الفصل السابع
أواني حفظ الأحشاء
وهي من الأواني ذات الصبغة الجنائزية التي استخدمها المصري القديم عند قيامه بشعائر
وطقوس التحنيط. وقد لجأ المصري القديم إلى التحنيط لحِفظ الجثمان سليمًا أبدًا، وذلك
حتى تهتدي الروح إلى الجثمان وتدبُّ فيه الحياة من جديد؛ فقد كان التحنيط إذًا شعيرةً
جنزية أكثرَ منها مُعالجة طبية، على أنَّ دفنات الأُسرات الثلاث الأولى لم تكن مومياوات
مُحنَّطة، إذ اقتصرت مُعالجتها على مادة الراتنج لتجفيف الجثمان، ولفائف الكتان لضمان
الحفاظ عليه، ولا نعرف تحديدًا متى بدأ التحنيط ولكن الأدلة أثبتت أنه اكتمل في الأسرة
الثالثة، وبلغ أوْجَهُ في عصر الأسرة الرابعة.١
ولقد امتدَّ مُصطلح أواني حفظ الأحشاء ليشمَل أيَّ وعاءٍ للأحشاء سواء كان صندوقًا
من
الخشب أو الحجر، أم حتى تابوتًا صغيرًا، إلَّا أنه قد شاع إطلاقُه على أوانٍ أربعة
استخدمت لهذا الغرَض،٢ وهي أوانٍ حجرية أو فخارية استُخدِمت لحفظ الأحشاء المُستخرَجَة من جسم
المُتوفَّى أثناء عملية التحنيط، وأُطلِق عليها اسم «الأواني الكانوبية»، ودُفِنت ضمن
الأثاث الجنائزي المصاحب للمُتوفَّى بحجرة الدفن.٣
ولقد اشتُقَّ مصطلح «كانوبي» من تصوُّر خاطئ خلَط فيه الناس بين تلك الأواني، وبين
الأواني ذات الرءوس الآدمية التي عُبدت كتجسيدٍ للمعبود أوزير من قِبَل سكَّان ميناء
كانوب في مصر القديمة «أوزير الكانوبي»، فحملت من ثَمَّ على ألسنة جامعي التُّحف
الأثرية اسم «الأواني الكانوبية».٤
ولم تتَّخذ أواني حفظ الأحشاء في البداية هيئة أوانٍ حقيقية وإنما اكتفى المصري
القديم بوضْع أحشاء المُتوفَّى المُستخرَجة أثناء عملية التحنيط في صندوقٍ مربع قسَّمه
إلى أربعة أجزاء، وكان يضَعُه بالقُرب من التابوت الذي يحوي الجسد،٥ وكانت أقدَم الأدلَّة الواضحة التي وصلتْنا عن صندوق حفظ الأحشاء هو
الصندوق الخاص بالملكة حتب حرس، والدة الملك خوفو، عصر الأسرة الرابعة، والذي عُثر عليه
بالجيزة،٦ وهو من الألباستر، قُسِّم من الداخل إلى أربعة أقسام مُتساوية، عُثر
بداخلها على لفائف أحشاء الملكة، والتي كانت لا تزال موجودةً عند اكتشافه، وكانت
مغمورةً في محلول النطرون المُخفَّف، وعُثر على بقايا مادة عضوية جافة ومزيج من المواد
المُستخدَمة في التحنيط،٧ الصندوق يوجَد حاليًّا بالمتحف المصري٨ (شكل ٧٠٥ وشكل ٧٠٦).
ولقد ظهرت أول أوانٍ حقيقية لحفظ الأحشاء في عصر الدولة القديمة لا سيما من أواخر
عصر
الأُسرة السادسة، حيث استُعيض عن صندوق حفظ الأحشاء بأربعة أوانٍ،٩ كانت أغطيتُها في البداية بسيطة (شكل ٧٠٧)، وكانت تُنقَل إليها الأعضاء
الأربع وهي «الكبد، المَعِدة، الأمعاء والرئتان»،١٠ وقد كان إخراجها من الجسد ضرورةً لازمةً لإتمام عملية التحنيط؛ إذ وجد
المصري القديم في ترك الأحشاء الداخلية مكانها سببًا في إصابة الجسد كلِّه بالتلَف.١١
وقد ارتبطت تلك الأعضاء الأربعة بأرواحٍ حارسة، عُرفت باسم «أبناء حورس الأربعة»
الذين يضمنون الوظائف الفعلية لهذه الأعضاء، وكانت هذه الأرواح الحارسة هي «أمستي،
حابي، دواموت إف، قبح سنو إف».١٢ وكانت مسئولةً عن حماية الأعضاء الأربعة الأساسية، بحيث كان «أمستي»
مسئولًا عن حماية الكبد، وكان يستمِدُّ تلك الحماية من المعبودة «إيزيس» التي ارتبطت
به
في هذا الشأن وكان أمستي يُمثَّل بوجه آدمي،١٣ وكان «حابي» مسئولًا عن حماية الرئتين، وكان يستمدُّ حمايته لها من
المعبودة نفتيس إذ كان يصوَّر بصُحبتها، وكان حابي يُمثِّل وجه قِرد.١٤
أما «دواموت إف» فكان يُمثَّل برأس ابن آوى وكان مسئولًا عن المعدة وذلك تحت حماية
المعبودة نيت، في حين اتَّخذ قبح سنو إف هيئة رأس الصقر وكان مسئولًا عن حماية الأمعاء،
وقد استمدَّ تلك الحماية من المعبودة سرقت.١٥
وهكذا طابق المصريون القدماء بين أواني حفظ الأحشاء الأربعة، وبين أبناء حورس
الأربعة، والمعبودات الحاميات إيزيس – نفتيس – نيت – سرقت، اللاتي نجد أسماءهن في صِيَغ
تقليدية أظهرتهم كمعبودات موكَّلات بالحماية لتلك الأواني الأربعة، بحيث جاءت إيزيس
مُرتبطة بأمستي، ونفتيس ﺑ «حابي» ونيت ﺑ «دواموت إف» وسرقت ﺑ «قبح سنو إف»،١٦ ولقد أظهرت النقوش التي جاءت على بعض صناديق حفظ الأحشاء أو على بعض
الأواني الكانوبية نفسها، أن المحتويات المُحنَّطة في داخل الآنية لم تكن مجرَّد أشياء
وُضِعت تحت حماية أبناء حورس، بل تمثَّلت فيهم أنفسهم باعتبارهم حُماة الأواني الكانوبية.١٧
وربما كان السبب وراء ارتباط أواني حفظ الأحشاء بأبناء حورس الأربعة، راجعًا إلى
وظيفتهم التي وردتْ في الفصل رقم «١٧» من كتاب الموتى؛ إذ جاء فيه أنهم من آلهة العدالة
والذين يُشكِّلون المحكمة التي تدعم أوزير،١٨ الذي ارتبط أساسًا بالموت والأحياء والخصوبة وكان يُصوَّر دائمًا في شكل
مومياء تبرُز يداها من لفائف التحنيط مُمسِكة بالمذبَّة والصولجان.١٩
وتذكُر الفقرة رقم «٥٥٢» من متون الأهرام أنَّ أولاد حورس الأربعة سوف يطردون الجوع
الذي في جَوف المُتوفَّى والعطش الذي على شفته، أي أنهم سيُؤمِّنون له الغذاء والشراب
(أي القرابين).٢٠
ولم يكن كل ذلك ملموسًا في بادئ الأمر؛ إذ لم تكن أواني حفظ الأحشاء في عصر الدولة
القديمة كما سبق وأن ذكرتُ تتعدَّى كونها مجرَّد أوانٍ حجرية أو فخارية ذات أغطيةٍ
بسيطة تفتقر إلى التعاويذ التي صارت تُنقَش على نظائرها المتأخِّرة.٢١
ففي «شكل ٧٠٨» نرى إناءً كانوبيًّا من حجر الألباستر، ارتفاعه ٢٥سم، واتِّساع قُطره
٢٠سم، عُثر عليه بأبو روَّاش يؤرَّخ بعصر الدولة القديمة، الإناء له غطاء مسطَّح قُرصي
الشكل، وهو أحد أربعة أوانٍ لحفظ الأحشاء، لم يُعثَر منها حديثًا إلَّا على هذا الإناء
الذي اتَّضحت به سِمات أواني تلك الفترة، حيث بساطة النحت والاكتفاء بتغطية الإناء
بغطاء بسيط،٢٢ ويلاحظ أن أغلب ما عُثر عليه من أوانٍ كانوبية كانت تُصنَع من حجر الألباستر،٢٣ أو الحجر الجيري، فكانت الأواني الكانوبية في عصر الدولة القديمة لا تعدو
أن تكون مجرد إناءٍ من النمَط المسلوب البدن، ضيق القاعدة والفوهة، وذي أكتافٍ مُرتفعة
بعض الشيء، ففي «شكل ٧٠٩» نرى إناءً لحفظ الأحشاء من الحجر الجيري، ارتفاعه ٢٥سم، وبه
آثار بعض التحطيم ولم يُعثَر بعدُ على غطائه وقد عُثر على هذا الإناء في مقبرةٍ تقع إلى
الشمال من مصطبة نب إم أخت بالجيزة ولم يترُك اللصوص سِواه، وهو يؤرَّخ بعصر الدولة القديمة.٢٤
وكانت أغطية أواني حفظ الأحشاء في ذلك العصر تُعدُّ مجرَّد أقراص مُستديرة تُشبه
أرغفة الخبز، تُثبَّت أعلى فوَّهة هذه الأواني للحفاظ على ما بها، ففي «شكل ٧١٠» نرى
اثنين من أواني حفظ الأحشاء من نفس النمط السابق، عُثر عليهما في حجرة الدفن بمصطبة
آختي حتبو بالجيزة، وكانا خلْف التابوت الذي كان يحوي مومياء صاحب المصطبة، ولم يترُك
اللصوص إلَّا هذين الإناءين، وهما من الحجر الجيري الخشِن الصُّنع ويلاحظ صِغَر حجميهما.٢٥
وفي «شكل ٧١١» نرى أربعة من أواني حفظ الأحشاء، من الحجر الجيري الأبيض، زُوِّدت
بأغطيةٍ بسيطة مُسطحة، قرصية الشكل، وقد عُثر على هذه الأواني بمصطبة مروكا بالجيزة،
وتؤرَّخ بعصر الدولة القديمة.٢٦
أما «شكل ٧١٢» فنرى فيه أيضًا أربعةً من أواني حفظ الأحشاء، يبلُغ ارتفاع الواحد
منها
٩٫٥ بوصة، وهي من الحجر الجيري، تؤرَّخ بعصر الأُسرة السادسة، وهي تتشابَه في شكلِها
مع
الأواني السابقة من حيث تَقارُب الحجم وشكل الغطاء البسيط رغم أنها تخصُّ أمين بيت
المال، أو المُشرِف على الخزانة «بيري نب» pery-neb٢٧ ومن ثَمَّ يُمكن القول إنَّ أواني حفظ الأحشاء كانت مُتشابِهة في جميع
الأحوال، وتختلف فقط في مادة الصُّنع ومدى جودة النحت والصقل.
وكانت بعض أواني حفظ الأحشاء التي عُثر عليها قد احتفظت بداخلها في كثيرٍ من الأحيان
ببقايا موادَّ من تلك التي استُخدِمت في التحنيط وتنوَّعت ما بين اللون الأسود والبُني.٢٨ ومن الجدير بالذِّكر أنَّ التحنيط كان يتمُّ على مراحل وخطوات عدة، ويستغرق
فترة مُحدَّدة،٢٩ وفي سبيل إتمامه كان المصري القديم يَستخدِم أوانيَ مختلفة، بعضها من
الحجَر وبعضها الآخر من الفخَّار، وذلك لحفظ المواد المُستخدَمة في عملية التحنيط،
وكانت تلك الأواني أحيانًا تُحفظ بعد ذلك في مخبأ بالقُرب من مقبرة صاحبها، وذلك كما
هو
الحال في العديد من مقابر طيبة٣٠ (شكل ٧١٣).
ولقد أمدَّتْنا نفس المنطقة في طيبة أيضًا بخبيئةٍ لأدوات التحنيط، تعود أيضًا إلى
عصر الأُسرة الحادية عشرة، وتتألَّف من بقايا المواد التي استُخدمت لتحنيط المدعو «آبي»
وليس اكتشاف مِثل تلك الخبيئة بالأمر النادر، فهناك أمثلة كثيرة من مختلف العصور؛ إذ
كانت تُحفَظ بالقُرب من المقبرة التي تنتمي إليها، ومن الجائز أنَّ سِرَّ الاهتمام بدفن
تلك البقايا يرجع إلى احتفاظها ببعض أنسجة المتوفَّى؛ لذا تُوضَع بالقُرب من المقبرة
حتى يكون جسد المُتوفَّى كاملًا غير منقوص في العالَم الآخر ولم يكن من الجائز دفن تلك
المُخلَّفات داخل المقبرة نفسها؛ لأنها تفتقر إلى الطهارة الطقسية، فكان المَخرج أن
تُدفن على مقربةٍ من المقبرة. ومن المُعتقَد أيضًا أنَّ تلك المواد كانت تُدفن حتى
تحُول بين أعداء المُتوفَّى وبين الحصول على جزءٍ من جسدِه خوفًا من أن يستخدِموه لغرَض
سِحري شرير لإنزال الأذى به.٣١
وكان التحوُّل في صناعة ونحت أواني حفظ الأحشاء قد ظهر في شكل أغطية تلك الأواني،
فقد
بدأت أغطية الأواني الكانوبية تتَّخِذ هيئة رءوس أبناء حورس الأربعة، وذلك كما نرى في
«شكل ٧١٤» و«شكل ٧١٥» الذي يُبيِّن أربعةً من أواني حفظ الأحشاء عُثر عليها بتلِّ بسطة،
كانت أغطيتُها قد اتَّخذت هيئات الأبناء الأربعة لحورس (الصقر – ابن آوى – القرد –
وهيئة آدمية)، كان ارتفاع الإناء الأول ذي الهيئة الآدمية حوالي ٥٠سم والثاني ذي هيئة
الصقر ٥٣سم، والثالث الذي اتَّخذ هيئة القِرد كان ارتفاعه ٤٣سم، والرابع ذو هيئة ابن
آوى كان ارتفاعه ٤٥سم. صُنعت الأواني الأربعة من الألباستر، وهي تُوجَد حاليًّا بالمتحف
المصري.٣٢
أما «شكل ٧١٦» فيُبين ثلاثةً من الأواني الكانوبية، وجزءًا من إناءٍ رابع، اتَّخذت
أغطية تلك الأواني هيئات «القرد، ابن آوى، الصقر، والرأس الآدمي». اختلفت هذه الأواني
فيما بينها من حيث الحجم ونوع الحجَر وهي تؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى. عُثر عليها بمنطقة
أهناسيا المدينة ببني سويف.٣٣
وعلى غرار هذه الأواني الأربعة، عُثر على العديد من الأواني الكانوبية من الحجر
الجيري في مقابر تؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى في محافظة البحيرة، اتَّخذت أغطيتُها أيضًا
هيئة أبناء حورس الأربعة، وكانت ارتفاعاتها تتراوَح ما بين ٢٢ : ٣٠سم في أغلب الأحوال،٣٤ وهي تعدُّ دليلًا على مدى اهتمام المصري القديم بتحنيط جسد المُتوفَّى،
والاحتفاظ بأحشائه الداخلية بعيدًا عن الجسد كي يبقى سليمًا. وعلى الرغم من قلَّة ما
وصَلَنا من مومياوات في عصر الدولة الوسطى، إلا أنَّ وجود أواني الأحشاء في مقابر تلك
الفترة، يُظهِر أنَّ مومياواتها كانت تُفرَّغ من محتوياتها في أوانٍ أربعة من الحجر أو
الفخَّار ذات سدَّادات على شكل رءوس آدمية، بعد أن كانت أغطيتُها عاريةً من الزينة في
الدولة القديمة.٣٥
فقد بدأت أغطية تلك الأواني تتَّخِذ هيئة رءوس آدمية في بداية عصر الانتقال الأول،
واستمرَّ هذا التقليد مُتَّبعًا حتى نهاية عصر الدولة الوسطى، وأصبحت التجهيزات
الكانوبية تتكوَّن من صندوقَين؛ أحدهما من الخشب والآخر من الحجَر، وبهما أربعة أوانٍ
كانوبية ذات أغطيةٍ بشكل رءوسٍ آدمية.٣٦
ويُبيِّن «شكل ٧١٧» أربعةً من تلك الأواني الكانوبية من الحجر الجيري، وأغطيتُها
من
الخشب الملوَّن على هيئة رءوسٍ آدمية وهي تؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى وتوجَد بالمتحف المصري.٣٧
وفي «شكل ٧١٨» نجد أربعة أوانٍ كانوبية من الألباستر جيدة الصقل للأميرة سات حتحور
إيونيت، عُثر عليها باللاهون، يبلُغ ارتفاع الواحد منها حوالي ١٤٫٥بوصة، تحمِل هذه
الأواني الأربعة نقوشًا بأسماء المعبودات الحامِيات الأربع «إيزيس، ونفتيس، وسرقت،
ونيت»، بخلاف نقشٍ آخَر باسم الأميرة ست حتحور إيونيت،٣٨ أجاد الفنان إظهار تفاصيل ملامح الوجه في أغطيتها، وأوضح في تلك الملامح
الآدمية سمات القوة والوضوح.٣٩
وفي «شكل ٧١٩» نرى أحد الأواني الكانوبية الخاصة بالملكة
Aat وهو من الألباستر، عُثر عليه بداخل صندوق لحفظ
أواني الأحشاء بغرفة دفن الملكة بالمقبرة المُلحقة بهرَم الملك أمنمحات الثالث بدهشور،
الإناء جيد النحت والصقل، يظهر عليه مدى الاهتمام بصناعته وإجادة صقلِه لدرجة اللمعان.
الإناء لم يُعثَر على غطائه، وهو يؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى.٤٠
ويوضِّح «شكل ٧٢٠» أربعةً من أواني حفظ الأحشاء، من حجر الألباستر عُثر عليها باللشت،
يبلُغ ارتفاع الواحد منها حوالي ١٧ بوصة، تؤرَّخ هذه الأواني بعصر الأُسرة الثانية
عشرة، ويلاحَظ أنَّ أغطيتها من الخشب المُغطَّى بالملاط الملوَّن، واتَّخذت هيئة رءوس
آدمية.٤١
ونرى في «شكل ٧٢١» أربعةَ أوانٍ كانوبية من المرمر المصري، اكتُشفت عام ١٩٩٥م، بواسطة
بعثة متحف المتروبوليتان بنيويورك، وقد عُثر عليها في مقبرةٍ لعظيم بجبَّانة دهشور،
تؤرَّخ هذه الأواني بعصر الأُسرة الثانية عشرة وتوجَد بالمتحف المصري.٤٢
أما في «شكل ٧٢٢» و«شكل ٧٢٣» فنرى أربعةً من أواني حفظ الأحشاء من حجر الألباستر،
عُثر عليها بجوار هرَم «أمنمحات الأول» إلى الجنوب من دهشور، وهي تؤرَّخ بعصر الأسرة
الثالثة عشرة، ويلاحَظ تحطُّم بعض أجزائها، إلا أنها تحمِل نقشًا بأسماء المعبودات
الحاميات الأربع، واسم «أمنمحات الأول» ولم يُعثر بعدُ على أغطية تلك الأواني، وهي
توجَد بالمتحف المصري.٤٣
ويُوجَد بالمتحف المصري أيضًا العديد من أواني حفظ الأحشاء التي وضحت بها جميعًا
سمات
فنِّ تلك الفترة، وإنِ اختلفت أحجامها ومواد صناعتها، فبعض هذه الأواني حرص المصري
القديم على تكوينها لا سيما أغطيتها، وإظهار ملامح وتفاصيل الوجه الآدمي بشيءٍ من
الوضوح. وذلك كما نرى في «شكل ٧٢٤» وكذلك «شكل ٧٢٥».٤٤
وكانت الغلبة لحجر الألباستر في صناعة مثل هذه الأواني الكانوبية وكذلك الحجر الجيري،
ففي «شكل ٧٢٦» نرى إناءً لحفظ الأحشاء من الحجر الجيري، ارتفاعُه حوالي ٢٣سم، وارتفاع
غطائه حوالي ١١٫٣سم وهو يتَّخذ هيئة رأسٍ آدمي مُلتحٍ، أجاد الفنان إظهار تفاصيل وملامح
الوجه، وهو يؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى، ويوجَد بالمتحف المصري
(CG.4033).٤٥
وكذلك يُبين «شكل ٧٢٧» إناءً آخر لحفظ الأحشاء، أيضًا من الحجر الجيري، له نفس هيئة
وسِمات الإناء السابق، ارتفاعه ٢٣٫٣سم، ارتفاع غطائه ١١سم، يوجَد بالمتحف المصري
CG.4030،٤٦ ومن الحجر الجيري أيضًا كان الإناء «شكل ٧٢٨» الذي يبلغ ارتفاعه ٢٤سم،
وارتفاع غطائه ١٥٫٥سم، يوجَد أيضًا بالمتحف المصري
CG.4031.٤٧
وعلى غراره كان الإناء «شكل ٧٢٩» الذي يبلُغ ارتفاعه ٢٣٫٥سم، وارتفاع غطائه ١١٫٧سم،
يؤرَّخ أيضًا بعصر الدولة الوسطى ويوجَد بالمتحف المصري
CG.4032.٤٨
ونلاحظ بهذه الأواني الأربعة وضوح ملامح الوجه الآدمي المُلتحي الذي قلَّد فيه الفنان على ما يبدو وجهَ صاحبها وركَّز على إحاطة العيون في جميع الأغطية باللون الأسود «كتقليدٍ للكحل» وكذلك الحواجب فبدَتْ وكأنها عيون حقيقية تنظر للناظر إليها.
ويُبين «شكل ٧٣٠» إناءً لحفظ الأحشاء من الألباستر، ذا غطاء على هيئة رأس آدمي
مُلتحٍ، ارتفاع الإناء ٣١سم، وارتفاع الغطاء ١١سم، جاءت ملامح الوجه تكاد تكون واقعية،
يؤرَّخ الإناء بعصر الدولة الوسطى، ويُوجَد بالمتحف المصري
CG.4017.٤٩
وكذلك يُبين «شكل ٧٣١» إناءً آخر لحفظ الأحشاء جاء مُشابهًا بعض الشيء للإناء السابق،
وهو من الألباستر أيضًا إلَّا أنه أقل منه ارتفاعًا؛ إذ يبلغ ارتفاعه ٢٣سم، وارتفاع
غطائه ١١٫٣سم، يُوجَد بالمتحف المصري C.G.4013.٥٠
أما «شكل ٧٣٢» فيُبيِّن أربعةً من أواني حفظ الأحشاء أيضًا، عُثر عليهم بدهشور، صُنعت
الأواني الأربعة من حجر الألباستر، وجاءت أغطيتُها جميعًا على هيئة رءوسٍ أدمية أجاد
الفنان إظهار ملامح وتفاصيل الوجه فيها، وتُوجَد هذه الأواني بالمتحف المصري، وتتراوَح
ارتفاعاتُها ما بين ٢٢٫٩سم إلى ٣٤٫٧سم، بينما ارتفاع أغطيتِها ما بين ١١٫٧سم إلى
١٨٫٣سم، وهي تؤرَّخ بعصر الدولة الوسطى.٥١
١
زاهي حواس، سيدة العالم القديم، ص٢٤٣.
٢
أ. ج. سبنسر، الموتى وعالمهم، ص١٢٨.
٣
Shaw, I., and Nicholson, P., British Museum dictionary, p.
59; Ikram, S., and Dodson, A., The Mummy in Ancient Egypt, Cairo, 1998,
p. 276; Lacovara, p., Op. Cit., p. 481.
٤
كريستيان ديروش نوبلكور، أسلوب الفن المصري القديم، مترجم، باريس، ١٩٦٤م،
ص١٨٨؛ جورج بوزنر، مرجع سابق، ص٤٦؛ أدولف إرمان، ديانة مصر القديمة،
ص٣٣٦.
٥
Hayes, W. C., Op. Cit., p. 183.
٦
Engelbach, R., and Guéraud, O., “Coffins and Sarcophagi in:
introduction to Egyptian Archaeology, p. 93-94; Shaw, Op. Cit., p.
59.
٧
Ikram, S., Op. Cit., p. 277.
٨
المتحف المصري، تصوير الدارسة.
٩
أ. ج. سبنسر، الموتى وعالمهم، ص٣٥.
١٠
Van Voss, M. H., “Horus Kinder”, in: LÄ, III, cols. 52-53.
١١
Hayes, W. C., Op. Cit., p. 183.
١٢
جورج بوزنر، معجم الحضارة، ص٤٥.
١٣
Dodson, A., “Canopic Jars and Chests”, in: OEAE, 1, Cairo, 2001, p.
231.
١٤
Van Voss., M. H., Op. Cit., cols.
52-53.
١٥
Zaki, H. E., The four sons of Horus and their role in the
ancient Egyptian, research presented to obtain the Master degree, Helwan
university, Cairo, 2004, p. 315-316.
١٦
Hayes, W. C., Op. Cit., p. 325.
١٧
أ. ج. سبنسر، مرجع سابق، ص١٨٣-١٨٤.
١٨
غادة محمد محمد بهنساوي، مرجع سابق، ص٣٠٠.
١٩
Shaw, I., Op. Cit., p. 213; Griffiths, J. G., “Osiris”, in:
OEAE, vol. 2, 2001, p.
615.
٢٠
غادة محمد محمد بهنساوي، مرجع سابق، ص٣٠٢.
٢١
أ. ج. سبنسر، مرجع سابق، ص١٨٣.
٢٢
Hawass., Z. Hidden treaswers, p. 25.
٢٣
Hart, G. Ancient Egypt, London, 1990, p.
14-15.
٢٤
Hassan, S., and Farid, Sh., The Mastabas of the eighth
season, vol. IX, p. 80, pl. XXXIIB.
٢٥
Abu-Bakr, A., Excavations at Giza, p. 2, pl. V,
A.
٢٦
Hassan, S., Excavations at Giza, Oxford, 1932, p. 63, pl.
XLII, 5.
٢٧
Hayes, W. C., Op. Cit., p. 118, Fig.
71.
٢٨
Lucas, A. “The Canopic Vases from the tomb of queen Tiyi”
in: ASAE, 31, 1931, p.
120–122.
٢٩
Iskander, Z., and Shaheen, A., “Temporary stuffing materials
used in the process of mummification in Ancient Egypt”, in: ASAE, 58, 1964, p.
198.
٣٠
يول غليونجي، الحضارة الطبية في مصر القديمة، القاهرة ١٩٦٥م، ص٣٦.
٣١
أ. ج. سبنسر، مرجع سابق، ص١٢٩.
٣٢
Hawass, Z., Hidden treasures, pp.
28-29.
٣٣
كارمن بيريز-دبي، تقرير عن أعمال بعثة الآثار الإسبانية بمنطقة أهناسيا
المدينة، هيراكونبوليس ماجنا، بني سويف، حوليَّات المجلس الأعلى للآثار، المجلد
الأول، ٢٠٠٤م، ص١٠٠، شكل «١٨».
٣٤
فوزية ربيع ناصف، دارسة لبعض المواقع الأثرية في منطقة البحيرة (كوم فرين –
كوم الذهب – سلفاجو)، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآثار، جامعة القاهرة،
٢٠٠٧م، ص١٤٢–١٤٤.
٣٥
أ. ج. سبنسر، مرجع سابق، ص١٢٨.
٣٦
Shaw, I., And Nicholson, P., Op. Cit., p.
59.
٣٧
Saleh, M., The Egyptian Museum Cairo, cat.
97.
٣٨
Hayes, W. C., Op. Cit., p. 324.
٣٩
Reisner, G., “The dated Conopic Jars of the Gizeh Museum”
in: ZÄS, 37, 1899, p. 62-63; Hayes, W.
C., Op. Cit., p. 324, Fig. 212.
٤٠
Arnold, D., “Die pyramide Amenemhet III von Dahschur”, in:
MDAIK, 38, 1982, p.
20.
٤١
Hayes, W. C., Op. Cit., p. 323.
٤٢
المتحف المصري، تصوير الدارسة.
٤٣
Swilm, N., and Dodson, A., “On the pyramid of Ameny-Qemau
and its Conopic Equipment”, in: MDAIK,
54, 1998, p. 319–326, Taf. 54, 55.
٤٤
المتحف المصري، تصوير الدارسة.
٤٥
سجلَّات المتحف المصري، CG.4033,
(No.SR.416/3).
٤٦
سجلَّات المتحف المصري، CG.4030,
(No.SR.413/3).
٤٧
سجلَّات المتحف المصري، CG.4031,
(No.SR.414/3).
٤٨
سجلَّات المتحف المصري، CG.4032,
(No.SR.415/3).
٤٩
سجلَّات المتحف المصري، CG.4017,
(No.SR.342/3).
٥٠
سجلَّات المتحف المصري، CG.4013.