الفصل السادس
بعث الجنرال جراهام قائد جيش الإنجليز في جهة سواكن، بمنشورات إلى رؤساء القبائل يَعِدُهم ويُمَنِّيهم ويهددهم ويتوعدهم لينفصلوا عن عثمان دجمة، وإلى عثمان يرعد له ويبرق، ويرغي ويزبد، ويطلب منه التسليم، فورد الجواب من عثمان برفض الطلب والاستعداد للحرب، وردت الرسائل من واحد وعشرين شيخًا من مشايخ القبائل ناطقة بأنه لا واسطة بين الإنجليز ومساعديهم، وبين القبائل السودانية إلا السيف، ثم قالوا: إن كل من لا يصدق بدعوى المهدي فإنه سيكون لا محالة فريسة للموت وطعمة للهلاك.
فاضطر الجنرال جراهام لإعادة التهديد مرة أخرى على النحو الأول، ويغلب على الظن أن الجواب يكوِّن الجواب.
وجاء في جرائد الإنجليز أن الشيخ المرغني (وهو شيخ طريقة من المسلمين) بعث إلى عثمان دجمة رقيمًا يستدعيه للطاعة، ويُحَذِّره من مقاومة العساكر الإِنجليزية، فأجابه عثمان دجمة بأن في عزمه شرب دماء الإنجليز وكل من يساعدهم فإنه يحارب بسيف الإِسلام، وفي ختام جوابه نصح للمرغني، وطلب منه أن يقوم بإرشاد الإنجليز إلى ترك الحرب ووضع السلاح، وهو أَولى له من نصح مشايخ القبائل العربية والإِسلامية.