الرسالة الرابعة
تبعث إليَّ بكتب! كلا يا صديقي العزيز، إنني أشكر لك جِد الشكر عنايتك بي، ولكنني أُلحُّ عليك في الإقلاع عن عزمك. لقد قيدت كثيرًا، وهُيجتُ وحُمِّستُ طويلًا؛ ولذا أريد الآن أن أكون حرًّا، وأن أتمتع بأفكاري، وليس ينقصني إلا أغانٍ مهدِّئة، وهذه أجدها في شعر هومر.
طالما اجتهدت أن أسكِّن دمي الثائر، وأن أصدَّ فؤادي عن رغباته ومشتهياته، ولكن أأنا في حاجة لإخبار صديقي بكل هذا؟ لقد شهدتَ فيَّ انقلابات فجائية جمَّة، فرأيتني حينًا مفكرًا حزينًا، وحينًا مجنونَ فرحٍ وطربٍ، خاملَ الروح هادئًا، ثم ثائرًا لا يَقرُّ لي قرار.
إن هذا القلب كطفل معتل، يجب أن أترك له العِنان، بيد أنني لا أجهر بذلك؛ فإن العالم يأخذ عليَّ هذا الضَّعف، ويعنف الرجل الذي يضحي عقله في سبيل أهوائه.