الرسالة التاسعة والخمسون
لست وحدي بالتاعس أُحبِطتْ آمالُ سعادته، وإن هذه الحياة هدف للأكدار. كنت أزور المرأةَ الطيبة التي تسكن الحقول على مقربة من أشجار الزيزفون، فهرع ولدُها الأكبر لمقابلتي، وجاءت أمه على صيحات فرحه، يظهر على مُحَيَّاها الحزن، فاستفسرتُ عن سبب غمِّها، فأجابت والدموعُ المنهمرة على وجهها الشاحب تقطع حديثها: «وا حزناه يا سيدي العزيز! إن جوهان الصغير الذي كان سرورَ قلبي وعزاءَه قد مات.» وكان هذا أصغرَ أطفالها. فوجمتُ صامتًا، واستمرت تقول: «وقد عاد زوجي من هولاندا بلا مال، وأخذَتْه حُمى وقُشَعريرة، ولولا إحسانُ بعض الناس وهِباتهم لتسوَّلَ في الطريق.» وأحزنَتْني قِصتُها، فنفحت الصغيرَ ببعض المال، وقدَّمتْ إليَّ تفاحًا فقبلتُه، وعُدت مُثقلَ الفؤاد.