الرسالة السابعة والعشرون
طالما عقدتُ العزمَ على الإقلال من رؤيتها، ولكن ما أوهى عزمَ المحبِّ! وا حسرتاه أيها الصديق، إن القول لأسهل بكثير من العمل. كل يوم أخضع للإغواء، ولو أنني أقول كل ليلة: «لن أراها غدًا.» على أنه متى جاء الغدُ ساقني إليها شيء لا يُقاوم. ولا تحسبنَّ هذه «الأشياءَ» فارغةً من البواعث، هَبْهَا قالت عند الافتراق: «آمل أن تزورني غدًا.» فهل أستطيع القعود عن الذهاب؟ أو إذا عهدتْ إليَّ القيامَ بمُهِمَّة فقد أجد من الضروري أن أعود بنفسي حاملًا النتيجة، وقد يطلع اليومُ شيقًا جميلًا، فأسير متريضًا إلى والهيم، وإذا ما صرت هناك وجدت نفسي على ميلَين فقط من بيتها، وعليَّ أن أتقدَّم في طريقي، فهل أنكِص وأنا منها قريب؟ هذا مستحيل.
أذكر قصة عتيقة كانت تحدثنا بها جَدتي عن جبل من المغناطيس، وكانت جاذبيته هائلة، حتى إذا ما دانته سفينة انجذبت روابطُها الحديدية إلى الجبل، وراح بحَّارتُها المساكينُ بين ألواحها المشتَّتة. إن صديقي يفهم دون ريب ما أشير إليه، إن عالَمًا كاملًا من هذه الجبال لا يباري شارلوت في قوة الجذب.