ما هي الاستجابة التنموية المنطقية لتدني الجدوى الاقتصادية للزراعة كنشاط مستقل،
وعَجْز قطاع الزراعة عن توفير فرص عمل لأبناء الريف؟ إنما التحوُّل من الثقافة
الرأسمالية القصيرة النظر — التي تحصُر التركيزَ على المنتج الأساسي القابل للتسويق أو
المحصول النقدي
Cash crop — إلى ثقافتنا التقليدية
التي تهتم بالمورد ككلٍّ (نموذج النخلة، شكل
٧-١) مع إعادة اكتشاف
عناصر كل مورد وفقًا لمعطيات المعاصرة؛ مما يؤدِّي إلى بلورة رؤية اقتصادية جديدة تحقق
أعلى استفادة ممكنة من كافة عناصر المورد الزراعي؛ سواء المنتج الأساسي أو المنتجات
الثانوية بلا أي مخلفات تضير بالبيئة. إننا وفقًا لهذه الرؤية التي لا تهتم فقط بالتمور
من النخيل، بل تهتمُّ كذلك بالجريد والخوص والعرجون والليف والقحفة، مما يفتح البابَ
أمام مجالات صناعية واسعة لإنتاج العديد من المنتجات (شكل
٢-١)،
التي تلبي احتياجات إنسانية غاية في التنوُّع على المستويات؛ المحلي والقومي والعالمي،
كذلك فإننا لن نحصر اهتمامنا في القطن فقط، بل سنهتمُّ كذلك بسيقان القطن والأوراق
والأفرع وبقايا اللوز (شكل
٧-٢)، وبنفس المنهج فإننا سوف نهتم ليس
فقط بمحصول الطماطم فرز أول القابل للتسويق مباشَرةً، بل سنهتمُّ كذلك بمحصول الطماطم
فرز ثانٍ القابل للتصنيع كعصير أو كاتشب أو كمسحوق طماطم، بالإضافة إلى البذور التي
يمكن أن يُستخرَج منها زيت منخفض محتوى الكولسترول، يتبقَّى الكسب الذي يمكن أن
يُستخدَم في العلف الحيواني، فضلًا عن عروش الطماطم التي يمكن أن تمثِّل قاعدة مادية
لصناعة ألواح الحبيبي
Particle boards (شكل
٧-٣)، كذلك بالنسبة إلى مورد البرتقال، بالإضافة إلى محصول فرز أول
منه، يمكن أن يُستخدَم المحصول الفرز الثاني في تصنيع العصائر، كما يمكن استخراج زيت
De-lemonin من متبقيات العصير، الذي يُستخدَم
لإعطاء النكهة في صناعة الحلويات، أما نواتجُ تقليم أشجار البرتقال فإنها تمثِّل قاعدةً
مادية متجددة لتصنيع ألواح الباركيه ومنتجات المشربية (شكل
٧-٤)،
ويمكن تطبيق المنهج السابق للحصول على نتائج متشابهة على عشرات الحاصلات الحقلية
وزراعات الفاكهة.