الصلوات
لا نعرف أي دينٍ بلا صلوات، فحتى اليهود لديهم بعضها، رغم أنه لم يكن لديهم أي صيغة عامة حتى ذلك الوقت الذي كانوا يُرتِّلون فيه مدائحهم في معابدهم، وهو ما حدث في فترة متأخِّرة جدًّا.
كان البشر كلهم، في رغباتهم ومخاوفهم، يطلبون مساعدة الإله. وبعض الفلاسفة الأكثر احترامًا للكائن الأعلى، والأقل انحدارًا إلى الضعف البشر، بصرف النظر عن الصلاة، لم يرغبوا إلا في التسليم. هو حقًّا ما يبدو أنه يليق بما بين الخلق والخالق. لكن الفلسفة لم توجد لكي تحكم العالم؛ إنها تعلو فوق العامة، وتتحدث بلغة لا يفهمها الجمهور، وكأنك تقترح على بائعات السمك أن يدرسنَ القطوع المخروطية.
لا أعتقد أن أحدًا حتى بين الفلاسفة، باستثناء ماكسيموس الصوري، عالج هذا الأمر. وهذه خلاصة أفكار ماكسيموس:
منذ الأزل والأبديُّ لديه نواياه. إذا توافقت الصلاة مع رغباته الثابتة، فمن العبث أن نطلب منه ما قرَّر فعله. وإذا صلى أحدٌ له لكي يفعل عكس ما قرره، فهذه صلاة له ليكون ضعيفًا، عابثًا، غير متَّسق مع ذاته. ويعني الإيمان بذلك السخرية منه. إما أن تطلب منه شيئًا عادلًا، وفي هذه الحالة لا بد من أن يفعله، وسيحدث الشيء من دون أن تُصلي إليه من أجله، بل إن التضرع إليه يعني أنك لا تثق به؛ وإما أن يكون الشيء ظالمًا، وفي هذه الحالة أنت تسيء إليه. أنت جدير أو غير جدير بالنعمة التي تلتمسها. فإن كنتَ جديرًا فهو يعلم ذلك أفضل منك، وإن كنت غير جدير فأنت ترتكب جرمًا أكبر بطلب ما لا تستحق.
بإيجاز، نحن نصلي لله فقط لأننا جعلناه — حسب تصورنا — نعامله وكأنه باشا، وكأنه سلطان يمكن للمرء أن يستفزَّه أو يسترضيه.
باختصار، كل الأمم تُصلي لله، وكل الحكماء يُسلمون أنفسهم له ويُطيعونه.
فلنصلِّ مع الناس، ونُسلِّم أنفسنا مع الحكماء.