الحاج عمر الأنسي
هو ابن السيد محمد ديب بن أعرابي بن إبراهيم بن حسين، الشهير لقبُهم بالصقعان. ولد في بيروت سنة ١٢٣٧ﻫ وتعلم القرآن وأحكام التجويد على الحافظ الشيخ حسين الجيزي المصري. وتوجه سنة ١٢٥٩ﻫ مع الركب الشامي، وقضى فريضة الحج وهو في الثانية والعشرين من عمره. ولما عاد أكبَّ على تلقي العلم عن اثنين؛ هما أشهر علماء بيروت في القرن الماضي، أحدهما الشيخ محمد الحوت، والآخر الشيخ عبد الله خالد.
وكان مطبوعًا على الشعر، فكان أكثر اشتغاله به، على أنه تقلب في مناصب عديدة؛ منها أنه تقلد نظارة النفوس في جبل لبنان سنة ١٢٦٤ﻫ بأمر الأمير أمين أرسلان قائمقام جبل لبنان إذ ذاك، فأقام في الشويفات نحو أربع سنوات نظم عدة قصائد في مدحه، وتعيَّن سنة ١٢٧٤ﻫ عضوًا في مجلس إدارة بيروت، ثم تنقل في مناصب أخرى، فتقلد مديرية قضاء حيفا، ثم قضاء صيدا، ثم عاد إلى بلده واشتغل بالتدريس والمطالعة. وفي سنة ١٢٩١ﻫ وجهت إليه نيابة صور بطلب من المرحوم أسعد باشا والي إيالة صيدا الملغاة. وعاد سنة ١٢٩٢ﻫ مريضًا إلى بيروت، ولم يتحمل المرض إلا بضعة أشهر، فتوفاه الله في رجب سنة ١٢٩٣ﻫ.
وكان عذب المنطق، سريع الحفظ، محبوبًا، وله منظومات بديعة، عني نجله الدكتور عبد الرحمن أفندي أنسي نزيل بيروت بجمع شتاتها من بين أوراقه، وطبعها في ديوان سماه المورد العذب، تزيد أبياته على ٦٥٠٠ بيت، نقتطف منه أمثلة نستدل بها على شاعرية صاحبه. قال من مطلع قصيدة في مدح النبي:
وقال من قصيدة يمدح بها أخاه الحاج محمد بك ويهنئه بتقلده رئاسة حجاب السلطان، وفيها أبيات فخرية:
وقال يصف الشيشة عن لسان حالها:
وقال يهجو خادمًا في قهوة اسمه هلال:
يا للهوى مَن لصبٍّ لم ينل أربا (أملا) (وطرا) | عطفًا على مستهامٍ رقَّ وانتحبا (انتحلا) (انحسرا) | |
عاني المها مستهل الدمع ساكبه (هاطله) (هامره) | واهي القوى ما شكا بؤسًا ولا وصبا (ثقلا) (ضررا) | |
بادي الضنا ذو غرام سامه شجنا | وافي العنا مشفقًا من برحه وهبا (وجلا) (حذرا) | |
يهوى الظبا وهوى الآرام غالبه (قاتله) (قاهره) | طول المدى وهو لا يُصغي لمن عتبا (عذلا) (فشرا) | |
ويح العدا واللواحي حملته عنا | أزكى لظى لاعج من وجده التهبا (اشتعلا) (استعرا) | |
جمر الأسى لم يزل دومًا يصاحبه (يواصله) (يساهره) | وسط الحشا مصعدًا أنفاسه لهبا (شعلا) (شررا) | |
ماذا خوى ويح قلبي ظل مرتهنا | مضنى الجوا تقاوي والهوى غلبا (قتلا) (قهرا) | |
يرجو اللقا والظبا تيهًا تعاقبه (تماطله) (تغادره) | بعد الغوى وعيائي داؤه صعبا (عضلا) (عسرا) | |
كم من رشا وغزال هز قدَّ قنا | تحت الحلى ذو جمال زين النقبا (الحللا) (الحبرا) | |
إذا رنا فتن الألباب حاجبه (ناحله) (ناظره) | يسبي الحجا وبلُبي طالما لعبا (هزلا) (سخرا) |
والقصيدة كلها على هذا النمط، فإن كل سطر مؤلف من شطرين، والشطر مقطوع إلى أربعة أجزاء، إذا تركَّبت الأجزاء الأولى تألف منها قصيدة مستقلة أو الأجزاء الثانية تألف منها قصيدة أخرى، ومن مجموع الجزأين في الشطرين تتركب قصيدة أخرى، ويتركب من أسطر كل حقل قصيدة على حدة، وأما الجزءان الثالث والرابع من كل شطر فهي ألفاظ يصح إبدال القوافي بها.
- (١) يا للهوى مَن لصبٍّ لم ينل أربا (أو أملا أو وطرا)عطفًا على مستهامٍ رقَّ وانتحبا (أو انتحلا أو انحسرا)عاني المها مستهل الدمع ساكبه (أو هاطله أو هامره)واهي القوى ما شكا بؤسًا ولا وصبا (أو ثقلا أو ضررا)
- (٢) يا للهوى. عطفًا على. عاني المها. واهي القوى
- (٣) يا للهوى. من لصب لم ينل أرباعاني المها مستهل الدمع ساكبه (أو هاطله أو هامره)بادي الضنا ذو غرام سامه شجنايهوى الظبا وهوى الآرام غالبه (أو قاتله أو قاهره)
- (٤) عطفًا على مستهام رقَّ وانتحباواهي القوى ما شكا بؤسًا ولا وصباوافي العنا مشفقًا من برحه وهباطول المدى وهو لا يصغي لمن عتبا
- (٥) من لصب لم ينل أربامستهل الدمع ساكبهذو غرام سامه شجناوهوى الآرام غالبه
- (٦) مستهام رق وانتحباما شكا بؤسًا ولا وصبامشفقًا من برحه وهباوهو لا يصغي لمن عتبا
- (٧) من لصب لم ينل أربامستهام رق وانتحبامستهل الدمع ساكبهما شكا بؤسًا ولا وصبا
هذه سبعة أشكال، وإذا اعتبرنا إبدال القوافي تكرر ذلك ثلاث مرات، إلا الشكل الثاني، فيكون مجموع الأشكال ١٩ شكلًا، وربما أمكن استخراج أشكال أخرى.
وقال من مطلع قصيدة يمدح بها الشيخ محمد الخضري الدمياطي:
وقال يصف شاطئ البحر:
وقال من قصيدة في مدح الأمير أمين أرسلان، يتغزل باسمه: