الفصل السادس عشر
قال نبيل لفتنة: أليس لها آخر؟
– اسمع يا نبيل أنت أكرمتني غاية الإكرام بالهدايا الثمينة وبالمال الصريح، ومن حقك علي أن تعرف أنني لا أهب نفسي إلا لزوجي.
– أنا فاهم هذا من زمن بعيد، ولكن كيف؟
– طبعًا كيف وأنا متزوجة؟ فما قولك إذا طُلقت؟
– أتزوجك في اليوم الذي تنتهي فيه شهور العِدة.
– إذن اتفقنا.
– وكيف تحصلين على الطلاق؟
– هذا شغلي أنا.
– وأنا منتظر.
– لن تنتظر طويلًا.
•••
كانت فتنة قد أعدت أمرها للحصول على الطلاق من زوجها؛ فراحت تجمع أموالها جميعًا من البنوك وأخفتها جميعًا في خزانة حصينة في شقتها التي كانت تعيش فيها قبل أن تتزوج من شهاب.
وجمعت كل الأوراق التي تدين شهابًا في العمليات التي قام بها وتوجهت إلى المدعي الاشتراكي.
ووجد شهاب نفسه أمام زوجته، هي شاهدة عليه وهو متهم.
وصدر قرار المدعي الاشتراكي بوضع أمواله جميعًا تحت الحراسة كما وضع القرار أموال زوجته، وتغاضى عن ولديه حين أكدت فتنة أن شهابًا لا صلة له بابنه أو ابنته وأنه طلق أمهما منذ سنوات، وأنهما لا يملكان شيئًا خاصًّا بهما في البنوك.
•••
وخرج شهاب من لقائه بالمدعي الاشتراكي إلى المأذون فورًا، وطلق فتنة وأرسل إليها ورقة الطلاق عن طريق القسم.
•••
وحين تسلمت فتنة الورقة ذهبت إلى نبيل فواز، وفوجئت منه بوجه متجهم ولقاء نافر مما أدهشها دهشة زلزلتها: مالك؟
– هل حصلت على الطلاق؟
– وهذه هي الورقة.
– طبعًا، وماذا كنت تنتظرين غير هذا؟
– ألم أقل لك إنك لن تنتظر طويلًا؟
– كنت أتوقع أي شيء إلا ما فعلته.
– ولماذا توقعت غير هذا؟ لقد كان شهاب معي بخيلًا كل البخل كما أنه لم يكن أمينًا على عرضي، كان المال هو كل ما يفكر فيه.
– لا عذر مطلقًا لما أقدمت عليه.
– أتلومني على أنني تخلصت منه لأتزوج منك؟
– لا شيء في العالم يبيح لك أن تفعلي ما فعلته.
– لقد فعلت هذا لنتزوج.
– انسي هذا الموضوع نهائيًّا.
– إلى هذه الدرجة؟
– الستُ التي تفعل ما فعلته مع زوجك لا يأمن أي رجل آخر أن تكون زوجته الحفيظة على أسراره، وأنا رجل تاجر وفي عملي كثير من الأسرار إن حجبتها عن الناس لا أستطيع أن أحجبها عن زوجتي.
– إذن؟!
– إذن لست على استعداد أن أوضع تحت الحراسة.
– إن في يدي أوراقًا تدينك.
– وهذا أدهى وأمر.
– ألا تخاف أن أفعل معك نفس الشيء الذي تصرفت به مع شهاب؟
– شهاب زوجك ومن الطبيعي أن تعرفي أسراره، وقد يقبل المدعي الاشتراكي فضحك له على أساس أنك زوجة تريد أن تتخلص من زوجها، أما إذا قدمت الأوراق التي تدينني فسيكون السؤال الذي يوجه إليك من أين حصلت على هذه الأوراق إلا إذا كانت هناك علاقة بيني وبينك وهو الأمر الذي تحرصين على ألا يلحق بك، وحينئذٍ يسقط عنك حجاب العفة الكاذب الذي تتمسكين به كل التمسك.
– سوف نرى.
– إذا كنت تهددينني لأتزوجك فماذا أنت فاعلة إذا تزوجت منك يا فتنة هذا فراق بيني وبينك.
– ألا أطمع في مجرد الصداقة؟
– ولا هذه أيضًا فأنت نوع لا يأمنه إنسان على نفسه، لا صداقة ولا صلة بيننا من هذه اللحظة، مع السلامة.
– وتطردني أيضًا.
– كان يجب أن أطردك منذ جئت إليَّ، مع السلامة، بل إنني لا أرجو لك السلامة.
وخرجت فتنة وكيانها مزيج من الغضب والرغبة في الانتقام والعجز عنه. ودون أن تذهب إلى صفوت رمزي أو أسامة البدري أدركت أن موقفهما سيكون هو نفس موقف نبيل فواز؛ فانطوت على نفسها وانحسرت عنها الآمال في إنتاج فيلم أو حتى تمثيلية تليفزيونية مدتها نصف ساعة.