الفصل الخامس والعشرون
إن جميع مدن فرنسا البحرية طمعت في شرف استقبال رُفات نابوليون في مرافئها، لا سيَّما طولون، التي تعتبر نفسها كمَهْدٍ لمجد البطل، إلَّا أن الحكومة وقع اختيارها على الهافر؛ لأنها آثرت المسافة الأكثر قربًا من البحر إلى باريس لتُخْفِي، قدر المستطاع، بقايا الرجل العظيم عن حماس الجماهير.
إن هذا المنهج الذي نهجته الحكومة إنما هو مسيءٌ إلى عاطفة الشعب، إلَّا أن الوزارة الجديدة لم تجد بدًّا منه، وبين وزرائها الذين خدموا الإمبراطورية في الماضي خدمًا كبيرة، رجال يأتمرون بأمر رجال أولي مبادئ غير مبادئهم.
عندما دخلت لابيل بول إلى خليج شربور حيَّتها مدفعية المتاريس بإطلاقات جاوبتها مدافع الحصون في الأبعاد. وفي مساء الثامن من شهر كانون الأول وصلت الجنازة تجاه الهافر، وكانت السماء تنفرج عن قمر جميل. ولما كان غد تحرَّك حرس المدينة والضواحي، في الساعة الخامسة صباحًا؛ ليحتفلوا بمرور خيال البطل. قال لهم مدير السين الأدنى: «ستؤدُّون إلى هذا الرجل العظيم الإكرام الأخير بالسكينة والاستحقاق الجديرَيْن بجماهير، لمسوا بأيديهم، تأثير سلطته المحامية وانعطافه الخاص.»
وكانت ثلاث بواخر تواكب لابيل بول وهي النورمندي والفلوس والكوريه، فلمَّا دخلت النورمندي الحاملة الأعلام الوطنية والعلم الملكي إلى مجرى نهر السين على دويِّ المدافع، وتحت سماء صافية الأديم كسماء أوسترلتز، كان شاطئا النهر يغصَّان بجماهير لا تُحصَى، وقد تصاعد من بينهم هتاف حماس شديد وإطلاقات نارية شقَّت عنان الفضاء.
وفي المساء، توقَّف الموكب في فال ده لاهاي لينتظر أسطول السين الأعلى الذي سيقلُّ الإمبراطور حتى كوربفوا.
وفي العاشر من الشهر، ظهرًا، دخل الأسطول إلى روان. كانت هذه المدينة الصناعيَّة الكبرى، التي تعشَّقت نابوليون تعشُّقًا صحيحًا، تستعدُّ منذ أيام كثيرة لاستقبال رُفات الرجل العظيم، فنُصِبَت له قوس نصر في وسط النهر، ورفعت على الشاطئين أعمدة هرميَّة كُتِبَت عليها أسماء أهم انتصارات الإمبراطورية.
كان شعبٌ غفير يملأ شاطئ السين؛ وكان الهُتاف «ليحيَ الإمبراطور!» يتصاعد من جميع الجهات، من حرس المدينة الوطني وضواحيها إلى جميع الكتائب المحافظة، وكان الكردينال الأسقفي في روان قد خرج من كنيسته، منذ الساعة السادسة من الصباح، على رأس إكليروسه المؤلَّف من أكثر من مائتي كاهن، واتَّجه إلى شاطئ سن سوفر الذي اتجهت إليه السلطتان المدينَّة والعسكرية والمجلس البلدي. عندما دخلت المراكب بين الجسرين توقَّفت لادوراد، وبدأ الكردينال الأسقفي بالاحتفال الدينيِّ، في حين كانت مدافع الحرس الوطنيِّ، المركَّزة على مرتفعات سنت كاترين، ومدافع المراكب الراسية تُطلِق بين فترة وأخرى قنابلَ عديدة، فتجاوبها لادوراد حالما تنتهي، ولما تمَّت الحفلة الدينية أعلنت نهايتها مائة إطلاقة مِدْفَع.
منذ ذلك الحين لم يبقَ الأمر مُقتصِرًا على نقل رُفات بطل إلى مقرِّه الأخير، بل أصبح يشير إلى قدوم أمير عظيم إلى عاصمته قدوم منتصر، إذ امَّحت جميع دلائل الحداد، وناب عنها رنين الأجراس في الفضاء، ودويُّ الطبول في السهول، وأصوات الموسيقى تصدح بألحان النصر، واستعراض الجنود لتحية الإمبراطور! إذن فلقد مرَّ نابوليون تحت قوس النصر الذي نصبه له هؤلاء الروانيُّون البسلاء، مرور فاتح عظيم، في حين كان القدماء من جنود الجيش الكبير يلقون عليه من أعلى الجسر أكاليل الخالدين وغصون الغار، وفي حين كانت مائة إطلاقة وإطلاقة تُعلِن للأبعاد أن المَوكِب قد تابع سيره.
حُدِّد دخول المحمل الإمبراطوري إلى باريس في الخامس عشر من شهر كانون الأول؛ ففي الساعة الخامسة من صباح هذا النهار، حرَّك دويُّ طبول الحرس الوطني ومِدْفَع الأنفليد العاصمة بأَسْرها، وما هي إلَّا فترة من الوقت حتى اندفعت الجماهير إلى الطرق والأسواق التي سيمرُّ فيها المَوكِب، بالرغم من البرد القارس والظُّلمة القاتمة. ولما بزغت الشمس كان الحرس الوطني والكتائب المحافظة تحت السلاح، ووراءهم ما ينيف عن سبعمائة أو ثماني مائة ألف نفس ينتظرون بفارغ الصبر مرورَ الموكب.
كان الأسطول قد وصل إلى كوربفوا في الرابع عشر من الشهر، فخفَّ جمهور من المُعجَبين بالرجل العظيم ليُكرِّموا رُفاته، بالرغم من البرد الشديد، وكان بينهم عددٌ من الجنود القدماء، بقايا نبيلة من الجيش الكبير، وقد جاءوا من أقاصي البلاد ليشهدوا هذا الاحتفال، من غير أن ينتبهوا إلى أنَّ وجود الذين حُطِّمت سيوفهم إلى جنب البطل في موقعته الأخيرة، قد يخجل الخائنين الذين، في تلك الساعة المشئومة، قد عهدوا بشهرتهم الناشئة إلى حظِّ ويللنكتون وبلوخر! صرف هؤلاء البُسَلاء ليلة الرابع عشر إلى الخامس عشر على جسر نويلي، تحت برد لا يُطاق، وقد اعتبروا أنفسهم سعداء لتمكُّنهم من التعسكر مرَّة بعد مع نابوليون، بعد خمس وعشرين سنة مرَّت على معركة واترلو، والاشتراك في التكريم المتأخِّر الذي تقيمه معرفة الجميل الوطنيَّة لقائدهم الخالد.
في اليوم الخامس عشر، الساعة الثامنة من الصباح، أبصر هؤلاء القدماء شيخًا مُسنًّا مُرْتديًا لباسًا أسود، وقد تدلَّى وشاحه القاتم على ذراعه، وسيفه يهرول بالقرب من المحمل متَّكئًا على رجُلَين يشاطرانه حزنه. كان هذا الشيخ الرجل الذي بقي سنين عديدة يخدم الوطن بكلِّ ما أُوتيه من خبرة في فنِّ الجراحة؛ كان هذا الشيخ رئيس جرَّاحي الحرس الإمبراطوري وجميع الجيوش الفرنسية في عهد نابوليون، كان هذا الشيخ المواطن الصالح الفضيل الذي أثنى عليه منفيُّ سنت هيلين ثناءً جميلًا في مذكِّراته، كان هذا الشيخ لاري المحترم، وقد جاء متَّكِئًا على ولده وعلى أحد جرَّاحي الجيوش القدماء السيد تشارنر، الذي اشترك في الكتيبة المقدسة في موسكو والذي صَحِب الإمبراطور إلى ويلنا. أجل، لقد تمكَّن هذا الشيخ الطاعن في السن، بهذا العضد المزدوج، أن يتْبَع على قدميه، من المركب إلى الأنفليد، رُفاتَ ذلك الذي أحبَّه حبًّا يقرُب من العبادة.
عندما أُنْزِل المحمل الإمبراطوري من لادوراد إلى اليابسة، ووُضِع في المركبة المأتميَّة تحت قوس النصر، الذي نُصِب تجاه الباخرة، شوهد عددٌ غفيرٌ من القوَّاد يتسابقون، كالبارون لاري، للدنوِّ من نابوليون، وبينهم وزير الحربية السابق ديسبان كوبيير، الذي أقبل بلباس قائد الفرقة الخفيفة الأولى الذي كان يرتديه في واترلو. في تلك الساعة سُمِع هتاف «ليحيَ الإمبراطور!» إذ إن رُفات الرجل العظيم كان قد لمس الأرض الفرنسية.
برحت المركبة الإمبراطورية، كوربفوا، في نحو الساعة العاشرة من الصباح، فوصلت تحت قوس نصر النجمة في الساعة الحادية عشرة والنصف. في تلك الآونة انطلقت إحدى وعشرون قنبلة مِدْفَع، مُعْلِنةً للباريسيين أن الذخيرة المنتظَرة منذ أمدٍ بعيد تستريح تحت أحد التماثيل التي رفعها البطل لمجد فرنسا.
اجتاز الموكب، بخطًى بطيئة، ممرَّ الشنزاليزه المحفوف بنصف مليون من النظَّارة المتحمِّسِين، وفي نحو الساعة الواحدة والنصف وصل إلى الأنفليد، في حين كان الأسطول الذي أقلَّ المحمل الإمبراطوري من روان إلى كوربفوا يرسو أمام الجسر،
كانت الساعة الثانية بعد الظهر عندما أعلن المِدْفع وصول المركبة الإمبراطوريَّة إلى شباك الأنفليد، فحمل بَحَرِيُّو لابيل بول بين أذرعهم الوديعة الثمينة التي جاءوا بها إلى فرنسا، وعهدوا بها بعد ذلك إلى ضبَّاط الحرس الوطني والجيش الذين كان عليهم أن يحملوها إلى الكنيسة، حيث كان ينتظرها أسقف باريس على رأس إكليروسه.
كان الملك والوزراء والمرشالية والأميرالية وفِرَق الدولة الكبرى منتظرِين تحت القبة، أما كبار الموظَّفين فلم يتمكَّنوا بدون جهد جهيد من اختراق الجماهير المحتشِدة والوصول إلى الكنيسة، وأمَّا سفراء أوروبا القديمة فقد بقُوا متنحِّين كأنهم أدركوا، ولا شكَّ، أن أوروبا القديمة لا ينبغي لها أن تحضر حضورًا علنيًّا هذا المهرجان، الذي تقيمه فرنسا الفتاة، وأنه من الفظاعة أن يمثِّل أحقاد الأحزاب القديمة بعض مسبِّبيها في هذا المهرجان.
عندما انطلقت القنبلة الأولى؛ لتُعْلِن وصول المحمل إلى شبَّاك الشرف، اتَّجه أسقف باريس وإكليروسه إلى باب الكنيسة ليتسلَّموا جثَّة الإمبراطور، ولمَّا دنا المحمل من المرتبة، التي أُعدَّت في المكان نفسه الذي سيُبنَى فيه الضريح النهائي لنابوليون، نزل الملك عن عرشه واتَّجه أمام الموكب حتى مدخل القبَّة، فقال له البرنس ده جوانفيل: «إني أرفع إليك يا صاحب الجلالة جثَّة نابوليون التي جئت بها إلى فرنسا نزولًا عند أوامرك.» فأجاب الملك: «أتقبَّلُها باسم فرنسا.»
كان سيف الإمبراطور محمولًا على مخدَّةٍ بين ذراعَي الجنرال أتالن، فأخذه الملك من يدي المرشال سول وسلَّمه إلى الجنرال برتران قائلًا له: «جنرال، أعهد إليك بوضع سيف الإمبراطور المجيد على محمله.» ثم عاد الملك إلى مكانه، ووُضِع المحمل على المرتبة. عند هذا بدأت الرتبة الدينية، ولمَّا انتهت الذبيحة رشَّ الأسقف الماء المقدس على الجثة، ثم قدَّم الرشاشة إلى الملك، الذي قام بهذا الواجب الأخير وانصرف.
•••
في الخامس عشر من شهر كانون الأول سنة ١٨٤٠؛ أي يوم مهرجان الإمبراطور نابوليون، كان الكاتب الفرنسي العظيم فيكتور هيغو يشاهد الموكب من على منصَّة في ساحة الأنفليد، فكتب هذه الرءوس الأقلام التي نعرِّب إلى القرَّاء فقرة منها، قال: «خرجتُ في الساعة الحادية عشرة من الصباح إلى الشوارع، فألفيتها قَفْراء، وكانت المخازن مُقفَلة، ولم يكن يرى هنا وهناك إلَّا بعض نساء عجائز يمرون من فترة إلى أخرى، فشعرت إذ ذاك بأن باريس بأسرها قد اندلقت في جهة واحدة من المدينة، كما يندلق السائل من قدح مُنحَنٍ، برد قارس، شمس جميلة، ضباب خفيف في السماء، السواقي مجلَّدة …
هي الساعة الثانية عشرة والنصف.
في طرف الساحة، صفَّان من الخيَّالة يمرَّان بهيئة صلبة؛ هما جنود السين، مقدمة الموكب. الشمس تقوم بواجبها فتظهر بمظهر جميل، نحن في شهر أوسترلتز.
بعد قبَّعات جنود السين المصنوعة من الشعر، خوذات حرس باريس البلدي النُّحاسيَّة، ثم أعلام الرمَّاحة المثلثة الألوان يلاعبها الهواء بشكل لطيف.
إن الموكب الذي يتخلَّله القوَّاد والمرشالية إنما هو في مظهر باهر، والشمس المنعكسة تمرُّ بهيئة فخورة صلبة، تعقبها المدفعيَّة والمشاة كأنَّهما سائرتان إلى الحرب.
هناك تمثال كبير للويس الرابع عشر، مُتقَن الصنع، مذهَّب بالشمس، يُرى كأنه شاخص إلى هذه الفخفخة بدهشة وذهول.
ظهر الحرس الوطني على الجياد، فارتفعت دمدمة من وسط الجماهير، بَيْد أنه في نظام تامٍّ! ولكنه كتيبة لا مجد لها، وهذا ما يفتح ثقبًا في موكب كهذا. إنهم يضحكون …
ثمة كتائب عديدة من مشاة الحرس الوطني تمرُّ في ظلال هذه السماء الشهباء. وفجأة انطلقت المدافع في ثلاث جهات مختلفة، وسُمِع دويُّ الطبول في مطارح السهول البعيدة.
ظهرت مركبة الإمبراطور، وظهرت الشمس ساطعة سطوعًا جميلًا.
يُرى في الأبعاد، من خلال البخار والشمس، بين شجرات الشنزاليزه والتماثيل البيضاء المُنتصِبة كالأشباح شيءٌ يتحرَّك، كأنه جبل من ذهب. إنه يقترب شيئًا فشيئًا. لقد ارتفعت دمدمة شديدة فغلَّفت هذه الرؤيا، كأنما هذه المركبة تسحب وراءها هتاف المدينة بأَسْرها كما تسْحَب المشاعِل دُخانَها …
هي الساعة الواحدة والنصف.
بدأنا نتبيَّن شكل المركبة التي تقلُّ المحمل الإمبراطوري، هي ذي جياد المرشاليَّة والقواد تحفُّ بالمركبة، وهؤلاء الستة والثمانون ضابطًا يحملون أعلام الست والثمانين مقاطعة. ما من مشهد أجمل من مشهد هذه الفرقة التي ترتعش فوقها غابة من الأعلام.
هو ذا جواد أبيض مُجلَّل بالسواد من قمة رأسه إلى حوافر قدميه يقوده خادمان مُرتدِيان لباسًا أخضر مذهَّبًا. لقد ظنَّه البعض جواد الإمبراطور فهتفوا صارخين: «هو ذا جواد مواقِع الإمبراطور!»
المدافع تستمرُّ في إطلاق القذائف …
هؤلاء هم بحرِيُّو لابيل بول الخمسمائة يمشون وراء الجواد الأبيض في صفوف صُلْبة؛ المسدسات في وسوطهم، والفئوس في أيديهم، والسيوف إلى جنبهم.
لقد قربت المركبة تتقدَّمها أركان جيش لابيل بول التي يقودها البرنس ده جوانفيل على جواده. فهي في مظهر عظيم. هي قطعة كبيرة مذهَّبة تقوم طوابقها الهرمية على أربعة دواليب مطليَّة بالذهب. لقد استطعتُ أن أتبيَّن، تحت الشفَّافة البنفسجية التي تغطِّيها من أعلاها إلى أسفلها، نسورَ الطابق الأسفل، الانتصارات الأربعة حاملة شبه تابوت على قطعة من الذهب، أما التابوت الحقيقي فهو غير منظور، لقد وُضِع في قبو الطابق الأسفل، وهذا ما أضعف التأثير. هنا عَيْب هذه المركبة، فهي تحجب الذي يرغب الشعب أن يراه، والذي طالبت به فرنسا وانتظره الجميع، هي تحجب الذي تفتِّش عنه الأعين: تابوت نابوليون.
لقد وضعت شارات الإمبراطور على التابوت الكاذب، وهي التاج والسيف والصولجان والرداء. هناك عَيْب آخر، إن الذهب الذي تكلَّمتُ عنه ليس سوى ذهبٍ كاذِب؛ فهو خشب وكرتون. هذه هي الحقيقة. كنت أرغب للمركبة الإمبراطوريَّة مظهرًا أصدق من هذا. على أن صناعة هذه المركبة ليست مجردة من الفن الجميل، بالرغم من أنها تتردَّد بين الصناعة العصرية والقديمة.
ثمة كتلتان من الأعلام التي غُنِمت من جميع أوروبا تخفقان خفقانًا جميلًا على مُقدَّم المركبة ومُؤخَّرها. أمَّا وزن المركبة فيبلغ ستة وعشرين ألف ليبرة، ووزن المحمل وحده يبلغ خمسة آلاف.
ما من مشهد أدهش وأجمل من مشهد الجياد الستة عشر التي تقود المركبة. إنها لبهائم مُخِيفة معمَّمة بريش أبيض، ومُجلَّلة من الرأس إلى الحوافر بأقمشة ذهبية لا تدع سبيلًا لأن يُرَى منها إلَّا العيون، وهذا ما يعطيها لا أعلم، أيَّة هيئة رهيبة من هيئات أجياد أشباح!
وصل نابوليون أمام شباك الأنفليد. هي الساعة الثانية إلَّا العشر الدقائق.
لا تستطيع المركبة أن تلج باحة الأنفليد؛ لأن الشباك التي وضعها لويس الرابع عشر، لا يبلغ ارتفاع بابِها مستوى هذه المركبة، فانحدرت إلى الجهة اليمنى، ودخل البحريُّون إلى الطابق الأسفل، ثمَّ خرجوا يحملون التابوت الحقيقي وذهبوا به إلى الكنيسة.
كانت الساعة الثالثة عندما أعلنت المدافع أن الرُّتبة الدينيَّة قد انتهت في الأنفليد …»
وهكذا انتهت حياة هذا الرجل العظيم الذي أبى الأشراف إلَّا أن يروا فيه مُغتصِبًا ظالمًا، وفاتِحًا نَهِمًا، في حين كان العملة والفلاحون والجنود يرون فيه «رجل الشعب»، رسول الله، ونتاج النبوغ في العالم.