صراع في الأعماق!
بعد أن استطاع الشياطين؛ «أحمد»، و«عثمان»، و«خالد»، و«فهد»، و«قيس» الحصولَ على الرسالة الهامة الخاصة بمغامرة سر «الرسالة الزرقاء» لم يكن أمامهم إلا أن ينطلقوا باللنش إلى مدينة «فيلادلفيا» الأمريكية والتي تقع أمام جزيرة «برمودا».
كان رقم «صفر» قد طلب منهم الحصولَ على هذه الرسالة التي تضمُّ خريطةً لكلِّ مقارِّ عصابة «سادة العالم». وكانت الرسالة في جيب «جان بوكر» الأمريكي، كان «جان» قد سافر بالرسالة من الصين حتى «الرباط» في المغرب، ثم استقلَّ الطائرة المتجهة إلى أمريكا. لكنَّ عصابةَ «سادة العالم» استطاعت أن تعرف قيمة الرسالة في آخر لحظة، بينما الطائرة محلَّقةٌ في الفضاء بين المغرب وأمريكا، ولم يكن أمام العصابة إلا إسقاط الطائرة التي كانت في تلك اللحظة تقترب من سواحل جزيرة «برمودا» التي تقع أمام الشواطئ الأمريكية.
كانت الرسالة مكتوبةً بحبرٍ سريٍّ على ورقٍ خاصٍّ ضد الماء والحريق، وكان ما يميِّزها خاتمًا أزرق، لا يظهر إلا تحت الضوء. وهكذا غادر الشياطين المقرَّ السريَّ لإنقاذ الرسالة التي يحملها «جان بوكر» الذي سقطَت به الطائرة. واستطاع الشياطين أن ينزلوا في جزيرة «برمودا» باتفاق مع الكابتن «كريم» كابتن الطائرة المصرية التي كانت في طريقها إلى أمريكا. ومن الجزيرة كان هناك لنشٌ صاروخيٌّ … في انتظارهم ليصلوا به إلى مكان سقوط الطائرة. ورغم العقبات التي قابلَتهم … فقد استطاعوا الحصول على الرسالة، التي كان «جان بوكر» قد خبَّأها في أحد مقاعد الطائرة. وعندما تمَّت المغامرة بنجاح، طلب منهم رقم «صفر» العودةَ سريعًا؛ فهناك مهمةٌ خطيرةٌ تتعلق بالكمبيوتر العربي. ولم تكن هناك وسيلةٌ سريعة للوصول إلى أقرب مكان، وهو مدينة «فيلادلفيا» الأمريكية، سوى أن يركبوا اللنشَ الصاروخيَّ، وهكذا بدأت الرحلة، وهم يحملون معهم الرسالة الهامة.
كان الوقت يقترب من الفجر؛ فقد استغرقت مغامرة «الرسالة الزرقاء» الليلَ كلَّه. وبعد أن جرى حوارٌ بين الشياطين، اتفقوا على السفر مباشرة في نفس الليلة حتى يصلوا إلى أمريكا، ويستمروا في رحلة سفرهم حتى يصلوا إلى «المقر السري» مع بداية النهار، وهكذا انطلق اللنش بهم سريعًا، وهو يشقُّ أعماق المحيط الأطلنطي.
قال «عثمان»: إنني في حاجة إلى النوم؛ فقد كانت المغامرة شاقة هذه المرة!
ابتسم «قيس» وقال: إن أسماك القرش قامَت بالجانب الهام في المغامرة، فهي التي تولَّت الصراع مع أفراد العصابة.
ضحك «فهد» وأضاف: ولعل الصراع لا يزال دائرًا بين الجانبين!
قال «خالد» لقد كانت خطةً جيدة عندما وضعنا أفراد العصابة أمام أسماك القرش.
تمطَّى «عثمان» وقال: المهم هو النوم!
ضحك «أحمد» الذي كان يجلس إلى عجلة القيادة، وقال: سوف يتولَّى الجميعُ القيادةَ بالتناوب، وسوف أُوقظ «فهد» بعد ساعتين، و«فهد» يُوقظ «قيس» بعد ساعتين من تسلُّمِه القيادة، ثم «خالد» وأخيرًا «عثمان»، ثم أعود للقيادة مرة أخرى!
ضحك «عثمان» وقال: هذا إذا بقيَ وقت؛ فأعتقد أن المسافة إلى «فيلادلفيا» لن تستغرق كلَّ هذا الوقت!
ضغط «أحمد» زرًّا في تابلوه اللنش، ثم قال: بالضبط أمامنا أربع ساعات ونصف حتى نَصِل إلى المدينة!
قال «خالد» مبتسمًا: إذن فلن ننام طويلًا!
ولم يكَد ينتهي من كلامه، حتى سجَّلَت شاشة التليفزيون جسمًا غريبًا، جعل «أحمد» يقول: يبدو أنكم لن تناموا الآن!
كان الجسم الغريب يتجه نحو اللنش في سرعة. فكر «أحمد»: من الضروري أن نتوقع أشياء كثيرة في الرحلة. لكن … فجأة قطع تفكيرَه صوتُ «خالد» يقول: من المحتمل أن تبدأ العصابة في مطاردتنا!
ابتسم «أحمد»؛ فقد كان يفكر في نفس الشيء. مدَّ يده وضغط زرًّا، فانطلقَت أشعة غير منظورة في اتجاه الجسم الغريب. ثم في لحظات ظهرَت على الشاشة مجموعةٌ من الأرقام، قرأها الشياطين بسرعة، ثم قال «قيس»: إنه مندفعٌ نحونا بسرعة رهيبة، والمسافة بيننا ليست كبيرة!
قال «فهد»: ينبغي ألَّا نعطيَه فرصةً للصدام معنا!
قال «أحمد»: هذا ما سوف أفعله. فقط في الوقت المناسب!
وعند نقطة محددة، غيَّر «أحمد» اتجاهَ اللنش، في نفس الوقت الذي ارتفع به من عمق الماء إلى قرب السطح، لكن فجأة، حدث انفجار رهيب، جعل اللنش يهتزُّ بعنف.
قال «أحمد»: إنه لغمٌ مائيٌّ موقوت انفجر في توقيته المحدَّد عند النقطة التي كان يجب أن يلتقيَ فيها معنا لكننا خدعناه على كل حال!
قال «فهد»: إذن ما قاله «خالد» صحيح؛ فوجود لغم يعني أننا مطارَدون!
ردَّ «أحمد»: بالتأكيد. وهذه مسألة يجب أن نعرفها جيدًا؛ فالعصابة لن تتركَنا نمرُّ في سلام!
تساءل «عثمان»: وما العمل؟ إننا نتصارع مع قوًى لا نراها!
ابتسم «أحمد»: وقال: بل سوف نكشف كلَّ المنطقة حولنا!
ضغط زرًّا في التابلوه، فانطلقَت مجموعاتٌ من الأشعة في شتى الاتجاهات. فقال: الآن سوف نرى ما حولنا تمامًا!
فجأةً ظهرَت نُقَطٌ سوداء على سطح شاشة التليفزيون. ابتسم «أحمد» وقال: إنهم يحاصرون كلَّ المساحة حولنا، ويبدو أننا سوف نكون صيدًا لهم!
مرَّت لحظات صامتة كان الشياطين خلالها مستغرقين في التفكير.
فجأة قال «قيس»: هل نعود إلى الجزيرة، وهناك نسلِّم «الرسالة الزرقاء» إلى عميل رقم «صفر» الذي يمكن أن يُرسلَها مع آخر، ما دمنا قد أصبحنا هدفًا لهم!
ردَّ «أحمد»: هل تظن أن العودة إلى الجزيرة سوف تكون سهلة.
ثم أضاف مبتسمًا: إنها مغامرة جديدة في الطريق، ولا بأس أن نخوضَها.
كانت النقط السوداء تقترب. حرَّك «أحمد» ذراعًا بجوار عجلة القيادة، فبدأ اللنش يصعد إلى السطح.
قال «فهد»: أعتقد أن وجودنا على السطح سوف يجعلُنا هدفًا سهلًا لهم!
ردَّ «أحمد»: إنها معركة في النهاية، سواء في الأعماق، أو على السطح. مع ذلك فإمكانيات اللنش القتالية عالية، وسوف نستطيع أن نُواجهَهم.
فجأةً، ظهر ضوءُ النهار. ألقى «قيس» نظرةً واسعة على شتى الاتجاهات، فلم يرَ شيئًا. كانت الشمس تُرسل أشعتَها، فيصبغ سطح المحيط الهادئ بلونٍ نحاسيٍّ جميل.
ابتسم «قيس» ابتسامةً هادئة وهو يقول: خسارة أن يضيعَ هذا الصباح الجميل في صراع مع قُوَى الشر!
ردَّ «خالد»: إنها طبيعة الأمور يا صديقي. الخير والشر دائمًا في حالة صراع!
فجأة، ظهرَت على السطح مجموعةٌ من اللنشات الصغيرة التي خرجَت من الماء، فعلَّق «عثمان»: إنهم يملكون أدوات مثلنا تمامًا.
ابتسم «أحمد» وهو يقول: لكنها ليست في كفاءة ومستوى ما نملكه!
انتظر لحظة ثم أضاف: وسوف نرى!
ضغط زرًّا، فأخذ اللنش في الهبوط إلى الأعماق. قال وهو يبتسم في سعادة: لا بأس من أن نداعبَهم قليلًا. ثم ننقض عليهم في النهاية!
فجأةً سجَّلَت شاشة التليفزيون عدةَ نقط سوداء. قال «فهد»: إنهم سوف يحاصروننا!
ضحك «أحمد» ولم يردَّ، فقال «فهد»: أعرف أن اللنش يملك تسليحًا قويًّا!
ضغط «أحمد» على أحد الأزرار، فانطلق عددٌ من الصواريخ المائية الصغيرة، كل صاروخ في اتجاه نقطة سوداء من التي تظهر على شاشة التليفزيون، والتي كانت عبارة عن لنشات العصابة.
فجأةً شاهد الشياطين على الشاشة منظرًا فريدًا. لقد تم تفجيرُ النقط السوداء جميعها.
كانت الانفجارات تظهر على الشاشة، وكأنها انفجارات صواريخ الاحتفالات.
قال «أحمد»: إننا سوف نقضي عليهم، ثم أضاف بعد لحظة: لكن، هذه ليست القضية؛ فهناك قضية أهم!
سأل «عثمان»: ماذا تعني؟
ردَّ «أحمد» بعد لحظة: الصراع البري هو الأهم؛ فنحن سوف نَصِل إلى الشاطئ، لكن هل سوف يتركوننا؟ لا أظن.
في نفس اللحظة، رفع من سرعة اللنش الصاروخي، وحدَّد اتجاهَ البوصلة على مدينة «فيلادلفيا». ورغم أن شاشة التليفزيون لم تسجِّل أيَّ هدف، إلا أن الشياطين كانوا يتوقعون معركة ما، وقد صدَق توقُّعُهم؛ فلم تكَد تمضي ربع ساعة حتى بدَا، وكأنَّ ظلًّا كثيفًا قد أحاط باللنش.
قال «أحمد» بسرعة: إنهم ينصبون شَرَكًا لنقع فيه، وأظن أننا نقع تحت غواصة ضخمة!
ظهرَت الدهشة على وجوه الشياطين، وهمس «قيس»: غواصة ضخمة!
ابتسم «أحمد»، وقال: لا بأس. لم يستطيعوا عملَ أيِّ شيء.
بدأ يصعد باللنش إلى سطح الماء، وهو منطلقٌ بنفس السرعة العالية. فجأة، اصطدم اللنش بشيء جعله يهتزُّ بشدة … استغرق «أحمد» في التفكير لحظة سريعة، ثم قال: أعتقد أنها ليست غواصة. يبدو أنه حوت ضخم! ثم ضحك وأضاف: إن المعارك حولنا من أعداء كثيرين!
فجأة اختفى الظلام، وتردَّد ضوءُ اللنش في مياه المحيط. كان اللنش لا يزال مستمرًّا في صعوده إلى السطح، حتى ظهر النهار من جديد. لم يكن هناك شيءٌ على مدى البصر.
تساءل «قيس»: هل ابتعدنا عنهم؟
ردَّ «فهد»: لا أظن؛ فسوف يظهرون بشكل أو بآخر.
ولم يكَد ينتهي من جملته حتى تردَّد صوتُ طائرة تأتي من بعيد.
قال «أحمد» وهو يعلِّق على كلام «فهد»: لقد ظهروا فعلًا بشكل آخر!
وكانت هذه معركة جديدة.