الرسالة الخامسة والستون
ذهبت شارلوت إلى زوجها فغابت زمنًا ما، وقد زرتها اليومَ وحظيت بسعادة لا تُوصَف؛ إذ قبَّلتُ يدها وطار عصفور «كناري» من المرآة إلى كتفها، فقالت: «هذا صديق جديد.» ثم أخذت تحرِّضه على الوقوف بيدها قائلة: «انظر كيف يحبني كثيرًا، وكيف يحرِّك جناحَيْه الصغيرَيْن، ويلتقط بمنقاره كلما أعطيه طعامًا. بالله انظر يا فرتر إنه يقبِّلني تمامًا!» وقدَّمت له شفتَيْها، فظهر مبتهجًا بأنفاسها العَطِرة، ثم قالت مادَّةً يدها بالعصفور إليَّ: «والآن سيقبِّلك أيضًا.» وعلى ذلك حوَّل منقاره الصغير إلى شفتَيْ، فما أجملَ الشعورَ الذي أحسستُ به حينذاك! وقلت: «شارلوت! إن هذا الطائر الصغير لا تُشبِعُه قبلاتنا تمامًا؛ فهو يطلب مكافأة مادية، إنه بحاجةٍ إلى الطعام.» وأخذت بعضَ الخبز تُطعِمه إياه مِن فِيها، فأُرغِمت على تحويل وجهي.
وا حزناه! إن عليها ألَّا تثير من عواطفي بمثل هذه المناظر، وإذا هجع فؤادي وجب أن تمنحه الراحة، فلا توقظه من النسيان إلى الذكرى، ومع ذلك أليس لها حق؟ ولكنها تثق بي كثيرًا؛ فهي تعلم أنني أحبها.