حياته العامة
المرحلة الأولى
تعددت نظم التربية التي تفتح عليها ذهن جناح الصغير قبل حصوله على إجازة التعليم الثانوي في السادسة عشرة من عمره.
تعلم في مكتب أولي من المكاتب التي تتابع النظام المألوف في تعليم الصغار في الشرق منذ عشرات القرون، ثم تعلم في مدرسة حديثة تابعة لجماعة إسلامية، ثم تعلم في مدرسة حديثة تابعة لجماعة مسيحية، ثم تعلم في الجامعات الإنجليزية، وتلقى خارج الجامعات ما يتلقاه الشاب في ذلك العصر من المعارف العامة الميسرة لمن يختلفون على الأندية وأصحاب الآراء.
وهذا التباين في نظم التعليم يضر بعقل الطفل إذا تناقضت النظم وتضاربت ومحا بعضها ما يثبته البعض الآخر، ولكنه يفيده إذا تنوع في غير تناقض وتضارب، وقد يعود الطفل أن ينظر مبكرًا إلى تعدد الجوانب وتباعد وجهات النظر، ولا سيما الطفل الذكي الموهوب المطبوع على حب المعرفة والتوسع في الاطلاع.
وقد كان جناح محبًّا للمعرفة متوسعًا في الاطلاع منذ طفولته الأولى، كما علمنا من بعض أخباره في نحو الثامنة من عمره، إلا أن هذه الأخبار لم تذكر لنا موضوعاته التي كان يغرم بمطالعتها في تلك السن الغضة الباكرة، ولكنها على الأرجح من غير القصص وكتب التسلية الصبيانية؛ لأن الطفل الذي يطمح إلى أن يكون شيئًا في الدنيا كما روت عنه قريبته الكبيرة لا يتوهم أن كتب التسلية عون له على هذا الطموح، ولا نحسب أن اللغة الكوجراتية في أواخر القرن التاسع عشر كانت تشتمل على زاد من القصص وكتب التسلية يحسب فيها حساب الأطفال الصغار.
على أن موضوعاته التي أُولع بها في إنجلترا قد تنبئ عن الموضوعات التي كان يجنح إليها بتفكيره وميول نفسه منذ طفولته الأولى، وأوفر هذه الموضوعات نصيبًا من إقباله وعنايته دروس القانون والأدب، ومراجع التاريخ من ناحيته السياسية على الخصوص.
كان يتعلم القانون رغبة واستعدادًا لا لمجرد التوسل به إلى مناصب القضاء والإدارة، وكان ذهنه من أذهان الفقه والمحاماة والفصاحة الخطابية طبعًا وفطرة لا تعلمًا ومراسًا بالصناعة.
وكان غرامه بالأدب شغلًا شاغلًا يكاد أن يتفرغ له لولا قدرته على تنظيم دراسته وتقسيم وقته، فاشترك في ناد يدرس أعضاؤه روايات شكسبير قراءة وشرحًا وتمثيلًا، ومثل بعض الشخصيات في رواياته التاريخية وغير التاريخية، وراض لسانه وحركاته على الإلقاء المسرحي حتى لزمته هذه العادة في مرافعاته وخطبه، فلوحظ عليه أنه يسترسل في الإلقاء الفني على غير انتباه منه، وكان خصومه يغتنمون هذه الفرصة فينعتونه بوصف الممثل قدحًا في آرائه السياسية أو حججه القانونية، وهو مطعن سهل رخيص قد تسوغه إشارات الرجل وحركاته بحكم العادة، ولكن ليس في أقواله ومعانيه جميعًا ما يسوغ ذلك المطعن لمن ينصفون في النقد والاتهام.
وقد لزمته عادة الإلقاء الفني من أوائل أيامه في الحياة النيابية إلى أخريات أيامه في الزعامة وإقامة الدولة، وأفحم مرة أحد الأعضاء الإنجليز في الجمعية التشريعية أثناء المناقشة الحامية على الاتفاق التجاري بين بريطانيا العظمى والهند، فقال العضو الإنجليزي — واسمه السير جيمس — إن الأستاذ جناحًا كوكب لامع: كوكب يشبه جريتا جاربو في ملكاته التمثيلية، فأخذ جناح يكرر آراء السير جيمس الفاجعة ووعيده بهجوم اليابان، وإحجام الدولة البريطانية ومستعمراتها عن معاملة الأسواق الهندية، وقال: لعل صاحبنا لا يحسن كلامًا غير الإنذار بالفواجع، إنها ملكة جديرة بممثلة المآسي مارلين ديتريش … وإن هذه الفاجعة نفسها المأساة!
وكان هذا في سنة ١٩٣٩؛ أي بعد عودته من البلاد الإنجليزية بأكثر من أربعين سنة.
ولم يكن إلقاؤه الفني كل ما بقي من عاداته منذ دراسة الأدب والاندماج في الجو الشكسبيري أو جو الشعر المسرحي على الإجمال، بل كان عرض التاريخ عرضًا حيًّا أحد الفوائد الفكرية والنفسية التي غنمتها قريحته اليقظى من أدب شكسبير، وكانت سرعة الشاهد الأدبي على لسانه تارة من كلام شكسبير، وتارة من كلام بروننج وزملائه في عصره إحدى الفوائد التي تصلح لمواقف الخطابة والمساجلة، وكانت فيما عدا ذلك منصرفًا حسنًا له عن هموم الحياة الخاصة ومزعجات السياسة كلما ضاقت حلقاتها، وكثيرًا ما تضيق.
وعرف زملاؤه عنه في لندن أنهم إذا بحثوا عنه فلم يجدوه؛ تفقدوه في مكتبة المتحف البريطاني؛ حيث يجد بغيته من أسفار التاريخ ونسخ المراجع النادرة في السياسة العصرية والسياسة الغابرة، وكانت ساعاته في لندن مقسمة بين الجامعة ومكتبة المتحف ونادي شكسبير وواجبات المجتمع التي لم ينسها قط طول حياته، ومنها زيارة إخوانه من أبناء الهند وأصحابه وأصحاب أسرته من الإنجليز.
وقد وصل إلى إنجلترا وهو في السادسة عشرة، وعاد منها إلى وطنه وهو في العشرين، وبدأ اتصاله بالحياة العامة في هذه الفترة على سنته التي نصح بها الطلاب في مثل سنه بعد اشتهاره والاعتراف بزعامته، وسنته هي أن الاهتمام بالمريض غير ادعاء القدرة على علاجه، وأن الطالب يستعد لغده ويخدم باستيفاء عدته وخبرته، ولا يخدمه بتعجل العمل قبل أدائه.
وكان أول اتصال له بالحياة العامة نشاطه مع زملائه الطلبة الهنود في ترشيح شيخ الهنود المقيمين بلندن يومئذ — دادا بهاي ناروجي — لإحدى الدوائر البرلمانية، وهاجه سخطًا قول اللورد سلسبوري للشيخ الهندي أنه من السود الملونين … مع أن ناروجي كان أنصع بشرة من جمهرة الإنجليز، فوقر في خلده من ذلك اليوم أن الألوان نفسها، تتغير في رأي المستعمرين إذا بدت على بشرة الشرقيين.
وقد كان سخطه على سلسبوري من أسباب إعجابه بغلادستون، وضاعف إعجابه به مناصرته للقضية الأيرلندية وهي يومئذ قضية متواضعة تقنع بالحكم الذاتي للأيرلنديين، ولكنها على هذا التواضع كانت تثير نقمة الدولة البريطانية ويحاربها فريق من الأحرار كما تحاربها كثرة المحافظين، ويقول الذين سمعوا خطب جناح أيام الدعوة إلى الباكستان أنها تذكرهم بخطب غلادستون أيام الدعوة إلى «الهوم رول» أو الحكم الذاتي للأيرلنديين الجنوبيين، فإن قيام دولة في شطر من أيرلندة نموذج سابق لقيام دولة الباكستان — في شطر من القارة الهندية — وإذا جاز في الجزيرة الصغيرة أن تحتمل حكومتان؛ فأصلح من ذلك للتطبيق العملي قيام حكومتين تحكم إحداهما نحو مائتين وخمسين مليونًا، وتحكم الأخرى نحو تسعين.
•••
وتعد هذه المناوشات السياسية أثناء الدراسة بإنجلترا حادثًا هامًّا في حياة جناح العامة؛ لأنها عينت له مدرسة السياسة التي يؤمن بصلاحها لتوجيه وطنه في تلك الآونة، وهي مدرسة المعتدلين أمثال ناروجي وجوكهيل وفيروز شاه وراناد، وكانت هي المدرسة التي تتوسط في مسائل العلاقات بين الهنود والإنجليز، وبين البرهميين والمسلمين من الهنود، وبين التشبث بالقديم والشطط مع الجديد.
ولم تتقبل طبيعته مبادئ هذه المدرسة «المعتدلة» لسهولتها، كما توحي صفة الاعتدال أحيانًا إلى أذهان المستمعين من بعيد، فإن التوسط بين المذاهب المتطرفة كثيرًا ما يسفر عن عداء الجميع واعتزال جميع الأطراف، ولكنه تقبل مبادئ المدرسة المعتدلة؛ لأنه آمن بصلاحها على وعورة سبيلها وكثرة الشروط التي يتطلبها التصدي لأعبائها وتكاليفها، وكان امتحانه الأول في سياستها أعسر امتحان يعرض للسياسي الناشئ في أول حياته العامة، وهو موقف السادة الهنود على تباين آرائهم ونزعاتهم من تقسيم البنغال.
كان تقسيم البنغال من معضلات الهند الشائكة التي لا يتأتى الحكم عليها بمقياس واحد، ولا يسهل على كل سياسي أن يقبلها أو يرفضها جملة واحدة؛ لأنها نافعة ضارة، بريئة الظاهر في بعض جوانبها مدخولة الباطن في جوانبها الأخرى.
كانت بحق عقدة تحير الباحث فيها من المسلمين خاصة، وقد يرفضها الهندي البرهمي بغير تردد، ولكنها لا تُقابل بالرفض في البيئات الإسلامية بهذه السهولة.
أما هذه المعضلة فخلاصتها أن اللورد كرزون حاكم الهند يومئذ قرر تقسيم البنغال إلى إقليمين لكل منهما إدارة منفصلة عن إدارة الإقليم الآخر، وكان عدد سكان البنغال نحو سبعين مليونًا من البراهمة والهنود، يقيم المسلمون في أصقاعه الشرقية، ويضطرون إلى ربط أعمالهم ومرافقهم بمدينة كلكتا عاصمة الإقليم كله، وفي ذلك تعطيل لمصالحهم وإكراه لهم على إخضاع تلك المصالح لفئة من ذوي اليسار البرهميين المسيطرين على العاصمة وعلى الأصقاع الغربية، فإذا انتقلت العاصمة في الإقليم الشرقي إلى «دكا» خفت هذه السيطرة وتهيأت للسكان المسلمين فرص الاستقلال بالمرافق التجارية والاقتصادية، وهكذا كان لورد كرزون يعلل مشروعه في تقسيم الإقليم الكبير.
إلا أن المسألة ذات وجهين ظاهر وباطن، وهذا هو ظاهرها المعقول. أما باطنها المستور فهو الانتقام من ذوي اليسار الذين كانوا يؤيدون في ذلك العهد حركة الاستقلال والمطالبة بالحكومة الذاتية، ويمدونها بالمال ويتعهدونها بالتشجيع والتحريض، وهو عدا هذا ضربة مصوبة إلى الوحدة الوطنية بين البرهميين والمسلمين، ومثار للشقاق الدائم بين الفريقين في البنغال يتبعه لا محالة شقاق دائم في سائر الأقاليم.
هذا هو الامتحان الأول الذي امتحن به جناح في مدرسته السياسية، وهي مدرسة المعتدلين، وأنه لامتحان عسير، أشبه ما يكون بالامتحان الذي زعموا أن القوى الخفية من المردة والجان تختبر به عزيمة الولي حين يريد السيطرة عليها والاحتفاظ بالاسم الأعظم الذي يروضها على الطاعة، وقد يكون فيه الهلاك … وقد تكون فيه السيادة والنجاة.
كان هذا في سنة ١٩٠٥ بعد عودة جناح من إنجلترا بتسع سنوات، وكان تقسيم البنغال لعبة بارعة لم يحسب المستعمرون أنها سوف تصبح بعد أربعين سنة مبدأ حاسمًا يقضي على سلطانهم في قسمين أكبر من قسمي البنغال وأخطر، وهما دولة الهند ودولة الباكستان.
ومن عبر التاريخ وتقلبات أطواره أن بطل التقسيم الكبير كان أشد المعارضين لتقسيم البنغال على الرغم من اغتباط المسلمين به، واعتبارهم إياه خيرًا سيق إليهم دون أن يسعوا إليه.
ولكن جناحًا كان أقوى شكيمة من أن تقتاده الغنيمة صاغرًا، وأيقظ بصرًا من أن يتناول الطُّعم من يد الصياد الماثل أمامه علانية بالمرصاد، وكأنما كان يلحظ بعين الغيب عاقبة هذا التقسيم، وأن الصياد سيخلق منه طعمًا آخر ويرجع عن التقسيم بعد حين ليجعل من الضغن ضغنين، ومن السخط الجديد مسعرًا يلعج به نيران السخط القديم.
على أن جناحًا لم يخسر ثقة المسلمين بثباته على سياسة المدرسة المعتدلة في معضلة البنغال؛ لأنهم اعتقدوا إخلاصه وفهموا موقفه على حقيقته وأدركوا أنه نظر فيه إلى غاية بعيدة: وهي إحباط دسيسة استعمارية تنقلب منافعها أضرارًا مطبقة تحيق بالجميع، فانتخبوه في سنة ١٩٠٩ عضوًا للمجلس التشريعي الإمبراطوري عن بومباي، وقابل هذه الثقة بالمثابرة على مبدأ الوحدة الهندية والدفاع عن حقوق الهنود حيث كانوا، وعلى اختلاف العقائد التي يدينون بها داخل الهند أو خارجها، وفي إحدى مناقشات هذا المجلس وقعت المشادة المشهورة بينه وبين اللورد منتو حاكم الهند؛ لأنه وصف معاملة حكومة الناتال للهنود المقيمين فيها بالفظاعة، ونبهه الحاكم إلى أن هذه الكلمة ليست من الكلمات البرلمانية التي تُسمع من أعضاء المجالس عند الكلام على حكومة أخرى، فلم يشأ جناح أن يتراجع، ولم يشأ كذلك أن يكابر في أدب من آداب التقاليد الرسمية، ومضى قائلًا: «نعم يا لورد … وأراني أنبعث إلى استخدام لهجة أقوى لو أنني طاوعت نفسي، ولكنني ألاحظ دستور هذا المجلس ولا أحب أن أتخطاه لمحة عين، إلا أنني أقول إن المعاملة التي ابتلي بها الهنود هناك أقسى ما يمكن أن يتخيله المتخيل، وإن الشعور الذي تقابل به في الهند شعور اتفاق وإجماع …»
وبعد انتخابه للمجلس التشريعي الإمبراطوري بسنة وقع عليه الاختيار للوساطة بين نواب البرهميين ونواب المسلمين الذين اجتمعوا في «الله أباد» للتشاور في قواعد الوحدة.
ثم عرضت مسألة الوقف في سنة ١٩١٣، ولم يرض فيها عن مسلك البرهميين ولا عن مسلك الحكومة الهندية، وكلف نفسه دراسة هذه المسألة من الوجهة الفقهية ومن الوجهة الاجتماعية، وخامره شك منذ تلك السنة في إمكان خدمة الهنود جميعًا باقتصار عمله على المؤتمر، فاستجاب رجاء مولانا محمد علي الرامبوري والسير السيد وزير حسن، وقبل الانضمام إلى العصبة الإسلامية على شريطة التوحيد بين سياسة الهيئتين.
وكان في تلك السنة قد نُدب للسفر إلى لندن لشرح المطالب الهندية، فاشتغل في هذه الرحلة بإنشاء جماعة مركزية بالعاصمة الإنجليزية لرعاية الطلبة الهنود، وندب بعد عودته مرة أخرى للسفر إلى العاصمة الإنجليزية والنيابة عن المؤتمر في عرض مقترحاته التي يبني عليها انتخاب الأعضاء الهنود في مجلس وزارة الهند، ثم عمل من سنة ١٩١٥ إلى سنة ١٩٢٠ على عقد مجلس المؤتمر ومجلس العصبة الإسلامية في موعد واحد ومكان واحد؛ لأنه — وهو عضو في الهيئتين — كان يقدر أنه مستطيع أن يتدارك كل بادرة خلاف قبل أن تتشعب وتستعصي على التوفيق.
إلا أن سنة ١٩١٥ في الواقع قد دخلت بالسياسة الهندية عامة في طور غير طورها الذي استقامت عليه إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، ومرجع هذا التحول إلى حادث شخصي وحادث عالمي في وقت واحد.
فالحادث الشخصي هو وفاة الزعيم جوكهيل الذي كان مناط الثقة بقضية الوحدة عند الجميع، والحادث العالمي هو شيوع الكلام عن حقوق الأمم المحكومة أثناء الحرب العالمية وبعدها، فقد كانت السلطة العظمى أو السلطة العليا كلها في أيدي الحكام الإنجليز قبل نشوب الحرب العالمية، فكان الاتفاق على مكافحتها غير عسير، وكان التنازع على الحقوق التي لا وجود لها أمرًا من الأمور التي لا تلجئ الضرورات العاجلة إلى حلها والبت فيها، فلما بدأ البحث في تنظيم الحقوق الوطنية بدأ البحث في ضمانات تلك الحقوق، وبدأ التشدد هنا والحذر هناك.
ولهذا يمكن أن يقال إن المرحلة الأولى في حياة جناح العامة قد انتهت سنة ١٩١٥، وإن اليقين بإمكان العمل على خدمة الهنود جميعًا في هيئة واحدة هي هيئة المؤتمر قد تزعزع منذ تلك السنة، ثم نشأت المرحلة الثانية التي انعقدت فيها النيات والعزائم على استقلال الباكستان، ولكنها لم تنشأ دفعة واحدة منذ الخطوة الأولى، فقد بقي جناح بين الحربين العالميتين يحاول التوسط على عادته في «المدرسة المعتدلة» ويعتقد أن خدمة الهند جميعًا مستطاعة بالتوفيق بين الهيئتين، وأن الاتفاق على الضمانات المتبادلة يرضي البرهميين ويرضي المسلمين، ولكن الحرب العالمية الثانية قد أوشكت أن تقيم الحكم الهندي في مكانه على مدى سنوات معدودات، فتحول البحث من الاتفاق على مقاومة المستعمر إلى الاتفاق على قواعد الحكم الوطني وضماناته، فتبين مع الزمن أن الاتفاق على الفروض أيسر من الاتفاق على الحقيقة، كلما اقتربت من الواقع الماثل للعيان.