«أحمد» يلتقط رسالة غامضة!
لقد كانت هناك قدم تدوس على أصابعه، رفع وجهه بسرعة إلى أعلى؛ فرأى وجهًا يبتسم في سخرية، وقد امتدت يده … وصوَّب مسدسه إلى وجه «أحمد».
ثم قال في قسوة: إلى أين أيها الصديق؟
ثم ضغط بقوة على يد «أحمد» التي آلمته تمامًا، إلا أن المفاجأة أنست «أحمد» ألم يده …
لقد انطلقت طلقة محكمة، فأصابت المسدس في يد الرجل، وفي لمح البصر، كان «أحمد» قد قفز إلى قمة الجبل، لقد كانت الطلقة صادرة من مسدس «رشيد» الذي اعتمد على يد واحدة، وباليد الأخرى استطاع أن يجذب مسدسه في سرعة البرق، ليطلق طلقته المحكمة.
عندما استقر «أحمد» على قمة الجبل، كان يقف أمام الرجل الذي كان يتلوى من الألم، إلا أن طلقة رنت رنة مكتومة بجوار قدمه، وأثارت بعض الرمال … أسرع يمسك بالرجل، ويختفي خلفه، فتوقفت الطلقات. ألقى نظرة سريعة، فرأى مرتفعًا من الرمال، ولم يرَ أحدًا، فعرف أن الطلقة صادرة من خلف المرتفع. عندئذٍ تحدث إلى «رشيد» الذي كان لا يزال في مكانه: اصعد في هدوء، حتى لا تظهر لأحد، وقِفْ خلف ظهري تمامًا، حتى نرى معًا كل الاتجاهات.
في هدوء كان «رشيد» يقترب من الحافة، حتى نام فوقها، ثم زحف بسرعة، حتى أصبح خلف «أحمد» مباشرة، ثم وقف. كان الاثنان مستعدين الآن.
فجأة دوت طلقة أصابت الرجل في بطنه فصرخ، ثم سقط على الأرض. فهم «أحمد» الخطة، إنهم يضحون بزميلهم من أجل أن يكشفوا «أحمد». نظر بسرعة حوله، كان هناك مرتفع صغير من الرمال قريب منه، فهمس ﻟ «رشيد»: سوف نقفز قفزة واحدة، خلف هذا المرتفع، إنه أملنا الوحيد الآن!
وفي لحظة كان الاثنان يقفزان معًا، في نفس الوقت الذي رنت الطلقات حولهما، فلم تصب سوى رجل العصابة المكوَّم على الأرض … فكر «أحمد» لحظة، ثم همس: ينبغي أن يتحرك «مصباح» و«بو عمير» الآن … وبسرعة أخرج جهاز الإرسال، ثم أرسل رسالة شفرية …
كانت الرسالة: «٢٩ – ٣ – ٥ – ٢٧» وقفة «٢٤ – ١٤ – ٢ – ١ – ٦» وقفة «١ – ٢٣ – ٢٩» وقفة «٢ – ١١ – ١ – ٢٦ – ٢٩ – ٢٧» وقفة «٢٠» وقفة «٢ – ٢٦ – ١٨ – ٢٤ – ٢٩ – ١٠» وقفة «١ – ٢٣ – ٢٩» وقفة «١٣» وقفة «٢ – ١١ – ١ – ٢٦ – ٢٩ – ٢٧» وقفة «٢٥» وقفة «٦ – ٣ – ٢٩» وقفة «١٠ – ١٢ – ١ – ٢٣ – ٢٧» وقفة «١ – ٧ – ١٠ – ٢٩» انتهى. وكانت ترجمة الرسالة: يتجه «مصباح» إلى النقطة «م» بزاوية «٢٠»، و«بو عمير» إلى «ش» بزاوية «٢٥». حتى رسالة أخرى.
كانت الطلقات ما تزال تدوِّي حولهما، وكان مصدرها معروفًا. فكر «أحمد» قليلًا: إن وصول «مصباح» و«بو عمير» إلى النقطتين المحددتين يحتاج إلى ربع ساعة؛ لهذا ينبغي أن يشغل هؤلاء المختفين خلف التل حتى يعطي فرصة للصديقين للوصول، وحتى يمكن أن تتم المعركة.
همس ﻟ «رشيد»: ينبغي أن نشغلهم بعض الوقت!
قال «رشيد»: أفكر في استخدام قنابل الدخان. فالمعركة يجب أن تنتهي هذا النهار، فمن يدري ماذا يحدث لو جاء الليل، بجوار أنهم يمكن أن يستنجدوا بآخرين، ما دامت العصابة قد غيرت السيارة في الطريق.
قال «أحمد» بعد لحظة: إن قنابل الدخان، سوف تُخفيهم عنا، ولهذا لا داعي لها.
سكت قليلًا ثم أضاف: ينبغي فعلًا أن نعرف قبل أن يستنجدوا بأحد!
أخرج جهاز الاستقبال ثم قال: اشتبك أنت معهم، وسوف أحاول عن طريق الجهاز أن ألتقط أي رسائل يمكن أن تخرج من المنطقة!
بدأ «رشيد» في استخدام جهاز دفعات الطلقات، وعندما أطلق أول دفعة، كان ذلك يوحي بأن مجموعة من الرماة هي التي أطلقت هذه الدفعة. في نفس الوقت كان «أحمد» قد وضع سماعتين دقيقتين في أذنيه، وبدأ يدير مؤشر الموجات. فجأة توقفت الطلقات في الجانب الآخر، إلا أن «رشيد» قال: هناك رسالة من الشياطين!
أخرج جهازه، واستقبل الرسالة. كانت بطريقة الشفرة، وكانت تقول: «١ – ٢٣ – ٢٥ – ٢١ – ١٦ – ٢١» وقفة «٢٤» وقفة «٣ – ٣ – ٧ – ٨ – ٣» وقفة «٢٧ – ٢٣» وقفة «٢٧ – ٢٥ – ١ – ٢٢» وقفة «٣ – ١٨ – ٢٣ – ٢٩ – ٢٤ – ١ – ٣» وقفة «١ – ٧ – ١٠ – ٢٩» انتهى. وكانت ترجمة الرسالة: النقطة «م» تتحدث. هل هناك تعليمات أخرى؟!
نقل «رشيد» الرسالة إلى «أحمد» الذي قال: انتظر قليلًا، هناك رسالة إلى جهة غير معلومة …
بعد لحظة، وصلت رسالة أخرى، فعرف «رشيد» أنها من «بو عمير». كانت رسالة شفرية أيضًا، وكانت تقول: «١ – ٢٣ – ٢٥ – ٢١ – ١٦ – ٢٧» وقفة «١٣» وقفة «٣ – ٣ – ٧ – ٨ – ٣» وقفة «١ – ٢٣ – ١٨ – ٨ – ٢٦» وقفة «١ – ٢٤ – ١ – ٢٤ – ٢٩» وقفة «٢٤ – ١ – ١٣ – ١٠ – ٢٧» وقفة «٢٧ – ٢٣» وقفة «١ – ١٣ – ٣ – ٢ – ٢٢» انتهى. وكانت ترجمة الرسالة: النقطة «ش» تتحدث. العدو أمامي مباشرة، هل أشتبك …
مرة أخرى نقل «رشيد» رسالة «بو عمير» إلى «أحمد» الذي كان مشغولًا بتسجيل الرسالة الشفرية الغامضة، وعندما انتهى من تسجيلها أرسل رسالة إلى المقر السري. كانت الرسالة: «٣ – ١٨ – ٢٣ – ٢٩ – ٢٤ – ١ – ٣» وقفة «١٩ – ١ – ٢٤ – ١٥ – ٢٧» وقفة «١٢ – ٢٥ – ٢٣ – ٢٥ – ١ – ٢٧ – ١» وقفة «٢٤ – ١ – ٢٧ – ٢٩» وقفة «١ – ٢٣ – ١٠ – ٢٤ – ٢٦ – ١١» «انتهى».
وكانت ترجمة الرسالة: تعليمات غامضة سجلناها. ما هي الرموز؟
بعد أن انتهى من إرسال الرسالة إلى المقر السري، نظر إلى «رشيد»، ثم سأل: هل وصل الشياطين إلى النقطتين المحددتين؟
قال «رشيد»: إنهما في انتظار تعليمات!
ثم أخبره بمعنى الرسالتين. بسرعة، أرسل لهما رسالة واحدة على الموجة الخاصة التي يستخدمها الشياطين، وكانت الرسالة: بعد ثلاث نقط تبدأ إصابة الهدف.
كان رجال العصابة قد صمتوا. انتظر الشياطين حتى التوقيت الذي حدده «أحمد»، ثم في لحظة واحدة، توالت الطلقات.
كان الإطلاق يأتي من ثلاث جهات، من النقطة «م» حيث يوجد «مصباح». ومن النقطة «ش» حيث يوجد «بو عمير». ومن النقطة الموجود فيها «أحمد» و«رشيد». غير أن الجهة الأخرى، لم تصدر منها طلقة واحدة.
فكر «أحمد» قليلًا: هل نقوم بحركة التفاف حولهم، ونشتبك معهم في معركة بالأيدي؟
نظر إلى «رشيد» لحظة ثم قال: ينبغي أن نشتبك معهم في معركة مواجهة، سوف تستمر أنت و«بو عمير» في إطلاق الرصاص، حتى أعطيكما إشارة. في نفس الوقت أتقدم أنا و«مصباح» إليهم.
وبسرعة أرسل التعليمات ﻟ «بو عمير» و«مصباح». بعد لحظة، توقف الضرب من ناحية «مصباح» فعرف «أحمد» أنه تحرك فعلًا. أرسل رسالة أخرى، يحدد له النقطة التي سيلتقيان فيها. زحف في هدوء، مبتعدًا عن مكان «رشيد»، وفي خط دائري كانت الشمس قد أصبحت شديدة الحرارة. لكن الشياطين، كانوا يعرفون كيف يتغلبون على حرارة الجو؛ ولذلك فقد تقدَّم «أحمد» في نشاط.
مرت نصف ساعة، بينما كانت الطلقات تصدر متقطعة حينًا، ومستمرة حينًا آخر. فجأة شعر بدفء جهاز الاستقبال، فعرف أن هناك رسالة. توقف بسرعة، ثم بدأ يتلقى الرسالة التي عرف أنها من المقر السري.
لقد كانت حلًّا للرسالة الغامضة التي استطاع أن يلتقطها. وكان حلها الذي قام به فريق حل الشفرة في المقر السري: هناك محاولات غير مفهومة لاعتراض طريقنا، يبدو أن هناك من يريد الوصول إلى نفس الهدف، نحتاج لقوات مضاعفة.
قال «أحمد» في نفسه: إن المسألة يجب أن تنتهي الآن!
تقدم بسرعة إلى النقطة المحددة، حيت التقى ﺑ «مصباح».
شرح له ما حدث، فقال «مصباح» على الفور: يجب أن نعطيهم فرصة الوصول إلى الخزانة الهامة. فنحن حتى الآن لا نعرف مكانها!
فكر «أحمد» لحظة، ثم قال: هذا صحيح … سكت قليلًا، ثم أضاف: لهذا يجب أن نختفي تمامًا، أو ننسحب من المكان، مع مراقبتهم. بسرعة أرسل رسالة إلى «رشيد» و«بو عمير» أن ينضما إليهما، ليلتقي الجميع عند النقطة «ع». في نفس الوقت انسحبا معًا إلى مكان آخر. مرت لحظة ثم توقفت الطلقات تمامًا، فعرفا أن «رشيد» و«بو عمير» قد توقَّفا، وأنهما يتجهان إلى النقطة «ع». أسرعا في زحفهما، وفي خلال نصف ساعة كان الشياطين قد اجتمعوا في النقطة المحددة.
قال «أحمد» بعد لحظة: إنني أفكر في إطلاق فراشة إلكترونية إليهم، إنها يمكن أن تعطينا إشارات عنهم وتنقل لنا ما يدور هناك!
وافق الشياطين على الفكرة، إلا «رشيد» أضاف: يجب أن نبحث لنا عن كهف من الكهوف المنتشرة هنا لنختبئ فيه، فإننا هكذا عرضة للرؤية.
أخرج «أحمد» فراشة دقيقة، ثم ضغط فيها زرًّا، وأطلقها في اتجاه رجال العصابة. في نفس الوقت كان «مصباح» يتابعها بنظارته المكبرة. ظل يتابعها حتى اختفت، وما إن مرت عدة دقائق حتى بدأت الفراشة ترسل لهم ما يدور هناك.
سمعوا صوتًا يقول: إن توقفهم عن إطلاق الرصاص يعني شيئًا!
رد آخر: ربما لا تكون الوثائق هدفهم، فقد اشتبكنا معهم دون معرفة وجهتهم!
مر بعض الوقت، ثم قال صوت عرفه «أحمد»، فقد كان «ديجال» هو المتحدث: أعتقد أن هذا صحيح، فلا يوجد أحد يعرف وجهتنا، ولا أظن أن الآخر لا يزال يتبعني.
كان يقصد بالآخر «أحمد». قال بعد قليل: لقد اختفى في مطار بيروت.
رد صوت ثالث: لا أظن أنه اختفى، فما دامت تعليمات الزعيم تقول إن هناك من يتبعك، فهذا يعني أنه يعرف السر!
مضى بعض الوقت دون كلام ثم عاد «ديجال» يقول: لا ينبغي أن يوقفنا شيء. يجب أن ننزل الآن، وسوف نرى … صمت لحظة ثم أضاف: «ديدي» يقود مجموعة استطلاع أمامنا، على أن يعطينا إشارات باستمرار، حتى نعرف خط سيرنا، فالمسافة لم تعد بعيدة، وسوف يكون تقدمنا هكذا. صمت لحظة، ثم بدأ يقول: هنا. نعم. في هذا الخط. هذا يعني أننا سوف ننزل من فوق الجبل، إلى الطريق السابق وعند النقطة «ز» سوف نلتقي جميعًا!
كان الشياطين يسمعون ما يدور، وعند هذه الكلمات همس «أحمد»: إنه يشرح لهم مستعينًا بخريطة … جاء صوت «ديجال»: هيا ليبدأ «ديدي»!
قال «أحمد» بسرعة: إن خطتنا أن نبقى في مكاننا بعض الوقت، حتى يتقدموا. ثم نظل فوق الجبل، مع مراقبتهم.
رفع «أحمد» رأسه قليلًا، ثم نظر ناحية التل الرملي. رأى مجموعة من الرجال، تتحرك في اتجاههم، قال بسرعة: يجب أن نغادر المكان، مع محو أي آثار لنا هنا!
في لمح البصر كان الشياطين قد أعادوا الرمال إلى ما كانت عليه، ثم تحركوا بسرعة مبتعدين عن الطريق. ظلوا في ابتعادهم. فقد كانوا يأخذون جانب الطريق، حتى يعطوا فرصة ﻟ «ديدي» ومجموعته كي تسبقهم. وعندما ابتعدوا تمامًا توقفوا. في نفس الوقت الذي استمرت فيه مراقبة المجموعة مضى بعض الوقت، ثم بدأت المجموعة تظهر.
همس «أحمد»: إننا الآن، نسير في الطريق الصحيح فلو استمرت الأمور كما هي … فإننا سوف نصل إلى ما نريد وتنتهي المغامرة بنجاح.
تقدمت مجموعة «ديدي» أكثر، ثم بدأت مجموعة «ديجال» تظهر هي الأخرى. كانت مجموعة «ديدي» تضم ثلاثة، في الوقت الذي ضمت فيه مجموعة «ديجال» خمسة أفراد، وعندما تجاوزتهم مجموعة «ديجال» بدأ الشياطين يتحركون. لكن فجأة تردد في الفضاء صوت طائرة. توقف الشياطين ورفعوا رءوسهم يبحثون عن مصدر الصوت. مرت دقائق ثم ظهرت طائرة صغيرة، وكانت تطير على ارتفاع منخفض.
قال «أحمد»: يبدو أن مجموعة أخرى، سوف تنضم إليهم. إن المعركة سوف تكون أكبر معاركنا.