الرسالة السادسة والثلاثون
لو أن هناك أي علاج لتوعكي هذا لأعطانيه هؤلاء القوم الأمجاد. هذا أيها الصديق يوم مولدي المنحوس، وصلتني في صباحه عقب مغادرة الفراش ربطة صغيرة من ألبرت معنونة بيد شارلوت، وفتحتها فوجدت نفس الشريط القرنفلي الضارب إلى الصفرة، الذي كان على ملابسها لأول مرة رأيتها فيها، والذي ألححت في طلبه منها مرارًا؛ ليكون دليل ثقة وتقدير، أما ألبرت فكان منه مُجلَّدا جَيْبٍ من هومر، طالما سألته إياهما؛ لأن حَمل المجلَّد الذي عندي أثناء السير يتعبني كثيرًا. ما أشدَّ دأبَهم في إرضائي! وما أسمى هذه التذكارات الصغيرة، دلائل الصداقة، إذا قُورنت بعطايا العظيم المشفوعة أبدًا بمعاني الإذلال!
وأدنيت الشريط من شفتيَّ الملتهبتين؛ فقد أذكرني تلك الأيام الهنيئة التي لا تعود. يا لنفسي! ما أعظم الفرقَ منذ ذلك الحين! على أنني لا أشكو ولا أتذمر. إن أجمل أزهار الحياة تذبل وما كادت تبتسم، وقد يهلك بعضها قبل نضجه، ولا يترك وراءه أثرًا، وما أقل الأزهار التي تثمر، وإذا فعلتْ فما أندر نضج تلك الأثمار! بل كثيرًا ما يُهمل ذلك النادر وا أسفاه! فيُترَك للعطب والدمار، وعلينا أيضًا أن نعتبر باختلاف الفصول؛ فهي تتغير كما نتغير. الوداع.
الطقس بديع صائف، وكثيرًا ما أزور بستان شارلوت، فأتسلق شجرة كمثرى، وأرمي إلى شارلوت بالأثمار وهي واقفة تحتي، فتتلقاها في إتْبِها.