المعلم ناجي
ترجمة حاله
ولمَّا تمكَّن من العلم على هذه الصورة تعيَّن أستاذًا في مدرسة رشدية وارنه (في الروملي). وتعيَّن أيضًا كاتبًا خصوصيًّا لدولتلو سعيد باشا، وكاتبًا في إحدى المحاكم الجزائية، وترقى منها إلى أن صار مميز قلم مكتوبي إحدى الولايات. ومن الوظائف التي تقلدها أيضًا الكتابة في نظارة الخارجية، وكان مجتهدًا أديبًا، فاشتهر بين معارفه بالأدب والبراعة وجودة النظم وحسن الإنشاء، فتقرَّب من الفاضل التركي الشهير أحمد مدحت أفندي، فكان هذا يرتاح إلى ناجي ويعجب بذكائه وأدبه فأزوجه ابنته.
فكان ذلك من جملة ما حبب إليه الانقطاع إلى العلم، فاعتزل الخدمة في دوائر الحكومة وانخرط في سلك المحررين، فتولى تحرير القسم الأدبي من جريدة «ترجمان حقيقة»، ثم جريدة «سعادت»، وأنشأ مجلات شعرية انتقادية سيأتي ذكرها بين مؤلفاته، وآخر مهمة تقلدها كتابة تاريخ آل عثمان، فقضى فيها بضع سنوات حتى توفاه الله.
وكان مع ذلك كله عاملًا على التأليف والتصنيف ونظم الشعر على أسلوب مختصر مفيد، حتى يكاد يستحيل عليك أن تجد في عبارته كلمة يمكن الاستغناء عنها أو وضعها في غير ما وضعت له، فعكف أدباء الأتراك على مطالعة مؤلفاته ومنظوماته؛ لما آنسوه فيها من الطلاوة والرقة مع اللذة والفائدة. وراجت كتاباته رواجًا حسنًا ساعده على التعيش، ثم كان ذلك سببًا في رفع منزلته بين أقاربه، وتقربه إلى رجال الدولة وأهل المابين وغيرهم من علماء الآستانة ووزرائها.
فلما أذن الله بانقضاء أجل حياته في ٢٥ رمضان سنة ١٣١٠ﻫ كان لخبر مَنْعاهُ وقعٌ أليم في قلوب العثمانيين كافة، فبكاه الأصدقاء، ورثاه الشعراء، وأبَّنه الخطباء، وترجمته الجرائد. وما وصل خبر مَنْعاهُ إلى جلالة السلطان حتى أصدر إرادته بأن ينفق على جنازته ودفنه من جيبه الهمايوني الخاص، وأن يدفن في تربة ساكن الجنان السلطان محمود الثاني مدفن العظماء والعلماء.
واشتهر المعلم ناجي أفندي بحسن البيان، ودقة النظر، وإصابة الرأي، وجودة القريحة، وحسن الذوق نظمًا ونثرًا، فكانت الألفاظ والمعاني طوع بَنانه، فيصوغ منها ما شاء على أساليب تلذ المطالعين على اختلاف طبقاتهم، واتخذ في الإنشاء والنظم نسقًا جديدًا، فلم يقلد الإفرنج المحدثين، ولا بقي على ما كان عليه السلف، لكنه اختار ما بين ذلك أسلوبًا حسنًا خلفت صورته في ذهنه، ممَّا حبَّب الناس في مطالعة ما كتبه ونشره خلافًا لما جرت به عادة كتَّاب هذا العصر من الأتراك والعرب، فهم في الغالب يتوخون تقليد الإفرنج فيما يكتبونه، وهو طبيعي لا غرابة فيه، ولكن التقليد الأصم مفسد للذوق؛ لأن لكل لغة أو أمة ذوقًا خصوصيًّا لا تلذ المطالعة إلا فيه، فليكن نظرنا في ما يكتبه الإفرنج نظر من يطلب التوسع في معرفة أذواق الكتاب على اختلاف الأعصر واللغات، ثم نختار ما يناسب ذوق أبناء لغتنا الذين إنما نكتب لهم.
فيظهر أن صاحب الترجمة سار على هذه الخطة، فكان لمؤلفاته ومنظوماته وقع حسن عند قراء اللغة التركية، وكان في عزمه أن يجعل للإنشاء التركي منهاجًا قائمًا بنفسه، لا يشبه الشرقيين القدماء ولا الغربيين المحدثين، بل يوافق مقتضيات اللسان والزمان، فبذل في ذلك قصارى جهده، ولكن المنية عاجلته قبل إتمامه، فمات عن ٤٥ عامًا، ولو فسح الله في أجله لكان أكتب كتَّاب اللغة التركية بلا استثناء.
وكان عالي الهمة، نشيطًا حازمًا وفيًّا، سليم القلب، رقيق الحديث، حسن المعاشرة، عاملًا، لم يكن همه من حياته إلا التأليف والتصنيف.
مؤلفاته
- (١)
آتشياره: منظوم.
- (٢)
إعجاز القرآن: وهو ملخص ترجمة الأسرار العقلية المستنبطة من سورة الفاتحة، المندرجة في كتاب مفاتيح الغيب للإمام فخر الدين الرازي.
- (٣)
معماي الهي: ترجمة الأقوال المنقولة عن علماء المسلمين بشأن الأحرف المندرجة بأول سورة القرآن.
- (٤)
شرارة: منظوم.
- (٥)
موسى ابن أبي الغازان: منظوم.
- (٦)
أمثال علي: يشتمل على ترجمة أمثال للإمام علي.
- (٧)
مدرسة خاطرة لري (خواطر المدرسة): نثر.
- (٨)
صائدة سوز: نثر.
- (٩)
فروزان: منظوم.
- (١٠)
معلم: انتقاد على أشعار تركية.
- (١١)
يازمش بولندم: مكاتب.
- (١٢)
دمدمه: انتقاد.
- (١٣)
مخابرات: مكاتيب.
- (١٤)
مكتوبارم: مكاتيب.
- (١٥)
نوادر الأكابر: نثر.
- (١٦)
شويلة بويلة: مجموعة مكاتيب أيضًا.
- (١٧)
هدر: تياتر.
- (١٨)
حكم الرفاعي.
- (١٩)
سانحات العرب.
- (٢٠)
مترجم: أشعار ونثر مترجم عن اللسان الإفرنجي وغيره.
- (٢١)
آفاق.
- (٢٢)
محمد مظفر.
- (٢٣)
ترك شاعر لري: شعراء الترك.
- (٢٤)
لغت ناجي: كتاب في اللغة.
- (٢٥)
اصطلاحات أدبية: في الآداب.
- (٢٦)
ترجمة دون ترجمة: ترجمة قصيدة ابن زيدون.
- (٢٧)
نمونة سخن: أنموذج الكلام.
- (٢٨)
سنبلة: بعض شعره ونثره.
- (٢٩)
مجموعة معلم: مجلة أدبية.
- (٣٠)
إمداد المداد: مجلة أدبية.
- (٣١)
ذات النطاقين: منظوم.
- (٣٢)
خلاصة الإخلاص.
- (٣٣)
عبيدية.
وله آثار أخرى لم تطبع.