دور الحكومة في المجتمعات الحرة
من الاعتراضات الشائعة على المجتمعات الشمولية أنها تعتبر أن الغاية تبرر الوسيلة. ولكن، إذا نظرنا إلى هذا الاعتراض حرفيًّا، نرى أنه منافٍ للمنطق بشكل واضح، فإذا لم تبرر الغايةُ الوسيلةَ، فماذا يبررها؟ لكن هذه الإجابة السهلة لا تدحض الاعتراض، بل تظهر بوضوح أنه لم يًصَغ جيدًا. فإنكار حقيقة أن الغاية تبرر الوسيلة تمثل تأكيدًا غير مباشر على أن الغاية التي نحن بصددها ليست الغاية النهائية، وأن الغاية النهائية، في حد ذاتها، استخدام الوسائل الملائمة. إن أية غاية، سواءً كانت محبذة أم لا، ولا يمكن بلوغها سوى عن طريق استخدام وسائل سيئة، لا بد أن تحل محل الغاية الأهم، وهي غاية استخدام الوسائل المقبولة.
إن الوسائل المناسبة، عند الليبراليين، هي النقاش الحر والتعاون الاختياري، وهذا ما يشير ضمنًا إلى أنه لا مجال لأي شكل من أشكال القهر. والمبدأ المثالي هو تحقيق إجماع الآراء بين أفراد مسئولين على أساس النقاش الحر الكامل وهذه طريقة أخرى للتعبير عن هدف الحرية الذي أكدنا عليه في الفصل السابق.
ومن وجهة النظر هذه، يتمثل دور السوق، كما أشرنا من قبل، في أنه يسمح بحدوث الإجماع دون الإلزام؛ أي أنه نظام من التمثيل النسبي الفعال. على الجهة الأخرى، إن السمة المميزة للعمل من خلال القنوات السياسية صراحةً أنها تنزع إلى تطلب أو فرض التزام حقيقي، أي أن أي قضية نمطية لا بد من أن تحسم بقول «نعم» أو «لا»، وعلى أكثر تقدير، يمكن وضع شرط لتوفير عدد محدود نسبيًّا من البدائل. حتى استخدام التمثيل النسبي في صورته السياسية الصريحة لا يغير من هذا الاستنتاج، فعدد المجموعات المنفصلة التي يمكن، في الواقع، تمثيلها محدود وهائل مقارنة بالتمثيل النسبي للسوق. والأهم من ذلك حقيقة أن النتيجة النهائية لا بد أن تكون في العموم قانونًا ساري المفعول على كل المجموعات، بدلًا من أن تكون قوانين تشريعية لكل «حزب» يحظى بالتمثيل، وهذا يعني أن التمثيل النسبي في صورته السياسية، بعيد كل البعد عن السماح بإجماع الآراء دون إلزام، ويميل إلى التشظي وغياب الفاعلية، وبذلك يساهم في تدمير أي اتفاق جماعي يمكن أن يرتكز عليه الإجماع الملزم.
من الواضح أن هناك بعض الأمور التي يكون فيها أي تمثيل نسبي فعال ضرب من المستحيل، فلا يمكنني أن أحصل على المستوى الذي أحتاجه من الدفاع القومي، فيما تحصل أنت على مستوى آخر. وفيما يخص مثل هذه الأمور غير القابلة للتجزئة، يمكننا مناقشتها والجدال فيها والتصويت بشأنها. لكن ما أن يحسم القرار، لا بد أن نمتثل إليه، إنه، تحديدًا، وجود مثل هذه الأمور غير القابلة للتجزئة — ومن الواضح أن حماية الفرد والأمة من القهر هما الأكثر جوهرية بينها — هو ما يحول دون الاعتماد القسري على عمل الفرد من خلال السوق. وإذا كنا سنستخدم بعضًا من مواردنا لمثل هذه الأمور الفردية، فلا بد من استخدام قنوات سياسية للتوفيق بين الاختلافات.
يميل استخدام القنوات السياسية، ما دام حتميًا، إلى إحداث ضغط على الترابط الاجتماعي الضروري لوجود مجتمع مستقر. ويكون الضغط في أضعف صوره إذا ما تم التوصل إلى اتفاق للعمل الجماعي فيما يتعلق بمجموعة محدودة من القضايا يشترك الناس، كيفما اتفق، في آرائهم بصددها. وكلما اتسع نطاق القضايا التي يُنْشَدُ فيها اتفاقًا صريحًا، يزيد الضغط على الخيوط الرقيقة التي تربط المجتمع. وإذا وصل الأمر إلى المساس بقضية تختلف آراء الناس فيها بقوة، قد تعم الفوضى المجتمع، أيضًا. قلما يمكن حل الاختلافات الجوهرية في القيم الأساسية في صناديق الاقتراع، هذا إن كان بالإمكان حلها من الأصل؛ لكن في النهاية يمكن حسمها فحسب، دون أن تُحَلَّ، عن طريق القتال. وتقف الحروب الدينية والأهلية على مدى التاريخ كشهادة مخزية على صحة هذا الرأي.
يقلل الاستخدام واسع النطاق للسوق من الضغط على النسيج المجتمعي عن طريق جعل الإلزام غير ضروري فيما يتعلق بأية أنشطة يتضمنها. فكلما اتسع نطاق الأنشطة التي يشملها السوق، قلت الموضوعات التي تحتاج قرارات سياسية واضحة والتي يكون من الضروري التوصل إلى اتفاق بشأنها. وبالتبعية، كلما قلت الموضوعات التي تتطلب الاتفاق، ازداد احتمال التوصل إلى اتفاق والحفاظ على حرية المجتمع في الوقت نفسه.
إن إجماع الآراء بالطبع مبدأ منشود، لكن على أرض الواقع، لا يمكننا تحمل الوقت ولا الجهد الذي سيتطلبه تحقق إجماع الآراء التام في كل قضية. لذا، يجب علينا تقبل شيء أقل بحكم الضرورة. لذلك، يفضي بنا الأمر إلى قبول حكم الأغلبية بصورة أو بأخرى كوسيلة نفعية. ويتضح أن حكم الأغلبية ذلك يعد وسيلة نفعية أكثر من كونه، في حد ذاته، مبدأً أساسيًا في حقيقة استعدادنا للجوء إلى حكم الأغلبية وفي حجم الأغلبية الذي نطلبه بناءً على مدى خطورة الموضوع الذي ينطوي عليه الأمر، فإذا كان الأمر لا يمثل أهمية كبيرة وليس لدى الأقلية موقف قوي تجاه أن تبسط الأغلبية نفوذها عليها، ستفي أغلبية ضئيلة بالغرض، أما إذا كانت الأقلية لديها موقف قوي تجاه القضية محور النقاش، وقتها، لن تكفي الأغلبية البحتة حتى. قد يرغب القليل منا في أن تحسم قضايا، كحرية التعبير، عن طريق الأغلبية البحتة. إن النظام القانوني لدينا يعج بمثل هذه الفروق بين أنواع القضايا التي تتطلب أنواعًا مختلفة من الأغلبية، أهما تلك التي يشملها الدستور، وهي تمثل المبادئ التي تتسم بقدر كبير من الأهمية لا نرغب، معه، سوى في تقديم أقل التنازلات لمبدأ النفعية. لقد تحقق ما يشبه الاتفاق الجماعي الضروري في البداية لقبولها، ونحن نطالب بشيء يشبه الاتفاق الجماعي الضروري لإجراء تغيير بها.
إن قوانين إنكار المصلحة الشخصية الهادفة إلى الإحجام عن مبدأ سيطرة الأغلبية على أنواع بعينها من القضايا التي يشملها دستورنا ودساتير أخرى مماثلة مدونة أو غير مدونة في بلاد أخرى، وكذلك الأحكام المحددة في هذه الدساتير أو ما يوازيها، والتي تحظر قهر الأفراد — هذه القوانين هي نفسها ما يجب أن ينظر إليه على أنه جاء عن طريق النقاش الحر وبأنه يعكس إجماع الآراء الأساسي فيما يتعلق بالوسيلة.
انتقل، الآن، إلى دراسة أكثر تحديدًا، لكن مع الاستمرار في الإطار نفسه شديد العمومية، للمجالات التي لا يمكن التعامل، مطلقًا، معها عن طريق السوق، أو أنه يتسنى ذلك لكن بكلفة عالية لدرجة تجعل استخدام القنوات السياسية قد يكون مفضلًا عنها.
(١) دور الحكومة كصانع القواعد والحكم
من الأهمية بمكان التمييز بين الأنشطة اليومية للناس من أنشطة تقليدية وبين الإطار القانوني الذي تحدث فيه، فالأنشطة اليومية تشبه أفعال المشاركين في لعبة أثناء ممارستهم لها، أما إطار العمل فيشبه قواعد تلك اللعبة. ومثلما تتطلب اللعبة الصحيحة قبول اللاعبين لكل من قواعد اللعبة والحكم الذي يفسر القواعد ويطبقها، يتطلب المجتمع النموذجي أن يوافق أفراده على الشروط العامة التي ستحكم العلاقات بينهم، وعلى بعض الأساليب للفصل بين التفسيرات المتباينة لتلك الشروط، وعلى طريقة فرض الامتثال للقواعد المقبولة عامةً. وكما تسير الأمور في الألعاب، تسير في المجتمعات؛ حيث تكون غالبية الشروط العامة النتيجة غير المقصودة للأعراف، إذ تُقْبَلُ دون تفكير. على أقصى تقدير، لا نفكر صراحةً إلا في إجراء تعديلات ثانوية فقط بها، إلا أن التأثير التراكمي لسلسلة من التعديلات الثانوية قد يمثل تغيرًا هائلًا في طبيعة اللعبة أو المجتمع. في كل من الألعاب والمجتمع أيضًا، لا يمكن أن تسود مجموعة من القواعد ما لم يمتثل معظم المشاركين معظم الوقت لها دون إجراءات عقابية خارجية، وما لم يحدث ذلك، سيبقى هناك اتفاق اجتماعي ضمني واسع النطاق. بيد أننا لا يمكننا الاعتماد على الأعراف أو على هذا الاتفاق وحدهما لتفسير القواعد وتطبيقها، فنحن بحاجة إلى حكم. هذان، إذن، الدوران الأساسيان للحكومة في المجتمع الحر لتوفير وسيلة يمكن بواسطتها تعديل القواعد وتسوية الخلافات بيننا حول معنى القواعد، ولتطبيق امتثال القلة، التي لا تُؤْثِرُ المشاركة في اللعبة، للقواعد.
تظهر الحاجة إلى الحكومات في هذه الأمور وذلك لأن الحرية المطلقة ضرب من المستحيل، فبالرغم من روعة مبدأ غياب السلطة السياسية، فهو ليس مجديًا في عالم الإنسان غير الكامل. يمكن أن تتعارض حريات الأفراد، وعندما يحدث ذلك، يجب تقييد حرية أحد الأفراد للحفاظ على حرية الآخر — وكما عبر أحد قضاة المحكمة العليا: «إن حريتي لتحريك قبضة يدي يجب أن تكون محدودة بمدى قربها من ذقنك.»
تكمن المشكلة الرئيسية في تحديد المهام المناسبة للحكومة في كيفية تسوية مثل أوجه التعارض هذه بين حريات الأفراد المختلفين. في بعض الحالات، تكون الإجابة سهلة؛ حيث لا يوجد إلا قدر ضئيل من الصعوبة في تحقيق شبه إجماع للآراء على فكرة ضرورة التضحية بحرية أحد الأفراد في قتل جاره للحفاظ على حرية الفرد الآخر في الحياة. أما في حالات أخرى، تكون الإجابة صعبة. ففي مجال الاقتصاد، تنشأ مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالصراع بين حرية الاتحاد وحرية التنافس. أي معنى يقصد بكلمة «حرة» عندما تصف المشروعات التجارية؟ في الولايات المتحدة الأمريكية، تعني صفة «حرة» أن أي شخص حر في تأسيس مشروع خاص، وهذا يعني أن المشروعات التجارية الخاصة الحالية ليست حرة في إبعاد المتنافسين سوى عن طريق بيع منتج أفضل بالسعر نفسه أو المنتج نفسه بسعر أقل. على الجانب الآخر، في العرف الأوروبي، المعنى، في العموم، يعني أن المشروعات التجارية حرة فيما تريد فعله، بما في ذلك تحديد الأسعار وتقسيم الأسواق واستخدام أساليب أخرى لإبعاد المنافسين المحتملين. لعل المشكلة الأصعب تحديدًا في هذا السياق تنشأ فيما يتعلق بالاتحادات بين العمال، حيث تصبح مشكلة الاتحاد ومشكلة التنافس بالغة الخطورة.
يُعَدُّ تعريف حقوق الملكية من بين المجالات الاقتصادية الأساسية، والتي تتسم الإجابة فيها بالصعوبة والأهمية معًا. إن فكرة الملكية، كما تطورت عبر القرون وكما تتضمنها التشريعات القانونية، أصبحت جزءًا كبيرًا منا لدرجة جعلتنا نميل إلى الإيمان بها كأمر مسلم به، ونخفق في أن ندرك تحديدًا ما يُشَكِّل الملكية وماهية الحقوق التي تمنحها ملكية الأشياء. إنها ابتداعات اجتماعية معقدة أكثر من كونها أفكارًا بديهية. على سبيل المثال، هل ملكيتي لقطعة أرض ما وحريتي في استخدام ملكيتي كما يحلو لي تخول لي إنكار حق شخص آخر في العبور فوق أرضي بطائرته؟ أم أن حقه في استخدام طائرته له الأولوية؟ أم هل يعتمد هذا على الارتفاع الذي يطير عليه؟ أم مدى الإزعاج الذي يتسبب فيه؟ هل يتطلب التبادل التجاري الاختياري أن يدفع لي مقابل امتياز أن يحلق بطائرته فوق أرضي؟ أم هل يتعين أن أدفع له أنا لمنعه من التحليق بطائرته فوق أرضي؟ لعل مجرد ذكر حقوق الامتياز وحقوق النشر وبراءات الاختراع وحصص الأسهم في الشركات وحقوق الضفاف النهرية وما شابه قد يؤكد أهمية دور القواعد الاجتماعية المقبولة عمومًا في التعريف الفعلي للملكية. كذلك، قد تشير إلى أنه في العديد من الحالات، يكون وجود تعريف للملكية محددًا جيدًا ومقبولًا بشكل عام أهم من فحوى التعريف نفسه.
إن النظام المالي من المجالات الاقتصادية التي تثير مشكلات غاية في الصعوبة. لطالما أدرك الجميع مسئولية الحكومة تجاه النظام المالي منذ زمن بعيد، فهذا الأمر يتيحه الدستور صراحةً في الحكم الدستوري الذي يخول الكونجرس سلطة «صك العملات وضبط قيمتها وقيمة العملات الأجنبية.» على الأرجح، ليس ثمة مجال آخر للنشاط الاقتصادي لاقى قبولًا عامًا، فيما يتصل بالتدخل الحكومي، مثل النظام المالي. هذا القبول للمسئولية الحكومية والناشئ عن العادة، والذي أصبح الآن يحدث دون تفكير تقريبًا، يزيد من ضرورة الفهم الشامل لأسباب مثل هذه المسئولية، نظرًا لأنه يعزز من خطر اتساع دائرة سيطرة الحكومة في المجتمعات الحرة من الأنشطة المناسبة لتشمل تلك غير المناسبة، ومن تقديم إطار عمل مالي إلى تحديد حصص الموارد بين الأفراد. سنناقش هذه المشكلة بتفصيل أكثر في الفصل الثالث.
الخلاصة، يفترض تنظيم النشاط الاقتصادي من خلال التبادل التجاري الاختياري جدلًا أننا اتخذنا الإجراءات اللازمة، عن طريق الحكومة، لحفظ القانون والنظام للحيلولة دون تعرض فرد للقهر على يد فرد آخر، وتطبيق العقود التي أُبْرِمَت اختياريًا، ولتحديد معنى لحقوق الملكية، وتفسير مثل تلك الحقوق وتطبيقها، وتقديم إطار عمل مالي.
(٢) التدخل الحكومي نتيجة الاحتكار التقني وتأثيرات الجوار
إن دور الحكومة، الذي استعرضناه توًا، يمثل فعل شيء لا يستطيع السوق فعله لنفسه، وهو تحديد قواعد اللعبة والفصل فيها وتطبيقها. كذلك، قد نريد فعل بعض الأشياء من خلال الحكومة يمكن فعلها جوازًا من خلال السوق، لكن تلك الحالات التقنية أو المماثلة تجعل من الصعب فعلها بتلك الطريقة. ما سبق يتمثل في حالات يكون فيها التبادل التجاري الاختياري الصارم إما مكلفًا إلى أبعد الحدود أو مستحيلًا تقريبًا. إن هناك فئتان عامتان لمثل تلك الحالات: الاحتكار وما يماثله من عيوب بالسوق، وتأثيرات الجوار.
إن التبادل التجاري لا يكون اختياريًا حقًا إلا إذا توفرت بدائل متكافئة تقريبًا. فالاحتكار يقتضي، ضمنًا، غياب البدائل وبذلك يحول دون تحقيق حرية التبادل التجاري الفعال. وفي الواقع، ينشأ الاحتكار كثيرًا، إن لم يكن عامةً، من دعم الحكومة أو من الاتفاقات غير القانونية بين الأفراد، وفيما يتصل بذلك، تكمن المشكلة إما في تجنب دعم الحكومة للاحتكار أو في تحفيز التطبيق الفعال للقواعد مثل تلك المتضمنة في قوانين مكافحة الاحتكار للولايات المتحدة. مع ذلك، قد يظهر الاحتكار أيضًا لأنه فعال من الناحية العملية؛ أي أن يكون هناك منتج أو مؤسسة واحدة. أخشى أن أشير إلى أن مثل تلك الحالات محدودة أكثر مما هو مفترض بيد أنها تظهر بلا ريب. وقد يكون التزويد بالخدمات الهاتفية داخل مجتمع مثالًا بسيطًا، وهي الحالات التي سأشير إليها بالاحتكار «التقني».
عندما تجعل الظروف التقنية الاحتكار النتيجة الطبيعية لقوى السوق التنافسية، لا يكون متاحًا إلا ثلاث خيارات فقط: احتكار القطاع الخاص أو احتكار القطاع العام أو التنظيم العام. وهذه الخيارات الثلاثة سيئة لذا يجب علينا المفاضلة بين أفضل الأسوأ، وجد هنري سايمونز في رصده للتنظيم العام للاحتكار بالولايات المتحدة النتائج بغيضة للغاية لدرجة أنه توصل إلى أن احتكار القطاع العام أفضل الأسوأ، أما والتر يوكين، وهو ليبرالي ألماني معروف، فقد وجد النتائج بغيضة للغاية، في رصده للاحتكار العام للسكك الحديدية بألمانيا، حتى إنه توصل إلى أن التنظيم العام قد يكون أفضل الأسوأ. وبعد دراسة نتائج كل منهما، أخلُص إلى أن احتكار القطاع الخاص، إن كان معتدلًا، هو أفضل الأسوأ.
إذا كان المجتمع ساكنًا بحيث تظل الظروف المؤدية إلى الاحتكار التقني ثابتة بلا شك، سيكون لديَ شيء من الثقة في نجاح هذا الحل. أما في المجتمعات سريعة التغير كثيرًا ما تتغير الظروف المؤدية إلى ظهور الاحتكار التقني، وأعتقد أن يكون، على الأرجح، كل من التنظيم العام واحتكار القطاع العام على حد السواء أقل استجابة لمثل تلك التغيرات في الظروف وأقل قابلية للتخلص منها بسهولة عن احتكار القطاع الخاص.
تقدم السكك الحديدية بالولايات المتحدة مثالًا رائعًا، ربما كان وجود قدر كبير من الاحتكار في السكك الحديدية أمرًا حتميًا لأسباب تقنية في القرن التاسع عشر. كان ذلك هو تبرير إنشاء لجنة التجارة بين الولايات. لكن الظروف قد تغيرت، وأدى ظهور النقل الجوي والبري إلى تقلص عامل الاحتكار في السكك الحديدية إلى نسب لا تذكر. مع ذلك، لم نلغ لجنة التجارة بين الولايات، بل على النقيض، فلجنة التجارة بين الولايات، التي أنشئت في بادئ الأمر كهيئة لحماية عامة الشعب من استغلال السكك الحديدية، تحولت إلى هيئة لحماية السكك الحديدية من منافسة الشاحنات وغيرها من وسائل المواصلات، ومؤخرًا لحماية شركات الشاحنات الحالية من المنافسين الجدد. على نحو مماثل، عندما أُمِّمَتْ خطوط السكك الحديدية في انجلترا، تم إدخال خدمة النقل بالشاحنات ضمن نطاق الاحتكار الحكومي في بادئ الأمر. فإذا لم تخضع السكك الحديدية قط للتنظيم العام في الولايات المتحدة، لكان من المؤكد إلى حد بعيد أن تكون وسائل النقل الآن، بما في ذلك السكك الحديدية، صناعة تمتاز بتنافسية عالية لم يبق بها سوى القليل من الاحتكار، أو قد يكون اختفى تمامًا.
مع ذلك، لا يمكن أن نجعل الاختيار بين الحلول السيئة لاحتكار القطاع الخاص واحتكار القطاع العام والتنظيم العام بمعزل، تمامًا، عن الظروف الفعلية. فإذا كان الاحتكار التقني يُطَبَّق على خدمة أو سلعة تعتبر حيوية وإذا كانت قوة احتكارها كبيرة، قد لا تكون النتائج قصيرة المدى حتى لاحتكار القطاع الخاص غير المنظم مقبولة، وفي هذه الحالة سيكون التنظيم العام أو الملكية العامة أفضل الأسوأ.
قد يبرر الاحتكار التقني أحيانًا احتكار القطاع العام الفعلي، إلا أنه لا يمكنه في حد ذاته تبرير احتكار القطاع العام الذي يتحقق عن طريق جعله محظورًا قانونيًا على أي شخص آخر الدخول في المنافسة. على سبيل المثال، لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير احتكار القطاع العام الحالي في بلدنا لهيئة البريد. قد يزعم البعض أن نقل البريد احتكار تقني وأن الاحتكار الحكومي هو أفضل الأسوأ، بالمثل، قد يمكن للمرء تبرير وجود هيئة بريد حكومية، لكن لن يبرر القانون الحالي الذي يحظر قانونيًا على أي شخص آخر أن ينقل البريد. إذا كان تسليم البريد احتكارًا تقنيًا، لن يتمكن أحد من النجاح في المنافسة مع الحكومة، وإذا لم يكن كذلك، ليس ثمة سبب وراء التدخل الحكومي في الأمر، والسبيل الوحيد لاكتشاف ذلك هو إفساح مجال من الحرية لأشخاص آخرين للدخول إلى المنافسة.
إن السبب التاريخي وراء وجود احتكار لهيئة البريد هو أن شركة بوني إكسبريس نجحت للغاية في نقل البريد عبر القارة لدرجة أنه عندما أدخلت الحكومة خدمة عابرة للقارات، لم تستطع منافستها بفاعلية ومنيت بخسائر. أسفر الأمر عن صدور قانون يحظر على أي شخص آخر نقل البريد. لهذا السبب، تعد شركة آدامز إكسبريس صندوقَ استثمارٍ ائتمانيًا اليوم بدلًا من أن تكون شركة عاملة. أظن أنه إذا كان الدخول في مجال نقل البريد مفتوحًا أمام الجميع، لكان هناك عدد كبير من الشركات لتدخله، ولشهدت هذه الصناعة المهملة تغييرًا جذريًا سريعًا.
أما ثاني فئة عامة من الحالات يكون فيها التبادل الطوعي التام مستحيلًا، فتظهر عندما يكون لأفعال الأفراد تأثيرات على أفراد آخرين ممن لا يمكن أخذ مال منهم أو تعويضهم، وهذه هي مشكلة «تأثير الجوار». من الأمثلة الواضحة على ذلك تلوث نهر ما، فالرجل الذي يلوث النهر يرغم في الواقع الآخرين على مبادلة المياه الملوثة بالمياه النظيفة، وهؤلاء الآخرون قد يكون لديهم رغبة في إتمام هذا التبادل مقابل مبلغ كبير من المال، لكن ليس من الممكن لهم فرادى تجنب التبادل أو فرض تعويض ملائم.
من الأمثلة الأقل وضوحًا هو مد الطرق السريعة العامة. في هذه الحالة، من الممكن من الناحية التقنية تحديد الأفراد وبالتالي تحصيل رسوم منهم مقابل استخدام الطرق ومن ثم يمكن أن يكون هناك تشغيل خاص. مع ذلك، بالنسبة للطرق ذات المنافذ العامة التي يوجد بها نقاط مرورية للدخول والخروج، ستكون تكاليف تحصيل الرسوم عالية للغاية إذا كان مقررًا وضع تكاليف على الخدمات المحددة التي يتلقاها كل فرد، وذلك لضرورة إنشاء أكشاك جمع الرسوم أو ما شابه عند كل المداخل. لذا، فإن ضريبة البنزين طريقة أرخص لتحصيل المال من الأفراد بالتناسب تقريبًا مع استخدامهم للطرق، إلا أنه لا يمكن، بمثل هذه الطريقة، تحديد المبلغ المالي تحديدًا دقيقًا بالتناسب مع الاستخدام المحدد. من ثم، من الصعب وجود شركة خاصة لتقديم الخدمة وجمع الرسوم دون تأسيس احتكار قطاع خاص واسع النطاق.
لا تسري هذه الاعتبارات على الطرق الرئيسية الطويلة ذات بوابات الرسوم والتي تتسم بكثافة مرورية عالية ولها مداخل محدودة. بالنسبة لهذه الطرق، تكون تكلفة تحصيل الرسوم ضئيلة، وفي العديد من الحالات تُحَصَّلُ الآن، وفي الغالب تتوافر خيارات عديدة، من ثم لا توجد مشكلة احتكارية خطيرة. بناءً على ذلك، هناك أسباب وجيهة لأن تخضع هذه الطرق لملكية وإدارة القطاع الخاص. وإذا حدث ذلك، ستحصل الشركة التي تدير الطريق السريع ضرائب البنزين المدفوعة مقابل السفر على الطريق.
كذا، تعد المتنزهات مثالًا مثيرًا للاهتمام وذلك لأنها توضح الاختلاف بين الحالات التي يمكن تبريرها بتأثيرات الجوار وبين تلك التي لا يمكن تبريرها بذلك، ونظرًا لأن جميعنا تقريبًا يفهم تمامًا أن إدارة المتنزهات الوطنية مهمة حكومية قانونية بالتأكيد، لكن في الواقع قد تبرر تأثيرات الجوار هذا الأمر في متنزه المدينة، إلا أنها لا تبرره بالنسبة لمتنزه وطني، مثل يلوستون ناشيونال بارك أو جراند كانيون. ما الفارق الجوهري بين الاثنين؟ بالنسبة لمتنزه المدينة، من الصعب كثيرًا تحديد الأشخاص الذين ينتفعون منه وتحصيل رسوم منهم مقابل الفائدة التي يتلقونها. إذا كان هناك متنزه في وسط المدينة، تستفيد المنازل المحيطة بالمتنزه من جميع الجوانب من مساحات الخضرة الواسعة، وكذلك يستفيد الأشخاص الذين يجتازونه أو يمرون بجانبه. لذا، سيكون وضع محصلو رسوم عند البوابات أو فرض رسوم سنوية لكل نافذة تطل على الحديقة مكلفًا وصعبًا للغاية. على الجانب الآخر، إن مداخل متنزه وطني مثل يلوستون قليلة، ومعظم الناس الذين يأتون إليه يمكثون لفترات طويلة ومن الممكن تمامًا إنشاء بوابات جمع رسوم وتحصيل رسوم إدارية. هذا يحدث الآن فعلًا، على الرغم من أن الرسوم لا تغطي التكاليف كلها. إذا أراد الناس هذا الأمر كثيرًا وكانوا على استعداد لدفع مال مقابله، سيتوفر لدى شركات القطاع الخاص حافز رائع لإنشاء مثل تلك المتنزهات، وبالطبع هناك العديد من شركات القطاع الخاص من هذه الفئة الآن. شخصيًا، لا يسعني استحضار أي تأثيرات جوار أو تأثيرات احتكار هامة قد تبرر تدخل الحكومة في هذا المجال.
إن الأفكار كتلك التي تناولتها تحت عنوان تأثيرات الجوار قد استخدمت لتبرير كل تدخل ممكن تخيله تقريبًا، ومع ذلك، فإنه في الكثير من الحالات، يكون هذا التبرير يكون بمثابة مغالطة أكثر منه تطبيقًا شرعيًا لمفهوم تأثيرات الجوار، فتأثيرات الجوار سلاح ذو حدين؛ إذ قد تكون سببًا لتقييد تدخلات الحكومة وكذلك لتوسيعها. وتعوق تأثيراتُ الجوار التبادلَ التجاري الطوعي لأنه من الصعب تحديد التأثيرات الواقعة على الأطراف الثالثة وقياس خطورتها، لكن هذه الصعوبة موجودة في التدخل الحكومي أيضًا. ومن الصعب معرفة متى تكون تأثيرات الجوار كبيرة للغاية لدرجة تبرر تحمل تكاليف محددة للتغلب عليها، بل الأصعب توزيع التكاليف توزيعًا ملائمًا. وبالتالي، عندما تتدخل الحكومة للتغلب على تأثيرات الجوار، ستدخل جزئيًا مجموعة إضافية من تأثيرات الجوار نتيجة لإخفاقها في مطالبة الأفراد بدفع رسوم أو بتعويضهم كما ينبغي. ويمكن الحكم على ما إذا كانت تأثيرات الجوار الأساسية أم الجديدة هي الأخطر فقط عن طريق حقائق الحالة الفردية، وبالرغم من ذلك حتى يكون الحكم تقريبي للغاية، علاوة على ذلك، يكون للتدخل الحكومي للتغلب على تأثيرات الجوار ذاته تأثير جوار غاية في الأهمية لا علاقة له بالواقعة المحددة التي تدخلت من أجلها الحكومة؛ حيث إن كل تدخل حكومي يحدُّ من مجال حرية الفرد حدًّا مباشرًا ويشكل خطرًا أمام الحفاظ على الحرية على نحو غير مباشر لأسباب شرحناها تفصيلًا في الفصل الأول.
إن مبادئنا لا تقدم سياسة ملزمة وصارمة لمدى صلاحية تدخل الحكومة لكي ننجز معًا ما كان صعبًا أو مستحيلًا لنا أن ننجزه كلٌ على حدة، عن طريق التبادل الطوعي التام. ففي أي حالة معينة تستدعي تدخلًا حكوميًا، يجب أن نعد بيان موازنة وندرج به المزايا والعيوب كلًا على حدة، وستحدد لنا مبادئنا أية نقاط نضعها في خانة المزايا وأية نقاط نضعها في خانة العيوب، وكذلك توفر لنا الأساس الذي سنقدر به أهمية النقاط المختلفة. دائما ما سنرغب في البدء بالمسئوليات الناتجة عن أي تدخل حكومي مقترح بوجه خاص، أي تأثير الجوار المترتب عليه من حيث تهديده للحرية، ونعطي لهذا التأثير أهمية كبيرة، إلا أن حجم الأهمية الذي سننسبها لهذه النقطة ولغيرها من النقاط الأخرى كذلك، يعتمد على الظروف؛ فعلى سبيل المثال، إذا كان التدخل الحكومي القائم ثانويًا، سننسب أهمية أقل لتأثير الجوار الذي سيجلبه التدخل الحكومي الإضافي. هذا سبب هام وراء تعبير العديد من الليبراليين الأوائل، كهنري سايمونز، في كتابتهم، في وقت كانت الحكومة صغيرة مقارنة بمعايير العصر، عن رغبتهم في تولي الحكومات مهام ما كان سيقبلها الليبراليون المعاصرون بعد أن نمت الحكومات أكثر من اللازم.
(٣) التدخل الحكومي تحت شعار الوصاية الأبوية
إن الحرية هدف مبرر للأشخاص المسئولين فحسب، فنحن لا نؤمن بمنح الحرية للمختلين عقليًا أو للأطفال. لذا، فإن وضع خط أحمر فاصل بين الأشخاص المسئولين وغيرهم ضرورة حتمية، مع ذلك، لا يعني هذا أن هناك غموضًا أساسيًا في هدف الحرية الجوهري. إن الوصاية الأبوية أمر حتمي لهؤلاء الذين نصنفهم كأشخاص غير مسئولين.
لعل المثال الأوضح لهذا الأمر المختلون عقليًا. نحن لا نرغب في منحهم الحرية ولا في قتلهم، لذا، سيكون من الأفضل إذا أمكننا الاعتماد على الأعمال التطوعية للأفراد لإيوائهم ورعايتهم. لكن أظن أننا لا نستطيع استبعاد احتمال أن مثل تلك الأعمال الخيرية ستكون غير ملائمة في حالة أن ينطوي تأثير الجوار لهذا الأمر حقيقة أنني أنتفع إذا ساهم شخص آخر في رعاية المختلين عقليًا. ولهذا السبب، قد يكون لدينا رغبة في تنظيم رعايتهم عن طريق الحكومة.
أما الأطفال فهم حالة أكثر صعوبة، فالوحدة الأساسية الفعالة في مجتمعنا هي الأسرة، وليس الفرد. مع ذلك، يعتمد قبولنا للأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية، إلى حد بعيد، على النفعية أكثر منه على المبدأ. نحن نؤمن بأن الآباء هم عامةً أفضل من يستطيع حماية أبنائهم وإعالتهم وبحيث يصبحوا أفرادًا مسئولين صالحين للتمتع بحريتهم. لكننا لا نؤمن بحرية الآباء في فعل ما يحلو لهم مع أفراد آخرين. إن كل طفل يحمل بداخله بذرة فرد مسئول، والمؤمن بالحرية يؤمن بحماية حقوقهم الأساسية.
وبكلمات أخرى قد تبدو قاسية، إن الأطفال سلع استهلاكية وفي الوقت نفسه أفراد مسئولين محتملين بالمجتمع. إن حرية الأفراد في استخدام مواردهم الاقتصادية كما يشاءون تتضمن حرية استخدامها في إنجاب أطفال — لشراء، إن جاز التعبير، خدمات الأطفال كصورة معينة من الاستهلاك، لكن بمجرد ممارسة هذا الخيار، يصبح للأطفال قيمة في حد ذاتهم ولنفسهم ولديهم حريتهم الخاصة والتي لا تعد مجرد امتداد لحرية آبائهم.
(٤) الخلاصة
إن الحكومة التي تطبق القانون والنظام وتحدد حقوق الملكية وتضطلع بدور الوسيلة التي يمكننا بواسطتها تغيير حقوق الملكية وغيرها من قواعد اللعبة الاقتصادية وتفصل في النزاعات التي تنشب حول تأويل القواعد وتطبق العقود وتعزز المنافسة وتقدم إطار عمل ماليًا وتتخذ إجراءات لمواجهة الاحتكار التقني وللتغلب على تأثيرات الجوار التي تعد مهمة لدرجة تبرر التدخل الحكومي، وتعزز من الأعمال الخيرية الخاصة والأسر المستقلة في حماية غير المسئولين، سواءً كانوا من المختلين عقليًّا أو الأطفال — إنها حكومة من الجلي أن أمامها وظائف مهمة لتؤديها. إن الليبرالي الثابت على مبدأه ليس بداع إلى الفوضوية.
- (١)
برامج دعم أسعار التعادل للزراعة.
- (٢)
فرض تعريفة جمركية على الواردات أو قيود على الصادرات، كحصص واردات النفط وحصص السكر الحالية وما إلى ذلك.
- (٣)
السيطرة الحكومية على الإنتاج، كما في برنامج المزارع أو في توزيع النفط الموكل إلى هيئة سكك حديد تكساس.
- (٤)
قوانين تنظيم الإيجارات كتلك التي ما زالت تطبق في نيويورك، أو القوانين العامة لضبط الأسعار والأجور كتلك التي فرضت أثناء الحرب العالمية الثانية وفي أعقابها.
- (٥)
الحد الأدنى القانوني لمعدلات الأجور، أو الحد الأقصى القانوني للأسعار، كتحديد الحد الأقصى القانوني لسعر الفائدة الذي يمكن أن تدفعه المصارف التجارية على الودائع عند الطلب كصفر، أو الحد الأقصى للمعدلات الثابتة من الناحية القانونية التي تدفع على المدخرات والودائع المحددة بأجل.
- (٦)
القواعد التنظيمية التفصيلية للصناعات، كقواعد تنظيم وسائل النقل التي تحددها لجنة التجارة بين الولايات. كان لهذا بعض التبريرات المستندة إلى أمور تتعلق الاحتكار التقني عندما طُبِّقَ في البداية في السكك الحديدية، لكن لا يوجد أي تبرير له، الآن، بشأن أية وسيلة نقل. مثال آخر على ذلك القواعد التنظيمية التفصيلية للمعاملات المصرفية.
- (٧)
مثال مشابه، لكنه جدير بذكر خاص لما ينطوي عليه من رقابة متضمنة وانتهاك لحرية التعبير، وهو سيطرة لجنة الاتصالات الفيدرالية على الإذاعة والتليفزيون.
- (٨)
برامج الضمان الاجتماعي الحالية، لا سيما برامج التقاعد والشيخوخة التي تجبر الناس في الواقع على (أ) إنفاق جزء محدد من دخلهم لشراء معاش سنوي مدى الحياة (ب) شراء المعاش السنوي من شركات تخضع لإدارة الحكومة.
- (٩)
شروط الترخيص في مختلف المدن والولايات التي تجعل مشروعات أو وظائف أو مهن بعينها قاصرة على الأشخاص الذين يمتلكون ترخيصًا، حيث يكون الترخيص حينئذ أكثر من مجرد إيصال لضريبة يدفعها أي شخص يرغب في مزاولة النشاط.
- (١٠)
ما يسمى «بالإسكان الشعبي» وغيره الكثير من برامج الدعم الحكومي التي تهدف إلى تعزيز تشييد المباني السكنية كبرنامج ضمان الرهن العقاري لإدارة الإسكان الفيدرالية وشئون المحاربين القدامى وما إلى ذلك.
- (١١)
التجنيد الإلزامي لتزويد الخدمات العسكرية بالجند أثناء فترات السلم. إن النظام التطوعي للقوات المسلحة هو الذي يناسب السوق الحرة. لا يوجد ثمة مبرر لعدم دفع المقابل الضروري مهما كان في سبيل جذب العدد المطلوب من الأشخاص. إن النظم الحالية غير منصفة واعتباطية وتتعارض بخطورة مع حرية الشباب في صياغة حياتهم، حتى إنها تكون على الأرجح مكلفة أكثر من البديل السوقي. (إن التدريبات العسكرية العامة لتوفير جنود احتياطيين لوقت الحروب مشكلة مختلفة، ويمكن تبريرها بناءً على أسباب ليبرالية.)
- (١٢)
المتنزهات الوطنية كما أوضحنا أعلاه.
- (١٣)
الحظر القانوني لنقل البريد لأسباب ربحية.
- (١٤)
ملكية الحكومة وإدارتها للطرق التي تفرض عليها الرسوم كما أشرنا أعلاه.