الرسالة السابعة والثلاثون
يا لي من شقي! فقد خادعت نفسي كثيرًا، وارتكبت فِعال الجهلاء! ما هذا الهُيام الذي لا حدَّ له؟ إنني لا أوجِّه صلاتي إلا إليها؛ فهي كل ما تصوره لي مُخيِّلتي، وكل ما حوالي مُهمَل إلا ما كان ذا علاقة بها. إذا حضرت فما أسعد ساعاتي! ولكن إذا أُرغمِت على مفارقتها — كما يحصل كثيرًا — وأنا أتأمل شكلها الجميل، مصغيًا إلى صوتها الرخيم، آه يا صديقي! يغلبني السرور، فيخفق فؤادي ويضيع رشادي، وقد تنجدني الدموع، ثم، ثم أضطر متألمًا إلى مفارقتها، فأهيم على وجهي في المروج، أصعد الصخور الناتئة، واندفع بين الأدغال، ويقطع جسمي العوسج والشوك، وهكذا أخفض من عذابي بتغيير المنظر، وقد يضنيني الظمأ وينهكني العناء، فأنطرح على الأرض، وطالما استندت إلى شجرة معوجة، بقلب غاب مقفر ناءٍ، في جوف الليل، وتحت أشعة القمر الفضية، فأخذني الكرى لشدة حاجتي إليه، حتى أيقظتني أشعة الشمس الذهبية.
أيتها السماء، إن أقبية السجن وأغلاله وملابسه الخشنة لا تعدل شيئًا مما أحتمل الآن. الوداع! إن القبر وحده هو الذي يستطيع أن يضع حدًّا لويلاتي. القبر! ذلك المنزل الأمين ينتهي عنده كل بؤس وشقاء.