سباقٌ إلى الموتِ
وضاق أيبكُ ذرعًا بمنافسه، وحَاوَلَ أن يُزيحه من طريقه ليخلصَ له مظهرُ الملوكية في مصر، فأقطعه الإسكندرية؛ ولكن ذلك لم يُجدِ عليه شيئًا.
وسعى آق طاي إلى أيبك يسأله أن يأذن له في أن يتَّخِذَ لعروسه بيتًا في القلعة؛ لأنها من بنات الملوك!
وَصرَّت أسنانُ أيبكَ غيظًا وحنقًا، ولكنه أمسك عن الجواب حتى يرجع إلى شجرة الدُّرِّ يسألها الرأي.
في ذلك الحادث دُون غيره رأت شجرةُ الدُّرِّ ما ينال من كبريائها ويمسُّ غيرتها، فليكن موقفُ آق طاي من أيبك حيث يشاء، وليُنافسه على ما في يده من أسباب الملك إن كان في يده شيءٌ من أسباب الملك، أمَّا أن يتزوج امرأةً من بنات الملوك ويُسكنها بيتًا في القلعة — مثلَ شجرة الدُّرِّ — فتلك إهانة لا يغسلها إلا الدم!
وأشارت على زوجها بالرأي.
•••
ودعا أيبكُ آق طاي إلى القلعة ليبادله حديثًا في بعض الشُّئون، فأجاب آق طاي دعوته غير مُرتابٍ، وصَعدَ إلى القلعةِ ودخل القصر؛ فلمَّا صار في قاعة الأعمدة، حيث تعودتْ الملكةُ أن تتَّخِذَ مجلسها، وثبَ عليه بعضُ المماليك فاحتزُّوا رأسه.
وبَلغ النبأ أصحابه فصعد منهم إلى القلعة سبعمائة على حميَّةٍ، بينهم بيبرس وقلاوُون؛ لا يكادُ أحدٌ منهم يُصدِّقُ أنَّ أيبك قد جرؤ على آق طاي فاغتاله، فما هي إلا أن بلغوا أسوار القلعة حتى أُلقي إليهم رأسُ أميرهم، فتفرَّقُوا محزونين قد بلغ منهم اليأس كل مبلغٍ.
على أنَّ شجرة الدُّرِّ كانت لم تزل قابضةً على الصولجان!