وفي قصة العشق الشعرية التالية، والتي يمكن أن تُصَنَّف على اعتبار أنها «بالادا»،
والتي
تثبت مقولتها المحورية، أن التعبير المتوجع «آه» لم يأتِ ويصدر إلا من عليل الحب.
ثم تحكي عن ذلك العليل الذي كان «يمشي في الحرير ويخب» إلى أن ابتلي العشق، فَصُرِعَ
وجاءه طبيبه ليطببه من «أراضي الشام» التي لا بد وأنها كانت متفوقة في الطب؛ لكثرة ما
يُسْتَشْهَد في هذه المأثورات بفصاحة حكمائها وأطبائها.
ثم كيف أن جرح عليل العشق المتقيح الدامي تسبب في قتل الطبيب المداوي، فلم يعد ويرد
لوطنه، وحاول ابنه السفر إلى مصر لإرجاع عظام أبيه، فأثنوه الناس، وأخافوه وأرجعوه، إلا
أن
أمه أصرت على سفر ابنها لإرجاع جثة أبيه، وهكذا سافر الابن على بكره أو جمله — المنكوي
نابه
— فوصل العليل في خامس يوم، وعلم بموت أبيه، ورغم ذلك حاول رد اعتباره — كطبيب شاطر كأبيه
—
أن يعالج عليل العشق الذي عاجله قائلًا:
يا ابني دول وصفم لجرحي
تُلْتُمِيت أردب خردل كل حبة بألف
وجاني ألفين طبيب شطار وكما تبعهم ألف
جميع هؤلاء الأطباء غطسوا في جرح العليل، الذي
من سوء بخته «غرق الألفين، وتاه الألف»
وأنا أصل جرحي من المحبة جلف
وما ظهرت الآه إلا من عليل الحب
«ما ظهرت الآه … إلا من عليل الحب»
ما ظهرت الآه إلا من عليل الحب
ما قالهاش آه، إلا لما ملتقلوش طب
من بعد ما كان يمشي في الحرير ويخب
صبح عليل وحاله لم يسر حبيب
قام درى عليه طبيب شاطر من أرض الشام
ركب على بكرته ورحلو في نهار الحد
ولما كشف عن الجرح فجت ريحه منه
وقع الطبيب مات في الوطن لم رد!
«الطبيب كان لُو ابن»
قال: والله الخبر دا ما درينا بيه؟!
واجب عليه أروح لو أعزي فيه.
•••
الولد طالع واحد من بلد العليل لاقاه
قالوا يا ابني عاود من هنا تاني
لتموت زي أبوك، ولا ترجع ع الوطن تاني
قالوا: إزاي أعاود من هنا تاني؟!
وأنا بعد أبويا كواني!
•••
الولد عاود يبكي دمعة من العين دي ودمعة من العين دي
وقال: وحداني وبقى كدى على زندي
أمه تقوللو: عاودت ليه با ابني؟!
قال: واحد من بلد العليل لاقاني
قللي عاود من هنا تاني
لتموت زي أبوك ولا ترجع ع الوطن تاني
مرات الطبيب لها أخت، قالتلها:
يا أختي ابنك بقى راجل. هو جوزك كان حنش
والا الأمير فاضي!
قالت لها: جوزي كان طبيب شاطر مهنيني
وكنت شايلاه لعازات الزمان وغسلي وتكفيني
قوم يا ابني سافر ما تعمل على عندي
سافر وهات عضم أبوك ادفنه عندي
الولد كان عنده بكر
١ منكوى نابه …
سفر أربعين يوم في أربعه جابه …
خامس يوم فتح ع العليل بابه
قاللو: تعرفشي يا عليل الطبيب اللي كان هنا راح فين
قاللو: مات … وانت عاوز أيه؟
•••
الولد طلع خاطره مكسور
يلف في البلد يلقى البلد عالية وعليها سور
يقول: يا أهل البلد دي، تعرفوش الطبيب …
اللي كان هنا راح فين؟
قالولو مات منشهدشي شهادة زور
مقال يا بكر الشام دلبنا …
ياما كشفنا عن جروحات وقطبنا …
اليوم ظهر عليل في الحي غالبنا!
•••
سمع كلام العليل، قال:
هاتوا الولد هاتوه …
قاللو: بتقول إيه يا ابني؟
قاللو: بقول يا بكر الشام دلبنا …
ياما كشفنا على جروحات وقطبنا
مقدمة عوم، والموج غالبنا
واليوم ظهرت أنت في الحي غالبنا.
•••
قاللو: يا ابني دول وصفم لجرحي
تلتميت أردب خردل، كل حبة بألف
وجاني ألفين طبيب شطار
وكمان تبعهم ألف
دول ودول نزلوا في الجرح غطاسين
من سو بخت العليل، غرقوا الألفين
وتاه الألف
وأنا أصل جرحي م المحب جلف
ولا ظهرت الآه إلا من عليل الحب.
•••
الحمد لله بلانا طاب ما عاديناش حد
بلوه خفيفة وماحملناش جمايل حد
مشى الجميل مشيت وراه بالقدم والحد
أنا عملت شحات طالب حسنة الأموات
قاللي بلاش مرقعة ماقبلناش حد
أنا قلت يا شيخ والله أنت كلامك جد
إن كان أهلك عليه علموك الصد
الزم محلك ولا بفتشي تواعد حد
أم العليل سافرت من جد ل تاني جد
تجيب دوا ابنها اللي انطحن جسمو
وحيله انهد.
•••
اكم يا عبد تزني والإله يستر
ما فوت لمن لقيتك ع الجبين تستر
في ايده كتاب المحبة فيه عشر تسطر
أول من السطر تنساني يا جميل ما نساك
يسعد صباحك من الله يا جميل ومساك
ومين دا اللي عليه بالجفا أساك
هو أعطاك مال والا خاص الحرير وكساك
تاني من السطر تهجرني بلا ذلة
خليت عضايا على النيران تتقله
وسر تربة نبي وابن عبد الله
خليت جسدي من الهجران تتقله
تالت من السطر كامل والنبي كامل
من يوم ما غابوا الحبايب والقلب ما تكامل
وسر تربة نبي راحلو الحج متكامل
أنا ابتليت بالمحبة قبل ما تكامل
رابع من السطر بنيت بحر المحبة طين لقيتو جبس
ولأن عليه اللي أحبه بعد ما كان دبس
٢
والله المحبة بلا ما هياشي بكتر اللبس
خامس من السطر ياما الناس سبوني
صارم حواسه على بابه وفاتوني
وسر تربة نبي في الشرق مدفونة
من عاند أهل المحبة صار مجنونة
ساتت من السطر أخشى الله يا فاتك
اضحك بسن الرضى ولا تشغل بالك
سابع من السطر شوف حالي ولا ترحم
مشبوك بعنبك وانت يا جميل أرحم
وسر تربة نبي راحلو الجمل أرحم
من داق غرامك يقول نار الجحيم أرحم
تامن من السطر شوف حالي وتيسر
شوف من كواه البين وتحسر
وسر تربة نبي راحلو الجمل فسر
أنا ابتليت باللي أحبه قبل ما فسر
عاشر من السطر آهو جاد الجميل بالوصل
وبات في حينا ما عدشي يقصر قصر
والله المحبة بلا ماهش بكتر النصر
وانت يا رب على قتل الغرام تستر.