الريف منطلق ثورة صناعية خضراء
(١) الريف: تعريف
(٢) المشكلة
تدنَّتِ الجدوى الاقتصادية للزراعة ولم تَعُدْ أسعارُ المحاصيل الزراعية على رأس الغيط تَفِي بنفقات الإنتاج؛ مما يهدد باتجاه الفلاح نحو ترك الزراعة وتبوير الأرض؛ ما يؤدِّي من ثَمَّ إلى زيادة العجز في توفير الغذاء مع زيادة تكلفة استيراده في المستقبل.
فاقت معدلات البطالة في الريف نظيرتها في الحضر؛ حيث يضمُّ الريف حاليًّا ٥٥٪ من إجمالي المتعطلين في مصر؛ مما يشير إلى العديد من المخاطر الاجتماعية والسياسية التي تتعلق بهذه الظاهرة.
يعاني الريف كذلك من البطالة المقنَّعة؛ فلقد أدَّتْ ميكنة الأنشطة الزراعية في الريف إلى انخفاض عدد الأيام الفعلية للعمل الزراعي إلى ١٢٠–١٨٠ يومًا على الأكثر.
أدَّتِ الهجرة من الريف إلى الحضر — وكذلك إلى الدول العربية، بالإضافة إلى الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط — إلى تفريغ الريف من العناصر الشابة والدينامية، التي من الممكن أن تمثِّل عوامل للنهوض بالريف وتنميته ذاتيًّا، فضلًا عن نمو المناطق العشوائية في الحضر، وما يرتبط بهذه الظاهرة من مخاطر اجتماعية وسياسية. (وصل إجمالي الهجرة من الريف للحضر بين تعدادَيْ ١٩٨٦ و١٩٩٦ إلى حوالي ٢ مليون نسمة.)
ظاهرة السحابة السوداء التي يُعَدُّ من أهم أسبابها: الحرق المكشوف في الحقل للبواقي الزراعية مثل قش الأرز وحطب القطن في الدلتا وحطب الذرة الرفيعة في الصعيد، بالإضافة إلى عروش الطماطم والبطاطس … إلخ، وما يرتبط بهذه الظاهرة من أضرار صحية كبيرة.
(٣) الفرصة
لدينا تاريخ طويل في الزراعة، ونحن من أقدم الدول الزراعية في العالم، ونكاد نكون أول دولة في العالم قامت فيها الثورة الزراعية.
ولدينا تراث تقني غني جدًّا، وثقافة متجذِّرة في التعامل مع الموارد الزراعية، وتنوُّع هائل في الخبرات التاريخية في الصناعات القائمة على الموارد الزراعية (الورق من نبات البردي، النسيج من ألياف الكتان، الأقفاص من جريد النخيل، إلى الحصير من السمار والمنتجات الجلدية، إلى النسيج من صوف الغنم ووبر الجمال وشعر المَعْز … إلخ)؛ مما يعطينا ميزات نسبية وتنافسية هائلة لتنمية القرى في مصر.
ولدينا الحيوية العالية للريف (٥٧٪ من سكان مصر، والنسبة المقابلة في أوروبا ٥٫٥٪)؛ أي لدينا قدرات بشرية في الريف يمكن أن تدفع جهود التنمية.
- المجال الأول: هذا المجال يمثِّل ترجمةً لشعار إعادة اكتشاف الموارد المحلية، ويقع بين إدراكنا خصائصَ المواد المتجددة: خواص البنية Structure على المستويين الماكرو والميكرو؛ أي البنية التشريحية والخواص الميكانيكية والطبيعية (الوزن النوعي والتشرُّب بالسوائل والقابلية للَّصق والدهان والموصِّلية الحرارية وخاصية العزل الحراري والصوتي والكهربي) والتكوين الكيميائي، وبين معايير ومتطلبات أداء خدمةٍ ما أو مواصفات منتجٍ ما مطلوبٍ على المستوى المحلي — مستوى المجتمع المحلي — أو القومي أو العالمي، فينشط الفكر والخيال وكذلك البحث العلمي التطبيقي لاكتشاف مجال جديد لاستخدام هذه المواد المتجددة، لأداء خدمةٍ ما أو لإنتاج منتجٍ ما. والناتجُ الإبداعي لهذا المجال هو أفكارٌ جديدة عن خدمات أو منتجات مستحدثة مرتبطة باستخدام المواد المتجددة.
- المجال الثاني: المجال الثاني يقع بين الفكرة الجديدة للخدمة أو المنتج المطلوب،
وبين السياق الاجتماعي الحضاري الذي يُراد أن يُجرَى فيه إنتاجُ هذه
الخدمة أو المنتج الجديد. والناتجُ الإبداعي لهذا المجال هو تكنولوجيا
جديدةٌ تناسِب السياق الاجتماعي الحضاري؛ فالتكنولوجيا المناسبة هي تلك
التي يستطيع السياق الاجتماعي الحضاري أن يهضمها ويتملَّكها ويتقوَّى
بنيانه بها ويطوِّرها ذاتيًّا، مما يحقِّق أحدَ أهم شروط الاستدامة.
«مطرح ما يسري يمري» عبارة توضح أن هناك شروطًا يجب أن يحققها الطعام
حتى يمكن للجسم أن يهضمه، كذلك التكنولوجيا يجب أن تناسب السياق
الاجتماعي الحضاري الذي يستخدمها؛ فليست التكنولوجيا الأحدث هي دائمًا
المناسبة وفقًا لمعيار القبول الاجتماعي الحضاري لها وانفعال وتغيُّر
المجتمع بها.
ونضرب مثالًا لذلك: فعندما قمنا بمشروع دراسة شركة أبناء قوص للألياف النباتية: شركة اﻟ Bio fibers، التي تتمثل فكرتها الأساسية في تحويل حطب الذرة الرفيعة وحطب الذرة الشامية وسفير القصب، إلى مدخلات جاهزة تدخل على خطوط إنتاج ألواح MDF والحبيبي وكذلك المؤلفات الليفية البلاستيكية؛ وجدنا أنه من المناسب أن يبدأ التصنيع في الحوض الزراعي ومن خلال الجمعيات الزراعية التعاونية المحلية، وأن تقوم الشركة في منطقة قفط الصناعية بإعارة هذه الجمعيات ماكينات الفرم ومكابس البالات؛ وبذلك يجري التشوين والتجفيف الهوائي في الأحواض الزراعية، وصولًا للفرم والكبس في بالات لها كثافة حجمية Bulk density تضمن اقتصاديات جيدة لنقل هذه البالات إلى المنطقة الصناعية؛ حيث يستكمل تصنيع هذه المواد للحالة المطلوبة لكل صناعة.
ونضرب مثالًا آخَر: فعندما قمنا بالدراسة الميدانية لقرية شماس (مركز سيدي براني، محافظة مطروح)، وهي إحدى القرى الفقيرة في مصر؛ وجدنا أن التينَ الصغير المعدومَ القيمة سوقيًّا يمكن أن يمثِّل أساسًا ماديًّا لقيام صناعة المربى في القرية.
وهنا واجَهَنا سؤالٌ: كيف نختار التكنولوجيا المناسبة لتصنيع مربى التين في قرية شماس؟ وجدنا أن القرية تضمُّ ٢٩١ منزلًا تتناثر في محيط حوالي ١٠٠ كيلومتر مربع، ويفصل بين المنزل والآخر مسافة حوالي ٢-٣ كيلومترات وأكثر، كذلك أدركنا أن زراعات التين قريبة من المنازل، وأن المرأة تقع على كاهلها الأعمالُ الإنتاجية المنزلية، وأن الرجل يقوم بالأعمال خارج المنزل مثل التجارة والنقل أو العمل على السيارات. كذلك تأكدنا من أن التقاليد السائدة في مجتمعات البدو لا تسمح — إلا فيما ندر — بخروج المرأة للعمل خارج المنزل؛ لذا قررنا اختيار نموذج التصنيع المنزلي؛ أي أنْ تنتقل الصناعةُ كنشاطٍ للمرأة في المنزل، وقمنا بوضع الاشتراطات الصحية التي يتوجَّب على المنتفِعات الوفاء بها في حجرة التصنيع بالمنزل، حتى تتحقَّق المواصفات القياسية العالمية المطلوبة في مربى التين المنتَجَة منزليًّا. هكذا تم اختيار المعدات المطلوبة للتصنيع المنزلي للمربى بحيث تسعها حجرة ٤ × ٥ أمتار، ودون الإخلال بالأسس العلمية والاشتراطات الصحية، ولقد ضمَّت هذه المعدات جهازًا مستوردًا لقياس مستوى تركيز المربى Refractometer تؤخذ قراءاته بالتوجيه للشمس، ولقد تمَّ تحليل مربى تين قرية شماس في المعمل المركزي للبيئة في هلسنكي بفنلندا، وحازت القبولَ للتصدير وفقًا للمعايير الصحية لجمارك فنلندا. لقد علَّمَنا هذا النموذجُ أنه من الممكن — بل من اليسير — نشْرُ ثقافةِ الصناعة — أو نشْرُ الصناعةِ كثقافة — من خلال النسيج الاجتماعي الحضاري الحي للمجتمع المحلي، وأن من الممكن أنْ يهضم ذلك النسيج ويستوعب مفاهيمَ هندسيةً مثل القياس وضبط الجودة.
-
منتج أساسي فرز ثانٍ وثالث معدوم القيمة سوقيًّا.
-
البواقي الزراعية اللجنوسلليلوزية التي تنقسم بدورها إلى:
-
المجموع الخضري للحاصلات الحقلية بعد جني المحصول (السيقان Stalks والأفرع والأوراق والزهور غير مكتملة النضج، وكذلك القش Straws والجذور … إلخ).
-
نواتج تقليم أشجار الفاكهة (التقليم السنوي والجائر وناتج عملية تجديد الحيوية)، وكذلك المجموع الخضري Biomass بعد انتهاء العمر الافتراضي لأشجار الفاكهة.
-
تقدير الكميات المتاحة من بواقي الحاصلات الحقلية | ترتيب البواقي من حيث التوافر الكمي | |
---|---|---|
الإجمالي (مليون طن وزن مجفف في الفرن) | ٧٦ | |
قصب السكر | ٣١٧٨٦٩٩٨ | ١ |
قمح | ١٥٣٩٥٧٠٨ | ٢ |
بنجر السكر | ٩٩٠٥٨٩٧ | ٣ |
طماطم | ٨١١٣٧٩٥ | ٤ |
ذرة | ٣٥٣٣٥٦٦ | ٥ |
أرز غير مقشور | ٣٢٦٤٠١٨ | ٦ |
ذرة رفيعة | ١٦١١٧٣٤ | ٧ |
قطن خام | ٧٥٦٠٠٠ | ٨ |
بطاطس | ٧٤٩٠٨١ | ٩ |
شعير | ٢٤٠٢٧٣ | ١٠ |
فول بلدي جاف | ٢٠٩٩٣٣ | ١١ |
فول سوداني غير مقشور | ١٦٤٩٨٠ | ١٢ |
بذور السمسم | ٩٦١٥٤ | ١٣ |
فول الصويا | ٥٨٣٣٨ | ١٤ |
بذور عباد الشمس | ٣٩٣١٤ | ١٥ |
حمص | ١١٤٨٤ | ١٦ |
ألياف ومشاق الكتان | ٥٧٠٦ | ١٧ |
عدس | ١٦١٣ | ١٨ |
كميات نواتج التقليم السنوي لأشجار الفاكهة | ترتيب نواتج التقليم من حيث التوافر | |
---|---|---|
الإجمالي (مليون طن) | ٣٫٩ | |
موز | ١٣٣٨٦٩١ | ١ |
عنب | ٤٩٠٠٥٤ | ٢ |
تمور | ٤٥٠٨٨٥ | ٣ |
برتقال | ٥٣٤٦٠٦ | ٤ |
تنجرين ومندريه | ١٨٩٥٢٦ | ٥ |
مانجو | ١٩١٢٣٩ | ٦ |
خوخ ونكتارين | ١٦٣٧٦١ | ٧ |
تفاح | ١٥٤٢٠٨ | ٨ |
تين | ١٣٣٨٠٨ | ٩ |
ليمون وبنزهير | ٨٢٤٣٥ | ١٠ |
زيتون | ٥٤٠٦٠ | ١١ |
مشمش | ٢٤٤١٨ | ١٢ |
كمثرى | ١٤٦٧٢ | ١٣ |
برقوق | ٤٣١٠ | ١٤ |
المنتَج أو الاستخدام | الخامة | ||||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
جريد النخيل | ليف النخيل | خوص النخيل | نوى البلح | جذوع النخيل | حطب الذرة الرفيعة | سفير القصب | نواتج تقليم أشجار الفاكهة | حطب القطن | قش الأرز | التين الصغير المعدوم القيمة سوقيًّا | |
ألواح كونتر بانوه Block boards | √ | ||||||||||
ألواح ليفية متوسطة الكثافة MDF | √ | ||||||||||
بدائل الأخشاب المستوردة Lumber-like products | √ | √ | √ | √ | |||||||
ألواح حبيبي Particle-boards | √ | √ | √ | √ | √ | ||||||
منتجات مشربية (أرابيسك) Arabesque | √ | √ | |||||||||
منتجات مقولبة Molded products | √ | √ | |||||||||
ألواح باركيه Parquet boards | √ | √ | |||||||||
وحدات أثاث Furniture | √ | √ | √ | ||||||||
مربى تين Fig jam | √ | ||||||||||
تسليح بلاستيك | √ | √ | √ | √ | √ | ||||||
أعلاف حيوانية | √ | √ | |||||||||
سماد عضوي | √ | ||||||||||
الوقود الحيوي Pellets | √ | √ | √ | ||||||||
حصر غير منسوجة | √ | √ | |||||||||
حقائب (شنط) | √ | ||||||||||
سبح وأقلام | √ | √ | √ | ||||||||
منتجات طبيعية Green products | √ | √ |