المنظر الأول
(في معمل الدكتور آدم، آدم جالس مفتوح الساقين والذراعين وقد
تهدَّلت أطرافه فوق كرسي ذي مساند، «نارة» تترك العمل الذي تقوم به وتُواجهه.)
نارة
:
دكتور آدم … أنا صحيح مجرد المساعدة بتاعتك، وماليش أي حق إني أخرج عن الحدود
دي، إنما أرجوك تسمحلي أقول لك كلمة.
آدم
(بخمول شديد)
:
عارف ح تقولي إيه.
نارة
:
أنا آسفة، لأ، ما انتاش عارف، كون إنك تفقد الحماس للشغل، إنت حر، كون انت
تغيب، وأحيانًا تيجي عشان تروح، برضه مش مهم، كون انت لما بتيجي، بتقعد سارح
بالساعات في المعمل وأحاول أكلمك أو أخرجك عن السرحان ده، ما فيش فايدة، برضه
مش هو المشكلة.
آدم
:
أمال إيه المشكلة يا نارة؟
نارة
:
المشكلة إني حاسة إنك ما بقيتش انت، شكلك هو هو، عوايدك هي هي، كلامك هو هو،
بس انت مش انت، الدكتور آدم القديم اللي كنت أعرفه، إنما انت، دلوقتي، مين؟
صحيح، اسمح لي أسألك، إنت مين؟
آدم
:
ح كون مين يعني؟ ما أنا برضه آدم القديم.
نارة
:
مستحيل، آدم دكهه كان عارف هو مين، ولذلك كانت الناس كلها، وأنا منهم عارفة
هو مين، إنت دلوقتي ما حدش يعرف انت مين؛ لأن بيتهيألي إنك انت شخصيًّا ما بقتش
عارف انت مين.
آدم
:
يعني عايزة تقولي إني اتغيرت؟
نارة
:
يا ريت، أنا عايزة أقول إنك مش غبت غيبة طويلة وبعدين رجعت، ولو متغير، إنما
رجعت، أنا عايزة أقول إن آدم اللي خرج من هنا مارجعش، ضاع.
آدم
:
أمال اللي رجع مين بقى يا عبقرية؟
نارة
:
واحد تاني خالص، يُمكن حتى ما يعرفش كان فين، ولا جرى له إيه.
آدم
:
أنا معاكي إن اللي رجع واحد تاني، بس مش واحد ضاع، إنما واحد يمكن لأول مرة
لقى نفسه.
نارة
:
وهو الواحد بيلاقي نفسه عشان يعيش بيها ولَّا بيلاقيها عشان يبطل يعيش؟ انت
حاليًّا مش عايش، إنت بتؤدي الحياة زي ما تكون واجب مدرسي تقيل، بتؤدي الأكل مش
بتاكل، بتؤدي البحث مش بتبحث، حتى الكلام، بتؤديه.
آدم
:
جايز.
نارة
:
طيب ليه؟!
آدم
:
يمكن لأن الأكل والعمل والكلام والحياة كانت أهم حاجة عندي، دلوقتي اللي
عايزه حقيقي لا هو الأكل ولا الشرب ولا البحث، حاجة غير ده كله.
نارة
:
والحاجة دي إنت عارفها؟
آدم
:
اللي يجنن إني عارفها ومش عارفها، إنها أهم من حياتي ووجودي، وفي نفس الوقت
كل معلوماتي عنها إني عايزها، ما عنتش عايز م الدنيا حاجة غيرها.
نارة
:
دي ألغاز دي!
آدم
:
فعلًا هي لغز!
نارة
:
طب ما تحله.
آدم
:
المضحك إنه لغز لازم هو اللي يحل نفسه.
نارة
:
فيه حاجة اسمها لغز يحل نفسه؟
آدم
:
أصله مالوش نظير.
نارة
:
وبعدين؟
آدم
:
ولا قبلين، لغاية ما يحل نفسه أديني قاعد زي ما بتقولي أأدي واجب إني
حي.
نارة
:
طيب ما دام المسألة انتظار، ما تعمل حاجة أفيد.
آدم
:
زي إيه؟
نارة
:
تكمل البحث بتاعك، إنت مش عارف قيمته؟
آدم
:
حتكون قيمته إيه يعني؟
نارة
:
يا نهار، دا موضوع ممكن يقلب حياتنا كلها، دا انت بتثبت فيه بالدليل القاطع
أخطر نظرية اكتشفها عالم في عصرنا الحديث، بتثبت فيه إن العمر إرادة، إن الواحد
بيشيخ ويموت لأن إرادته هي اللي بتشيخ، وإنه بيموت لما إرادته للحياة بتضعف
وتنتصر عنده إرادته في الموت، والأخطر من كدة إنك وصلت لنص الطريق واكتشفت
الإنزيم اللي لما يتحقن بيه الكائن الحي يَبتدي يفقد إرادة الحياة وبدون أي سبب
أو مرض أو تغيير ظاهر بيبتدي يذوى ويموت، وناقص بس إنك تكتشف الإنزيم المضاد،
اللي لما الواحد ياخده وهو على حافة الموت فتتكون له على طول إرادة الحياة،
ويستعيد قدرته عليها، ويعيش.
آدم
:
وافرضي اكتشفته ح يحصل إيه؟
نارة
:
يحصل إيه؟! بقى لما يتحقَّق للإنسان القدرة على التحكم في إرادة الحياة عنده،
حاجة سهلة؟! دا اكتشافك يقيم الدنيا ويقعدها، يغير كل مفاهيمنا ونظرياتنا، ومن
أنياب الموت ينقذ آلاف وملايين.
آدم
(بسخرية)
:
عشان يعملوا إيه؟
نارة
:
عشان يعيشوا.
آدم
:
وإيه فايدة إنهم يعيشوا الحياة اللي إحنا عايشينها دي؟
نارة
:
دكتور آدم … إيه الكلام ده؟ إيه فايدة إنهم يعيشوا؟! إوعى تكون حقنت نفسك
بإنزيم الموت.
آدم
:
ما تخافيش، أنا عمري ما كانت عندي إرادة حياة زي اللي عندي دلوقتي، بس
المشكلة …
نارة
:
أيوة … إيه هي المشكلة؟
آدم
:
يا ريت تتحل بإني أقولها لك، يا ريت في إيد أي حد في الدنيا إنه يحلها يا
ريت.
نارة
:
حتى إرادة الحياة اللي عندك ما تحلهاش؟
آدم
:
الإرادة! الإرادة! قعدنا أجيال نحلم بالإرادة، ونخطب، ونكتب ونقول، ونمجد في
الإرادة لما قدسناها، وبقت كلمة السر اللي لو وصلناها، ح تتحل مشاكل البشرية،
والمشكلة مش هي قوة الإرادة، المشكلة هي هدف الإرادة، ماذا تريد؟ أهم مليون مرة
من كيف تريد؟
نارة
:
وهو فيه أجمل وأنبل من إرادة الحياة؟
آدم
:
مش لما تكون الحياة أولًا أجمل وأنبل حياة.
نارة
:
ما هي بالإرادة برضه ح نخلي الحياة أجمل وأنبل.
آدم
:
طب ما احنا عايزين كدة من يوم ما بقينا بني آدمين، ما اتحققش ليه؟
نارة
:
لأننا ماعُزناش ده بقوة كفاية، لو أردنا الحياة أجمل وأنبل بنفس القوة اللي
بنريد بيها الحياة لحققنا ما نريد.
آدم
:
طب وإرادتنا ضعيفة ليه؟
نارة
:
مين عارف، يمكن لأننا أحيانًا بنفضل إننا نقبل الوجود أحسن ما نغامر
ونخسره.
آدم
:
يبقى طبيعتنا نفسها، مش إرادتنا هي اللي عايزة تتغير.
نارة
:
خلاص، يبقى عليك إنك تبتدي البحث عن إنزيم يغير الطبيعة.
آدم
:
ابتديت البحث، وعرفت الإنزيم.
نارة
(باندهاش عظيم)
:
بتضحك عليَّ؟
آدم
:
باتكلم جد، ما هي دي المأساة.
نارة
:
طب ومستني إيه؟ ما نعلن الاكتشاف ونبتدي التطبيق.
آدم
:
عرفتي بقى السبب، أهو هنا بقى ييجي اللغز اللي لازم يحل نفسه، الإنزيم هو
اللي يملك الإرادة مش أنا، لأول مرة أحس إني مش مالك شيء، هو اللي مالكني، إن
البحث مش في قبضتي، أنا اللي في قبضته.
نارة
:
يمكن لو تعوزه بشدة.
آدم
:
أنا كل ذرة في جسمي عايزاه وبتناديه، أنا فعلًا اتغيرت زي ما بتقولي، أنا
أصبحت كائن عايز، كائن راغب، كائن كل نبضة فيه مش بتنبض له، بتنبض رغبة،
بإرادتي وبخارج إرادتي بوعي وبلا وعي، بطاقة فوق طاقة البشر عايز.
نارة
:
يا سلام، أنا سعيدة بشكل، إنت فعلًا ما ضعتش، كلامك الأخير ده طمني، زي جمرة
من جوف بركان، إنت فعلًا جواك بركان، أنا غبية، أنا مافهمتش، أنا كان لازم من
غير ما تقول أفهم، أنا في منتهى السعادة إن يطلع في الآخر إن المسألة
غبائي.
(يدق التليفون)
آدم
(بزهق)
:
شوفي مين وعايز إيه وخلصيني منه.
نارة
:
أيوة … أيوة … مشغول خالص، ممكن أعرف الموضوع، أيوة، كدة، سويدية، أكبرج،
هيلدا أكبرج، طيب أنا جاية بنفسي، العفو.
(تضع السماعة)
الظاهر إن حظك كويس يا دكتور آدم.
آدم
:
ليه حصل إيه؟
نارة
:
إنت فاكر الجواب اللي جالنا من جامعة استكهلم وقلت أرد عليهم إنك
موافق؟
آدم
:
مش فاكر إنما حصل إيه؟
نارة
:
مش فاكر العالمة السويدية اللي بعتت عن طريق كلية الطب هناك تطلب إنها تيجي
شهر بعثة تتعرف فيها عليك وعلى الأبحاث اللي بتجريها واللي قريت عنها في مجلة
«ساينس لانست»؟
آدم
:
خلصيني، مطلوب إيه؟
نارة
:
وصلت، وقاعدة عند سكرتيرة العميد، وعايزة تقابلك.
آدم
:
مش تقولي كدة وتخلصيني!
نارة
:
طبعًا دي مش ح ترفض تقابلها.
آدم
:
أرجوكي زي الشاطرة كدة، تروحي لها، وبكل لباقة تعتذري لها، وتفهميها إني
مسافر، وتديها مواعيد تبقى تيجي لك بعد الضهر تشرحي لها اللي تقدري
عليه.
نارة
:
بقى حد يعمل كدة؟ … دي سويدية!
آدم
:
إن شالله تكون كويتية!
نارة
:
دا يمكن يكون فيها حل اللغز يا دكتور آدم، ما تتسرعش!
آدم
:
ما افتكرش، ياللا يا شاطرة.
(نارة تهز أكتافها وتسرع خارجة.)
آدم
:
هل ممكن الواحد يحب واحدة حب حقيقي وهو عارف ومتأكِّد إن ما لهاش شكل ولا اسم
ولا مكان ولا وجود ملموس؟ حد ممكن يحب كائن لغز؟ إزاي ده كله يحصل لي، أنا
امبارح فقت لقيت نفسي باكتب لها جواب، باقول لها عن حاجات عن نفسي عمري ما
قلتها لحد، ويمكن لأول مرة باكتشفها في نفسي، الكلام كان طالع من قلبي كأنه
مولع، كإنه شرار، كإني باحترق احتراق صامت مكتوم، احتراق شوق، مشتاق، أول مرة
أعرف معنى الشوق، الشوق المؤلم المُمتع في ألمه، الشوق اللي من روعته الواحد
يخاف من اللقاء، لو مرة تانية أسمعها تقول: هوووه، مرة واحدة بس أسمعها
وأموت؟!
(نارة تدخل لاهثة وتظل واقفة تلهث.)
آدم
:
مالك؟
نارة
:
دكتور آدم، دكتور آدم، دي مش ممكن تكون من جنس البشر، دكتور آدم، دي لازم
اتولدت من ملاك اتجوِّز شيطان، من قديس حب مومس، من جنية رافقت متصوف.
آدم
:
إيه ده؟ بتتكلمي عن مين؟
نارة
:
عن هيلدا، دي بالضبط المعجزة اللي جيالك م السما، اسمع بقى: أنا عمري ما ظبطتك معجب بست،
ولا كان بيتهيألي إنك حتلاقي في ستات البلد كلهم حد يعجبك، دي
… حتتمنى تبوس الأرض اللي واقفة عليها.
آدم
:
هي حلوة للدرجة دي؟
نارة
:
اللي تكفي كلمة حلوة إنها توصفها، ما تبقاش حلوة، الحلوة الأنثى، هي اللي ما
تتوصفش، دي أتحداك إنك تلاقي كلام يوصفها.
آدم
:
أنا عارف طريقتك يا نارة: يا إما بتدبريلي في مقلب، يا إما إنك عايزاني
بالعافية أفرفش، وأنا لا فاضي للمقالب ولا للفرفشة، أنا مُصِر إنك تنفذي اللي
قلتهولك.
نارة
:
من غير ما تشوفها كدة؟ إنت إيه، ما فيش حب استطلاع حتى؟
آدم
:
أنا بحب يا نارة وده كفاية.
نارة
(بفرحة شديدة)
:
بتحب؟! امتى وفين ومين؟ أرجوك، رد لي عقلي واتكلم.
آدم
:
للأسف ما اقدرش أتكلم.
نارة
:
ولو، والله حتى لما تكون بتحب واحدة عرفْتها مليون سنة، هيلدا هتخليك تغير
رأيك، عارف مصادر الطاقة؟ دي منجم حب، نفَسها حب، عرَقها حب، كلامها همسات حب،
لازم تشوفها، أنا جبتها وأهي ع الباب، دي ح تموت على إنها تشوفك، قالت لي إنها
حتفضل واقفة لغاية ما تقابلك وانت خارج إن شالله تقعد لنص الليل، دا هي اللي
باين عليها بتحبك من غير ما تعرفك.
آدم
:
أنا اللي عاجبني في الموضوع ده كله حماسك الزايد ده، دا انت جسمك كله بيرجف،
وكأنك انتي اللي مُقبلة على مغامرة حب، خلاص يا ستي، علشان خاطرك،
دخليها.
(دون أن تغادر الحجرة تفتح نارة الباب وتُطل برأسها من فتحته،
وتومئ، ثم تفتح الباب على آخره وتقف جانبًا.)
(مِن الباب تدخل أنثى ساحرة حقًّا، ترتدي بدلة فيها كل الجاذبية
التي دفعَت مصممي الأزياء لاكتشاف موضة البدل، من فرط أنوثتها لا تستطيع أن تنظر
إلى وجهها مباشرة، تظل مأخوذًا بمنظرها حتى تهدأ فتبدأ ترى الوجه، وجه ليس نقطة
البداية لأنوثتها وجمالها وإنما هو نقطة النهاية.)
(تدخل، تتوقف بغتة محدِّقة تجاه آدم الذي يُروَّع بمنظرها، لا
تُحوِّل عينيها عنه، وإنما تظل تحدِّق تجاهه وكأنها ضاعت تمامًا فيه، ثم كالسائرة
أثناء النوم، تقترب منه، مادة يدَيها وعيناها لا تتحولان عن عينيه، إلى أن تَعثر
يداها الممتدتان بذراعيه فتُمسكهما وتظل تهبط بيديها متحسسة حتى تعثر على كفيه،
فتقبض عليهما قائلة):
هيلدا
:
دكتور آدم.
(آدم يرتبك، يتحول بوجهه من ناحية إلى أخرى، وإلى أعلى وأسفل،
وتجاه نارة.)
آدم
:
الله، إنتي بتتكلمي عربي كويس! غريبة أوي.
نارة
(بحماس)
:
قالت لي إنها اتعلمت عربي مخصوص عشان تتفاهم معاك.
آدم
(ناظرًا لهيلدا التي لا تزال ممسكة بكفَّيه)
:
صحيح؟
هيلدا
:
أخيرًا … إنت؟
آدم
:
أخيرًا ازاي؟ مش فاهم.
هيلدا
:
عفوًا، اعذرني، أنا حلمت كتير باللحظة دي.
آدم
:
عشان اهتمامك بالأبحاث طبعًا؟
هيلدا
:
أكتر عشان اهتمامي بالراجل اللي فكر فيها، بك.
(تتململ يداه ارتباكًا، فتتنبه هيلدا وتترك كفيه.)
هيلدا
:
آسفة … أعتقد إني يلزمني بعض السيطرة على نفسي.
آدم
:
إنتي باحثة في أي فرع؟
هيلدا
:
في نفس فرعك.
أدم
:
خدتي الدكتوراه؟
هيلدا
:
كانت رسالتي فقرة وردت في رسالتك.
آدم
:
بس رسالتي ما انتشرتش برة، إزاي عرفتيها؟
هيلدا
:
من زميل لك مصري زار كليتنا.
آدم
:
اعذريني بس صعب قوي إن حد يصدَّق إن واحدة زيك واخدة الدكتوراه في
الميكروبيولوجي.
هيلدا
:
ليه ما يصدقش؟
آدم
:
لأنك …
هيلدا
:
أيوة … لأني …
نارة
:
انطق يا أخي.
آدم
:
شكلك يعني مش أكاديمي.
هيلدا
:
أمال إيه؟
نارة
:
أيوة أمال إيه؟
آدم
:
قصدي مش عادي، غير عادي.
هيلدا
:
في إيه؟
نارة
:
فقعت مرارتي قول.
آدم
:
يمكن حلوة.
هيلدا
(بفرحة)
:
رأيك إني حلوة؟ … صحيح، إنت شايفني حلوة؟ … مش مجاملة؟ … أنا عارفاكوا تحبوا
تجاملوا … صحيح بجد شايفني حلوة؟
آدم
:
طبعًا … طبعًا … يمكن حلوة قوي كمان.
هيلدا
(تنتابها فرحة طفولية فتكاد تقفز فعلًا)
:
حلوة قوي … تصوَّري … رأيه فيَّ إني حلوة قوي؟ أنا سعيدة … سعيدة … ح اتجنن
من السعادة.
آدم
:
ياه … للدرجة دي؟
هيلدا
:
دا أنا كان منتهى أملي إنك ما تتضايقشي مني، أقوم أفاجأ إني في رأيك حلوة
وحلوة قوي … أنا بعد ساعة أكون في ميدان العتبة وح اقف في وسط الميدان وأغنِّي
لكل الناس واقول أنا حلوة قوي في عينيه.
آدم
:
العتبة؟! اشمعنى العتبة؟ (بريبة
مفاجئة.)
هيلدا
:
عندي ميعاد في العتبة.
آدم
(وقد امتُقع وجهه)
:
بقى كدة؟ بقى انتي بقى … إنتي فين يا هي … إنتي فين يا هيلدا من زمان، إنتي
فين؟ أنا كنت يئست خالص إنك تيجي.
هيلدا
:
يعني كنت بتنتظرني؟
آدم
:
زي المحكوم عليه بالإعدام لما بينتظر العفو، زي المؤمن لما بينتظر
المعجزة.
هيلدا
:
إنت متأكد إنك بتكلمني أنا؟ كنت بنتنظرني أنا؟ متأكد إني أنا؟!
آدم
:
إنتي الحلم اللي أخيرًا بيتفسر، الأمل جاي بعد ما انتهى الأمل هي …
هيلدا!
هيلدا
:
اسمي صعب على لسانك، غَيَّرُه، سمِّيني الاسم اللي يعجبك، إذا كان لبسي مش
عاجبك أجيلك عريانة وتلبِّسني زي ما أنت عايز، إذا كان كلامي مش عاجبك قول لي
وأنا لغاية آخر يوم في عمري أصوم عن الكلام ما انطقش، قول بس، اطلب، شاور، فكر
حتى، أنا ملكك، من يوم ما اتولدت لغاية ما حاموت ملكك، رهن أي فكرة تخطر في
بالك، أي نزوة أي لوثة حتى لو اتجننت!
(نارة وهي في حالة سعادة غير عادية تنسحب على أطراف أصابعها من
المشهد، وتختفي من فتحة الباب الذي تُغلقه وراءها في هدوء.)
آدم
:
ده كتير قوي ده … دا مفاجأة ما كنتش أحلم بيها!
هيلدا
:
هو إيه اللي كتير؟!
آدم
:
إني عاجبك للدرجة دي!
هيلدا
:
الإعجاب كلمة محدودة جدًّا، إعجاب إيه؟ دا أنا بجد حاسة إني من صنعك، إن
رجولتك هي اللي خلقتني ست، وجسمي اتفصَّل من نموذج في دماغك، إنت الحقيقة،
الفعل، وأنا مجرد رد فعل.
آدم
:
دي حاجة تجنن، دا حب ده، حب حقيقي، دا ولا كأنه عمره ألف سنة.
هيلدا
:
وتصور من ألف سنة وأنا نفسي تحضني وتبوسني، من قبل ما اتولد، من وأنا لسة
شوية قمح، ولَّا فتفوتة سكر.
آدم
:
نفسك يعني؟
هيلدا
:
نفسي، وكل لحظة بتفوت دلوقتي كأنها ميت سنة، أنا استنيتك كتير، وماعدتش
قادرة.
آدم
:
بس أنا …
هيلدا
:
ما بتحبنيش؟
آدم
:
مين قال كدة؟
هيلدا
:
أمال واقف ليه؟ متمالك نفسك ازاي؟ مش ممكن واحد بيحب يسمع اللي قلت ويفضل
متمالك نفسه.
(تقترب منه، تمسك بيديه وتضغطهما بشدة.)
هيلدا
:
أنا أهه، حاسة إني ملكك أكتر ألف مرة من إني ملك نفسي، انتظرتني صحيح؟
(تغمض عينيها وترفع إليه شفتيها في دعوة مفتوحة.)
آدم
:
انتظرتك كما لم أنتظر أو ينتظر مخلوق شيء أو مخلوق آخر.
هيلدا
:
انتظرتني ليه؟
آدم
:
لأن مقابلتك بقت هدف حياتي.
هيلدا
:
ده سبب عقلي، بعواطفك استنتني؟
آدم
:
بكل عواطفي.
هيلدا
:
أنا يهمني منها عاطفة واحدة بس.
آدم
:
أي عاطفة.
هيلدا
(بقلق)
:
وفيه عاطفة غيرها؟
آدم
:
مش فاهم.
هيلدا
(بقليل من فروغ الصبر)
:
انتظرتني عشان كنت بتحبني مش كدة؟
آدم
:
بالضبط كدة.
هيلدا
:
وأنا جيت واتوجدت أهه، لسة الحب موجود؟
آدم
:
طبعًا طبعًا.
هيلدا
:
موجود فين وإيديك ما فيهومشي رعشة حب، وصوتك مافهشي بحَّة إحساس، وعينيك
بتتدارى من عيني، وشفايفي ماتت من البرد والوحدة وهي بتستنَّى شفايفك …
(فجأة تسحب يديها منه بسرعة، وكالطلقة تَندفع خارجة.)
آدم
:
هيلدا … هيلدا … هيلدا … أرجوكي ارجعي … دا مصير البشرية … أرجوكي.
(ستار)
المنظر الثاني
(المكان: شقة آدم، المنظر في غرفة النوم والمعيشة والسفرة وهي غرفة
واسعة تُكوِّن معظم الشقة، والشقة شقة أعزب، حديثة إلى حدٍّ ما، وأكثر ما يميزها
هو
أكوام الكتب والمجلات والمراجع المبعثرة في كل مكان، آدم في فراشه بالبيجامة وبجواره
عدة مراجع تكوِّن كومة بجواره يتكئ عليها، نارة على كرسي أمامه.)
آدم
:
أعمل إيه بقى يا نارة؟
نارة
:
ولا حاجة، ح تعمل إيه … مشروع علاقة وفشل زي ما آلاف غيره من المشاريع بتفشل
كل يوم، خلاص، انسى الموضوع وبكرة تلاقي زيها، ولَّا يمكن أحسن منها.
آدم
(معتدلًا في فراشه مذعورًا)
:
إنتي بتقولي إيه؟! إنتي اتجننتي؟! مشروع علاقة فشل؟! ده لا يمكن يفشل، دانا
أنتحر لو فشل.
نارة
:
الله، طب ما دام مهمة عندك العلاقة للمدى ده، ما استجبتش ساعتها ليه؟
آدم
:
ما هو كون إن اللي حصل حاجة، وكون إن العلاقة تفشل حاجة تانية.
نارة
:
يعني إنت عايز العلاقة تستمر؟
آدم
:
من صميم صميم قلبي.
نارة
:
أما حاجة تلخبط صحيح، إنت مش قايل لي دلوقتي إن اللي منعك من تقبيلها إنك
حسيت إن حبها ليك أكبر بكتير من حبك لها، بل يمكن حسيت إن هي اللي بتحبك بس،
وإنه يكاد يكون حب من طرف واحد؟
آدم
:
أنا باحاول أغير موقفي.
نارة
:
وتفسير معقول فعلًا، واضح ان السبب الوحيد لعدم استجابتك إنك اكتشفت إنك ما
بتحبهاش ومش قادر ترغم نفسك على حبها، طيب ما دام الوضع كدة، عايز العلاقة
تستمر ليه؟ وتستمر ازاي؟
آدم
:
لأنها لازم تستمر، لو ما استمرتش ح انتحر.
نارة
:
أرجوك، يمكن أنا غبية، إزاي تنتحر إذا انقطعت علاقتك بواحدة ما بتحبهاش حتى
لو كانت هي بتحبك، منين ما بتحبهاش ومنين تهمك علاقتكم لدرجة ممكن تكلفك حياتك؟
فسر لي المعضلة دي؟
آدم
:
مفيش تفسير، علاقتي بها لازم تستمر.
نارة
:
المسألة بسيطة، حبها.
آدم
:
يا ريت الحب بيخضع للإرادة.
نارة
:
إوهمها إنك بتحبها.
آدم
:
ولا الكذب ينفع، دي إنسانة بتحب بأظافرها وأطراف شعرها، ومهما حاولت فجسمها
نفسه بيعرف اللي بيقوله جسمي مهما لساني قال.
نارة
:
أمال فكرك يكون الحل إيه؟
آدم
:
يعني أنا مصحيكي م النوم وجايبك في عز الليل عندي بالطريقة المجنونة دي عشان
إيه؟ مش عشان تلاقيلي الحل؟ أصل الموضوع مش بسيط يا نارة، يكفي إني أقول لك إن
إذا علاقتنا اتقطعت حتحصل كارثة، حاجة أبشع م الكارثة.
نارة
:
أبشع ازاي؟
آدم
:
يعني أقل شيء يحصل، حاجة زي ما تقولي يموت من تحت راسها ألف واحد.
نارة
:
ألف واحد يموتوا لو انقطعت علاقتكم؟
آدم
:
ألف إيه؟ أنا مش عايز أخوِّفك، يمكن كل ساعة ألف.
نارة
:
إنت عايز تهوشني، إيه البتاعة اللي زي كدبة إبريل دي؟
آدم
:
إنتي عارفاني كويس يا نارة، وأنا مش قادر دلوقتي أشرح لك كل حاجة، يمكن في
يوم حتعرفي، إنما دلوقتي مستحيل، وأنا باضربلك مثل غير صحيح، إنما صديقني لما
بقولك إن حاجات وحشة جدًّا حتحصل لو فشلت علاقتنا، مصدقاني؟
نارة
:
اعتمادًا على إحساسي فعلًا باين إنك صادق، وأنا مصدقاك.
آدم
:
الحمد لله، يبقى انتي معايا إن لازم العلاقة تنجح وتستمر.
نارة
:
من كل قلبي معاك.
آدم
:
إزاي تنجح والوضع بقى واضح زي الشمس؟
نارة
:
ما فيش حتى في قلبك رغبة، مجرد رغبة راجل في امرأة؟
آدم
:
أنا عمر ما الرغبة عندي بتنفصل عن الحب، الاتنين عندي شيء واحد، يا إما يوجد
بكل بقوة، وإما لا يوجد بالمرة.
نارة
:
طب افرض إنها قبلت ان علاقتكم تستمر على الوضع ده، هي بكل الحب وانت من غير
حب، على أمل إن عواطفك تتغير، تقبل إنت؟
آدم
:
دا أنا أتمنى بس أنا متأكد إنها حترفض، المرأة لا يمكن تقبل وضع بالشكل
ده.
نارة
:
المرأة كامرأة آه، إنما المرأة لما بتحب بتقبل حاجات وأوضاع لا يصدقها
العقل.
آدم
:
يعني تعتقدي إنها حترضى؟
نارة
:
لو كان حبها ليك حقيقي، حترضى، ولو لإعطاءك فرصة أخيرة، بحيث لو فشلت ما
تندمشي.
آدم
:
وهنا ييجي دورك يا مساعدتي العظيمة.
نارة
:
أي دور؟
آدم
:
أن تعيدي الاتصال.
نارة
:
بس كدة؟ على عيني.
آدم
:
أرجوكي، ضروري سابت عنوانها في المعهد، ولَّا بلاش، التليفون أهه، وقدامنا من
هنا للصبح نسأل في جميع الفنادق والبنسيونات بجميع درجاتها.
نارة
:
برضه بسيطة.
آدم
:
ولحظة ما نعرف مكانها ح تروحي تقابليها، وما اعرفشي ح تعملي إيه، ح تقولي
إيه، إنما زي ما قلت لك مصير ناس لا تُعد ولا تحصى في إيدك، وأنا منتظر هنا في
الشقة، مش ح اتنقل لغاية لما اشوف تاني وش هيلدا وأسمع صوتها.
(إظلام)
المنظر الثالث
(هذا المشهد يمكن أداؤه كما هو مكتوب، ويمكن أداؤه بطريقة
«البانتوميم» بلا حوار وإنما بموسيقى معبرة فقط، ويمكن حتى أداؤه على شكل رقصة باليه
تعبر تعبيرًا دقيقًا عن كل محتواه.)
(حين تعود الإضاءة، تعود بحيث تظهر الشخصيات سيلويت طوال المشهد كله.)
(آدم واقف وظهره إلى المتفرجين، يحدق وكأنما من خلال حائط زجاجي كامل في شقته، حركاته
وعصبيته تدلُّ على أنه في حالة انتظار وأن انتظاره طال، ما يكاد الجرس يبدأ يدق حتى
في
قفزة يكون قد فتحه، ويبدأ يدخل متراجعًا، بينما ببطء وبكبرياء تتقدم هيلدا، سيلويت
أيضًا، سلَّمته يدها وهو قابض عليها بكلتا يدَيه في حرص بالغ، ينحني ليُقبِّلها فتسحبها
منه وتُبقيها إلى صدرها مكتوفة.)
آدم
:
ليه يا هيلدا؟
هيلدا
:
لأني مش جاية اشترك في مسرحية، ولا أضحك على نفسي، ولا أسمح لك إنك تضحك على
نفسك.
آدم
:
أنا خايف برضه تظلميني المرة دي زي ما ظلمتيني المرة اللي فاتت.
هيلدا
:
أنا مش ممكن أظلمك، مش لأنك ما تستحقش، ولا لأني كويسة، إنما لسبب واحد: إني
بحبك.
آدم
:
بلاش ظلمتيني، حكمتي عليَّ بقسوة على الأقل.
هيلدا
:
الأصح إني حكمت على نفسي.
آدم
:
حكم متسرِّع، المرة دي بارجوكي بلاش الأحكام السريعة.
هيلدا
:
وأنا أرجوك بلاش الافتعال، أنا من كتر إحساسي بيك بعرف اللي ح تقوله قبل ما
تقوله، ولو قلت غير الحقيقة بعرف منها الحقيقة، يعني سواء قلت الحق أو قلت كدب
ما يفرقشي عندي، إنما لو بالغت أو كدبت ح احس إنك بتهيني.
آدم
:
أنا؟ أهينك؟ إنتي؟
هيلدا
:
أنا برضه مش ح اخدعك، أنا مش جاية هيلدا اللي بتحبك، مش الحب هو اللي
جابني.
آدم
:
أمال إيه اللي جابك؟
هيلدا
:
مجرد رغبتي إني أعرف جواب لسؤال ما حدش يقدر يجاوب عليه إلا انت.
(تبدو خيبة الأمل على آدم.)
آدم
:
بقى عشان كدة جاية؟
هيلدا
:
أمال تفتكر جاية أتوسل إليك وأرجوك إنك تعطف عليَّ وتحبني؟
آدم
:
هيلدا … بلاش الكلمات القاسية دي.
هيلدا
:
عندك حق، إنت مالكش ذنب، وأنا عارفة لو المسألة بالإرادة كنت لا بد ح تريد
تحبني.
آدم
:
يا هيلدا الحب أنواع، والناس طرقهم في الحب مختلفة، إنتي حبك زي الصاعقة، في
ومضة بينفجر ويصل إلى أقصى مداه، إنما يمكن أنا من نوع تاني، نوع، المفاجأة
تربكه، طبيعته أقوى من قدرته على التعبير عن عواطفه، الحب العميق، زي المياه
العميقة، الوصول إليه عندي صعب، ومليان مشاكل، وأخد ورد، وإقدام وتردد، وخوف
وتهور.
هيلدا
:
الطرق مختلفة آه، بس المبدأ يا موجود يا غير موجود، وبرضه ده مش
موضوعنا.
آدم
:
أمال موضوعنا إيه؟
هيلدا
:
نارة قالت لي إنك عايز فرصة تانية … وأنا وافقت عشان كمان أدِّي نفسي فرصة
تانية، فرصتنا الأولى كانت لقاء وفرصتنا التانية سؤال، أنا ح اسأله وإنت عليك
تجاوب عليه، وإجابتك هي اللي ح تحدد مصير الفرصة.
آدم
:
ح تحددها ازاي؟
هيلدا
:
لأنها ح تحدد إنت إيه.
آدم
:
وإيه أهمية أنا إيه؟
هيلدا
:
لأن عشان أحبك من غير ما تحبني لازم تستاهل تتحب لذاتك، الإجابة حتحدد ذاتك
إيه، وبالتالي ح تحدد مصيري معاك.
آدم
:
ولو إني مش موافق على الفكرة ولا على إن العلاقات بين الناس بتقوم بسؤال أو
بتنتهي بجواب، إنما ما دام دي رغبتك أنا مستعد أحقق كل اللي تطلبيه، إيه هو
السؤال؟
هيلدا
:
السؤال هو: ما دام مفيش من ناحيتك حب، إيه حرصك الشديد على أن علاقتنا تستمر
لدرجة زي ما بتقول نارة إنها إذا انقطعت أو فشلت ح تنتحر؟
آدم
:
دا انتي اللي بتسألي السؤال ده؟ أنا أفهم إن نارة تسأله، معلهش، أي حد غيرك،
جايز، إنما انتي بالذات تسأليه؟ حاجة غير معقولة.
هيلدا
:
غير معقولة ليه؟
آدم
:
لأنك انتي تعرفي الجواب، وأنا باستغرب ازاي بتتصرفي في علاقتنا بالبساطة دي
وانتي عارفة الجواب.
هيلدا
:
وإذا قلت لك إني ما اعرفوش.
آدم
:
تبقي حاجة من اتنين؛ يا بتمتحنيني يا بتسخري مني.
هيلدا
:
يا إما أبسط من كدة وكدة ما اكونش بجد عارفاه.
آدم
:
أهو أنا دلوقتي متأكِّد إنك بتسخري مني.
هيلدا
:
دا أنا دلوقتي اللي متأكدة إنك بتهرب م الجواب.
آدم
:
أنا اللي بهرب؟ والله «هي» اللي بتستخبى؟
هيلدا
:
هي مين؟
آدم
:
احنا ح نلعب استغماية والبشرية مصيرها معلَّق في إيدينا؟
هيلدا
:
أنا حقيقي ماعدتش فاهمة حاجة.
آدم
:
وأنا اللي ح يجنني ازاي انتي فاهمة كل حاجة، وبتقولي إنك بتحبيني وبتمكري
عليَّ المكر ده كله؟
هيلدا
:
أرجوك يا آدم، أنا بجد عايزة أفهمك، وعايزة أصدقك، وانت باين فيه حاجات كتير
عندك ومش عايز تقولها، مخبيها ليه؟ قولها … إنت في كل العالم ده مش ح تلاقي
واحدة تحبك أو مخلصالك أو تحافظ على أسرارك قدي، ما تخبيش عليَّ حاجة،
قول.
آدم
:
مش عيب تتحولي من دور المحبة إلى دور اللي بتستدرجني عشان توقعني؟ أنا اللي
عايز اعرف هدفك إيه من اللعبة دي، عايزة تخلِّيني اعترف لك بحاجات انتي أكتر
واحدة عارفاها ليه؟ أرجوكي، قوليلي ليه؟
هيلدا
:
إذا أقسمت لك إن ماليش أهداف، وإني حقيقي مش عارفة بتتكلم عن إيه، وإني بجد
بحبك، وإني باطلب منك، بكل ما أملك من حب وإخلاص، ولآخر مرة إنك على الأقل
تحترم عواطفي ناحيتك وتجاوِبني ع السؤال اللي سألتهولك وتفسر لي إيه «هي»، وإيه
البشرية، وإيه تأكدك إني عارفة حاجات مانيش عارفاها، إذا طلبت منك كدة لآخر مرة
ح تعمل إيه؟
آدم
:
ح اقولك أنا آسف جدًّا إني مش ح اقدر أحقق طلبك، إنما بارجوكي وأبوس إيديكي
ورجليكي إنك ما تاخديش ده حجة تقطعي بيها علاقتنا.
(تنظر له هيلدا طويلًا، نظرة ساخرة مريرة.)
هيلدا
:
وبتتكلم عن علاقتنا؟ وخايف إني أقطعها؟ أقطع حاجة مالهاش وجود؟ وعمرها ما
اتوجدت؟ أنا أرجو بس إني ما اعشي أندم على الحب اللي حبيتهولك، واللي مخليني
دلوقتي باندم حتى على إني ست.
(وفي لحظة تختفي وكأنها تبخرت.)
(ستار)