القطعة الأولى
المنظر الأول
(أمين وأدهم)
أمين
:
يكفا كلام في كلِّ ساعة يا جدع
كتر الكلام مع النزاع ما له نفع
أعيش على كيفي ولا اختص بَك
وانت كماني عيش زي ما يعجبك
ولو تكون في العمر أكبر برضِنه
الاتنين بعون الله نعرف بعضنه
واكتر كلامك بوش أنا ما أسمعه
والرأي لو تعطيه صائب ما اتبعه
وفَّر على روحك كلامك بعد ده
أنا كتير مرتاح من العيشة كده
أدهم
:
الناس كتير على دي المعيشة
ينبَّطم
أمين
:
بس المجانين اللي زيَّك يسخطم
أدهم
:
وصَّل جميلك والسفه ما هو مليح
أنا كَفَرْت اللي بقول لك
علصحيح؟!
أمين
:
حيث إنها وِصْلتْ معاك للحد ده
وغلُبت تحكي لي وانا ساكت كده
قل لي بقا عللي سمعته واوصفه
على شان انا لاخَر أموزه
واعرفه
أدهم
:
أهو جمود الطبع اللي فيك ظهر
مع الحماقة والنفور اللي اشتهر
خليت جميع الناس تضرب بك المثل
حتى الهدوم اللي عليك طلعت
شضل
أمين
:
بدك أوافقكم وللموضة امتثل
وكل ساعة باللونضة اغتسل
والبس قميص مكوي وحِتِّت بنطلون
وكل ساعة أشتري من كرتلون
وأقلد اصحابك بسترة وانزنق
ورباط للرقبة وزيَّك انخنق
واقنعر الطربوش واغطِّي جبهتي
واسبسب الشوشة وابيِّن قُصِّتي
واشك لي استيك ولو انه شكك
واشرب سجارة من ورق وارمي الشبك
وابطَّل المركوب وألبس لستكة
واقعد على القهوة وأشرب مستكة
واستعمل البُدرة وأحلق لحيتي
وفي سرير أنعس وابطَّل فرشتي
ان كان بدولي أعجبك دا شيء خفيف
إياك ابقا زيُّكم واحد لطيف
أدهم
:
القصد تبقا زي غيرك في البلد
من خوف لا ينقد عليك منهم أحد
وتوافق العالَم على ما هم عليه
أيوا المخالفة والمفارقة بس ليه
إن بدِّلوا الموضة تبدِّل زيُّهم
لا تكون واصل قبلهم ولا بعدهم
ولا تدقق زي بعض الناس كتير
وبدال لبس القطن تلبس لك حرير
وتحطلك كفة وجبرة في الدُّلاب
مش كل ده معدود من رأي الصواب
بس انت زي الناس اعمل حيث كان
بدَّك تخالف لجل ما يقولوا: فلان
أمين
:
واسمك كبير عنِّي وتحكي دالحديت
الشيب على راسك ولسَّا ما دريت
تفضل لإمتا يا أخي تنَتْفع كده
حشِّم شوية حيثْ بلغت العُمر ده
أدهم
:
هوَّا كمان دا ذنب تنَّك تمسكه
وكل من شابت دماغه تهتكه
وكل ما تشوفني مصلَّح أو نضيف
أو بس لابس طقم أو طربوش لطيف
تقعد تعزَّرني وتلزمني السكوت
هو كل شايب عندكم لازم يموت؟!
ولَّا يدان لابس هدوم موسَّخة
ومن العماص تصبح عيونه منفَّخة
أمين
:
من حيث كان أنا هدومي كلها
جيَّا على قدِّي وانا مبسوط بها
ما دام طربوشي على راسي فسح
وكل ما يقْدَم أهو بينمسح
وجبتي من جوخ صايه للدَفَه
ونعل مركوبي شبيه القلحفة
اللي اعجبه يسكت واللي ما اعجبه
يغمَّض العينين لمَّا أمر به
المنظر الثاني
(بدور وظريفة وحسنة، ويكون أدهم وأمين واقفين بعيد عن الناس في آخِر التياتر، ويتحدثوا مع بعض بشويش.)
بدور
(لظريفة)
:
ما لك كده يختي صبح حالك عدم؟!
حسنة
(لظريفة)
:
من حبستك في البيت صبح ما فيكي
دم
ظريفة
:
أهو كده طبعه … … …
بدور
:
… … … وليه يعمل كده؟!
حسنة
(لبدور)
:
لكن أخوه طبعه جميل مش زيِّ ده
واللهِ يا ستي إن بختك جا عدل
اللي ما جا في وقعتك راجل رذل
بدور
:
على الخصوص اليوم مَعْرَف اش
دعاه
لا سكِّ لي ضبَّة ولا خدْني معاه
حسنة
:
يسك بيتك ليه سكُّه كبتين
أمين
(وهو ماشي يقابل بدور)
:
ما لك كده يا بنت رايحة بس
فين
بدور
:
راح آخد أختي لجل نتفسَّح سوا
لابو السعود الجارحي نشمِّ الهوا
أمين
:
روحي انتي وحدك زي ما يكون يعجبك
(ويشاور على حسنة الخدامة.)
وادي كمان واحدة معاكي تصحبك
(ويقول لظريفة):
أما انتي أوعي بس مِلباب تطلعي
وإذا أردتي تخرجي يكون معي
أدهم
:
وليه كده مش يخرجوا يتفسَّحم
طبع الشباب يجروا سوا ويرمحم
أمين
:
كل الشباب اللي كده دول مجنين
لا بالشمال تأمن لهم ولا باليمين
أدهم
:
طيِّب، على الفسحة تروح مع أختها
أمين
:
تخرج معايا بس إن كان بدَّها
أدهم
:
دا مش كلام … … … …
أمين
:
… … … شغلي أنا وأعرفه
واللي بيلبس توب أهو
بينضَّفه
أدهم
:
وخروجها مع أختها مين عيِّبه؟!
أمين
:
أهو كل واحد يعمل اللي يعجبه
دول مش يتاما وأبوهم قال لنا
هم في وصيِّتكم وعلَّقهم بنا
وقال تربُّوهم وإذا كبروا لكم
تجوِّزوهم أو تشوفوا شغلكم
وانت معك واحدة أهي اتكفِّل بها
وانا كمان زيَّك معايا أختها
دبَّر أمور اللي معك يا ألمعي
وأنا أدبَّر في أمور اللي معي
أدهم
:
لكن بشوف … … … …
أمين
:
… … … وانا بشوف وخبَّرك
بصوت عالي أنصحك وادبَّرك
انتا تريد تمشي على رأي الحريم
وتجيب لها واحد أغا واسمه كريم
وتجيب لها كيخا وتخرج كل يوم
ويفوت عليها اليوم وهي ما تشوف
نوم
وتقول حريَّة وتفضل في الكسل
وانت على قلبك أهو أحلى مِلْعَسل
تعرف خلاصَك يا أخي لكن أنا
بدِّي مِراتي تنَّها قاعدة هنا
تفضل أميرة عاقلة ومأدَّبة
ديمًا لحاجة بيتها مرتبة
تقعد تنقِّي قمح وتطبَّق غسيل
ولَّا تخيَّط في يلك كمُّه طويل
لا تستمع قالوا وقلنا لا ولا
لوحدها تخرج وتمشي في الخلا
أحسن كمان يحصل كده ولَّا كده
أنا مليشي قلب يحمل كل ده
وتكون سبب لي في الزعل أو الجنون
وتجد في راسي من الغفلة قرون
حيث إنها هيَّا بقتْ في ذِمِّتي
وبالكتاب لا شك تطلع حُرْمِتي
واجب عليَّا اني أراقب ربها
ما دمت عند الناس بقيت مسئول بها
ظريفة
:
واش أحوجك لده وده؟! … …
أمين
:
… … … … هس اخرسي!
أوعي تقولي بم أو تتنفِّسي!
بدور
:
وتخاف على أختي إذا خرجت معي؟!
أمين
:
معلوم أخاف، ياللـه لوحدك اطلعي
أنا لكم غُلبت ساكت من زمان
تخرج معاكي ازَّاي ويبقا لها
أمان؟!
بدور
:
لازم أنا أحكي على اللي في
الضمير
الناس عندك كلها تطلع حمير
البنت هي أختي وانا لُخْرا أختها
هيا تشوف بختي وانا اشوف بختها
معرفش هي ناظرة بأي عين
والفكر يلجيها معك لحدِّ فين
لكن بأفعالك وعدم الائتمان
في قلبها ربِّتْ كراهة من زمان
حسنة
:
والحبس دا كان ليه؟ هيَّا أذنبت؟
إن كان عليها ذنب أهيَّا
اتأدِّبت
دا جنسنا رد البدع ويَّا الدمن
وإذا ائتمنته يوم يفضل مؤتَمَن
هو الاحتراس يا عم ينفع للنِّسه
دول زي ما قالوا حجارة مجبِّسة
وان كان للواحدة غرض تحصَّله
وان كان راجلها بطل تستغفله
ما يغركوشي يا رجال كتر الغَفَر
ألفين فارس ما يسدُّوا في نفر
ما حد في الدنيا نفع غير الأمان
من يأمن النسوان تنُّه في طمان
وان حد خوِّنهم يتنُّه في عذاب
حتى يقضِّي العُمر في عيشة هباب
ما يحفظ النسوان إلَّا نفسهم
وادين بقولك عن حقيقة جنسهم
تتنبِّه الواحدة إذا منعتها
تبقى كأنك علردي نبِّهتها
أمين
:
مسكين يا أدهم ودي تربيِّتك
سبحان من يعلم حقيقة نيِّتك
أدهم
:
والله كلامها يا أخي عين
الصَّواب
لا الحبس ينفعهم ولا كُتر العذاب
وانْ كان هيَّا بنت أو كانت
مَرةْ
الحبس والتضييق عليها مسخرة
دا العرض من نفسه إلى نفسه يصون
واش يعمل التحكير في القلب
الحرون؟!
ما دام يميل لك قلبها وتملكه
أطلق سراح الجسم برَّا واتركه
زي الحمامة اللي تكون ولِّفتها
ترجع ترفرف لك إذا ما فُتَّها
أمين
:
دا مش كلام … … … …
أدهم
:
… … … كلام وأعمل به كتاب
دا الضحك يلزمنا نعلِّم به
الشباب
باللطف نوِّري له الغلط عند
اللزوم
وطبيعة العصفور تنفر مِلهجوم
لكنِّ بالحيلة اللطيفة والفُرَص
نقدر نجيب إيده ورجله في القفص
من حي ما بحتال على ستي بدور!
في أغلب الأوقات أوافقها وادور
وان كان هواها جا أسيبها وحدها
وتروح تتفسَّح إذا كان بدَّها
وفي الدمرداش والحسين تقدر كمان
تروح وتمشي وحدها مع الأمان
وحيث أبوها كان أوصاني بها
ليه بس بالتحكير أقصَّر عمرها؟!
ما دامت الأيام تفوت من عمرنا
لا يوم يتعوَّض ولا يرجع لنا
أمين
:
بُرِّيه من طبعك! … … …
أدهم
:
… … … أهو طبعي كده
عاوز أقول لك إيه كماني بعد ده؟!
دي أغلب النسوان إذا ما اتبحبحم
زي الصغار لموت أبوهم يفرحم
أمين
:
لكنِّ ابنك دا على ما تعوِّده
يا تصلحه بالاعتياد يا تفسد
وإذا فسد طبعه وهو لِسَّا صغير
يفضل مصمِّم علفساد وهو كبير
أدهم
:
هيَّا بدور مش ست حُرَّه برضها
والا كمان رايح تخوض في عرضها؟!
أمين
:
لكن إذا كبرت وصارت حرمتك
وصبَّحت زي النسا في عصمتك
تفضل تحب السرمحة زي الرجال
ومنين تغيَّر طبعها يا ابن
الحلال؟!
(ويلتفت لظريفة):
قومي ادخلي جوَّا وعن دول ابعدي
أحسن كمان يا الله السلامة
تنعدي
المنظر الثالث
(أدهم وأمين وبدور وحسنة)
أدهم
:
أما أنا راضي بعيشتي مع بدور
أمين
:
برض الحجر يلتط طول ما هو يدور
أدهم
(وهو يضحك)
:
دا شيء مقدَّر عالجبين وينكتب
ما حد يعرف هو لمين بينتسب
أما انت منسوب لك هنا كل السبب
بالحبس والتكدير لها مع التعب
أمين
:
اضحك على نفسك وانت اختيار
أهو تقضي عيشتك زي الحمار
بدور
:
ما دمت أنا زوجة أخوك لاشرفه
واحفظ عليه توب الشَّرف وانضَّفه
وان كنت أنا زوجتك لرَبِّي لك
قرون
واعمل على عِندك واللي يكون يكون
حسنة
:
دحنا نآمن كل من يأمن لنه
أما اللي زيَّك بشَّره
بالخائنة
أمين
:
لمِّي لسانك سيف ماضي يقطعه
وسيخ حديد في نِنِّ عينك يقلعه
أدهم
:
انتا اللي جايب دا لنفسك بالصحيح
قالوا القبيح ما يجيب لنفسه الَّا
القبيح
المنظر الرابع
أمين
(لوحده)
:
راجل قليل العقل مشنب ملتحي
والشيب ملا راسه وهو ما يستحي
لكن كلامي فيه خسارة والنبي
اتعبت روحي بس في فهمه الغبي
لاحْرِم ظريفة تبص يوم في خلقته
أحسن يضيع منها اللي منِّي كسبته
المنظر الخامس
(أمين لوحده يقف في آخِر التياتر، وإبراهيم ونصير أمام الناس.)
نصير
(لخدَّامه إبراهيم)
:
أهو بعينه الراجل الندل اللئيم
اللي منع عنِّي ظريفة يا
ابراهيم
أمين
(يظن أنه لوحده)
:
الناس تلفت كلها في دالزمن
ما حد منهم بس عندي مؤتمن
نصير
:
لما أروح جنبه وأمشي واتبعه
وانحك فيه واشك لي صحبه معه
أمين
(يظن أنه لوحده)
:
على الخصوص اليوم وجيله اللي ظهر
بكثرة اللذات وبالخبص اشتهر
إبراهيم
(لنصير)
:
قرَّب عليه … … … …
أمين
(يظن أنه لوحده)
:
… … والبعد عنهم في الكلام
يحكم غنيمة … … …
نصير
(لأمين)
:
… … وعليكم منِّي السلام
أمين
:
دا لي أنا؟ … … … …
نصير
:
… … … أيوا، بقول: نهار سعيد
أنا مَنا جارك وبيتي مش بعيد
زعلت وحدي قلت شوف جارك حضر
اقعد معه ساعة وقول له علخبر
أمين
:
انهوا خبر؟ … … … …
نصير
:
… … يبقا انت منتاش في البلد
إن الملك يوم الخميس جاله ولد
والناس كتير على سرايته مجمَّعه
وبدال مزيكة تلاقي أربعة
والبهلوان على السطوح حبله نصب
ومزيِّنين كل السَّراية بالقَصب
قاعد لوحدك يا أخي بتعمل إيه؟!
أمين
:
بشوف شغلي … … … … …
نصير
:
… … يا سلام! دا شغل إيه؟!
روح بس ساعة في النهار أو ساعتين
أمين
:
روح فُضِّنا، هو أنا بافضا
منين؟!
(ويروح.)
المنظر السادس
(نصير وإبراهيم)
نصير
:
واش بعدها في ابن الحرام دا يا
ابراهيم؟!
تفضل ظريفة تحت إيده دالبهيم؟!
باني عليها صور من كل الجهات
ومضيَّق الدنيا وطالع في التبات
ما بس فاتها يوم تخرج وحدها
وكل ساعة بس قاعد عندها
إبراهيم
:
يا شيخ لا تزعل وفيه ما تفتكر
دا نطع جامد بالقوي مخُّه عِكر
لكنَّ أفعاله تساعدنا هنا
على بلوغ القصد منها والمنى
حيث المرة اللي تنحكر عن الحبيب
من غير مشقَّة وصلها يُحكُم قريب
والزوج ويَّا الأب إن زادوا
احتراس
تتوه مخانتهم بتضييع الحواس
ويسهِّلوا كل الأمور لمن عشق
بس العزول هوَّا لوحده يتمشق
فهمت مقصودي والا أقول كمان؟!
دانا مدقدق في الأمور دي من زمان
وخدمت ميت واحد وانا أقضي شغلهم
واستغربوا فعلي ومكري كلُّهم
ركَّك على جوز المرة يكون رزل
وهي تسلِّم غصب عنه وتبتذل
يدخل من العتبة مكشَّر ملتوي
وفي الكلام الجد تلقاه فشروي
ويقول لها: ليه تفتحي الطاقة
كمان؟!
وليه كدا تتكلمي مع الجيران
وان راحت الحمام على بابه يقيم
يعمل قوي شاطر وهو لسَّا غشيم
ما تفتكرشي يا أخي قصر الكلام
الزم ظريفة بس منِّي
والسلام
نصير
:
لكن ادي شهرين فاتوا بالعجل
والقلب فيها هام وبالنار اشتعل
وادي كمان شهرين وانا مشغول بها
في فرد كلمة بس أحكيها لها
لو كان لها خدَّام والا خادمة
والا مقدِّم بس والا مقدِّمة
كان بالفلوس اعرف أميِّل عقلهم
واحكي على شوقي لها وأقول لهم
إلا مسدِّدها عليَّا داللئيم
أنا اعمل ايه فيه؟! بس قل لي يا
ابراهيم
إبراهيم
:
لدالوقيت لسَّا محدِّش قال لها
ولا بلغها انك قوي تحبَّها
نصير
:
في كل يوم أنا عاملها شغلتي
ووجهها لَبْيَض جعلته قِبلتي
وبالعيون ديما أبلِّغها السلام
ولا بقاش فاضل لنا إلا الكلام
لكنها يا هلترى من النظر
تفهم وإلَّا كل ده رايح
هدر
إبراهيم
:
أما الكلام بالعين ده ما لوش
أمان
يا بِالكتابة تفهِّمك يا باللسان
نصير
:
اعمل لنا حيلة على تفهيمها
من أجل ما اطَّمِّن وأشرب خيمها
إبراهيم
:
فهمت يكفا قوم بقا وادخل بنا
في البيت نتحدِّت ونخلي فكرنا