النقد الرابع والعشرون
عندما مضت السيدة المحامية مفيدة عبد الرحمن تتحدث عن زوجها المحامي محمد عبد اللطيف، عَنَّ لي أن أقترح على الزوج أن يبادل عقيلته كلامًا بكلام، ولكن المذيع أعلن أن ذلك سيكون في الأسبوع المقبل، وفي الموعد عينه، فانتظرت وسمعت.
الموضوع طريف، وقد كتبه على حقه هذان الزوجان المثقفان، كانوا فيما مضى إذا اقتضى ذكر الزوجة يقولون: أهل البيت، أو أم الأولاد، ولم يكن أحد يذكر أولئك الموءودات حيات بخير ولا بشر، فالحمد لله الذي أحيانا حتى رأينا بأعيننا وسمعنا بآذاننا ما كان يعد بالأمس أمرًا إدًّا.
أفاضت الأستاذة مفيدة في موضوعها، وأثنت على زوجها بالذي هو أهله، رأت فيه رجلًا مثاليًّا أحاط بالمعرفة والمكارم من جهاتها الست، ولما جاء دور الأستاذ عبد اللطيف بادل زوجة الثناء صاعًا بصاع، ومدًّا بمد، فرآها مفيدة كزوج وكأم، وكاتبة، وكرجل أيضًا، وكم في النساء من رجال، فصح المثل في الزوجين الكريمين: كما تراني يا جميل أراكًا، وشرط المرافقة الموافقة.
حقًّا إن الثقافة هي خير مؤلف بين النفوس.
في هذا البرنامج كان عندنا قصتان: واحدة للآنسة سميرة عزام: «بائع صحف»، أعجبني منها هذا التعبير: وجهه خارطة من الخدوش. جبرت الآنسة عزام خاطري بتعديتها «حدق» بإلى. أما قصتها، فأقرب إلى أن تسمى «صورة» من أن تسمى قصة، وكل هذا جيد، ولكن الخاتمة مقطوعة الذيل حتى الإحفاء.
وأما قصة «والله الذي لا رب سواه» للأستاذ جعفر الخليلي، فحكايتها فاجعة موجعة، ولكن إخراجها الفني قلَّل من روعتها وتأثيرها. حقًّا إني أتألم كلما تذكَّرت قصة تلك الأم، التي خيِّل إليَّ أني أراها وهي تسقط في الهاوية لتلاقي حتفها.
السيدة زينب محمد حسين زجَّالة مصرية من طراز عمر الزعني عندنا، تأخذ مواضيعها من صميم البيوت، وعندها دقة وصف تشبه التصوير فتبرز أشخاصها للعيان.
وفي باب دراسات أدبية، تحدثت السيدة أدفيك جريديني شيبوب عن ولَّادة بنت المستكفي، فعرفت المستمع بها أكثر مما درستها، وزد على ذلك أنها لم تذكر شيئًا عن منافسة ابن عبدوس لابن زيدون في حب ولَّادة، وهي لو فعلت لكان حديثها أكثر طلاوة.
أما الأستاذ حسين مكي، فقد أصاب الهدف حين تحدث عن مارون عبود، وأسلوبه في كتابيه: دمقس وأرجوان، وفي المختبر، قال: إن له تعابير لا يفهمها وهذا حق …