أغنية السعادة
الإنسان حبيبي وأنا حبيبته، أشتاق إليه ويهيم بي، ولكن أوَّاه! لي في محبته شريكة تشقيني وتعذبه، وضرة طاغية تدعى المادة تتبعنا حيث نذهب، وتفرقنا كالرقيب، أطلب حبيبي في الْبَرِّيَّةِ تحت الأشجار وبقرب البحيرات فلا أجده؛ لأن المادة قد غرَّتْهُ وذهبت به إلى المدينة إلى الاجتماع والفساد والشقاء، أطلبه في معاهد المعرفة وفي هياكل الحكمة فلا أجده؛ لأن المادة … تلك التي ترتدي التراب قد قادته إلى معاقل الأنانية حيث يقطن الانهماك، أطلبه في حقل القناعة فلا أجده؛ لأن عودتي قد قيَّدته في مغائر الطمع والشراهة، أناديه عند الفجر عندما يبتسم المشرق فلا يسمعني؛ لأن كرى الاستمساك قد أثقل عينيه، أداعبه في المساء إذ تسود السكينة وتنام الأزهار فلا يحفل بي؛ لأن انشغافه بمآتي الغد يشغل ضميره، حبيبي يحبني، يطلبني في أعماله، وهو لن يجدني إلا في أعمال الله، يروم وصالي في صرح المجد الذي بناه على جماجم الضعفاء وبين الذهب والفضة، وأنا لا أوافيه إلا في بيت البساطة الذي بَنَتْهُ الآلهة على ضفة جدول العواطف، يريد تقبيلي أمام الطغاة والقتلة، وأنا لا أدعه يلثم ثغري إلا في الوحدة بين أزهار الطهر، يبتغي الحيلة وسيطًا بيننا ولا أطلب وسيطًا إلى العمل المنزه، العمل الجميل، قد تعلم حبيبي الصراخ والضجيج من عدوتي المادة، وأنا سوف أعلِّمه أن يذرف دمعة استعطاف من عين نفسه، ويتنهد تنهدة استكفاء، حبيبي لي وأنا له.