معركة … داخل المطعم!
أدار «أحمد» الشريط، الذي سجَّلَته المجموعة الثانية، جاء صوت أحدهما يقول: إن مهمتك تبدأ في إطلاق الرصاصات الوهمية على «إليك كرو»، وبعدها سوف تبدأ مهمتي، وسوف تكون على هذه المنضدة نفسها. وعندما يبدأ «إليك كرو» في الطعام سوف تقوم من مكانك، وتُطلق عليه الرصاص، ثم تخرج هاربًا.
ردَّ الآخر: و«جان»؟
قال الأول: هذه مهمتي، ومعي «جينس»، فسوف نكون خارج المطعم ساعتها.
تساءل الأول: ألَا ترَى أن عددَ المجموعة قليل؟!
ردَّ الثاني: إن العملية لا تحتاج لكثيرين؛ فسوف تمرُّ بعض دقائق قبل أن يَصِل رجالنا في ملابس الشرطة الفرنسية، ومعهم الإسعاف لنَقْل «إليك كرو».
صمت لحظة، ثم أكمل: إن الزعيم يضع العمليةَ كلَّها في أعناقنا، وهو لا يريد أن تظهر العملية في شكل لافت للنظر بكثرة الرجال. مع ذلك، فسوف يكون عددٌ آخر من الخارج في انتظار أن يحدث أيُّ شيء من عصابة «اليد الحديدية».
قال الأول: هل تلاحظ «روك» و«ستيفن» على الناحية الأخرى؟!
ردَّ الثاني: نعم …
ثم أضاف بعد قليل: أنت تعرف أن «جليم» أحدُ رجالهم؟
ردَّ الآخر: نعم أعرف، ولقد رأيتُ المسدس تحت حبات البرتقال.
صمتَ قليلًا ثم قال: لا بأس … إن أحدًا منهم لن يستطيعَ كشْفَ اللعبةِ كلِّها.
أضاف الأول: ما لم يقع «جان» في أيديهم.
ردَّ الثاني: إنهم لا يعرفون الخدعة، وإما أن نقضيَ على «جان» أو نخطفَه، فمَن يدري، قد ينفعنا في عملية أخرى.
كان الشياطين يسمعون في اهتمام، فقال «قيس»: إذن ﻓ «إليك كرو» الحقيقي سوف يكون موجودًا، والمسألة ليست خدعةً كما قال أعضاء عصابة «اليد الحديدية».
ردَّ «أحمد»: إن العصابتَين يشكَّان في بعضهما، ولا أحدَ فيهما يأمن للآخر.
ثم نظر في ساعة يده، وقال: إن الوقت يقترب؛ فالساعة قد تجاوزَت الثالثة، وهذا يعني أن «جان» و«إليك كرو» في حالة عمل الآن.
قال «خالد»: ينبغي أن نستعدَّ، فلا تزال طلباتُنا من عميل رقم «صفر» لم تَصِل.
ما كاد «خالد» ينتهي من جملته حتى كان جهاز الاستقبال يُعطي إشارةً حمراء متقطعة، فابتسم «رشيد» وقال: كأنه كان ينتظر سؤالك!
كانت رسالة من عميل رقم «صفر» يقول فيها: إن الملابس سوف تكون في السيارتَين، وعلى الشياطين أن يبدءوا من الآن!
كان الوقت يمرُّ سريعًا؛ ولذلك عندما أعلنَت الساعة الرابعة، حتى تحرَّك الشياطين من الفندق في طريقهما إلى السيارتَين، كانت كلُّ مجموعة تعرف دورَها تمامًا؛ المجموعة الأولى سوف تتولَّى أمْرَ «إليك كرو». أما الثانية فسوف تكون مهمَّتُها «جان».
عندما رَكِبَت المجموعة الأولى سيارتَها كانت هناك أربع حُلَل؛ واحدة لضابط شرطة، والثلاث الباقية لجنود شرطة.
قالت «إلهام»: أين دوري بينكما؟
ردَّ «أحمد»: سوف يكون دورُكِ شديدَ الأهمية، فعليك ستكون مراقبةُ العملِ كلِّه، سواء للمجموعة الأولى أو الثانية، فأنتِ سوف تكونين حلقةَ الاتصال بين الشياطين.
هتفَت «إلهام»: إنها مهمة رائعة، فسوف أرْقُب كلَّ شيء. وسوف تكون لديَّ تفاصيلُ كاملةٌ لأولِ كتابٍ أكتبُه!
أخذ الشياطين يُبدلون ثيابَهم داخل السيارة؛ لبس «أحمد» ملابس الضابط، ولبس «قيس» و«عثمان» و«فهد» ملابسَ جنود الشرطة … في نفس الوقت كانت «إلهام» تجلس إلى عجلة القيادة.
اتجهَت السيارة إلى قلب «باريس»؛ حيث يوجد مطعم «مكسيم». كانت الساعة قد تجاوزَت الرابعة بثلث ساعة، فقالت «إلهام»: لقد حانت اللحظة الحاسمة.
اتجهَت إلى شارع جانبي يقع خلف مطعم «مكسيم» مباشرةً. تساءَل «فهد»: هل ننزل الآن؟
أجاب «أحمد»: ليس الآن، وإلا فإن الخطة جميعها سوف تفشل.
سكت لحظة، ثم أضاف: إن دورنا سوف يكون عندما يخرج أفراد عصابة «سادة العالم» من المطعم، وهذه سوف تكون لحظة دقيقة تمامًا؛ فيجب أن ندخل قبل أن يدخل رجالُ الشرطة المزيفون.
نظر «أحمد» في ساعة يده، ثم قال: أظن أن «إليك كرو» في طريقه إلى المطعم الآن!
ثم أضاف: أما «رشيد» فإنه يجلس الآن داخل المطعم، وهو الذي سيُعطينا الإشارة بعدها، سوف نتحرك مباشرة.
كان جهاز الاستقبال مفتوحًا لتلقِّي أيِّ رسالة. فجأة، جاءَت رسالةٌ من المجموعة الثانية تقول: «إن «رشيد» داخل المطعم منذ خمس دقائق.» وعندما انتهَت الرسالة؛ جاءَت رسالة أخرى، وكانت من «رشيد» يقول فيها: «إن «إليك كرو» قد وصل وجلس إلى المنضدة رقم «١٢»، وإن «جان» قد دخل المطعم، ثم خرج.» ثم نظر «أحمد» في ساعة يده، كانت تُشير إلى الخامسة إلا خمس دقائق. جاءَت رسالة أخرى من «رشيد» يقول فيها: «لقد اقترب «جليم» الآن من «إليك كرو» وبدأ يسأله عن نوع الطعام الذي يريده، ثم انصرف، في نفس اللحظة، قد وصل رجلان من عصابة «اليد الحديدية»، وهما نفسهما اللذان كانَا موجودَين في الغداء.»
كان «رشيد» يُرسل إلى المجموعة الأولى تفاصيلَ ما يدور أولًا بأول، حتى يعرفوا كلَّ الخطوات، وحتى تكون حركتُهم متفقةً مع ما يدور، استمرت رسالة «رشيد» تقول: لقد أحضر «جليم» طبقَ الفاكهة لفردَي العصابة، وتركه أمامهما. مرَّت لحظة صمت، ثم جاءت رسالة «رشيد» من جديد: «إن «جليم» يقترب بالطعام من «إليك كرو»، إنه الآن يضع الطعام أمامه ثم ينصرف.»
«إليك» بدأ يشرب «الشوربة». فجأة، سمع الشياطين صوتَ طلقات مكتومة، وجاء صوت «رشيد» يقول: لقد دخل أحد الرجال وضرب «إليك» عدة طلقات دوَّت في المكان … وسقط «إليك كرو» على الأرض … قال «أحمد» بسرعة: هيَّا إلى المطعم فورًا!
أسرعَت «إلهام» بالخروج من الشارع الجانبي، ثم اتجهت إلى الشارع الرئيسي، حيث يقع المطعم. ووقفَت أمامه، أسرع «أحمد» و«قيس» و«عثمان» و«فهد» بالنزول، واتجهوا مباشرةً إلى المطعم. كانت حالة من الهرج تسود المكان. أسرع الشياطين إلى «إليك» الذي كان يرقد على الأرض، في نفس اللحظة، ظهر بعضُ رجال الشرطة، لمحَهم «أحمد»، فعرف أنهم رجال عصابة «سادة العالم»، أسرع بإخراج عدد من كرات الدخان، وألقاها على الأرض؛ فانتشرَت بسرعة. في نفس الوقت كان رجال الشرطة المزيفون قد أخرجوا مسدساتهم، إلا أن «قيس» الذي كان قريبًا منهم أسرع في قفزة خاطفة، وضرب أولهم ضربةً مستقيمة، جعلَته يتراجع، حتى يصطدم بإحدى المناضد. أسرع «عثمان» وقفز في الهواء، وضرب اثنين منهما معًا … في نفس الوقت كان الدخان قد ملأ المكان. وكان «أحمد» يرفع «إليك» من على الأرض، وهو يهمس له: لقد جئنا لإنقاذك، ونحن نعرف كلَّ شيء!
حرَّك «إليك» نفسَه بين يدي «أحمد»، وكأنه مُصابٌ فعلًا، في نفس الوقت الذي كان بقية الشياطين قد اشتبكوا مع رجال العصابة، أما «رشيد» فقد كان يرقب حركةَ عضوَي عصابةِ «اليد الحديدية»، وشاهدهما يُغادران المطعم من باب جانبي. في نفس الوقت الذي أخذ فيه «جليم» طبقَ البرتقال وأخفاه. فجأة، ظهرَت مجموعةٌ من الرجال بالملابس العادية في باب المطعم، كانوا يبدون كأشباح وسط الدخان الذي كان قد بدأ يَخِفُّ. أخرج «رشيد» مسدسه، وثبَّت فيه إبرة مخدرة، ثم أحكم النيشان، وأطلق الإبرة، فاستقرَّت في ذراع أول الرجال، فتهاوَى على الأرض، وبسرعة أيضًا أخرج عدة كرات من الدخان، ثم دحرجها على الأرض، في انتظار نهاية المعركة. في نفس الوقت كان يفكر كيف يخرج ﺑ «إليك» من المطعم دون أن يراه أحد خصوصًا وأن الدخان قد بدأ يغطِّي كلَّ شيء فلا تظهر تفاصيل.
أسرع «رشيد» إلى «أحمد» وهمس له: هناك بابٌ خلفي يمكن الخروج منه، وقد شاهدتُ عضوَي عصابة «اليد الحديدية» وهما يغادران المطعم منه.
ينبغي التأكد من أننا نخرج في سلام؛ فربما تكون إحدى العصابتَين قد فكَّرَت في ذلك!
فجأة، وصلَت رسالة إلى «أحمد» من «إلهام» تقول إن المجموعة الثانية تُطارد رجال عصابة «سادة العالم»، بعد أن خطفوا «جان».
فكَّر «أحمد» لحظة. ثم همس: إنها مغامرة مزدوجة. نقل الرسالة إلى «رشيد» الذي قال: ينبغي أن نخرج ﺑ «إليك» الآن. وسوف أتقدم خطواتكما.
حمل «أحمد» «إليك» على كتفه. في الوقت الذي تقدَّمهما «رشيد». بينما كانت بقية المجموعة الأولى تحاول أن تُنهيَ الموقف. تقدَّم «رشيد» إلى حيث يوجد الباب الخلفي، لكن فجأة، ظهر ما لم يكن يتوقعانِه.