الرسالة الخامسة والخمسون
شقيٌّ عاثرُ الجد، فلا أستطيع العيش هنا طويلًا، وماذا أعمل هنا؟ لقد سئمتُ المكان. آه! أنا بائس دون ريب أيها الصديق! حقًّا إن الأمير يعاملني كمساوٍ له في كل شيء، ولكنني لا أستطيع أن أثق به؛ فعقلانا لا يتشابهان بحالٍ من الأحوال، ولو أن تمييزه حَسَنٌ فهو لا يخرج عن المألوف في شيء؛ ولذا فمحادثته لا توليني لذةً أكثر من متابعتي لكتابٍ جيد اللغة. سأقضي هنا أسبوعًا آخَر فقط، أبدأ بعده حياة متجوِّلة كذي قبل، وكان خير ما عملت منذ مجيئي إلى هنا بعض صور رسمْتُها، وللأمير ذوقٌ في الفنون لولا تقيُّدُه بالاصطلاحات الفنية الفارغة، والقواعد السفسطائية لَكان عظيمًا. وكثيرًا ما ينفد صبري؛ إذ يعترض تقدُّم ذلك المظهر الحي الذي ينفحه خيالي الملتهب للفن وللطبيعة، بانتقاد مزخرف لا يقدر به نفسه قليلًا.