الفصل السادس والستون
وجاء في برقية من برلين إلى جريدة «جازيت دوكولوني»: ثبت أن من عزم دولتَي فرنسا وإنجلترا أن تتفقا قبل انعقاد المؤتمر على موضوع البحث فيه، كما اتفقت دولتا روسيا وإنجلترا على مدار النظر في مؤتمر برلين قبل انعقاده بواسطة اللورد سالسبوري والكونت شوفالوف، كلٌّ من الدولتين المتفاوضتين تمد نظرها إلى ما عسى أن تئول إليه مداولات المؤتمر وتحدده وتقدره (ثم تدخل فيه على أن تكون الغاية ما قدرت).
ربما حلت الدعوة إلى المؤتمر محل القبول عند بعض الدولة إلا أن رضاء الباب العالي شرطٌ في قبول حُكمه والتسليم لقضائه، ولو أن دولتَي النمسا وألمانيا أو الدول جميعها قضتْ بأنْ يكون من قواعده الأساسية إجابة جميع الدول التي دعيت إليه مؤقتًا لم يكن قاضيًا بوجوب الإذعان لما يبرمه، وهذا هو شأن المؤتمر بالنسبة إلى الباب العالي على أية حال.
وقالتْ جريدة التايمس: تيسر لوزارة إنجلترا أن تتغلب على مجلس النواب، لكن ليس لها أنْ تعتمد على هذا الظفر الهين وعليها أنْ تستفيد في مدة البطالة لعيد العنصرة فتنجو بما تستفيده من الخطر العظيم الذي ربما يحيق بها من المفاوضات الجارية بينها وبين وزارة فرنسا، وتساهلت الوزارة في عقد عهدة تخالف مصالحنا مع شركة قناة السويس ثم نجحت في التملُّص من قيودها ومزقت المعاهدة وتركت مسيو ديلسبس على أرض قفراء.
وليس بالسَّهل عليها أن تسلك اليوم ما سلكتْ في تلك الأوقات، فلو رفض البرلمان ما انتهت إليه المفاوضاتُ في المسألة المصرية لَما أمكن للوزارة أن تبقى في مساندتها، وإذا تعذر الوصول من هذه المفاوضات إلى غاية صالحة أمكن الوزارة أن تتنحى عن العمل.
أما فرنسا وسائر الدول فليس لها أن تطالب مجلس العموم في إنجلترا بمنحة شَحَّتْ بها نفوسُ أهالي بريطانيا كافة ورفض السماح بها عموم الآراء في بلاد الإنجليز (يريد بالمنحة ما تفضل به وزراء إنجلترا على الدول من دعوتها للمباحثات في أحوال مصر).