الفصل الثامن عشر
وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ.
يوجد بين بني البشر نفوسٌ لم يرضها الإِسلام، ولم تقنع بالكفر، تتلون تلوُّن الحرباء، وتتشكل تشكُّل الأغوال، وتتقلَّب تقلب الدَّهْر الخئون، لا ترضى بحال، ولا تنسج على منوال، يضحكون وقت البكاء، ويمرحون عند اشتداد اللأواء، ويبكون لأوقات المسرَّة، ويضجرون لسعة الرحمة، مثلهم كمثل الحسك المثلث الأضلُع، كله شوك حيثما قلبته، تراهم في النهار مسلمين متقلبين بين مذاهب الإِسلام، يصبحون سنيين ويقيلون شيعيين ويقضون طرف اليوم وهابيين، فإذا جنَّ الليل رأيتهم دهريين إباحيين! أولئك الذين غضب الله عليهم ويلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون.
منهم أناس من أرباب الجرائد الساقطة في الهند، يريدون أن يتزلَّفوا للحكومة الهندية الإِنجليزية بما فيه مضرَّةُ أوطانهم وأبناء المِلَّة التي وُلدا فيها؛ لينالوا من ظالميهم جائزة ما، أو ليكون لهم في دوائرهم اسمٌ ما، فأخذوا يثوِّلون بعضَ فُصُول العروة الوثقى ويحولونها عن وجهتها جهلًا، أو عنادًا ولومًا، ويحرِّفون الكلم عن مواضعه على حسب أهوائهم الخسيسة، وطباعهم الخبيثة — قاتلهم الله أنَّى يؤفكون — أولئك قوم عرفناهم وليس لهم بين قومهم شأنٌ يُعرفون به فليس يهمنا أمرهم، وإنا نقدم الشكر للجرائد المهمة الهندية الناهجة في خدمة أوطانهم منهج الحق، السالكة جادة الاعتدال على ما تعنى به من ترجمة فصول العروة الوثقى إلى اللسان الهندي تعميمًا للفائدة في أبناء أوطانها، جزاها الله عن المسلمين خيرًا.