رسالة إلى رقم «صفر»!
وضع «أحمد» يده على السماعة، ثم قال للشياطين: إن «عوني» يتحدث!
صاح الأربعة في نفس واحد: «عوني»؟!
عاد «أحمد» إلى الاستماع، قال «عوني»: اسمعني جيدًا … إن حراس سادة العالم المسلحين يحيطون بكم … لن تستطيعوا الفرار … فنفذ تعليماتي حرفًا حرفًا!
مضى «عوني» يقول: لحسن الحظ … في الغرفة التي أنتم بها بابٌ سرِّي يقود إلى نفق يتصل بمجاري المدينة … هذا الباب موجود تحت المكتب بالضبط … أديروا المكتب ناحية اليمين، وسوف ينفتح باب النفق!
أحمد: ولكن …
«عوني»: آسف … إن الوقت ضيق … وهم يستعدون لاقتحام الغرفة …
أحمد: إنني لا أصدق …
«عوني»: لا تُقاطعني … سوف يتضح كل شيء لكم فيما بعد!
ووجد «أحمد» نفسه يُفكِّر في المتفجرات … إن «عوني» يساعدهم على الفرار … وهو شيء مدهش، بعد خيانته للمنظمة، فهل يساعدهم على الفرار فعلًا، أم إن هذه خطة مدبرة للقضاء عليهم.
وسمع «عوني» يقول: هل تسمعني؟
رد «أحمد»: نعم …
«عوني»: اذهبوا إلى «تشيرسن ستريت» رقم ١٧، ومفتاحه في فجوة بالسور … إنه مكان خاصٌّ بي لا يعرفه أحد … وسوف أتصل بكم مرة أخرى للتأكُّد من سلامتكم!
أحمد: اسمع يا سيدي … لا أدري إذا كنت تخدعنا أم تساعدنا حقًّا … وسأقول لك مقابل ما قلت لي … لقد وضعت متفجرات في المبنى تنفجر خلال عشر دقائق … انج بنفسك أيضًا!
سمع «أحمد» … صوت أشخاص يدخلون غرفة «عوني» في هذه اللحظة، ووضع «عوني» السماعة بهدوء!
وقفز «أحمد» قائلًا: ساعدوني على إدارة هذا المكتب!
وقام الشياطين بإدارة المكتب، كما طلب «أحمد»، وكم كانت دهشتهم، عندما ظهرت تحته فتحة واسعة … وأشار لهم «أحمد» بالنزول سريعًا، ونزلوا على سلم ضيق من الحديد … وتبعهم «أحمد» وحاولوا إغلاق الفتحة من أسفل ولكنهم لم يتمكنوا.
أضاء «الشياطين» مصابيحهم، وعلى الضوء، استطاعوا أن يشقوا طريقهم في الأنفاق الضخمة المظلمة … وكانت الفئران تجري في كل اتجاه، وتصطدم بأقدامهم … ولكنهم استمروا سريعًا في السير …
وكان «أحمد» يُفكِّر في التطوُّرات التي حدثت … ويلحُّ على ذهنه سؤال: لماذا تدخل «عوني» لإنقاذهم؟
ولكن قبل أن يحصل على إجابة، سمع صوت أقدام تتبعهم من بعيد … ثم ظهرت أضواء قوية من خلفهم، تضيء جدران المجاري الواسعة … وأدرك الشياطين، أن أعوان العصابة قد اقتحموا الغرفة، وشاهدوا الفتحة …
وفي تلك اللحظة، ورغم ابتعادهم بمسافة، سمعوا صوت انفجار، تبعه سلسلة من الانفجارات … وعرفوا أن المتفجرات التي وضعها «أحمد» قد بدأت عملها …
كانت الأقدام خلفهم تقترب بسرعة، واختار «أحمد» منعطفًا قريبًا وطلب من الشياطين أن يتفرَّقوا على الجانبين وأن يتخذوا وضع الارتكاز … أي أن يعتمدوا على ركبة على الأرض، وركبة مثنية، كما يفعل الجنود في تمرينات إطلاق الرصاص.
تفرق الشياطين على الجانبَين … وأخرجوا مسدساتهم الضخمة، ذات المواسير الطويلة … وتركوا مطارديهم يقتربون، حتى إذا أصبحوا في مدى الضرب، انهالت الرصاصات … وسمعوا صوت سقوط أجساد وصيحات … ثم انطلق نحوهم مدفع رشاش قوي … واستطاع «أحمد» بناءً على تحديد مكان الضرب، أن يطلق رصاصات أسكتت المدفع … ثم ساد الصمت.
أسرع الشياطين يكملون سيرهم، حتى بدأت مواسير المجاري تضيق، فوجدوا سلمًا حديديًّا، صعدوا عليه، واستطاعوا زحزحة غطاء البالوعة، والصعود إلى أرض الشارع.
كانوا في مكان قريب جدًّا من الحديقة العامة.
وصاحت «إلهام»: لقد كُنا هنا منذ وقت قصير!
أسرعوا إلى موقف سيارات الأجرة، وطلبوا من السائق التوجه إلى «تشيرسن ستريت» رقم «١٧» … وكان المكان بعيدًا، فوصلوا بعد نحو ساعة … وبعد أن انطلقت السيارة عائدة، اتجهوا إلى المكان … كانت فيلَّا أنيقة، حولها حديقة، وسور من الخشب الأبيض، ودخلوا من باب الحديقة المفتوح … ثم اتجهوا إلى باب الفيلا …
ومد «أحمد» يده يبحث عن فجوة بجوار الباب … وفعلًا عثر على فجوة مُغطاة ببراعة، فمد يده ووجد المفتاح.
دخلوا مسرعين إلى الفيلا … وكانوا في أشد الحاجة إلى النظافة والطعام. وقد وجدوا كل ما طلبوا … ثم أعدوا الشاي، وجلسوا في استرخاء وهم لا يُصدقون كل ما حدث …
دق جرس التليفون، وأسرع «أحمد» يرفع السماعة … ومن الطرف الآخر جاء صوت «عوني» خافتًا، ومرتعدًا … وأحس «أحمد» بالأسى …
وقال عوني: اسمع يا «أحمد» ما سأقوله لك جيدًا. لقد فشلت عملية إذابة الجليد بفضل جهودكم … ولا أدري ما هو مصيري … إن عصابة سادة العالم بدأت تشكُّ في الدور، الذي أقوم به …
أحمد: إننا …
«عوني»: لا تتحدث … عندك خزينة صغيرة في غرفة نومي … إن طريقة فتحها هي، دورة إلى اليمين كاملة، ثم دورة إلى اليسار … ثم تثبيت السهم الأسود على رقم ١٧ ثم الضغط على المفتاح الرئيسي، وجذب الباب … هناك مستندات عن عصابة سادة العالم لا حد لأهميتها … خذوها معكم ثم هناك خطاب لرقم «صفر» … خذه إليه … وقل له إن «عوني» …
ولم يكمل الرجل جملته، وسمع «أحمد» صوت سقوط جسم على الأرض، ولم يشكَّ لحظة، أن العصابة قد أدركت أن «عوني» كان يلعب دورًا … غير ما تصوروه …
وضع «أحمد» السماعة، بعد أن سمع صوتًا غريبًا على الطرف الآخر.
وقال «أحمد» للشياطين: سنتحرك فورًا …
ثم اتجه لغرفة النوم، ونفذ تعليمات «عوني»، ففتح الخزينة، وفعلًا استطاع فتحها … ووجد مجموعة من الملفات السوداء … ومجموعة أخرى من الخرائط … وطلب من «فهد» البحث عن حقيبة مناسبة … ثم وضع كل شيء فيها، وأغلقها بعناية … وأخذ المظروف الصغير، الذي وجده في درج الخزينة … كان مكتوبًا عليه …
إلى صديقي رقم «صفر» …
مع تحياتي عوني …!
أمسك «أحمد» بالمظروف، وقد انتابته مشاعر مُتناقضة … ما هي القصة بالضبط … ما هو دور «عوني» الحقيقي؟!
هل يعلم رقم «صفر» حقيقة دور «عوني» … أم لا يعرف؟
وقال «أحمد»: يجب أن نركب أول طائرة للعودة إلى المقر السري … إن الأمور لم تَعُد تحتمل التأخير.
في مساء اليوم التالي، كان الشياطين قد عادوا إلى مقرهم السري، في الصحراء الموحشة … حيث لا يتصور أحد أن في هذا المكان النائي تقوم منظمة للعمل على حماية العدل والقانون.
سلم «أحمد» الرسالة إلى سكرتارية رقم «صفر» … ولم تمض نصف ساعة، حتى كان هناك إشارات في جميع غرف الشياطين اﻟ «١٣»، للاجتماع مع رقم «صفر» … رغم أن الشياطين العائدين كانوا في أشد الحاجة إلى الراحة.
وصل رقم «صفر» إلى مكانه خلف الزجاج الأسود … وسمعوا صوته العميق يأتي في نغمة حزينة قائلًا:
أيها الشياطين اﻟ «١٣»، إنني سعيد، وحزين، في وقت واحد … سعيد … لأن زميلي وصديقي «عوني» لم يكن خائنًا … على العكس … لقد قام بدور بطولي، لا يتصوره أحد … لقد تظاهر بأنه انضمَّ إلى عصابة سادة العالم، حتى يستطيع القضاء عليها من داخلها … وعندما لم يستطع وحده أن يقوم بالمهمة، فقد ظهر في مكان يَسمح لنا بمتابعته … وعندما أحس أن سادة العالم قد يُدمِّرون المحيط المتجمد، وما يتبع ذلك من كوارث على الكرة الأرضية …
لهذا ظهر … ووضعنا في كامل الصورة بالنسبة للموقف.
لهذا ظهر … ووضعنا في كامل الصورة بالنسبة للموقف.
… إنه ليس خائنًا … إنه رجل من أشرف الرجال …
وإذا كنا قد قمنا بمطاردته في المرحلة الأولى … فإن مهمَّتنا التالية هي إنقاذه!
وسكت رقم «صفر» للحظات، ثم عاد يقول: وإنني حزين، لأنني أعتقد، أن سادة العالم قد عرفوا دوره الحقيقي … ولهذا يجب أن ننقذه …
ثم أضاف بعد لحظات: هذا إذا كان ما زال حيًّا!