الرسالة الحادية والأربعون
كل يوم أرى مركزي هنا يزداد عناءً؛ فإنني دائمًا مشغول، وإن ما حولي من الأشخاص والأدوار المتباينة التي يلعبونها، والمناظر المختلفة التي يقدمونها، لتستنفد على التعاقب كلَّ اهتمامي. وقد تعرفت إلى الكونت الذي يزداد قدْره عندي كل يوم؛ فإنه رجل عظيم حادُّ الإدراك، وهو على مواهبه وكفاءته العالية ليس بالمتكتم الصامت، ولا بالفاتر الطبع، صبوح الوجه، لطيف المعشر، وفوق ذلك كله ذو شعور دقيق، وقد رأيت عنايته بي لأول مرة لقيته فيها؛ حيث كنت أُتم معه عملًا ما، ولما وجد أن كلًّا منَّا يفهم الآخر نبذ الرسميات والتقاليد، فصار صريحًا لطيفًا، وسرَّني منه جدًّا سرعة خاطره وظَرْفه الذي لا يُوصف، وإن الثقة الصريحة من ذهن عظيم كذهنه لتميل أبدًا إلى تخفيف حدة شعور قلب كقلبي. لقد خبرت ذلك القلب طويلًا أيها الصديق، وإنني لواثق بأن ستتغاضى كثيرًا عن خطيئاته.