حكايةٌ فيها بركان
«إنه ليس بركانًا عاديًّا، كما تعلمين. فقد صنعته ساحرة منذ آلافٍ وآلاف من السنين.
أي ساحرة؟ أوه، لا أعلم. بالتأكيد ليست «الساحرة» التي لدينا. فهي كبيرة في العمر، لكنها ليست كبيرة لتلك الدرجة. بالطبع لا أعرف عمرها. لا أحد يعرف. ولم يرَها أحد. سمعتُ أنها أحيانًا تبدو مثل فتاة صغيرة وأحيانًا تبدو امرأة عجوزًا وفي أحيان أخرى تبدو سيدةً بالغة. الأمر يعتمد على الظرف.
يحتوي البركان على تنانين بداخله. أو كذلك كان. فيما مضى كانت التنانين في سائر أنحاء المعمورة، لكن الآن لم يرَها أحدٌ منذ دهر. أو ربما أكثر من ذلك.
كيف يُمكنني معرفة ما حدث لها؟ ربما استولت عليها «الساحرة». ربما أكلتها. فهي جائعة دائمًا، كما تعلمين. أقصد الساحرة. آمُل أن يجعلكِ هذا تلزمين سريركِ في الليل.
في كل مرة يثور فيها البركان، يُصبح أكبر وأكثر غضبًا وشدة. فيما مضى، لم يكن أكبر من تلِّ نمل. ثم أصبح بحجم منزل. والآن هو أكبر من الغابة. وفي يومٍ من الأيام، سيُطَوِّق العالم بأسرِه، إن لم يحدُث هذا فستعرفين.
آخِر مرة اندلع فيها البركان، كانت «الساحرة» هي المُتسببة في ذلك. ألا تُصدقينني؟ أوه، إنه حق مثلما أنتِ واقفة هُنا. في تلك الأيام، كانت الغابة آمنة. لم يكن يُوجَد شِراك أو فوهات سامَّة. لم يكن شيءٌ يحترق. وكانت تُوجَد قرًى تتناثر في جميع أنحاء الغابة. قرى كانت تجمع عيش الغراب. وقرى كانت تتاجِر في العسل. وقرى كانت تصنع منحوتات جميلة من الطين وتقويها بالنار. وكانت هذه القرى جميعها متصلة عن طريق دروب وطرق صغيرة تتفرع وتتقاطع في الغابة مثل شبكة عنكبوت.
لكن «الساحرة» لم يُعجبها ذلك. فهي تكره السعادة. تكرهها تمامًا. لذا جلبت جيشًا من التنانين إلى بطن الجبل.
صاحت في التنانين: «تقيئي». فتقيأت نارًا في قلب البركان. صاحت مجددًا: «تقيئي!»
كانت التنانين خائفة. التنانين، إذا كان لا بدَّ أن تعرفي، كائنات شريرة مُفعمة بالعنف والرياء والخداع. لكن خداع التنين لم يكن يُساوي أي شيءٍ أمام شر «الساحرة».
صرخت التنانين، وهي ترتجف وسط الحرارة: «رجاءً. رجاءً أوقفي هذا. ستُدمرين العالم.»
«ولِماذا أعبأ بالعالم؟» وضحكت «الساحرة». «لم يعبأ بي العالَم قط. إن أردتُ إحراقه، فسيحترق.»
ولم يكن لدى التنانين أي خيار. تقيأت وتقيأت إلى أن صارت مجرد رمادٍ وجمرات ودخان. ظلت تتقيأ النيران حتى ثار البركان واندلع نحو السماء، مُمطرًا كلَّ غابة وكل مزرعةٍ وكل مرجٍ بوابل من الدمار. حتى «المستنقع» دُمِّر.
وكان الانفجار البركاني سيُدمر كل شيء، لولا وجود الساحر الشجاع الضئيل الحجم. سار ودخل إلى البركان و… حسنًا، ليس واضحًا لي تمامًا ما فعله، لكنه أوقفه فورًا، وأنقذ العالم. ومات المسكين وهو يفعل ذلك. من المؤسف أنه لم يقتُل الساحرة، لكن لا أحد مثالي. على الرغم من كل شيء، علينا أن نشكُره على ما فعله.
لكن البركان لم يخمد تمامًا قط. لقد أوقفه الساحر، لكنه مضى تحت الأرض. ويُسرِّب غضبه إلى بِرك المياه وأحواض الطين والفوهات السامة. سمَّم «المستنقع». ولوَّث الماء. هذا هو السبب في أن أطفالنا يجوعون وجدَّاتنا تتغضنَّ وفي أن مآل محاصيلنا كثيرًا ما يكون الفشل. هذا هو السبب في أننا لا نستطيع ترك هذا المكان أبدًا ولا نفع من المحاولة.
لكن مهما يكن. يومًا ما سيثور مرة أخرى. وعندئذٍ سنتخلَّص من هذه المعاناة.»