تحت الشمس
يا روح سليمان السابحة في فضاء عالم الأرواح، يا من خلعت ثوب المادة الذي نحن نرتديه الآن، لقد تركت وراءك هذا الكلام المنبثق من الضعف والقنوط، فولد ضعفًا وقنوطًا في سرى الأجسام.
أنت تعلمين الآن أنَّ في هذه الحياة معنى لا يخفيه الموت، ولكن أنَّى للبشر تلك المعرفة التي لا تُدْرَكُ إلا بعد انعتاق النفس من ربقة التراب؟
أنت تعلمين الآن أن الحياة ليست كقبض الريح، وأن ليس تحت الشمس شيء باطل، بل كل شيء كان وسيبقى سائرًا نحو الحقيقة، ولكن نحن المساكين قد تَشَبَّثْنَا بأقوالك وتدبرناها، وما برحنا نظنُّها حكمة باهرة وهي — أنت تعلمين — ظلمة تضيع العاقلة وتخفي الأمل.
أنت تعلمين الآن أن للحماقة والشر والظلم أسبابًا جميلة، ونحن لا نرى جمالًا إلا بظواهر الحكمة ونتاج الفضيلة وثمار العدل.
أنت تعلمين أن الحزن والفقر يطهران القلب البشري، وعاقلتنا القاصرة لا ترى شيئًا حَرِيًّا بالوجود إلا اليسر والفرج.
أنت تعلمين الآن أن النفس سائرة نحو النور قهرًا من عقبات العمر، ونحن ما برحنا نردد كلامك الذي يدل على أن الإنسان ليس إلا ألعوبة في يد القوة غير المعروفة.
أنت ندمت على بث روحٍ يضعف محبة الحياة الحاضرة، ويميت الشغف بالحياة الآتية، ونحن لم نزل مُصِرِّينَ على حفظ أقوالك.
يا روح سليمان الساكنة في عالم الخلود، أوحي إلى محبي الحكمة ألَّا يسلكوا سبل القنوط والجحود، فقد يكون ذلك كفارة عن خطًا غير مقصود.