الفصل الخامس والعشرون
قالت جريدة «الميموريال دبلوماتيك» إنه لم يؤخذ عن الباب العالي خبر إلى الآن عن المنشور الذي عزم على إرساله للمصريين، إلا أنه محرر تام وفيه أن الدول ستدعى إلى المداولة التي قطعها إطلاق المدافع على الإسكندرية (المؤتمر)، ولن يعدل الباب العالي عن نشره إلا إذا قبلت إنجلترا أن تكون مخابرتها معه في تسوية المسائل السودانية المصرية بطريقةٍ جدية (لا هزلية)، ولم نزدد يقينًا بما ذكرتْه هذه الجريدة في أن الدولة العثمانية لا تتساهل في حقوقها على مصر وأنها تبذل ما في وسعها للمدافعة عنها، وكانت لنا ثقة تامة بعزائم العثمانيين وأنهم لا بد أن يقدموا لصون بلادهم المصرية من استبداد غيرهم فيها.
ولهذا نجزم بأنه لا يروق للدولة العثمانية ما ذكرتْه جريدة «الديلي تلغراف» من أن المستر جلادستون سيهجر عن قريب بحماية حكومته للأقطار المصرية، وأنه سيخابر الدول في تحديد أمد الحماية ولا يكون أقل من خمس سنوات، وفي أمله أن الدول لا تمانعه فيما يريدُ الاتفاق معها عليه في هذا الشأن، بل تعتبره حقًّا قانونيًّا أوجبه بذل الأموال الإِنجليزية وإراقةُ الدماء البريطانية.
وفصلتْ هذا الخبر بعضُ الجرائد الفرنسية وبوبته وأشارتْ إلى ما أجابتْ به بعضُ الدول.
فليس مما يخطُرُ ببالنا أن الدولة العثمانية تُوافق على ما تطلب إنجلترا لو فرضنا أن الدول سمحتْ للإنجليز بحمايتهم لمصر مدة محدودة أو غير محدودة، فإن الحوادث لا تؤمَن وتقلُّبات الأيام لا ثقة بها، فيمكن في خمس سنوات بل في أقل منها أن تتبدل القواعد السياسية، بل ينقلب وجه السياسة انقلابًا لا يُعرف، والسياسيون لهم في كل حادث علةٌ لمحو المعاهَدات وتأويل الوثاق.