ابن الإنسان: حياة نبي
أتَتِ الأديانُ بطاقاتٍ من نورِ السماءِ إلى الأرض، أراحتْ بها الصدور، واستكانَت لها الأنفُس. وقد كانَ — ولا يزالُ — لرجالِ الدينِ من أنبياءَ وقدِّيسينَ ورُهبانٍ مكانةٌ عظيمةٌ في صدورِ خلْقٍ مؤمنِين، فسعى كثيرونَ وراءَ آثارِهم وأفكارِهم يَستقصُونَ أخبارَهم؛ ليُخلِّدوا سِيَرَهم العَطِرة، ويضعوا لقارئِها من النَّفحاتِ قَبسًا يُضِيء، ومِنهاجًا يهذِّبُ الرُّوحَ والجسد. وهكذا، تعدَّدتِ السِّيَرُ التي كُتِبت عن السيدِ المسيحِ «يسوع» عليه السلام. وإذ اختلفَتِ المذاهبُ والأسانيد، فإنَّ تلك السِّيَرَ تتباين، كلٌّ بحسبِ عقيدتِه، إلى أن أتى كتابٌ كالذي بين أيدينا، يتناولُ فيه «إميل لودفيغ» حياةَ المسيحِ بصورةٍ إنسانيةٍ خالصةٍ «دونَ تأييدٍ لنُبوءاتٍ سابقة، أو دعمٍ لكنيسةٍ حادِثة.» كما يقول، إلا أنه مزجَ رواياتِ الأناجيلِ الأربعةِ برؤيةٍ خاصةٍ أثارتْ في حينِها جدلًا واسعًا، ولا تُنكَر أهميتُها حتى يومِنا هذا.