يا خليلي الفقير
يا من وُلِدْتَ على مهد الشقاء، ورُبِّيتَ في أحضان الذل، وشببت في منازل الاستبداد، أنت الذي تأكل خبزك اليابس بالتنهد، وتشرب ماءك العكر ممزوجًا بالدموع والعبرات.
يا أيها الجندي المحكوم عليه من شرائع البشر الظالمة بأن يترك رفيقته وصغاره ومحبيه، ويذهب إلى ساحة الموت من أجل طمع يدعونه الواجب.
ويا أيها الشاعر الذي يعيش غريبًا في وطنه ومجهولًا بين معارفه، ويرضى من العيش بمضغة ومن الحطام بالحبر والورق.
ويا أيها السجين المطروح في الظلمة من أجل ذنب صغير جسَّمه غي الذين يقابلون الشر بالشر، واستغربته عاقلة الألى يرومون الإصلاح بواسطة الفساد.
وأنتِ أيتها المسكينة التي وهبها الله جمالًا رآه فتى العصر فاتبعك وغرك وتغلب على فقرك بالذهب، فاستسلمتِ له وغادرك فريسة ترتعد بين مخالب الذل والتعاسة.
أنتم يا أحبابي الضعفاء شهداء شرائع الإنسان، أنتم تعساء وتعاستكم نتيجة بغي القوي وجور الحاكم وظلم الغني وأنانية عبد الشهوات.
لا تقنطوا، فمن مظالم هذا العالم، من وراء المادة من وراء الغيوم، من وراء الأثير، من وراء كل شيء، قوة هي كل عدل وكل شفقة وكل حنو وكل محبة.
أنتم مثل أزهار نبتت في الظل، سوف تمر نسيمات لطيفة وتحمل بذوركم إلى نور الشمس فتحيون هناك حياة جميلة.
أنتم نظير أشجار عارية مثقلة بثلوج الشتاء، سوف يأتي الربيع ويكسوكم أوراقًا خضراء غضة.
سوف تمزق الحقيقة غشاء الدمع الحاجب ابتساماتكم.
أنا أقبلكم يا إخوتي وأحتقر مضطهديكم.