الرسالة الخامسة والثلاثون
حال يُرثى لها ويُبكى عليها! فقد اضمحلت قواي العاملة، وانقلبت خمولًا جامدًا. لست أحتمل الكسل، على أنني لا أصلح لعملٍ ما، ولا أستطيع التفكير؛ لأنه يزيد في دائي، لم أعد أشعر بجمال الطبيعة أو تروِّح عني الكتب، ولكنَّ هناك شيئًا واحدًا يتملك على عقلي، ولا يقربني سواه. وأودُّ في بعض الأحايين لو كنت ميكانيكيًّا، إذًا لقمت في الصباح، وقد أشغل بعمل أقطع به النهار الممل، وأبدد ظلمات أفكاري، وطالما حسدت ألبرت وهو مكب على أوراقه، وودت نفسي في مكانه، فكنت سعيدًا، ها! «في مكانه!» إذًا لكنت حقًّا سعيدًا، وحينئذٍ شارلوت! ولكن دعنا من هذا.
تناولت القلم مرارًا؛ لألتمس من الوزير الوظيفة التي يراها لي صديقي متى رغبت، وإنني لا أكاد أثق بنجاح مطلبي؛ فالرجل يكلؤني برعايته، ويُظهِر لي كثيرًا رغبته في خدمتي، وتحت إمرته كما أعلم وظائفُ عدة؛ فهي لا تحتاج إلى كبير سعي أو عناء، ولكنني متى فكَّرت في الأمر، ذكرت خرافة الجواد الذي رضي بالسرج واللجام، وسرعان ما ندم على حريته التي ضحاها.
لست أدري أي طريق أسلك، وأعرف تقلُّب مزاجي، ولو أنني بطبيعتي لا أميل إلى التبديل، فأنا موقن بأنني في حالتي الحاضرة لا أستطيع التفكير في شيء سوى الحب.