(١) أحواض ورءوس موائد التقدِمة
كانت رءوس وموائد التقدِمة أحد العناصر الأساسية بالمتاع الجنزي، وكان لها دورها
الطقسي والشعائري لدى المصريين القدماء؛ إذ كانت هي الموضع الذي عليه تُقدَّم
القرابين وتُوضَع الأواني.
١ ولقد حفظتْ لنا رسوم المقابر آلافًا من مِثل هذه الموائد، تُمثِّل
المَوتى وهُم يتناولون طعامهم، وقد وُضِعت تلك الموائد على قواعد عالية أو منخفضة
ذات أشكالٍ متنوِّعة لتُوضَع عليها الأواني والصحاف وجِرار النبيذ.
ومن الجدير بالذكر أنَّ المصريين القدماء في أقدم العصور كانوا يأكلون وهم
يفترِشون الأرض، وتُوضَع الأواني والخبز على حُصُر من المسمار، ثم استُعملت بعد ذلك
الطبالي الحجرية والخشبية حيث كانوا يلتفُّون حولَها ليتناولوا طعامهم.
٢ وإذا كانت حياة العامَّة عبَّرت عن موائد التقدِمة بهذه البساطة، فإنَّ
الفنَّ لا سيما أعمال الرسم والنقوش الجدارية صوَّرَت لنا الكثير من هذه الموائد
فيما جاء من رسوم وصور الحياة اليومية بالعديد من المقابر.
ولم تكن الموائد الحجرية معروفةً في العصور المصرية القديمة بالمعنى الذي نفهمه
الآن، ففي عصر ما قبل الأسرات كانت موائد التقدِمة مجرد مِنضدة دائرية الشكل بسيطة.
٣ شاع صُنعها من الألباستر أو الحجر الجيري، ونادرًا ما صنعت من الأحجار
الصلدة، وكانت الدعامة غالبًا ما تنفصِل عن القُرص العلوي، وفي منتصف عصر الأسرة
الأولى استُخدِم هذا النمَط في الحياة اليومية وضِمن المتاع الجنزي بالمقابر بعد
ذلك للانتفاع به في العالَم الآخر كما كان في الحياة الدنيا.
٤
ولقد وصف
Reisner تلك الموائد بأنها أطباق مرتفعة
الشكل ذات قمَّةٍ دائرية مُسطَّحة.
٥
ولقد حرص المصري القديم أن تصحَبَه مائدة القرابين في مقبرته بصُحبة أوانيه، سواء
الفخارية أو الحجرية. وكان من فرط الاهتمام بها أن يتمَّ وضعُها برفقتِه بنفس
المقبرة، وذلك كما نرى في «شكل ٥٧٥» و«شكل ٥٧٦»، وكذلك «شكل ٥٧٧».
٦ وكأنه بذلك سينتفِع بها ويستخدمها كما كان عليه الحال في
دُنياه.
ولقد تعدَّدت أشكال موائد القرابين وذلك تبعًا للحجم والارتفاع، ولكنها التزمت
جميعًا بكيفيةٍ واحدة تمثَّلت في كونها طبقًا واسعًا موضوعًا على دعامةٍ حجرية
مرتفعة، وذلك طوال عصر الدولة القديمة.
٧
ولقد عبَّر المصري القديم عن كلمة «مائدة» بكلماتٍ عدة كان منها كلمة
h3wt
٨ وكلمة «حتب»
htp
،
٩ وكذلك كلمة
cb3
،
١٠ وكلمة
wdh
.
١١
ولقد عبَّرت علامة «حتب»
htp
عن تقدِمة
القرابين، وهي في حدِّ ذاتها تُمثِّل مائدة القرابين التي لم تجاوز في بداية الأمر
إلَّا رغيفًا يوضَع على حصيرٍ يُبسَط أمام المقبرة، وأضحت صورة الرغيف والحصر رمزًا
للقُربان في الكتابة المصرية، وأصبحت بتطوُّر الحضارة منذ الدولة القديمة تتَّخذ
أشكالًا شتَّى، منها المنقول الذي يؤتى به عند أداء الشعائر، ومنها الثابت الذي
يُنحَت في الحجر أمام الباب الوَهمي أو اللَّوح الذي يدلُّ على مكان القُربان،
وكثيرًا ما كانت تُنقَش بعض مناظر الطعام من خُبزٍ ولحم وطَير وفاكهة وأوانٍ من فوق
رسم الحصيرة الأصلية، وذلك مع أدعية تقليدية بوافر الطعام من قبل الملك والآلهة
لروح المُتوفَّى، وربما زُوِّدت أحيانًا بمواضع منقورة للزيوت وقناة يجري فيها ما
يُصبُّ عليها من القُربان السائل، حيث يُستقبَل في وعاءٍ ملحَق بها أو يوضع أسفل منها،
١٢ وكان من بين ما عُثر عليه من رءوس موائد التَّقدِمة الحجرية:
رأس المائدة (شكل ٥٧٨)، وهي من الحجر الجيري، تتكوَّن من طبقٍ مستدير مسطح محمول
على قائمٍ عمودي لم ينفصِل عن الطبق الذي يعلوه. عُثر على هذه المائدة بمنشأة أبو
عمر، وهي تؤرَّخ بعصر ما قبل الأُسرات، وتُعدُّ من أقدم ما عُثر عليه من رءوس موائد التقدِمة.
١٣
رأس المائدة «شكل ٥٧٩»، وهي من حجر الألباستر، عُثر عليها بسقارة، تؤرَّخ بعصر
الأسرة الثالثة.
١٤ ترتكز المائدة على قائمٍ عمودي قصير يتَّسع نحو القُرص العلوي المرتكز
عليه، وهي من نفس نمَط ما شاع من رءوس موائد التقدِمة في عصر ما قبل وبداية الأسرات.
١٥
ويمثل «شكل ٥٨٠» أحد رءوس موائد التقدِمة التي تؤرَّخ بعصر الدولة القديمة، وهي
من الألباستر، ارتفاعها ١٢سم، واتِّساع قُطر قرص المائدة ٣٥٫٥سم، تتكوَّن المائدة
من جزأين غير مُنفصِلَين هما الدعامة الحجرية التي يرتكز عليها القرص والتي يبلغ
ارتفاعها وحدَها ٩٫٥سم، ورأس المائدة التي يبلُغ ارتفاع سُمكها ٢٫٥سم، وهي من نفس
نمَط ما عرف من موائد التقدِمة في عصر بداية الأُسرات. توجَد هذه المائدة بمتحف
الفن والتاريخ بجنيف
N’.inv.19721.
١٦
ويُبين شكل «٥٨١» أحد رءوس موائد التقدِمة صغيرة الحجم، وهو من الألباستر، نُحت
في قطعة واحدة من الحجر، فلم ينفصِل قُرص المائدة عن دعامتها، عُثر على هذه المائدة
بجبَّانة الجيزة، وهي تؤرَّخ بعصر الأسرة الرابعة.
١٧
ومن أحدث وأروع ما عُثر عليه من تلك الموائد الحجرية كانت المائدة «شكل ٥٨٢»، وهي
جيدة النحت والصقْل جدًّا، وأكبر حجمًا من سابقيها، عُثر عليها بحفائر أبو روَّاش،
تؤرَّخ بعصر الدولة القديمة، توجَد بالمتحف المصري.
١٨
ولقد استمرَّ العثور على أنماط تلك الموائد الحجرية في عصر الدولة الوسطى، ولكن
كانت الدعامة أكثر طولًا واستطالةً ممَّا سبق، وكان من نماذج موائد ذلك العصرِ
المائدةُ «شكل ٥٨٣» من الحجر الجيري، تؤرَّخ بعصر الأسرة الثانية عشرة، وهي عبارة
عن قُرص دائري الشكل يرتكز على دعامةٍ أو عمود، نُحِتت المنضدة من جزأين منفصِلين
من نفس نوع الحجر، يبلُغ ارتفاع هذه المائدة ١٧٫٥ بوصة،
١٩ وهي تؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى.
هذا عن رءوس موائد التقدِمة وهي تختلف عن موائد القرابين التي اشتُقَّت وتطوَّرت
من شكل الحصير الذي كان يوضَع من فوقه رغيف، ويُبسَط أمام المقبرة،
٢٠ والذي جاءت منه علامة اﻟ «حتب»
وتطوَّر ليُصبح مائدةً حجرية كما في «شكل ٥٨٤» مُتِّخذة
شكلًا مربعًا — بمثابة الحصير — ذا مَصب، وبمُنتصف ذلك المربع نجد دائرةً ترمز
لرغيف الخبز، المائدة من الحجر الجيري تؤرَّخ بعصر بداية الأُسرات، عُثر عليها بأبيدوس.
٢١
ولأنَّ المائدة كان الغرَض منها استقبال القرابين، فكثيرًا ما نُقِش فوق سطحها
أواني الشراب وأرغفة الخبز وقِطَع اللحم على قِمَم الموائد، بل ونُحِتت أحواض غير
عميقة في سطوح الموائد لجمع السوائل، وزُوِّدت بميزابٍ أو صنبور عند الحافة، وقد
نُقشت موائد عديدة بأسماء وألقاب أصحابها، وكذلك نُقِشت بصيغةٍ واحدة أو أكثر من
صِيَغ القُربان. وتُظهِر لنا بوضوح صورة الأطعمة والمشروبات المنقوشة على السطوح
العُليا لأعدادٍ كبيرة من موائد القربان، مَقدِرةَ تلك الأشكال على أن تحلَّ محلَّ
الأشياء الحقيقية التي تُمثلها، والتي يبدو أنها لم تكن تقدَّم تقديمًا فعليًّا.
٢٢
وكان من نماذج تلك الموائد، المائدة «شكل ٥٨٥»، وهي تؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى،
يبلُغ حجمها حوالي ٢٧ × ٢٨سم، توجَد بمتحف الفن والتاريخ بجنيف
N.inv.23474، المائدة مُنتظمة الشكل مزوَّدة
بميزاب، نُقِش سطحها بصورٍ لنماذج القرابين المُراد تقديمها، وعلى جوانب المائدة
نجد بعضَ الكتابات والتعاويذ والأدعية التي يُرجى بها انتفاع المُتوفَّى بما
يُقدَّم إليه في عالمه الآخر.
٢٣
أما عن «أحواض التقدِمة» فهي عبارة عن أحواضٍ حجرية مُنتظمة الشكل زُوِّدت في بعض
الأحيان بميزاب، خُصِّصت للقربان السائل لا سيما الماء أو النبيذ، نُقِشت أحيانًا
ببعض الأدعية التي ترجو إفادة المُتوفَّى بما يصبُّ في تلك الأحواض من سوائل، وكان
من أمثلة هذه الأحواض الحجرية، الحوض «شكل ٥٨٦»، وهو من الحجر الجيري الأبيض، عُثِر
عليه بإحدى مصاطب الجيزة، يؤرَّخ بعصر الدولة القديمة، عليه نقْش بكتاباتٍ
هيروغليفية تُحيط بالجوانب الأربعة له.
٢٤
والحوض «شكل ٥٨٧»، وهو أيضًا من الحجر الجيري الأبيض، مُنتظم الشكل، عُثر عليه
أيضًا بالجيزة، يؤرَّخ بعصر الدولة القديمة، يبلغ حجمه حوالي ٤٨ × ٣١٫٥ × ١٢سم،
عليه نقش يُحيط بجوانبه الأربعة يُبيِّن ما يمنح للمتوفَّى من عطايا وقرابين.
٢٥
ويبين لنا «شكل ٥٨٨» حوضًا للتقدِمة أو مائدة قربان في هيئة حوض من الحجر الجيري،
ارتفاع هذا الحوض ٢٥سم، ومُحيطه ٨٠ × ٥٣سم، عُثر عليه أمام الجانب الشرقي من الباب
الوهمي الرئيسي في مصطبة «ني-حتب-خنمو» بالجيزة، وكان مدفونًا نِصفه السُّفلي
بالأرض، وهو ذو جوانب مُنحدِرة يضيق نحو القاعدة، وتستقيم جوانبه قليلًا نحو
الفوَّهة إلى أعلى، وهو جيِّد النَّحت والصقل من الداخل والخارج.
٢٦ يُؤرَّخ هذا الحوض بعصر الدولة القديمة.
ويتميَّز هذا الحوض عمَّا سِواه بالعُمق وعدَم إحاطته بأيِّ كتابة، وربما كان
الغرَض منه استقبال ما يُقدَّم لصاحب المقبرة من قرابين سائلة كالجعة أو النبيذ.
وقد صُمِّم بطريقةٍ تسمح بغرزِه أو تثبيته بالأرض بحيث لا يظهر منها إلَّا الحافة
المُنتصِبة أو المستقيمة لأعلى.
والحوض «شكل ٥٨٩» وهو من الحجر الجيري، زُوِّد بميزاب، أو صنبور للصبِّ في أحد
جوانبه، وهو مُستطيل الشكل خالٍ من النقش، عُثر عليه بدهشور، يؤرَّخ بعصر الدولة القديمة.
٢٧ وكذلك الحوض «شكل ٥٩٠»، وهو أيضًا من الحجر الجيري، وقد جاء بهيئةٍ
مُستطيلة مُنتظمة، ولم يكن كسابقه إذ لم يزوَّد بميزاب، عليه نقش باسم صاحبه، عُثر
عليه في المِشكاة الجنوبية بالمقبرة رقم
Dam. 8/7
بالجبَّانة الواقعة إلى الشرق من الهرم الأحمر بدهشور، يُؤرَّخ الحوض بعصر الدولة القديمة.
٢٨
وعُثر على أمثلةٍ عديدة لأحواضٍ مزدوَجة من الحجر الجيري، ربما كان تصميمها هذا
لكي يكون أحد الحوضَين للجعة والآخر للماء، وذلك كما في «شكل ٥٩١» الذي يُبيِّن
حَوضًا مزدوجًا من الحجر الجيري، عُثر عليه بالجيزة، يؤرَّخ بعصر الدولة القديمة،
تُحيط بالحوض كتابات وتعاويذ سحرية.
٢٩
وهذا حوض مُزدوَج، فلم تكن أحواض التقدِمة بديلًا عن موائد القرابين، فكثيرًا ما
عُثر على مائدة قرابين وبجوارها حوض التقدِمة المزدوج «لوضع الماء والجعة». المائدة
من الحجر الجيري، عُثر عليها بالجيزة، تؤرَّخ بعصر الدولة القديمة.
٣٠
ويُبين «شكل ٥٩٢» مائدة قُربان تجمع ما بين علامة اﻟ
htp وشكل المائدة المُستديرة وبداخلها نُحِت
حوض تقدِمة السوائل، وأُحيطت بالكتابات التي تُبيِّن القرابين التي كانت تُقدَّم
على تلك المائدة، وهي تؤرَّخ بعصر الأسرة السادسة من جبَّانة الجيزة، توجَد بالمتحف
المصري تحت رقم «
CG57032»،
٣١ أما «شكل ٥٩٣» فهو يُبيِّن مائدة قُربان منتظمة الشكل من النمَط الذي
شاع في عصر الدولة الوسطى والحديثة، وهي تجمع بنقوشها بين قائمة القربان وشكل الحوض
المُستطيل الشكل، تؤرَّخ المائدة بنهاية عصر الدولة الوسطى، وتوجَد بالمتحف المصري.
٣٢
(٢) حوامل الأواني الحجرية
كان الغرَض من استخدام حوامل الأواني الحجرية، حِفظها وحمايتها من الوقوع، خاصَّة
تلك الأواني ذات القواعد المُدبَّبة أو الكُروية، بدلًا من غرسها في الرمال أو
أرضيةٍ ترابية خشِنة فتتعرَّض للأتربة.
٣٣
وقد استخدمت حوامل الأواني أيضًا في تدعيم وتثبيت موائد القرابين القُرصية الشكل
والأطباق والسُّلطانيات المُدبَّبة القاعدة، ومحارق البخور والمصابيح وأواني حفظ
السوائل. واختلفت هذه الحوامل باختلاف شكل وحجم تلك الأواني.
٣٤
ولقد اختلفت مواد صناعة حوامل الأواني الحجرية، واستُخدِمت مختلف أنواع الأحجار
في هذا الشأن، فكان منها ما نُحِت من الحجر الجيري، أو الديوريت، أو الحجر الرملي،
أو الألباستر، أو البازلت.
٣٥
وكان يتمُّ وضع تلك الحوامل الحجرية بصُحبة الأواني سواء في حجرات الدفن، أو في
مقصورة تقدِمة القرابين، أو داخل البئر المؤدي إلى حجرة الدفن، وذلك بحسب الغرض
المصنوعة من أجله.
٣٦
وعن «أنواع ما شاع من أنماط الحوامل الحجرية»، فقد كان منها الحامل الحلقي
القصير، والحامل الطولي المُصمت، والحامل الطولي الأنبوبي المجوَّف. وشُكِّلتْ
جميعُها من كتلةٍ حجرية واحدة، وكان منها المُثبَّت في مكانه والقابل للحمل والنقل
من مكانٍ لآخر.
٣٧
ففي «شكل ٥٩٤» نرى حاملًا حلقيًّا مُنبعجَ الجوانب من الألباستر، وعُثِر عليه
بسقارة، يؤرَّخ بعصر بداية الأُسرات، وهو ذو حافةٍ حلقيَّةٍ ملفوفة تدعم وتوفِّر
الثبات والاستقرار للأواني التي ستُوضَع عليها، ويلاحظ وجود فتحاتٍ مُستديرة بجوانب
الحامل، بينما زُيِّنت أجزاؤه المُنبعِجة أو البارزة بمنتصف البدَن بحزوز مائلةٍ دقيقة.
٣٨
وفي «شكل ٥٩٥أ» حامل حلقي من الألباستر، عُثر عليه بسقارة، يؤرَّخ بعصر بداية
الأُسرات. الحامل ذو فوَّهةٍ وقاعدة مُستوية وجوانب مقعَّرة بشكلٍ طفيف، وهو يُشبه
الطبق، وعلى غراره كان الحامل الحلقي «شكل ٥٩٥ب» وهو قصيرٌ وأكثر اتِّساعًا من
السابق. أيضًا من الألباستر، عُثر عليه بسقارة، ويؤرَّخ بعصر الأسرة الثالثة.
٣٩
فما بين القصير والطويل، الضيِّق والمُتَّسِع، تنوَّعت أنماط الحوامل الحلقية
الشكل، وكان أغلبُها من الحجر الجيري (شكل ٥٩٦).
وكان من فرْط الاهتمام بمثل هذه الحوامل، أن قلَّدها المصري القديم في أوانيه
الوهمية، وذلك كما تبيَّن في «شكل ٥٩٧» الذي يوضِّح نموذجًا صغيرًا لإناءٍ محمول
على حامله الحلقي، وهو بمثابة تقليدٍ للأواني الحجرية الحقيقية ولكن بصورةٍ
مصغَّرة، ويتَّضِح بالمنظر شكل الحامل الحلقي القصير وكيف ارتكز عليه الإناء.
٤٠
أما عن الحوامل الحجرية الطوليَّة، فكان منها المجوَّف (شكل ٥٩٨)، والمُصمَت الذي
تنوَّع ما بين الطويل كما في «شكل ٥٩٩»، والقصير كما في «شكل ٦٠١»، وهناك الحوامل
المُنبعِجة الجوانب، وكان أغلبها من الألباستر وذلك كما في «شكل ٦٠٠»، هذا بخلاف
الحوامل الحجرية الثلاثية أو الرباعية الجوانب (شكل ٦٠٤)، والتي عُرفت بكثرةٍ خلال
عصر الأُسرة الثالثة.
٤١
ولسْنا بصدَد تناوُل طبيعة أنماط مثل هذه الحوامل الحجرية تفصيلًا،
٤٢⋆
ولكنَّنا فقط نُوضِّح أهمية مِثل هذه الحوامل الحجرية بالنسبة لبعض أنماط الأواني
الحجرية التي سبَق دراستُها.
ويُوضِّح كلٌّ من «شكل ٦٠٥» و«شكل ٦٠٦» الفارق بين حوامل الأواني الحجرية من
النمَط الحلقي القصير، والحوامل الحجرية الطوليَّة المُتنوِّعة وذلك من خلال تلك
المجموعات التي عُثِر عليها بالهرَم المُدرَّج بسقارة، والتي تؤرَّخ بعصر بداية الأسرات.
٤٣
ولقد استمرَّ العثور على مِثل هذه الحوامل الحجرية في مختلف مقابر عصر الدولة
القديمة، ففي إحدى المقابر التي تؤرَّخ بعصر الأُسرة السادسة بدهشور عُثر على ما
يزيد على سبعين نموذجًا من نماذج الأواني الحجرية، تنوَّعت ما بين قدور النبيذ
والزيت، جاءت مُرتكزةً على حوامل أو دعاماتٍ خاصة، وكانت تلك الأواني قد صُنعت في
أغلبها من الألباستر.
٤٤
هذا بخلاف ما أوضحتْهُ لنا أيضًا مناظر عصر الدولة القديمة، ففي «شكل ٦٠٧» نرى
صحفةً وموائد طعام موضوعة على حوامل خاصَّة بها كقواعد أو دعامة تعمل على تثبيتها
والحفاظ عليها من الوقوع.
٤٥
ولقد آثرت الدارسة أن تأتي ببعض الأمثلة مع اختلاف الفترات الزمنية، لتوضيح كيفية
استخدام مثل هذه الحوامل الحجرية؛ ففي «شكل ٦٠٨» نرى طبقًا أو سلطانية تعلو حاملًا
مُقعَّر الجوانب من الألباستر يبلُغ ارتفاع هذه الدعامة ٥٫٣سم، وهي جيدة النحت
والصقل، عُثر عليها بدهشور، ولقد نُحِت كلٌّ من الطبق والحامل من حجر الألباستر.
٤٦
وبالمتحف المصري توجَد نماذج عدَّة من مثل هذه الحوامل الحجرية والتي كان من
بينها ما جاء في «شكل ٦٠٩» الذي يُبيِّن حاملًا طوليًّا ذا طبق قُرص مسطح يعلو ذلك
الحامل، وهو متَّصِل به غير مُنفصل عنه، صُنع هذا الحامل من حجر الألباستر وهو جيد
النحت والصقْل.
٤٧
ويوضِّح «شكل ٦١٠» كيف كان يتمُّ وضع الأواني الكروية أعلى الحوامل الطولية
المُجوَّفة، ولم تأتِ الدارسة بهذا المِثال إلَّا لتوضِّح كيفية الاستخدام، فهذه
الأواني عُثر عليها ضمن ودائع أساس معبد الملك منتوحتب الثاني بالدير البحري، وهي
من الخزف والبرونز وليست من الحجر، تؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى.
٤٨