النقد السابع والخمسون
يقول بعض من أثروا: الدنيا كد وجد، وهذا الأستاذ نجيب صالحة الاقتصادي العبقري يقول لمقدمه الأستاذ نجاتي صدقي: إن الظروف لعبت دورها في توجيهه، ولكنه استدرك فيما بعد فقال: ليس الحظ كل شيء …
وهذا الرجل العامل — الأستاذ صالحة — يرى أن الثروة ليست كل شيء، ولما سئل عن الإحسان قال: يجب أن لا يمشي أمامه طبل وزمر، أما الذي يلفت النظر في حديثه فأمران: رأيه في عدم تبدل الوزارات كل بضعة أشهر، ونصيحته إلى الشباب لكي يتسلحوا بالعلم والصدق والاستقامة. وأشار حضرته إلى مشاريع عمرانية ضخمة، فنسأل «الظروف» أن تمد يدها كما مدتها في فجر حياته ليستطيع تحقيقها فتعمر البلاد.
وفي عنوان «بيني وبينك» تحدث الأستاذ أنيس منصور إلى المرأة، فما ترك شهيرًا من أعدائها إلا أتى على ذكره، ثم أنحى باللوم على الأم المشغولة عن بنيها، وهذه آفة اجتماعية تضج منها الدنيا بأجمعها. أما قوله: إن الولد يفتش عن أمه في أنثى ثانية إذا حرم حنان الأم، فهذا رأى فرويدي كثيرًا ما يناقضه الواقع.
أما قصة «على الأرض السلام» للأستاذ سامي محمد، فعبارتها من الإنشاء المنمق، وقد أجاد كاتبها تصوير المكان والزمان، وإن بالغ فقال عن حلم نابليون بملك عرضه السموات والأرض. إن قصته تنظر إلى قصيدة هيغو الشهيرة، وتقصر كثيرًا عن تلك التي كتبها الفرد دافيني عن نابليون والبابا. قال الأستاذ سامي محمد: مذود من القش، والمذود هو المعلف، والمعلف لا يكون من قش، ولو كان لأكلته البهائم.
وأما قصة الأستاذة روز غريب فجيدة، ولكنها تحتاج إلى مسحة من الجمال الفني.
وفي هذا الركن أيضًا تحدث الأستاذ عبد الحليم عباس في موضوع الأدب والحياة، وهذا موضوع أمسى مكرورًا جدًّا، فليت الأستاذ عبد الحليم يخرج من هذه الحلقة المفرغة التي يدور فيها، ويسمعنا الجديد الطريف وهو على ذلك قدير، وإذا لم تخن الذاكرة فإني أذكر أن موضوعه هذا لأخو موضوعه ذاك الذي أغضبه نقدنا إياه. قال تولستوي: هات ما عندك من جديد حتى أقرأك وأسمعك.
أما قصائد الأستاذ عبد الوهاب البياتي فثلاث، وخيرها أولاها، أما قصيدة «سوق القرية» فهي سوق قرية حقًّا، وأين الشعر في قول شاعر كالبياتي: زرعوا فنأكل ونزرع فيأكلون؟ ثم قوله: لا يصلح العطار ما أفسد الدهر. أظن أن كلامًا كهذا بعيد جدًّا عن الشعر الصافي، فأسأل البياتي ملحًّا ألا يتهافت عليه.
وقيل: يعودون للثاني، والصواب يعودون إلى الثاني.
ولحن أحدهم فقال: عنهِم والصواب عنهُم بضم الهاء.
وقيل: فحدق في الفراغ، والصواب حدق إلى الفراغ.