الفصل الثامن
أنجب شهاب وسعاد ولدًا وبنتًا وأسميا الولد أمجد والبنت فضيلة، ولكن شهاب لم يكن بالزوج المثالي صاحب الفضيلة؛ فقد كان يضيق بالبيت ويبحث لنفسه عن تسلية مع صديقه حماد شريف.
تغير الوزير الذي كان شهاب مديرًا لمكتبه وجاء وزير جديد ولم يغيِّر شهابًا لأنه كان لا يعرف أحدًا في الوزارة، وارتأى أن يجرِّب شهابًا، واستطاع شهاب في دربة ومران أن يكتسب ثقة الوزير سواء كان ذلك في أعمال الوزارة أو في الأعمال الخاصة؛ فما هو إلا بعض الوقت حتى رقي شهاب إلى درجة مدير عام، وظل على صلته بالمتعاملين مع الوزارة، ولم تثر حول الرشى التي كان يقبضها أية إشاعات، وكان التجار أشد ما يكونون حرصًا على بقاء شهاب في اختصاصه، وكان هو على ذلك أحرص؛ ولذلك لم يفعل مثل سلفه راشد الجوهري الذي أشركه معه عند أول تعيينه؛ فقد كان شهاب مصرًّا على أن ينفرد هو بهذا الاختصاص حتى لا يسلبه أحد شيئًا مما ينهمر عليه من مال.
حين رُقِّي شهاب إلى درجة مدير عام أنبأ سعاد بالخبر وهما على مائدة الغداء، وفرحت به فرحًا شديدًا كما فرح أمجد وفضيلة وقالت سعاد: لا بد من هدية لأمجد ومثلها لفضيلة.
– اشتري أنت الهدايا التي تريدينها وأنا عليَّ أن أدفع ثمنها.
– ألا تسهر معنا الليلة لنحتفل بك؟
– نحتفل بكرة على الغداء، أما اليوم فإني على موعد هام.
وقالت سعاد في أسًى: في المقهى؟
– في هذه المقهى أتمم أعمال في غاية الأهمية، ثم إنك لا بد ذاهبة إلى المستشفى ففيمَ تريدين بقائي؟
– كنت سأعتذر عن الذهاب إلى المستشفى.
– اعتذري وابقي مع ابنيكِ فهما لا يكادان يريانك، وأنتِ أوكلت أمرهما إلى المربية عظيمة.
– إنك أنت الذي لا نراك إلا على الغداء وكثيرًا ما تتغيب حتى عن الغداء.
– أنا لا أتغيب إلا حين يكون الوزير في الوزارة، هل تتصورين أنى أترك الوزير في الوزارة وأقول له عن إذنك أنا ذاهب لأتغدى مع أسرتي؟
– أنا أعلم أنه لا فائدة من المناقشة معك، أفعل ما تريد، وعلى كل حال مبروك.
– بارك الله فيك.
وفي المقهى تلقفه حماد شريف والأصدقاء الآخرون بالترحاب والتهليل، وحين انتهى احتفال الأصحاب اجتذبه حماد إلى مكان ينفردان فيه وقال له: معك فلوس؟
– معي.
– أنا متأكد أن جيبك دائمًا عامر بالمال.
– أنا تحت أمرك.
– أخطأت فهمي، أنا الليلة معد لك سهرة ستظل تحلف بها طول عمرك.
– أين؟
– أترك لي الأمر، هيا لنقعد مع الصحاب.
– ومتى تبدأ السهرة؟
– لا تخف ما زال الوقت مبكرًا على بدئها.
•••
صحب حماد شهابًا إلى كباريه ليالي الفرح، وشاهدا العرض وبعد العرض سعى حماد إلى الراقصة فتنة لتجالسهما، وبهذه المجالسة بدأت لشهاب حياة جديدة.