الفصل الثالث والعشرون
-
كتب مراسل الديلي نيوز المرافق للجيش الإنجليزي في سواحل البحر الأحمر أن الجيوش الإِنجليزية تُقاسي مصاعبَ ومشاقَّ شديدةً في قطع الطَّرِيق إلى حيث تلتقي مع جيوش عثمان دجمة لتلتحم معها في القتال مرة ثالثة، فإن الحر شديدٌ والمسالك وعرة والمياه مضرة بالصحة، مع قلتها، ولم يجوزا إلى أول مرحلة إلا وقد أجهدهم التعبُ، واستولى عليهم الوهنُ، فأعجزوا أربعمائة منهم عن المسير.
-
قالت جريدة التان: إن هذا الهجوم لم تتبين غايتُهُ، ولما سئل عنه مستشار خارجية إنجلترا في البرلمان لَبَّسَ في الجواب وراوغ في بيان الحقيقة، كأنه يريد التملُّص مما عساه أن يرد عليه من بعد وإخفاء المقصد، حتى إذا لم ينجوا فيه ستروا ما يلحقهم من خجل الإخفاق في السعي، ومَوَّهُوا على ما يمسهم من الشين، ويغلب على الظن أن القصد منه فتح الطَّرِيق بين بربر وسواكن لتتمكن حكومة الإنجليز من مخابرة الجنرال جوردون من جهة سواكن (حيث تعثرت عليها من طريق الخرطوم بعد محاصرتها بجيوش محمد أحمد من أطرافها المتصلة بالنيل).
-
ويقول مراسل الديلي نيوز: إن الشدة لو دامت بالعساكر الإِنجليزية على حالتها الحاضرة؛ فلا بد أن تصير غنيمة باردة لعثمان دجمة وفريسة ناجزة لأشياعه.
-
وفي جريدة التايمس أن القلق في لندن شديد، والاضطراب بالغٌ فيها حَدَّه، وعموم النَّاس يتطلعون إلى الأخبار المصرية دقيقة بعد دقيقة، وأتبعت ذلك تلك الجريدة بقولها: لم يتيسر لحكومة إنجلترا فتح طريق بربر بهذا الزحف الجديد، ضعف الأمل من فتح هذا الطَّرِيق في وقت آخر، وعز على إنجلترا إجراءٌ فرضتْه على نفسها في الأقطار المصرية، وقل الرجاء في تسوية المسألة السودانية بطريقةٍ محمودة.
-
عزمتْ حكومة روسيا بعد حلولها في مرو على أن تجعل وراء بحر الخزر من البلاد الداخلة تحت سلطتها حكومةً خاصة بها، لها مركز معين وقاعدة ترد إليها أحكام تلك النواحي، حتى تسهل المواصلة بينها وبين مرو، وهذه حركة جديدة لدولة روسيا في أطراف آسيا، وهي وإنْ كانت لا تسر المحبين لإنجلترا ولكنها لا تحزن أعداءها.