الرسالة التاسعة والسبعون
شارلوت تشعر الآن بآلامي، وجدتُها اليومَ وحيدة، وغلبَتْني نظراتها فسكتُّ، ثم حدَّقتْ بي عيناها، فاختفتْ شعلةُ العبقرية، وتلاشى سِحر الجمال، بيْدَ أنه كان في مُحَيَّاها شيء يتكلَّم بقوة يحدِّث عن أجمل الرحمة وأرق العناية. لم تمنعني التقاليد الباطلة من الركوع لدى قدمَيْها، من ضمِّها ومقابلة جميلها وشفقتها بآلافٍ من القُبَل، وفي أثناء حيرتي ذهبتْ إلى آلتها الموسيقية، فأصحبَتِ النغماتِ الحزينةَ بصوتها العَذْب الرقيق، ولم أرَ من قبلُ في شفتَيْها هذه الحلاوة، فكأنهما لا تنفتحان إلا لتَلقِّي نغمات الآلة، ولتُعاوِنَا اهتزازَها بتوازُنٍ مزدوج. ولا أستطيع وصف شعوري؛ فقد خارت قواي، فانحنيتُ إلى أسفل وأنا أتلفَّظ بهذا الاحتجاج الهادئ: «أيتها الشفتان الجميلتان، وكأنَّ الملائكة تحرسكما، لن أفكِّر في تدنيسكما قط.» على أنني كيف أتمنى أن أذوق هذه السعادة، ولكن لا، مستحيل! إن بيننا حاجزًا أبديًّا، ولكن إذا أُتيح لي أن أعيش لحظةً واحدة على هاتين الشفتين، لَرضيتُ الموتَ في اللحظة التالية بسرور.