الأدب وفنونه
«ويمكِننا أن نقول بدايةً إن جوهر الإبداع الفني، ومن ثَم الأساس النفسي الذي يؤدِّي إلى ظهور العمل الفني، أيًّا كانت وسيلته، هو التجرِبة الشعورية التي تدفع الفنَّان إلى محاوَلة التعبير عنها تعبيرًا مجسَّدًا. وكلمة تعبير تعني أنه يجعلها «تَعبُر» نفسَه إلى الخارج، فهو يحاول نقلها إلى حيث يستطيع غيرُه أن يراها أو يسمعها.»
الأدب فنٌّ بديع يتَّخذ من اللغة أداةً ووسيلة للتعبير عن تجرِبة شعورية بطريقة فنية، مثلما يعبِّر الرسَّام عن الحالة نفسها في لوحة، ويعبِّر عنها الموسيقار في مقطوعة موسيقية. وفي هذا الكتاب يقدِّم «عناني» فكرة مُوجَزة ومبدئية عن الفنون اللُّغوية بألوانها، ومنها الشِّعر الذي يُعَد أقدمَ هذه الفنون وأكثرَها انتشارًا وأسهلَها من حيث التناقُل الشفاهي، وتتعدَّد ألوانُ الشِّعر نفسِه؛ فمنها المَلاحم التي تتَّسم بالطول، مثل «الإنيادة» ﻟ «فيرجيل»، و«الفردوس المفقود» ﻟ «ميلتون»، ومنها الموَّال الذي يعتمد على اللُّغة الدارِجة، ومنها كذلك الشِّعر الغنائي الذي يتَّسم بقِصَر القصيدة. وبجانب الشِّعر تَناوَل «عناني» النَّثر وألوانه؛ مثل القصة القصيرة، والرواية التي تُعَد أصعبَ الفنون الأدبية على الإطلاق.