صدفة
قد كان في الإمكان أن لا نلتقي
هذا المساء هنا، ولا نتصابى
فتصوري الأقدار كم رأفت بنا
يا منيتي، وتصوري الأسبابا:
كم فرصة سنحت، وكم صدفة
مرت، وكم حدث رمى فأصابا
حتى تكوَّن ما يُسمى حبنا
فيكون أوسع ما يكون رحابا
أتنسين أنَّا قُبيْل اللقا
غريبين كنَّا بهذي الدنا
•••
وكلٌّ يهيم على وجهه
يسير وحيدًا بغير هدى
وإن الزمان طويل وهذا
الفضاء الفسيح بعيد المدى
فما كان أسهلها لحظة
لتفريقنا أبدًا سرمدا
•••
أتدرين كم خطر كامن
تصدَّى لنا في طريق الهوى؟
وكاد أقل الحوادث أن
يُباعدنا ويطيل النوى؟
•••
أتدرين أني لأول ما
رأيتك، ما اهتاج لي خاطرُ؟
ومال فؤادي لمن كان معْك
يغازلني لحظها الساحِرُ؟
ولكن كفى منكِ لي نظرة
لأشعر أني أنا الخاسرُ
وأنك ملءُ حياتي وما
سواكِ على مهجتي آمِرُ
•••
أكُنَّا هنا اليوم، لو أنه
تراءى لأمكِ ذاك المساءْ
بأن ترحلي معها قبلما
يتاحُ اللقاء لنا في العشاءْ؟
•••
ولم أتجرأ بكلتا يدي
فألقي الوشاح على كتفيكِ
ويُلقي الأشعةَ في ناظريَّ
احمرارُ الحياء على وجنتيكِ؟
•••
أقل الطوارئ لو أفلحت
لصبَّت عليَّ أذى الحادثات
فما كان حبي، وما كان قلبي
وما كنت أنتِ نعيم حياتي