سنين تمام، من أيام المدرسة.
درية
:
أما شقة غريبة صحيح! تعالي اقعدي، وقولي لي فين أراضيكِ تعالي.
دولت
:
موش أدي لي تلات سنين دلوقت، وأنا قاعدة في طنطا من أيام ما
اتجوزت.
درية
:
في طنطا كده على طول؟
دولت
:
أيوة مع جوزي، واحد حكيم بيطري اسمه الدكتور فودة.
درية
:
فودة فودة؟
دولت
:
أيوة، له دقن زغنططة كده، وحلوة قوي قوي، أهه كان سافر اليومين دول على
حلفا، ولقى له وظيفة خالية هناك في الجيش، إنما دانت يا درية موش مبسوطة مع
جوزك؟
درية
:
أيوة يا ستي.
دولت
:
كبدي! ليه؟ جوزك موش بيحبك يا درية؟ حقة أنا جوزي صلاة النبي بيحبني حب،
يعني لو قطعتِ رقبته يستحيل يبص لواحدة غيري أبدًا.
درية
:
يا بختك! لكن الدكتور جوزك ده، موش حاياخدك يقعدك وياه في أسوان.
دولت
:
طبعًا، بس الخازوق إنه ماقدرش يتحصل على أجازة اليومين دول، وكل اللي
قاله لي في جوابه، إنهم رفضوا يدوله أجازة، علشان لسه جاي جديد في
الخدمة.
درية
:
شيء غريب!
دولت
:
وأهه علشان كده، جيت من طنطا النهاردة، أشوف ابن خالتي اللي كان مستخدم
هنا في الحربية.
درية
:
وقابلتِ ابن خالتك ده ولا لأ؟
دولت
:
لأ، أهه لأجل البخت، رحت لقيتهم نقلوه.
درية
:
خسارة!
دولت
:
لكن استني استني، أنا زي اللي متذكرة إن كان لك عم ظابط كبير في
الجيش؟
درية
:
أيوة، عمي هيبت باشا اللي في القدس، في جيش المواصلات.
دولت
:
أيوة هيبت باشا، هو فين دلوقت؟
درية
:
أهه بقى له يجي تلات سنين ماشفناش وشه، حتى أنا واخدة على خاطري منه قوي؛
علشان لما جيت أتجوز، بعت له جملة جوابات؛ علشان يجي يحضر الفرح
بتاعنا.
دولت
:
يا خسارة! لو كان هنا دلوقت، كان شاف لي طريقة في مسألة جوزي، على كده يا
ريتني كنت كلمت الراجل ده، اللي كان راكب وياي في القطر.
درية
:
راجل مين اللي كان راكب وياك في القطر؟
دولت
:
واحد ظابط يا أختي، إنما عليه حتة خلقة، وجوز شنبات، والغريبة أنه عنده
فوق الخمسين سنة، وفضل من ساعة ما ركبت في الديوان الحريمي وهو رايح جاي
ويزغر لي كل زغرة وأختها.
درية
:
طيب كنت اقفلي الباب.
دولت
:
يا ختي لأ بالعكس، دانا بقيت مسخسخة من الضحك في سري؛ لأن منظره كان حتة
دين منظر يا حفيظ (تضحك).
درية
:
إنما أنت موش ناوية تقعدي هنا كام يوم في مصر؟
دولت
:
النهاردة وبكرة بس، حتى شنطتي بعتها قبل ما آجي، على بيت قبلتي عيشة
هانم.
درية
:
إخص عليك يا دولت، لازم تروحي تجيبي شنطتك دلوقت حالًا، وتيجي تباتي عندي
هنا.
دولت
:
لا لا في عرضك.
درية
:
لا يستحيل.
دولت
:
طيب علشان خاطرك، بس أنا خايفة لا يمكن عيشة هانم، تاخد على خاطرها
مني.
درية
:
لأ عليَّ أنا، يالله روحي قوام، هاتي شنطتك وتعالي.
دولت
:
طيب، أورفوار مؤقتًا.
درية
:
أورفوار ياختي استني أما أوصلك (تخرج مع
دولت).
فودة
(داخلًا)
:
أيوة أديني فرشت هدومي، وبالطو عثمان لاخر، والله أهه خليه معايا هنا، زي
مستند لوقت اللزوم، أما نستعد بقى للمغازلة … أحم.
درية
(داخلة)
:
آه، أنت هنا يا سي عثمان، ماقعدتش تستريح في أودتك ليه؟
فودة
:
والله … بس …
درية
:
إلا من حق قول لي بقى، المسألة موش عايزة خشا.
فودة
:
مسألة إيه؟
درية
:
أنا عايزاك تقبل مني هدية صغيرة، تحب أجيبها لك دلوقت والَّا لما تجي
مسافر؟
فودة
:
لا لا يا هانم، أنا موش عايز هدايا أبدًا.
درية
:
يستحيل، أنت خاطرت بحياتك، وخلصت حياة أخويا، اللي ماعنديش أعز منه في
الدنيا، فواجب عليَّ إني، آه، من حق تعالى تعالى أنا كنت ناسية.
فودة
:
ناسية إيه؟
درية
:
أنا حلفت إني لما أشوفك، لازم أبوسك من عنيك، ده يمين نذر عليَّ، ولازم
أنفذه مهما كان (تقبله).
فودة
:
أنا ممنون يا هانم.
هيبت
(يدخل)
:
يارنه!
فودة ودرية
:
يا خبر!
درية
:
عمي!
فودة
:
عمها!
هيبت
:
آه، أديني ظبطتكم يا خنزؤرة أنتِ وهو.
درية
:
لأ، أيوة، بس …
فودة
:
بس، أيوة، لأ …
هيبت
:
والله طيب يا سي جوز بنت أخويا!
فودة
:
إيه؟
درية
:
دا افتكره جوزي!
هيبت
:
عجيبة! مالِك مربوكة كده ليه يا بنت أخويا؟
درية
:
لا ياعمي بس … علشان لما وقع نظرنا عليك، كان كده على غفلة.
فودة
:
أيوة كان على غفلة.
هيبت
:
على غفلة؟ عليَّ أنا الكلام ده؟
فودة
:
إلا جوزها دي لوخرة!
هيبت
:
أما أنا لسه يا خنزؤرة أنت وهوَّ، ما شفتش واحدة تفضل نازلة بوس في
طليمان جوزها بالشكل ده (يضحك) تعرفوا
قد إيه أنا آسف اللي ما جيتش أحضر الفرح بتاعكم، وأنا في القدس،٢ لكن حاعمل إيه، أشغالي كتيرة خالص، يعني أديني وصلت النهاردة
لمصر، ولازم الليلة أرجع تاني على القدس.
فودة
:
إيه؟
درية
:
إيه صحيح يا عمي مسافر الليلة؟
هيبت
:
أيوة؛ لأني كنت جاي لنهو مسألة هنا، في وزارة الحربية، ولازم أنهيها
النهاردة.
درية
:
أما فصل يربك صحيح!
هيبت
:
ديهدي من حق، إيه اللبس البزرميط ده يا جوز بنت أخويا؟!
فودة
:
لا … دا … دا.
هيبت
:
آه صحيح، أظن أنت كنتِ قلتِ لي مرة في جواب من جواباتك، إن حضرته غاوي
ركوب خيل وبسكلت ولبس جهادي، برافو أنت كان حقك تكون في الجيش.
فودة
:
الغاية بقى يا سعادة الباشا.
هيبت
:
لا لا، ماأحبش تقول لي يا سعادة الباشا، أنا صحيح حاتجيني الرتبة اليومين
دول، لكن قول لي يا عمي حاف.
فودة
:
حاضر يا عمي حاف.
حلمي
(يدخل)
:
هو لسه هنا؟
فودة
:
يا خبر!
درية
:
جوزي!
هيبت
:
هه، مين الشخص ده؟
فودة
:
دا دا …
درية
:
دا المراسلة بتاع أخويا، المراسلة عثمان عبد الباسط اللي في وادي
حلفا.
حلمي
:
نعم نعم!
فودة
:
أيوة، المراسلة عثمان عبد الباسط، من ١١ جي أورطة.
هيبت
:
عجيبة! دا مراسلة قيافة خالص، أنت مراسلة لوكس.
حلمي
:
مين أنا؟
هيبت
:
لأ أنا، أنت مراسلة هوانمي خالص.
درية
:
هس، وافق أحسن لها أصل.
هيبت
:
ضم رجليك على شكل سبعة، نزل إيديك، بحلق عنيك، زنهار، أيوة كده يا
لوح.
فودة
:
إلا موش تحب تغسل وشك شوية، من تراب السفر يا عمي؟
درية
:
أيوة أيوة، اتفضل يا عمي، أحسن عليك عفار الدنيا، يا حفيظ!
هيبت
:
إيه برضها فكرة، موش من هنا الطريق، لا لا خليكوا، ماحدش يجي وياي
(يخرج).
حلمي
:
أما كويس! تعالوا هنا فهموني، إيه الحكاية؟
درية
:
طيب هس هس وطي صوتك.
حلمي
:
موش دا عمك هيبت باشا، اللي كان في القدس؟
درية
:
هو بعينه، وأهه طب على غفلة، وبعدين افتكر أن سي عثمان ده أنت.
حلمي
:
ما شاء الله! طيب وأنتِ ليه ماقلتيلوش على الحقيقة؟
درية
:
موش ممكن، أقول له إزاي؛ لأنه وقت ما طب علينا هنا، لقاني بأبوس سي عثمان
ده من عينه؛ علشان كنت حالفة يمين.
حلمي
:
ما شاء الله! امشي يا راجل، اطلع من بيتي حالًا.
درية
:
يا سلام! يطلع من بيتك بعد ما عمي افتكره أنه أنت؟ دلوقت حيث إن عمي
مسافر الليلة، لازم حفظًا لشرفي أنا، وكرامتك أنت، إن سي عثمان ده يفضل
جوزي كده على طول، لحد ما يسافر عمي.
فودة
:
أهه كده أصولها.
حلمي
:
كويس خالص! ويعني فاكراني حضرتك إني حاقبل بكده واسكت؟
درية
:
هس اوعى تفتح بقك، أحسن بعدين أرسِّي عمي على حكاية الجواب الغرامي إياه،
طب هس بقى، أحسن الراجل جاي أهه.
حلمي
:
لازم أقل له على كل شيء.
درية
:
طيب وأنا لوخرة حاقول له، طول بالك.
هيبت
(داخلًا)
:
هيه!
حلمي
:
عن إذنك يا سعادة الباشا، أنا بدي أقول لسعادتك.
درية
:
لا لا يا عمي، أنا اللي بدي أقول لك قبله.
حلمي
:
لا لأ، أنا قبله.
هيبت
:
امشي روح قبلة في عينك، اقف زنهار، مراسلة زي الحمار. (لفودة) تعالى قرب عليَّ هنا يا حلمي
بيه.
حلمي
:
هيه.
هيبت
:
وأنتِ يا بنت أخويا.
درية
:
أيوة يا عمي.
فودة
:
أيوة يا عمها.
حلمي
:
أيوة يا عمهم (يقدم كرسي).
هيبت
:
بقى يا أولادي ما أخبيش عليكم، إني أنا في بحر التلات سنين اللي قعدتهم
في القدس، اشتغلت في التجارة، وكونت ثروة عظيمة جدًّا، فوق التلاتين ألف
جنيه.
فودة ودرية وحلمي
:
يا سلام!
هيبت
:
أيوة فالثروة دي كنت ناوي أقسمها نصين، نص لواحدة قريبتي في إسكندرية،
ونص لكِ أنت وجوزك يا درية.
فودة ودرية وحلمي
:
إش عال عال!
هيبت
:
أيوة، لكن بالصدفة قبل ما آجي على هنا، كنت فت إمبارح على قريبتي اللي في
إسكندرية، فلقيتها هيَّ وجوزها، يا حفيظ تمللي في زعل وخناق ونقير، وجوزها
بيخونها وموش عارف إيه، الغاية لما شفت كده، حلفت إني لازم أحرمهم من
التلاتين ألف جنيه، وأخليهم لكم أنتم؛ لأني ضد كل راجل يخون مراته.
درية
:
أوه، مرسي يا عمي.
حلمي
:
مرسي يا عمهم.
هيبت
:
بيقول إيه المراسلة الطور ده؟ تعالى هنا يا نفر.
حلمي
:
أفندم.
هيبت
:
أنت كنت عايز تقول لي إيه دلوقت وأنا داخل؟
حلمي
:
أنا، أبدًا ماحصلش يا أفندم.
هيبت
:
عجيبة! وأنتِ يا بنت أخويا، كنت عايزة تقولي لي إيه؟
درية
:
أنا، أبدًا يا عمي مانيش فاكرة وحياتك.
هيبت
(لحلمي)
:
طيب زنهر تاني يا طور، الغاية، أنا اللي عاجبني فيكم يا بنت أخويا، إنك
أنت وجوزك ده بتحبوا بعض بكل معنى الحب، يالله بوسوا بعض كمان مرة
قدامي.
حلمي
:
يا خبر!
هيبت
:
عجايب! ماله المراسلة اللوح دا، بيتحشر ليه؟
درية
:
معلهش يا عمي موش وقته.
هيبت
:
يالله امشي اطلع بره يا لوح، اوعى توريني وشك إلا لما أنده لك، صفا دون
سرعتلي مرش.
حلمي
:
أف! أعوذ بالله من دي شبكة (يخرج).
هيبت
:
سرعتلي ارفع رجلك لفوق.
فودة
:
والله مسكين! صعبان عليَّ الجدع ده.
هيبت
:
من حق أنا كان بدي أقول لك إيه يا بنت أخويا؟
فودة
:
قول خد حريتك يا عمي.
هيبت
:
آه، تصوروا يا جماعة إني وأنا جاي النهاردة من إسكندرية وقع نظري على حتة
نتفة هنومة إنما عال، ركبت معايا القطر من طنطا.
درية
:
من طنطا بتقول؟
هيبت
:
أيوة من طنطا.
درية
:
استنى استنى … هي طويلة شوية ورفيعة؟
هيبت
:
غريبة! وأنتِ إيش عرفك؟ شفتيها فين؟
درية
:
دي كانت هنا من لحظة، دي صديقة من أيام المدرسة، مرات واحد اسمه الدكتور
فودة.
فودة
:
هيه!
درية وهيبت
:
الله! إيه مالك؟
فودة
:
لا ما ماليش، بس عندي تشنج في معدتي، على كده مراتي هنا في مصر … وكانت
هنا في البيت ده، إنما قولي لي يا هانم، الست مراة الدكتور فودة ده، كانت
جاية هنا ليه؟
هيبت
:
أيوة صحيح، ليه؟
درية
:
علشان تستفهم من واحد قريبها في الحربية، إذا كان ممكن أن جوزها ياخد
أجازة، ويجي لها اليومين دول.
هيبت
:
هوهو! إذا كان علواسطة، أنا أجيب لها ألف واسطة حالًا.
فودة
:
لا لا، ما تتعبش نفسك يا عمي.
درية
:
هيَّ هاتكون هنا، بعد ربع ساعة بالكتير.
هيبت
:
كويس خالص.
درية
:
آه من حق، عن إذنكم أما أقول لأم أحمد تحضر لها أودة.
هيبت
:
أيوة واجب واجب (تخرج درية).
فودة
:
دلوقت لازم أزوغ من هنا، بأي طريقة، عن إذنك لحظة بس يا عمي (يخرج).
هيبت
:
جرى له إيه؟ الغاية حيث إن صاحبتنا الطنطاوية حاتكون هنا بعد ربع ساعة،
أما ألحق أخد تاكسي وأروح لحد وزارة الحربية، أشوف إيه اللي تم في مسألة
نقلي لمصر وإلا للسودان وأرجع تاني.
دولت
(داخلة)
:
هيَّ فين درية؟ يا خبر! دا الظابط اللي كان ويايَّ في القطر!
هيبت
:
حضرتك يا هانم مرات الدكتور فودة؟
دولت
:
الله! منين عرفتني حضرتك؟ مين اللي قال لك؟
هيبت
:
درية بنت أخويا هيَّ اللي قالت لي.
دولت
:
إزاي؟ حضرتك تبقى عم درية هانم؟
هيبت
:
عمها قوي، وأنا تعهدت لها إني لازم أنهي لك المأمورية، اللي أنت جاية لها
من طنطا، حالًا بالًا.
دولت
:
أوه! مرسي! أشكرك من كل جوارحي.
هيبت
:
العفو يا هانم.
دولت
:
لكن فين أمال درية؛ علشان نفسي أشوف جوزها حلمي بيه اللي قالت لي عليه
شكله إيه؟
هيبت
:
أوه! دا راجل في غاية الظرف، أما يعني صحيح، ما جمع إلا ما وفق، لتنين
حتة دين جوز بوسنجية، لكن يا حفيظ!
دولت
:
برافو، يعني زيي أنا وجوزي تمام، لاخر يدوب فيَّ دوبان، يا حفيظ!
هيبت
:
آه، من حق على فكرة، هو جوز حضرتك، في أنهي أورطة وأنهي بلد؟
دولت
:
في ١١ جي أورطة وفي حلفا.
هيبت
:
في ١١ جي أورطة وفي حلفا! يعني في نفس الأورطة والبلد اللي فيها المراسلة
اللوح اللي هنا.
دولت
:
أنهي مراسلة لوح؟
هيبت
:
واحد اسمه عثمان عبد الباسط، المراسلة بتاع أخو درية اللي في
حلفا.
دولت
:
صحيح؟
هيبت
:
أيوة، وأهه لسه جاي النهاردة الصبح، طاظة من السودان.
دولت
:
إش برافو، على كده أقدر أسأله عن جوزي (يدخل
حلمي).
هيبت
:
آه، أهه المراسلة اللوح، اسمع هنا يا لوح.
حلمي
:
مين؟ أنا؟
هيبت
:
أمال أنا! قرب هنا، أنت موش في ١١ جي أورطة وفي حلفا؟
حلمي
:
هه، أيوة يا أفندم، في ١١ جي أورطة.
هيبت
:
حضرتها تبقى الست حرم الدكتور فودة الطبيب البيطري اللي في أورطتك، عندكش
أخبار عن الدكتور جوزها؟
حلمي
:
والله ما كانش ينعز.
هيبت
:
عجيبة! بأقول لحضرتك يا لوح، امشي اطلع بره.
حلمي
:
حاضر.
دولت
:
يا خسارة! والله كنت فاكراه حايديني أخبار عن جوزي.
هيبت
:
ماعلهش، ولا يكون عندك فكرة يا هانم، أنا أروح دلوقت حالًا، وأستفهم لك
من وزارة الحربية نفسها.
دولت
:
أشكرك يا باشا.
هيبت
(فودة يدخل)
:
آه، تعالى يا حلمي بك.
فودة
:
هه.
هيبت
:
أهه حضرته يا هانم، جوز درية بنت أخويا.
دولت
:
جوزي!
فودة
:
مراتي! اتوحلنا!
هيبت
:
الله مالكو؟ ارتبكتوا كده ليه؟
فودة
:
لا لأ يا سلام!
دولت
:
حضرتك حلمي بيه جوز درية هانم؟
فودة
:
بكل تأكيد.
هيبت
:
أيوة، من سنتين دلوقت.
دولت
:
أما شيء يجنن خالص، شكله وطوله وصوته و…
هيبت وفودة
:
هو مين؟
دولت
:
اللي يشوف حضرته يقول تمام جوزي.
فودة
:
دا من حسن حظي يا هانم.
هيبت
:
أوه، يخلق من الشبه أربعة وأربعين يا هانم.
دولت
:
يعني كأني أنا ودرية، اتجوزنا اتنين أخوات، بس الفرق بينهم إن جوزي له
دقن.
فودة
:
بركة اللي ماشافتني أول ما حلقتها.
هيبت
:
الغاية، أنا دلوقت حاستأذن منك يا هانم وأروح لحد وزارة الحربية أنهي لك
مأموريتك ومأموريتي سوا.
دولت
:
يا سلام! أنا ممنونة جدًّا يا سعادة الباشا.
هيبت
:
العفو يا هانم، تعالى وصلني لحد تحت يا حلمي بيه.
فودة
:
أيوة، أهه يا عمي، بردون يا هانم.
دولت
:
أما دا شيء يمخول صحيح، لكن أنا حافلق مخي ليه، إذا كان الباشا عم درية
هو اللي مقدمه لي بنفسه.
درية
(داخلة)
:
هو فين عمي؟ آه، دولت هانم؟ أنت جيتي؟
دولت
:
أيوة يا أختي، أما حقة حاقول لك يا درية على حتة دين خبر.
درية
:
خبر إيه؟
دولت
:
دا أتابي جوزك وجوزي يشبهوا لبعض، كأنهم شخص واحد.
درية
:
بالذمة صحيح؟
دولت
:
كلامه وشكله ومشيته والعظمة اللي عليه و…
درية
:
غريبة دي!
حلمي
(يدخل)
:
أنت فين يا ستي أنت فين؟
درية
:
بقى ده عليه عظمة ده؟
دولت
:
ديهدي، دا اللوح!
حلمي ودرية
:
إيه؟
دولت
:
أنا بأكلمك على جوزك حلمي بيه، موش على ده.
درية
:
يُه! سلامة عقلك يا أختي، ما هو دا جوزي.
دولت
:
إي! صحيح حضرتك جوزها؟
حلمي
:
جوزها وكسور.
دولت
:
أوه، على كده أرجوك عدم المؤاخذة يا بيه، بس ماخدتش بالي.
حلمي
:
لا العفو يا هانم، أنا موش عارف النهاردة اصطبحت بوش مين؟
دولت
:
عجيبة! أمال إيه حلمي بيه دكهه، اللي قدمه لي الباشا عمك؟
درية
:
لا لا يا شيخة، دكهه يبقى النفر المراسلة، بتاع أخويا اللي في السودان،
حاكم الباشا عمي كان جه طب عليَّ هنا الصبح، وأنا كنت بالصدفة بأبوس
المراسلة عثمان ده من عينه، فسعادته افتكر أنه جوزي.
حلمي
:
يا سلام! يعني ضروري تقولي الحكاية دي لكل الناس؟!
دولت
:
يستحسن من فضلك يا بيه، تسيبنا لوحدنا شوية؟
حلمي
:
بكل ممنونية يا هانم (يخرج).
دولت
:
بقى شوفي يا أختي، إن جيتي للحق، أنا متوغوشة من جهة المراسلة ده اللي
قدمه لي عمك دلوقت.
درية
:
إزاي بقى؟
دولت
:
هو قال لك إن اسمه عثمان ومراسلة؟
درية
:
أيوة، عثمان عبد الباسط، ليه؟
دولت
:
طيب ماشفتيش اﻟ…
درية
:
الإيه؟
دولت
:
ماوراكيش ورقة التصريح، بتاع الأجازة اللي معاه؟
درية
:
ليه يعني؟
دولت
:
علشان من ورقة التصريح اللي وياه، نقدر نعرف اسمه وفي أي أورطة وفي أي
بلد.
درية
:
آه، أيوة صحيح، لكن أقول لك الحق يا أختي، أنا ماهتمتش بكده.
دولت
:
شيء غريب!
فودة
(داخلًا)
:
أيوة أهه راح.
دولت ودرية
:
آه، أهه جه.
فودة
:
أنتو هنا يا هوانم؟
دولت
:
إلا قول لي يا شاويش عثمان.
فودة
:
أفندم.
دولت
:
إزاي تبقى أنت في ١١ جي أورطة، وفي حلفا مع الدكتور جوزي، ولا
تعرفوش؟
فودة
:
يا سلام! ما أعرفوش إزاي؟ أما أطلع فيها … طيب داحنا الاتنين مشهورين في
الأورطة بأن شبهنا واحد، لدرجة أن كل العساكر بيفتكرونا أخوات.
دولت
:
هيه، طيب وحضرتك ما كانش لك دقن أبدًا؟
فودة
:
لا لا لأ، دقن إيه أعوذ بالله!
دولت
:
شيء غريب! لكن قل لي من حق، أنا نفسي أتفرج مرة على ورقة تصريح بأجازة،
من اللي بتاخدوهم لما تجوا مسافرين، ممكن؟
فودة
:
آه يا لئيمة! يا سلام! موش ممكن إزاي يا هانم، اتفضلي، إلا موش
ممكن؟!
درية
:
شفتِ بقى.
دولت
:
تصرح للنفر عثمان عبد الباسط المراسلة في ١١ جي أورطة بحلفا، بأجازة
قدرها … غريبة دي! إياك ينساها، ما أخليها هنا في شنطتي.
درية
:
من حق على فكرة يا أختي، موش تجي أما نشوف أم أحمد حضرت لك أودتك والَّا
لأ؟
دولت
:
أيوة اتفضلي يا درية هانم، عن إذنك يا حضرة (تخرجان).
فودة
:
العفو يا أفندم يا سلام! يا خبر نسيت أخد منها التصريح بتاع عثمان، لازم
ناويين يتآمروا عليَّ، لكن على مين، دلوقت لازم أختلق لي أي عذر للزوغان،
قبل ما يزنقوا عليَّ وأتوحس (جرس) يا
خبر إيه الجرس ده كمان؟ دا لازم واحد مستعجل خالص.
أم أحمد
:
طيب حاضر، حاخش أدي لها خبر (تدخل).
فودة
:
اسمعي يا أم أحمد فيه إيه؟
أم أحمد
:
واحد ظابط، عاوز يقابل ستي درية هانم.
فودة
:
ظابط! جنسه إيه؟
أم أحمد
:
جنسه أسود شكل البرابرة.
فودة
:
ارمي! عثمان ولا كلمة!
أم أحمد
:
إيه فيه إيه؟
فودة
:
لا لا مافيش، بس ماقال لكيش عاوز يقابل الست علشان إيه؟
أم أحمد
:
لا ما قال ليش؟ أما أروح أدي لها خبر.
فودة
:
لا لا روحي أنت ابعتيه لي هنا.
أم أحمد
:
طيب أنا أبعته لك تشوفه عايز إيه (تخرج).
فودة
:
أما دلوقت حاتبقى حتة دين لخبطة، ياساتر يا رب!
عثمان
(داخلًا)
:
هيَّ فين؟ (تعظيم.)
فودة
:
اكبس، نزل إيدك.
عثمان
:
الله! أنت إيش جابك هنا؟
فودة
:
أنت اللي إيش جابك هنا؟
عثمان
:
أنا جاي أقابل الست؛ علشان تديني بقشيش وتبوسني من عنيَّ زي ماقالت لي في
الجواب.
فودة
:
عنيك إيه وزفت إيه! أعوذ بالله!
عثمان
:
الله الله! دا بيعمل كده ليه؟!
فودة
:
أما حتة دين تربكه!
عثمان
:
مالك خايف كده ليه؟
فودة
:
لا لا مافيش.
عثمان
:
أما دلوقت لما تشوفني الست درية هانم، رايحة تبسطني خالص.
فودة
:
إيه الرأي؟ حانوزعه إزاي ده؟ مافيش طريقة كوني أستعمل وياده
الشدة.
عثمان
:
أنا جيت أهه يا ست تعالي بوسيني يا ست، لكن قل لي، جنابك هنا بتعمل إيه؟
أظن جاي تهني الست على سلامة أخوها، والا فيه …
فودة
:
إيه؟ فيه إيه؟
عثمان
:
لا مافيش، أنا بس بدي نفهم، جنابك اديتني الهدوم بتاعك، وخدت الهدوم
بتاعي علشان إيه؟
فودة
:
علشان علشان … حاقول له إيه دلوقت؟
عثمان
:
لازم في العبارة دي سر … أظن الست درية هانم دي، مافيش كده في
الجمال؟
فودة
:
جمال! جمال إيه أعوذ بالله! دي عليها حتة ضب، وعُورة وحاطة عنين
قزاز.
عثمان
:
إخص.
فودة
:
وريحة بقها يا حفيظ! حتى الكلام طالع ريحته وحشة لاخر.
عثمان
:
بس بس … لكن أنت شميت ريحة بقها إزاي؟ بستها … باستك؟
فودة
:
لا لا يا شيخ بوستها إيه وباستني إيه … دي ريحة بقها تنشم على بعد مترين
يا حفيظ! مابينزحوهاش دي؟!
عثمان
:
لا لأ، مادام المسألة كده، موش ضروري أقابلها ويغنيني ربنا عن
البقشيش.
فودة
:
بقشيش! يعني راح تدي لك إيه، موش غايته جنيه ولا اتنين، خد آهم يا سيدي
من جيبي، موش ضروري تقرَّف نفسك وتشوفها.
عثمان
:
لا لا والله.
فودة
:
لا موش ممكن خد.
عثمان
:
لكن أنت ذنبك إيه بتديني الفلوس دي؟
فودة
:
لا لا بس علشان … قلبي عليك؛ لأنها لو شافتك هنا، ضروري هاتبوسك.
عثمان
:
لا لا لأ، أحسن ضبها يجي في عيني يالله السلام.
فودة
:
أيوة الحمد لله.
عثمان
:
لكن موش راح تاخد هدومك، وتديني هدومي؟
فودة
:
لا لأ، موش وقته … إلا من حق قل لي، أنت نازل في اللوكندة اللي نزلتك
فيها؟
عثمان
:
أيوة في الكلوب المصري.
فودة
:
طيب روح دلوقت، وأنا حافوت عليك في الأوتيل.
عثمان
:
أيوة علشان تاخد هدومك، وتديني هدومي، أحسن تنتهي الأجازة بتاعتي وأضطر
أسافر بيهم.
فودة
:
لأ اوعى.
عثمان
:
بخاطرك، كل الحاجات دي علشان الإنسان يعتبر، شوف حكم ربنا! على قد ما أخو
الست درية دي جميل وشكله كويس، على ما قد هي بضب وعنين قزاز، ومين عارف
يمكن مناخيرها صفيح! أنا راح نتجنن، عنين قزاز وبتشوف إزاي؟
فودة
:
لأ قزاز يعني … عين قزاز وعين زينا كده.
عثمان
:
آه، يعني عورة.
فودة
:
أيوة عورة يا سيدي.
عثمان
:
أجرنها بتحب بوس العينين يا جدع!
فودة
:
طيب يالله بقى.
عثمان
:
أنا حاستناك في اللوكندة، ياست يا أم ضب يا ضبوحة (يخرج).
فودة
:
أعوذ بالله! دلوقت مافيش قدامي غير الزوغان، ارمي وآدي هيبت باشا!
هيبت
:
هم الجماعة لسه ماجوش؟
فودة
:
جماعة مين؟
هيبت
:
جماعة ظباط من أصحابي، كنت عزمتهم وأنا في وزارة الحربية وحايجيبوا لي
خبر نقلي وتعييني في الوظيفة الجديدة.
فودة
:
والله ماشفتش ظباط يا عمي، إنما من حق سعادتك منتظر تعيينك فين؟ هنا في
مصر والَّا …
هيبت
:
أهه بين مصر وبين السودان (زغاريط)
الله إيه البنات دول؟
أم أحمد
(داخلة)
:
الدلعدي يا سيدي، أديني لميت كل خدامين البيت وخدامين الجيران؛ علشان نجي
نهنيك بالوظيفة الجديدة وتتحفنا بالبقشيش.
هيبت
:
إش عال عال، يالله هنوني على كل لون.
أم أحمد
:
خشي يادلعدي أنت وهي.
[لحن ختام الفصل الثاني]:
ملحة في عين اللي ما يهيص ويغني، أهه دا اليوم اللي فيه الأحبة
متجمعة
فرفشوا يا جماعة، دا الحظ يومه بساعة
اللي يطلبه الباشا، منا سمعًا وطاعة
اللي أنا طالبه منكم، أنكم تفرفشوني
طول ما أنا هنا بينكم، لازم تنعنشوني
لازم تفرفشوني وتضحكوني، تحبرشوني يالاموني
ملحة في عين اللي ما يهيص ويغني، أهه دا اليوم اللي فيه الأحبة
متجمعة
أدحنا يا سعادة الباشا، جينالك برمتنا
نهني ونزود بالبشرى، الحلوة دي فرحتنا
مرسي مرسي مرسي، مرسي مرسي مرسي
خلاص تقرر تعيينك، واحنا كمان وياك
وادحنا مستنينك، وحانسافر معاك
يالله نفرح ونهيص كالأدان، ونسافر كلنا على السودان
بنستلم وظايفنا، ونتعاجب بيفنا
مادام فيها ترقي، نتأنزح على كيفنا
إزاي المصري المتمدن يقدر يابو خليل، يعيش ويَّا السوداني لا لا
لا يستحيل
إزاي بيستحيل إزاي بيستحيل، دا المصري يا أخواني
برضه زي السوداني، يا رب خلي لنا نهر النيل
الفصل الثالث
[لحن]:
الرقاصات دول فرفشونا، وظقططونا ونعنشونا
واجب علينا نكرمهم بعنينا، دول أغراب دول ضيوفنا
في بيوتنا وفي بلادنا، الكرم دا شيء غريزي
ورثناه عن جدودنا، أجدادنا كانوا كبار
تركوا لنا كل فخار، نقشوا لنا عالأحجار
بحروف لكن من نار، دايمًا كرما لضيوفنا
وتمللي في بلادنا أحرار
هيبت
:
أيوة، أدحنا اتغدينا واتحطينا، يالله بنا أما نقعد نمزمز شوية في
الجنينة.
الجميع
:
أيوة برافو.
أحدهم
:
حقة ضروري بعد الغدوة الهمايوني دي، لازم نحبس بواحد […]
الجميع
:
طبعًا.
هيبت
:
أقل منها، لازم نشرب دلوقت حالًا، نخب ١١ جي أورطة، اللي حاتعين فيها
قومندان في وادي حلفا.
أحدهم
:
ليحيا القومندان مقدمًا.
الجميع
:
ليحيا القومندان مقدمًا (يخرجون).
فودة
(مرتديًا بالطو عثمان)
:
أيوة، أهم انزاحو، إياك بقى أعرف أزوغ، وأخلص من الورطة الحيثي دي، إنما
من حق، دلوقت حاعمل إزاي، في التصريح بتاع عثمان، اللي خدته مراتي مني
وخبته؟
عثمان
(يدخل)
:
هو فين؟
فودة
:
خازوق، آدي اللي أنا حاسبه، أنت إيش جابك هنا دلوقت يا أسود الوش؟
عثمان
:
جاي لك علشان تاخد هدومك، وتديني هدومي، وتاخد التصريح بتاعك، وتديني
التصريح بتاعي.
فودة
:
طيب هس، بس وطي صوتك يا أخي.
عثمان
:
أوطي صوتي ليه؟ أنا حرامي؟!
فودة
:
أما راجل عبيط صحيح!
عثمان
:
معلوم عبيط اللي سلفتك هدومي.
فودة
:
يا حفيظ! إيه العمل دلوقت؟ حاخلص من المصيبة ده إزاي بس؟!
عثمان
:
أنت بتكلم نفسك بتقول إيه يا دكتور؟
فودة
:
هس يا أخي، ماتقولش دكتور، أنا هنا موش دكتور.
عثمان
:
الله! أمال أنت إيه؟
فودة
:
أنا هنا اسمي المراسلة عثمان عبد الباسط.
عثمان
:
عثمان عبد الباسط؟
فودة
:
أيوة يا سيدي.
عثمان
:
أمال أنا مين يا خويا؟!
فودة
:
أنت الدكتور فودة، الملازم الأول، مانتش شايف النجوم دول؟!
عثمان
:
آه، بقى أنا دلوقت الملازم الأول؟
فودة
:
أيوة يا سيدي.
عثمان
:
وجنابك النفر عثمان عبد الباسط؟!
فودة
:
أيوة يا سيدي قلنا، آه اسمع، خد البالطو بتاعك البسه علشان ماحدش يلحظ أن
السترة اللي عليك سترتي.
أم أحمد
(داخلة)
:
هي فين ستي؟
فودة
:
اسمعي يا أم أحمد.
أم أحمد
:
نعم.
فودة
:
أنت عايزة ستك ليه؟
أم أحمد
:
علشان أقول لها إن حضرته ده، كان بيسأل عليها، إلا جنابك اسمك إيه
يا حضرة الظابط؟
عثمان
:
اسألي المراسلة بتاعي بقى.
أم أحمد
:
أنت المراسلة بتاع حضرته يا سي عثمان؟
فودة
:
أيوة أيوة يا ستي.
عثمان
:
يا مراسلة.
فودة
:
أفندم.
عثمان
:
أنا مكسوف منك خالص.
فودة
:
ماعلهش خد حريتك.
عثمان
:
نزل إيديك، زنهار، أنت وسخت السترة بتاعي في إيه دي؟
فودة
:
لا بس.
عثمان
:
اخرس.
أم أحمد
:
إيه ياختي ده! بيعمل كده ليه؟
عثمان
:
هس اخرسي.
فودة
:
يا سيدي.
عثمان
:
هس اخرس.
أم أحمد
:
أنت يادلعدي.
عثمان
:
هس.
أم أحمد
:
لأ أما أقول لك، راح تقول أنا رخرة مراسلة والَّا إيه؟
فودة
:
ماعلهش، ماتزعليش يا خالة أم أحمد.
عثمان
:
هس، ماتتحشرش.
فودة
:
طيب، بس وطي صوتك.
عثمان
:
أوطي صوتي! حاتحكم عليَّ؟ أما مراسلة غضب عن عينه صحيح.
أم أحمد
:
وافقه ما تردش عليه والسلام.
عثمان
:
مايردش عليَّ أنا مجنون؟!
فودة
:
يا سيدي بزيادة بقى لاتفضحنا.
عثمان
:
إيدك عالتصريح.
أم أحمد
:
تصريح إيه دا كمان؟
فودة
:
لا لأ، دا سيم بيناتنا، روحي أنت شوفي شغلك يا ولية.
أم أحمد
:
أما أروح أشوف ستي فين.
فودة
:
يعني كده كويس! تهزأني قدام الولية؟!
عثمان
:
أنا مالي، أنا بنسبك لك العبارة.
فودة
:
طيب دلوقت أنا موش عايز أشوف وشك هنا، إيه الرأي؟
عثمان
:
الرأي أديني التصريح بتاعي، وأنا أروح لحالي، مافيش تصريح مافيش غير
اللزقان هنا هو.
فودة
:
لأ، أنا خايف لا حد يطب علينا تاني، يالله طبوا علينا تاني، أودي ده فين
بس يا هو … آه … اسمع يا عثمان، خش استخبى عندك هنا لحد ما أنده لك.
عثمان
:
استخبى؟!
فودة
:
أيوة في الصندرة اللي هناك دي، وأديني رايح أجيب لك التصريح بتاعك
حالًا.
عثمان
:
طيب، أديني مستنيك في الصندرة، اوعى تغيب (يخرج).
فودة
:
أيوة حالًا أهه … لأ والخازوق الألعن كمان، إن بسلامته هيبت باشا، يظهر
أنه اتعين قومندان في حلفا، في نفس ١١ جي أورطة، اللي أنا فيها أنا
وعثمان!
درية
(داخلة)
:
هو فين عمي؟ آه أنت هنا يا سي عثمان؟
فودة
:
أيوة يا هانم.
درية
:
الله إيه مالك؟
فودة
:
ما ماليش بس … تسمحي لي يا هانم أتكلم بصراحة.
درية
:
أسمح لك قوي.
فودة
:
بقى زي ما أنا، ورطت نفسي وخدمتك، ومثلت لكِ دور جوز عيرة لحد دلوقت،
أرجوكِ في نظير كده يا هانم، أنك تخدميني خدمة بسيطة للغاية.
درية
:
خدمة إيه؟
فودة
:
تساعديني على إخفاء شخصيتي، في نظر دولت هانم.
درية
:
شخصيتك، في نظر دولت هانم! ليه؟ أنت فيه معرفة بينك وبينها؟
فودة
:
أيوة؛ لأني أنا جوزها.
درية
:
يا خبر! أنت الدكتور فودة؟
فودة
:
أيوة، بس وطي صوتك.
درية
:
شيء غريب! ولكن إيه اللي اضطرك، لكونك تغير شخصيتك وتعمل روحك
مراسلة؟
فودة
:
اللي اضطرني قوة فوق إرادتي يا هانم.
درية
:
إيه هيَّ؟ قول، أنت وعدت أنك تتكلم بصراحة، إيه السبب؟
فودة
:
شفت صورتك حبيتك.
درية
:
بتقول إيه؟ هيه! بقى حضرتك كنت جاي هنا …
فودة
:
أيوة.
درية
:
وكنت عايز تخون زوجتك دولت المسكينة دي؟
فودة
:
أيوة … ولكن دلوقت خلاص (يركع) أديني
تبت على إيديك، سامحيني في عرضك.
درية
:
طيب إيه اللي أنت عايزه مني دلوقت؟ إيه الخدمة اللي عايزني أعملها
لك؟
فودة
:
شيء بسيط جدًّا، ساعديني على كوني أتلايم على التصريح اللي باسم عثمان،
اللي خدته مني مراتي وخبته معاها.
درية
:
آه، أظن طلبك ده صعب شوية … ولكن كل اللي أقدر أعمله لك، إني أجسها لك
بذوق، وأستفهم منها خبته فين.
فودة
:
طيب، مرسي مرسي.
درية
:
آه، أهه جاية على هنا أهه، سيبنا أنت شوية، وبعدين ابقى تعالى.
فودة
:
حاضر مرسي مرسي (يخرج).
درية
:
مسكين الجدع ده … حيث إن كل اللي جرى له ده، بسببي أنا ومن تحت راسي،
لازم أخلصه.
دولت
:
ديهدي! أنت لوحدك، فين أمال بسلامته؟
درية
:
بسلامته مين؟
دولت
:
النفر عثمان عبد الباسط.
درية
:
والله ما أعرفش، أظن خرج.
دولت
:
آدي اللي أنا كنت خايفة منه، لازم زاغ وحس بأن ملعوبه قرب ينفقس.
درية
:
ملعوب إيه يا أختي! سيبك من الوهم اللي متسلط عليك ده يا شيخة.
دولت
:
عجيبة! برضك بتقولي وهم؟!
درية
:
معلوم، إيش جاب جوزك اللي دكتور وملازم أول لحتة واحد نفر مراسلة، لا هنا
ولا هناك؟
دولت
:
جرى لها إيه؟ انقلبت ليه؟
درية
:
خليكِ عاقلة يا شيخة موش شفتي بعينك، اسمه ولقبه وكل حاجة، في ورقة
الأجازة بتاعته؟
دولت
:
لازم فيه شيء.
درية
:
عايزة منه برهان، أكبر من ورقة تصريح السفر اللي بختم الحكومة؟ إلا من حق
يا أختي، أنت رجَّعتِ له التصريح بتاعه والَّا لأ؟
دولت
:
يا سلام! أرجعه له! أنا مخلياه عندي زي مستند لوقت اللزوم.
درية
:
وخبتيه فين أمال؟
دولت
:
في الدولاب أبو مراية اللي في أودتي.
درية
:
آه، ديهدي من حق، عن إذنك يا أختي أما …
دولت
:
أما إيه؟
درية
:
بس رايحة أحضر الشنطة لعمي، أحسن باينه مسافر الليلة، مع الظباط أصحابه
على السودان (تخرج).
دولت
:
اتفضلي يا أختي، هاهاها، ابقي سلمي لي على الدولاب أبو مراية، دي صحيح
صدقت … أهه التصريح أهه، خليه هنا معايا، لحد ما أظبط المجرم (يدخل هيبت).
هيبت
:
آه، أنت هنا يا هانم، يظهر أنك مخلصة لجوزك، حتى أنك عايزاه يجي لك في
أجازة؟
دولت
:
أيوة، ولكن مع الأسف، الإخلاص مابقاش ينفع مع الرجالة.
هيبت
:
ليه يا روحي؟
دولت
:
علشان جوزي اللي كنت بأعتقد فيه، إنه مثال الاستقامة والإخلاص، ابتديت
أعتقد فيه، إنه راجل خاين، ومن أخبص خلق الله.
هيبت
:
وإيه اللي خلاك تعتقدي في جوزك الاعتقاد ده؟ بلغك شيء عنه؟
دولت
:
لأ، في الحقيقة أنا لسه في دور الشك، ولما أبقى في دور اليقين حابقى
وقتها أعرف إزاي أنتقم منه.
هيبت
:
برافو.
دولت
:
بس عن إذن سعادتك، أما أروح أشوف درية بتعمل إيه، بردون (تخرج).
هيبت
:
اتفضلي يا هانم، أعوذ بالله أنا ما أحبش الراجل الخباص أبدًا
أبدًا.
عثمان
:
إخص على الصندرة وعلى الصراصير اللي فيها، دا كله عنكبوت وتراب (ينفض).
هيبت
:
إيه ده أنت بتعمل إيه؟
عثمان
:
كركون سلاح حاظدور … يانهار أسود!
هيبت
:
أنت إيه؟ ظابط؟
عثمان
:
مظبوط.
هيبت
:
يا رنه، أمال مالك كده حركاتك موش منتظمة؟
عثمان
:
لا بس … علشان أنا ظابط سكالنس.
هيبت
:
سكالنس إزاي؟
عثمان
:
يعني نصي الفوقاني ظابط، ونصي التحتاني نفر خالص.
هيبت
:
نفر إزاي؟ أنت موش ظابط؟ موش عندك دبابير؟
عثمان
:
دبابير ونحل وسفاريت …
هيبت
:
وحضرتك جاي منين؟
عثمان
:
جاي من الصندرة … صندرجي أورطة.
هيبت
:
أنا باسألك جاي منين؟ يعني كنت فين؟ كنت في الجيش؟
عثمان
:
أيوة، كنت في الجيش أدعي صاحب العلم.
هيبت
:
علم إيه … دا ظابط فين ده! أنت سوداني؟
عثمان
:
سوداني ومقشر.
هيبت
:
أنا موش فاهم كلمني بالعربي.
عثمان
:
لا يعني … من حلفا … من ١١ جي أورطة.
هيبت
:
اللي حاكون قومندان فيها، أنا هيبت باشا.
عثمان
:
تشرفنا.
هيبت
:
وأنت مين بقى؟
عثمان
:
والله أنا دلوقت … موش أنا.
هيبت
:
إزاي أنت موش أنت؟
عثمان
:
لا، يعني أنا الملازم الأول … الدكتور فودة.
هيبت
:
الدكتور فودة؟ حضرتك الدكتور فودة بتاع طنطا؟
عثمان
:
لأ بتاع كل حتة.
هيبت
:
أنت معاك تصريح السفر بتاعك؟
عثمان
:
أمال … اتفضل.
هيبت
:
تصريح للدكتور حسن فودة الطبيب البيطري في ١١ جي أورطة بأجازة قدرها …
أما عجيبة دي! بقى أنت الدكتور فودة؟!
عثمان
:
إي، راح أغشك (يأخذ التصريح ويضعه في جيب
البنطلون).
هيبت
:
وأنت بيطري؟
عثمان
:
لأ، موش بيه طري، بيه ناشف.
هيبت
:
أما غريبة يا ناس! واحد زي ده بالوش الأسود ده، يعني مش كفاية أن مراته
قابلة بيه وساكتة، وقال إيه، لازم يخونها ويرافق عليها!
عثمان
:
دا بيهجص بيقول إيه ده!
هيبت
:
أنت جيت مصر إيمتى؟
عثمان
:
جيت إمبارح.
هيبت
:
وأول ما وصلت مصر، نزلت فين؟
عثمان
:
نزلت في المحطة.
هيبت
:
يعني نزلت في أنهي لوكندة يا غبي؟
عثمان
:
آه، طيب قول كده، نزلت في الكلوب.
هيبت
:
أنهي كلوب، بتاع سيروس؟
عثمان
:
لأ بتاع سيدنا الحسين.
هيبت
:
طبعًا ماشفت لك بنوتة من هنا والَّا من هنا ضيعت وقتك معاها؟
عثمان
(يضحك)
:
هيء هيء هيء.
هيبت
:
قول قول ماتختشيش، أنا أدوب في الحكايات الغرامية، اتفضل اقعد.
عثمان
:
دا بس من لطفك.
هيبت
:
اتفضل (يجلسان) ومين بقى اللي أنت
لضمت وياها دي؟
عثمان
:
لا، دي واحدة بتاعة برتقال لقيتها قدام الكلوب.
هيبت
:
بتاعة برتقال؟
عثمان
:
أيوة بصبصت لي، كنت حاسرح وياها أنا كمان.
هيبت
:
يا سلام! وأنت نفسك طيبة قوي.
عثمان
:
ربنا يحفظك.
هيبت
:
لكن أنت كنت جاي هنا ليه؟ وعلشان مين؟
عثمان
:
لا، أنا كنت جاي علشان الولد المراسلة بتاعنا عثمان عبد الباسط.
هيبت
:
يا سلام! إزاي حضرتك تتنازل وتجي تسأل عن واحد مراسلة بسيط؟
عثمان
:
لا ما هو حاكم أنا نفسي طيبة خالص، وكمان الولد صاحبي.
هيبت
:
حيث كده، أنا أنده لك عليه حالًا، مراسلة يا لوح.
عثمان
:
لوح مين؟
حلمي
(داخلًا)
:
أفندم.
هيبت
:
اسمع هنا يا عثمان عبد الباسط، صاحبك ورئيسك الدكتور فودة أهه.
حلمي
:
الدكتور فودة؟
هيبت
:
إزاي ده! أنت ماتعرفوش؟
عثمان
:
أما حتة خازوق!
حلمي، لا لا، ما أعرفوش زاي، يا سلام! إزيك يا دكتور.
حلمي، لا لا، ما أعرفوش زاي، يا سلام! إزيك يا دكتور.
عثمان
:
إزيك يا أنا … ودا طلع لنا من أنهي داهية لاخر؟!
هيبت
:
يا مراسلة عثمان.
حلمي
:
أفندم.
عثمان
:
أفندم … أف… أفا…
هيبت
:
روح قول لدولت هانم، إني … والَّا بلاش … أما أروح أنا بنفسي (يخرج).
عثمان
:
تعالى هنا فهمني يا أخينا.
حلمي
:
إيه؟
عثمان
:
حضرتك اسمك عثمان عبد الباسط؟
حلمي
:
أيوة يا سيدي.
عثمان
:
أكونش أنا غلطان في روحي؟! أنت متأكد طيب أنك أنت عثمان عبد
الباسط؟!
حلمي
:
أيوة يا سيدي قلت لك.
عثمان
:
عبد الباسط والَّا اللوح يا جدع؟
حلمي
:
يعني بعبارة أوضح، أنا عثمان عبد الباسط، من غير ما أكون عثمان عبد
الباسط.
عثمان
:
إزاي ده؟
حلمي
:
علشان أنا في الحقيقة اسمي حلمي.
عثمان
:
آه، بقى أنت اسمك حلمي؟
حلمي
:
أيوة، وصاحبنا دكهه، هو اللي يبقى عثمان عبد الباسط.
عثمان
:
صاحبنا دكهه!
حلمي
:
أيوة، ولكن هو دلوقت، مابقاش اسمه عثمان عبد الباسط بقى اسمه حلمي؛
وللسبب ده، أنا اللي بقيت عثمان عبد الباسط.
عثمان
:
يخرب بيت أبوكم!
حلمي
:
فهمت بقى؟
عثمان
:
يعني على الحساب ده، فيه هنا دلوقت تلات عثامين.
حلمي
:
لأ، اتنين بس.
عثمان
:
اتنين وأنا، نبقى تلاتة.
حلمي
:
بتقول إيه؟ بقى أنت موش الدكتور فودة؟
عثمان
:
يا شيخ اتلهي!
حلمي
:
بقى على كده دولت هانم دي، ماتبقاش مراتك؟
عثمان
:
مرات مين يا جدع، أنا موش بأقولك لك، إني أنا عثمان عبد الباسط!
حلمي
:
أمال عثمان عبد الباسط اللي كان هنا ده مين؟
عثمان
:
دا يبقى الدكتور فودة.
حلمي
:
الدكتور فودة! هوَّ؟
عثمان
:
أيوة هوَّ، يعني أنا هوَّ، وهوَّ أنا، أحسن عبارة أني أهرب من هنا
(لحلمي) اسمع يا عثمان عبد الباسط
ياللي هو يبقى حلمي، تبقى من فضلك تقول لعثمان عبد الباسط اللي هو يبقى
فودة، إن عثمان عبد الباسط اللي هو عثمان عبد الباسط الصندراكي مستنيك في
الصندرة (يدخل هيبت).
هيبت
:
أيوة تعالي يا دولت هانم، أنا حابغتك بحتة دين خبر، الله! فين الدكتور
فودة اللي كان هنا دلوقت؟
حلمي
:
مشي يا حضرة القومندان (تدخل
دولت).
دولت
:
إيه الخبر اللي سعادتك عايز تباغتني به؟
هيبت
:
جوزك الدكتور فودة كان هنا دلوقت.
دولت
:
يا خبر! إزاي الكلام ده؟
هيبت
:
اصبري، أنا بعت أجيبه لك حالًا، يا مراسلة يا لوح روح الحق الدكتور فودة،
اللي كان هنا دلوقت، وخليه يجي معاك حالًا.
حلمي
:
حاضر يا أفندم (يخرج).
دولت
:
لكن أنا بأستغرب، جوزي كان جاي هنا يعمل إيه؟
هيبت
:
كان جاي يسلم على المراسلة ده، اللي اسمه عثمان.
دولت
:
وجنابك قلت له إني هنا؟
هيبت
:
ما اعترف لي بكل حاجة.
دولت
:
يا سلام! كل حاجة؟ إيه اللي اعترف لك به؟
هيبت
:
حاجة وسخة، حاجة تكسف خالص، حضرته اعترف لي إنه بيبصبص لواحدة بتاعة
برتقان ولضم وياها.
دولت
:
إيه إيه! هي حصلت؟ مابقاش إلا بتوع البرتقان كمان؟ لا لا يستحيل، إنه
يكون وحش ودنيء للدرجة دي.
هيبت
:
أهه دا اللي حصل، وأنا مستعد أقول له كده في وشه.
دولت
:
بقى على كده المراسلة عثمان ده، اللي أنا كنت شاكة فيه، يبقى مراسلة من
حق وحقيق، على كل حال الشيء اللي أنا تأكدته دلوقت أن جوزي بيخوني، وبيخوني
مع بتوع برتقال.
هيبت
:
لا كمان وخاين قوي، أما من جهة لونه يشبه حلمي بيه جوز درية بنت أخويا زي
ما بتقولي، اسمحي لي أقول لك، إن الفرق بينهم في الشبه زي الليل
والنهار.
دولت
:
إزاي الكلام ده؟ بأقول لك اللي يشوفهم يقول عليهم أخوات صورة
واحدة.
هيبت
:
حيث كده لازم حرارة الشمس في السودان، هي اللي سودت وشه.
دولت
:
على كل حال، المهم عندي دلوقت، إن حلمي بيه يعرف يتلايم عليه
ويجيبه.
هيبت
:
حلمي بيه مين؟ المراسلة عثمان أمال.
دولت
:
آه، أيوة، عثمان عثمان، إخص كنت حاغلط.
هيبت
:
والَّا أقول لك، أما أروح أنا أظبطه لك بنفسي.
دولت
:
أيوة بالله عليك.
هيبت
:
طولي بالك، ما يجيبها إلا رجالها.
دولت
:
أما والله دا شيء يمخول صحيح! أنا زي اللي في حلم (عثمان طالل برأسه) بقى على كده التصريح ده،
يبقى بتاع المراسلة عثمان موش بتاعه (تقرأ) تصرح للنفر عثمان عبد الباسط المراسلة (يخطفه عثمان) يا خبر … إيه ده؟
عثمان
:
كل شيء لازم يرجع لأصحابه (يضعه في جيب
الجاكتة).
دولت
:
علشان إيه خطفت التصريح ده من إيدي؟
عثمان
:
علشان بتاعي يا ست.
دولت
:
بتاعك أنت؟
عثمان
:
علشان أنا صاحبه عثمان عبد الباسط.
دولت
:
بتقول إيه! أنت عثمان عبد الباسط؟ أنت؟
عثمان
:
أيوة ووظيفتي مراسلة في ١١ جي أورطة في حلفا.
دولت
:
أيوة كده بقى!
عثمان
:
أيوة كده بقى.
هيبت
(داخلًا)
:
أهه زاغ ما أعرفش راح فين، أنت هنا؟
عثمان
:
مافيش إلا أخش في عينه بقى.
هيبت
:
هه موش قلت لك إن جوزك هنا؟
دولت
:
جوزي مين؟ دا هو؟
هيبت
:
الله! موش جوزك الدكتور فودة ده؟
عثمان
:
أنا؟
هيبت
:
أنت يا راجل موش قلت لي هنا دلوقت إن اسمك الدكتور فودة؟
عثمان
:
أنا شفتك غير دلوقت أهه.
هيبت
:
على كده لازم أنا باحلم!
عثمان
:
ضروري.
هيبت
:
أنت اسمك إيه؟
عثمان
:
عثمان عبد الباسط.
هيبت
:
أنت معاك تصريح السفر بتاعك؟
عثمان
:
أيوة، أمال مستلمه دلوقت أهه بس، اتفضل.
هيبت
:
تصرح للنفر عثمان عبد الباسط، أما أنا قربت أتلحس! أمال عبد الباسط نمرة
اتنين دكهه يبقى مين؟
عثمان
:
مين عارف يمكن عبد الرحمن عبد اللاوي.
هيبت
(يناوله التصريح)
:
دلوقت أنا تأكدت تمام أنك أنت عثمان المراسلة صحيح.
عثمان
:
الله يحفظك.
هيبت
:
موش ممكن أبدًا، لازم أفقس المسألة دي حالًا.
عثمان
:
أنا مالي، خلي العثمانات التانين يندعقوا في قلب بعض.
دولت
:
أما يعني يا سي عثمان، أنا أهنيك على النمرة اللي لعبتها دي.
عثمان
:
لكن قولي لي ياست، مين اللي كان إدى لك، التصريح بتاعي ده؟
دولت
:
أما أتلايم عليه، اللي اداهولي يا عزيزي الدكتور فودة نفسه علشان أوصله
لك.
عثمان
:
أمال جنابك كنتِ عايزة تاخديه مني تاني علشان إيه؟
دولت
:
كنت بتأكد، إن كنت أنت صحيح عثمان، والَّا لأ.
عثمان
:
آه، علشان كده.
دولت
:
أما يعني خسارة يا سي عثمان، إن الدكتور فودة على لطافته وطيبته دي، يكون
خباص وفلاتي للدرجة دي.
عثمان
:
لأ أما من جهة فلاتي، حتة دين فلاتاتي.
دولت
:
لكن خلي في بالك، موش بعيد أبدًا إن مراته تظبطه.
عثمان
:
ضروري.
دولت
:
لأنه على ما أظن هو جاي هنا علشان له إنَّة مع درية هانم صاحبة البيت
ده.
عثمان
:
غريبة! وأنتِ منين فهمتِ الحكاية دي؟ أنا واخد بالي، إنه لما قرأ لي
الجواب اللي جاني من الست درية، واحنا في حلفا، اتلخبط كيانه خالص، وحَكَّم
سفره ويا سفري في يوم واحد، وبعدين لما وصلنا هنا لمصر خد الهدوم بتاعي
واداني الهدوم بتاعه، وحاجات كتير خالص لكن على مين، إذا كان هو نمس، أنا
أنمس من أبوه كمان.
دولت
:
أنا ممنونة منك قوي يا حضرة، وإن شاء الله إذا تصادف وجيت عندنا في طنطا
ابقى فوت عليَّ في بيت جوزي.
عثمان
:
مين جوزك؟
دولت
:
الدكتور فودة.
عثمان
:
الله الله! أنت مراته؟
دولت
:
مرسي، أشكرك يا أبو سمرة، أنا ممنونة جدًّا (تخرج).
عثمان
:
يخرب بيت أبوك، دلوقت راح يعمل فيَّ إيه الراجل لما يعرف إني أنا اللي
طينت له المسألة؟
فودة
(داخلًا)
:
يا ترى تم إيه؟
عثمان
:
أنت كنت فين؟
فودة
:
أنت خرجت من مطرح ما خبيتك ليه، يا أبو وش أسود؟
عثمان
:
دانت اللي نهارك أسود!
فودة
:
يا حفيظ ليه؟
عثمان
:
قبل كل حساب خد التصريح بتاعك أهه (يخرجه من
جيب البنطلون).
فودة
:
إزاي ده؟ وأنت تصريحك معاك؟
عثمان
:
أيوة أهه.
فودة
:
آه، لازم بقى درية هانم، هيَّ اللي عرفت إزاي تنتشه من مراتي،
برافو.
عثمان
:
خلينا في المهم بقى.
فودة
:
مهم إيه؟ أنا المهم عندي، إن التصريح بتاعي بقى هنا في جيبي.
عثمان
:
لا فيه أهم من كده ميت مرة.
فودة
:
طيب قول، فرحني.
عثمان
:
راح نفرحك لكن بالمقلوب.
فودة
:
هه! بالمقلوب إزاي؟
عثمان
:
الست مراتك هنا.
فودة
:
يا سلام! دا كل الشيء المهم اللي عندك (يضحك).
عثمان
:
إزاي؟ كان عندك خبر؟
فودة
:
هوو هوو.
عثمان
:
أمال، عن إذنك بقى أنا مسافر.
فودة
:
قبل حساب، أديني الجاكتة بتاعتي، وخد جاكتتك.
عثمان
:
أيوة من حق خد دي الدبابير اللي فيها هروني.
فودة
:
دلوقت اتفضل على الصندرة بتاعتك تاني، ولا تطلعش منها إلا لما أنده
لك.
عثمان
:
صندرة إيه تاني يا سيدي! دي كله فيران وبصل مِزَرَّع، يعني إذا قعدت
ساعتين جوه أزَرَّع أنا كمان.
فودة
:
ماعلهش علشان خاطري يا عثمان.
عثمان
:
خاطرك إيه حاقضي الأجازة في الصندرة يا سيدي؟ توبة بقى إذا كنت تاخد
أجازة وتجي لمصر تاني (يدخل).
فودة
:
وأنا ميت ألف توبة، إذا كنت أخد أجازة بعد اللي شفته هنا.
هيبت
(داخلًا)
:
عجيبة! هو راح فين؟
فودة
:
آه، وآدي صاحبنا القومندان الجديد، أنا أهوشه.
هيبت
:
لازم أشوف إيه الحكاية، آه أنت هنا يا حلمي بيه؟
فودة
:
بردون يا أفندم، لازم سعادتك بتشبه لأني أنا موش حلمي بيه زي مانت
فاكر.
هيبت
:
بأشبه إزاي؟ أنت موش حلمي بيه جوز درية بنت أخويا؟
فودة
:
ولا حلمي باشا.
هيبت
:
أمال أنت مين؟
فودة
:
أنا الدكتور فودة.
هيبت
:
بتقول إيه؟
فودة
:
ووظيفتي حكيم بيطري، في ١١ جي أورطة في حلفا.
هيبت
:
وبعدين بقى يا هو! أنت معاك تصريح السفر بتاعك؟
فودة
:
أيوة يا أفندم، أهه اتفضل.
هيبت
:
ماشالله ماشالله!
فودة
:
هيه، صدقت بقى سعادتك؟
هيبت
:
اخرس، صدقت في عينك، دا التصريح بتاع النفر عثمان عبد الباسط.
فودة
:
إخص، دا كان في جيب اﻟ…
هيبت
(لفودة)
:
أنت إيه اللي وقع في إيدك التصريح بتاع عثمان عبد الباسط؟
عثمان
(داخلًا)
:
أفندم.
فودة
:
اتلبخنا!
هيبت
:
أنت مين فهمني؟ اسمك إيه؟
عثمان
:
برضه عثمان عبد الباسط.
هيبت
:
وبتقول برضه كمان! وريني التصريح اللي معاك.
فودة
:
خازوق!
هيبت
:
تصرح للدكتور حسن فودة …
عثمان
:
يا خبر أتارينا غيرنا الجاكيتات والتصريحات فيها.
هيبت
:
يعني حضرتك معاك التصريح بتاع حضرته، وحضرته معاه التصريح بتاع
حضرتك؟
عثمان
:
الله يلعن حضرته لحضرتي سوا.
هيبت
:
يعني والنتيجة دلوقت وياكم (تدخل
دولت) تفهموني مين فيكم يبقى الدكتور فودة.
عثمان وفودة
:
أنا يا أفندم.
دولت
:
ما تتعبش نفسك يا عزيزي، أهه حضرته دا جوزي الدكتور فودة.
فودة
:
الحمد لله.
هيبت
:
برضه موش فاهم.
دولت
:
يعني حضرته ده، حلمي بيه سابقًا.
عثمان
:
أيوة، وأنا أبقى هو سابقًا.
فودة
:
لا لا يا روحي بس … إذا حبيتِ تعرفي سبب مجيِّ هنا فدا كان علشان
…
دولت
:
ما تتعبش نفسك يا عزيزي، أبو سمرة ده، حكى لي عن كل شيء.
فودة
:
يا خبر! أنت اتجننت يا راجل؟
عثمان
:
وأنا مالي، دي مراتك زي المخبر يا شيخ!
هيبت
:
الغاية، دلوقت يا هانم، لازم تدي جوزك الخاين ده درس جامد علشان
المستقبل.
دولت
:
ما أظنش يا عزيزي.
هيبت
:
إزاي؟
عثمان
:
درس إيه يا سيدي؟ لازم جنابك تعرف أن الست الحرة الشريفة مهما عمل فيها
جوزها، لازم تسامحه، وتحترم واجب الزوجية.
فودة ودولت
:
آه يا عثمان.
عثمان
:
إخص، أنا نسيت البالطو في الصندرة، لا تاكله الفيران (يخرج).
هيبت
:
أما أنا بقيت عباسية خالص!
حلمي ودرية
(داخلين)
:
الله! أنتو فين؟
دولت
:
آه يا عزيزتي، صحيح إحنا يا ستات مهما قلنا ومهما عملنا برضنا إحنا
الضعاف، والرجالة هم الأقوياء.
حلمي ودرية
:
يا خبر عمي عرف!
هيبت
:
الله يلعني إن كنت عارف حاجة.
دولت
:
وإذا حبيتِ تسمعي نصيحتي يا درية، سامحي جوزك أنت لوخرة.
هيبت
:
يا خبر! المراسلة اللوح دا يبقى …
درية
:
جوزي يا عمي، أهه دا حلمي بيه، اللي من حق وحقيق.
هيبت
:
عجيبة! بقى اللوح انقلب بقى حلمي؟!
الجميع
:
أيوة.
هيبت
:
تعالى هنا فهمني، أنت بقى مين؟
عثمان
:
أنت متقصدني ليه؟
هيبت
:
لا لا لأ، حيث أنكو لخبطو كياني واستلبختوني للدرجة دي، يالله هاتو لي
شنطتي، لازم أسافر حالًا، ولازم أحرمكوا من التلاتين ألف جنيه.
حلمي
:
يا خبر!
درية
:
لا لا هدي أخلاقك يا عمي، اللخبطة دي كلها أصلها غلطة بسيطة خالص، تعالى
أنا أحكي لك على كل تفاصيلها جوه، على بال ما نجهز الشنطة.
حلمي ودرية
:
بردون يا عمي.
عثمان
:
بردون.
هيبت
:
طيب، أديني حاسامحكم أنتو الجوزين، ولكن على شرط لا بد منه.
الجميع
:
إيه هو؟
هيبت
:
إنكوا زي النهاردة تمام، تكونوا خلفتوا حلمي صغير وفودة صغير ولما يكبروا
نبقى ندخلهم الجيش.
عثمان
:
وأنا كمان يا أفندم.
هيبت
:
أنت إيه؟
عثمان
:
يا أفندم زي النهاردة تمام أهلف حتة عثمان عبد الباسط صغير ولما يكبر
يبقى البربري في الجيش.
[اللحن الختامي]: …٣
١
أصل عنوان المسرحية كما كان مكتوبًا على غلاف المخطوطة الأصلية هو «السوداني
في الجيشى»، وتم شطب العنوان وكتابة عنوان جديد هو «البربري في الجيش». كما أن
كلمة «أسوان أو أصوان» في بعض صفحات المسرحية وُضعت بدلًا من كلمة «السودان»،
ولكن هذا التبديل لم يستمر طويلًا؛ حيث إن كلمة «السودان» كانت الأكثر.
٢
كلمة القدس تمَّ حذفها وكُتب بدلًا منها كلمة الشام، وهذا الأمر
تكرر مرتين أو ثلاث، ولكن هذا التبديل لم يحدث في مواضع تالية،
وظلت كلمة القدس موجودة دون تبديل؛ لذلك فضلت وضع كلمة القدس، كما
كُتبت من قبل المؤلف، علمًا بأن هذا التبديل كان من قبل إدارة
المسرح لا من قبل الرقابة.
٣
لا توجد في مخطوطة المسرحية كلمات الزجل الخاصة بهذا اللحن.