عبد الباقي العمري (شاعر العراق)
هو عبد الباقي العمري الفاروقي الموصلي، الشاعر الشهير المولود بالموصل سنة ١٢٠٤ﻫ/١٧٩٠م، والمتوفَّى ببغداد سنة ١٢٧٨ﻫ/١٨٦٢م، يتصل نسب أبيه سليمان العمري بالخليفة عمر بن الخطاب، ولهذا يعرف هو وسائر أبناء أسرته بالعمريين والفاروقيين. ولهم وجاهة ومكانة سامية في بلدتهم الموصل وسائر بلاد العراق، وبيتهم بيت علم وفضل، أنتج كثيرين من الشعراء والأدباء.
وقد اتصف عبد الباقي منذ صغره بالحذق والذكاء، واشتغل بالأدب ونظم الشعر وهو بعدُ فتى، وتقلَّد المناصب السامية ولم يتجاوز العشرين من عمره، وكان أعيان الموصل ينتدبونه لعظام المهام، ويوجهونه في معضلات الأمور، فاشتهر أمره لدى الولاة والحكام. وكان تعيين والي الموصل في تلك الأيام منوطًا بوالي بغداد قبل أن يقره الباب العالي على ولايته. واتفق انفصال والي الموصل في أثناء ولاية داود باشا على بغداد، فانتدب أعيان الموصل عبد الباقي للتوجه إلى بغداد، والتوسط بتعيين يحيى باشا، فسار إلى بغداد. وكان داود باشا من أهل العلم ومروِّجي بضاعة الأدب، فأكرمه وسأله عن سبب قدومه فأجابه بهذين البيتين:
فاستحسن داود باشا ذلك، وبادر إلى طلب الوزارة ليحيى باشا. وبعد أعوام انتقض داود باشا على الدولة، وكان والي الموصل إذ ذاك قاسم باشا ابن عم صاحب الترجمة، فأتته الأوامر من الآستانة بالمسير في جيش كثيف إلى بغداد والقبض على المماليك، وداود باشا من جملتهم، فسار قاسم باشا إلى بغداد يصحبه عبد الباقي، فأظهر المماليك الطاعة حتى أتاهم قاسم باشا بنفر قليل فغدروا به، ورجع عسكر الموصل ومعه عبد الباقي. فسيرت الدولة علي باشا اللاز من الآستانة إلى بغداد لقمع ثورتها وقتل داود باشا، فلما بلغ الموصل ورأى صاحب الترجمة أعجب بذكائه واصطحبه معه إلى بغداد. ولما استتب له الأمر وقبض على داود باشا أقرَّ عبد الباقي وقلده أسمى مناصبها، وجعله كتخدا الولاية؛ أي: معاونًا له، وبقي من ثم في بغداد إلى آخر أيامه. وكان نافذ الكلمة مَرْعِيَّ الجانب، يعهد إليه الولاة بالمهام الخطيرة، وهو على اشتغاله بخدمة حكومته يصرف همه في أثناء العطلة والفراغ للاشتغال بالآداب، ومجلسه حافل بالأدباء وسراة الأعيان.
- (١)
ديوان أهلة الأفكار في معاني الابتكار.
- (٢)
نزهة الدهر في تراجم فضلاء العصر.
- (٣)
ديوان طبعه بمصر الشيخ عثمان الموصلي وسماه «الترياق الفاروقي من منشآت الفاروقي»، وذيله بترجمة له مُسْهَبة، لخصنا منها معظم ما تقدم.
وحسبنا أن نورد مثالًا من شعره مقطوعة نظمها عندما شخص بباخرة من بغداد إلى الكوفة يؤم ضريح الإمام علي بن أبي طالب:
وخلف عبد الباقي ثلاثة أبناء: سليمان فهيم أفندي، وحسين حسني بك، ومحمد وجيهي بك، أقام الأول في الموصل، وأما الأخيران فإنهما قدما مصر سنة ١٢٨١ﻫ وتنقلا أعوامًا في أسمى مناصب الحكومة المصرية.