خلاف حول الحذاء الطويل الرقبة
قالت الأخت إجنيشا: «اخلعيه يا عزيزتي.» كان صوتها ناعمًا. كانت خطواتها ناعمة. «إنه ببساطة لا يناسبك.»
أومأت المرأة المجنونة. كان القمر على وشك أن يبزغ. وكان الجبل يُدمدم تحت قدمَيها. وقفت أمام صخرة ضخمة. كان مكتوبًا على الصخرة من أحد الجانبَين: «لا تنسي.» وكان مكتوبًا على الجانب الآخر: «أعني ما أقول.»
افتقدت المرأة المجنونة طيورها الورقية. طارت بعيدًا ولم تعُد. هل كانت حقيقية أصلًا؟ لم تكن المرأة المجنونة تدري.
كل ما تعرفه حينئذٍ أنها كانت تُحب هذا الحذاء الطويل الرقبة. كانت قد أطعمت الماعز والدجاج، وجمعت اللبن والبيض، وشكرت الحيوانات على وقتها. لكنها في نفس الوقت، كانت تشعر وكأن الحذاء كان «يُطعِمها». لم تتمكن من تفسير ذلك. كان الحذاء يُمدها بالحيوية في جميع أنحاء جسمها. شعرت بأنها خفيفة كطائر ورقي. شعرت أنه يمكنها الركض لآلاف الأميال دون أن تنقطع أنفاسها.
تقدمت الأخت إجنيشا خطوة للأمام. وانفرجت شفتاها عن ابتسامةٍ فاترة. كان بوسع المرأة المجنونة سماع زمجرة «كبيرة الأخوات» الأشبه بزئير نمِر تُدوِّي تحت الأرض. شعرت بأن ظهرها بدأ يتعرق. تراجعت عدة خطوات سريعة نحو الوراء حتى التصق جسدها بصخرة قائمة. استندت عليها وشعرت بالراحة هناك. شعرت بأن حذاءها الطويل الرقبة بدأ يطن.
كان يُوجَد سحر في جميع أنحاء هذا المكان. قِطَع صغيرة من السحر. كان بوسع المرأة المجنونة أن تشعر به. وكان بوسعها أن ترى أن «الأخت» كانت تشعر به أيضًا. مدت كلتا المرأتين أصابعهما الرشيقة الماهرة هنا وهناك، تقبضان على قِطع السحر البراقة بأيديهما، وتحتفظان بها لوقتٍ لاحق. وكلما جمعت المرأة المجنونة المزيد من قِطع السحر، أصبح الطريق المؤدي لابنتها أوضح.
قالت «كبيرة الأخوات»: «أيتها الروح الشاردة البائسة! كم شردتِ بعيدًا عن البيت! كم أنتِ مشوشة بالتأكيد! لحُسن الحظ أنني وجدتكِ هنا، قبل أن يَجدكِ حيوانٌ ضارٍ أو قاطع طريق يتجول. هذه غابة خطيرة. بل أخطر غابة في العالم.»
دمدم الجبل. اندلع عمود من الدخان من أبعد الفوهات. شحب وجه «كبيرة الأخوات».
قالت الأخت إجنيشا: «علينا أن نُغادر هذا المكان.» شعرت المرأة المجنونة بركبتَيها تهتزان. أشارت الأخت إلى الفوهة، قائلةً: «انظري! لقد رأيتُ هذا من قبل. منذ زمن طويل. تظهر أعمدة الدخان، ثم تهتز الأرض، ثم تحدُث الانفجارات الأولى، ثم ينفتح وجه الجبل كله نحو السماء. إذا بقينا هنا عند حدوث هذا، فستموت كلتانا. لكن إذا أعطيتِني هذا الحذاء الطويل الرقبة» — لعقت شفتيها — «عندئذٍ يُمكنني أن أستخدم القوة الموجودة بداخله كي أُعيدنا كلتينا إلى البيت. نعود إلى «البرج». إلى «برجكِ» الصغير الدافئ الآمن.» ابتسمت مرة أخرى. حتى ابتسامتها كانت مُخيفة.
همست المرأة المجنونة: «أنتِ تكذبين، يا «قلب النمر».» أجفلت الأخت إجنيشا عند سماعها الكلمة. «أنتِ لا تنوين إعادتي.» كانت يداها على الصخرة. كانت الصخرة تجعلها ترى أشياء. أو ربما كان الحذاء الطويل الرقبة هو الذي يجعلها ترى أشياء. رأت مجموعة من السحرة — رجالًا مُسنِّين ونساءً عجائز — خانتهم «كبيرة الأخوات». قبل أن تصير «كبيرة الأخوات». قبل أن تُوجد «المحمية». كان من المفترض أن تحمل كبيرة الأخوات السحرة على ظهرها عند اندلاع البركان. لكنها لم تفعل شيئًا من هذا القبيل. تركتهم في الدخان ليُلاقوا حتفهم.
همست الأخت إجنيشا: «كيف عرفتِ هذا الاسم؟»
قالت المرأة المجنونة: «الجميع يعرفون هذا الاسم. كان في حكاية. حكاية تروي كيف أكلت «الساحرة» قلب نمر. الجميع يهمسون بها. إنها حكاية خاطئة، بالطبع. فليس لديكِ قلب نمر. ليس لديك قلبٌ على الإطلاق.»
قالت الأخت إجنيشا: «لا تُوجَد حكاية كهذه.» بدأت تتقدم. وحدَّبت كتفَيها. وزمجرت. «أنا من بدأت الحكايات في «المحمية». أنا من فعلت هذا. أنا مصدر جميع الحكايات. لا تُوجَد حكاية لم أروِها أنا أولًا.»
«أنتِ مخطئة. الأخوات كُنَّ يَقُلن: «النمر يسير.» كان بوسعي أن أسمعهن. كنَّ يتحدثن عنك، كما تعرفين.»
شحب وجه كبيرة الأخوات بشدة. وهمست: «مستحيل!»
قالت المرأة المجنونة: «كان من المستحيل أن تكون ابنتي ما زالت على قيد الحياة، ومع ذلك هي لا تزال حية. وكانت هنا. منذ وقت قريب. المستحيل ممكن. يُعجبني هذا المكان.»
«أعطيني هذا الحذاء.»
«وثمة شيء آخر. ركوب سِرب من الطيور الورقية أمر مستحيل، لكنني فعلته. صحيح أنني لا أعرف إلى أين ذهبت طيوري، لكنها ستجد طريقَها عائدةً إليَّ. وكان من المستحيل أن أعرف إلى أين ذهبت رضيعتي، ومع ذلك لديَّ أوضح صورة عن مكانها. في هذه اللحظة. ولديَّ فكرة جيدة عن كيفية الوصول إليها. ليست في رأسي، كما ترين، لكنها في قدمي. هذا الحذاء الطويل الرقبة. إنه ماهر للغاية.»
زأرت كبيرة الأخوات، قائلةً: «أعطيني حذائي.» كوَّرت قبضتَيها بإحكام ورفعتهما فوق رأسها. وعندما أنزلت قبضتيها، وبسطت أصابعها، كانت تُمسك فيها بأربعة سكاكين حادة. بدون تردُّد، تراجعت إلى الوراء وقصفت يديها للأمام، مُطلقةً أنصال السكاكين نحو قلب المرأة المجنونة. وكانت السكاكين ستُصيبها، لو لم تدُرْ على عقبها وتقفز ثلاث قفزات هائلة جانبًا.
زأرت الأخت إجنيشا، قائلةً: «الحذاء مِلكي. أنتِ حتى لا تعرفين كيفية استخدامه.»
ابتسمت المرأة المجنونة. وقالت: «في الواقع أعرف. أعتقد أنني أعرف.»
اندفعت الأخت إجنيشا نحو المرأة المجنونة، التي خطت بعض الخطوات الختامية في مكانها قبل أن تنطلق مبتعدةً في لمح البصر. وتركت «الأخت» وحدَها.
بدأت الحمم تتصاعد من الفوهة الثانية. اهتزت الأرض اهتزازًا شديدًا لدرجة أن الأخت إجنيشا كادت تسقط على ركبتَيها. ضغطت بيدِها على الأرض الصخرية. كانت ساخنة. قد يحدث الأمر في أي لحظة الآن. بات ثوران البركان وشيكًا.
وقفت. وفردت ثوبها.
قالت: «حسنًا إذن. إذا كانت هذه هي الطريقة التي يريدون اللعب بها. فلا بأس. سألعب أنا أيضًا.»
وتبعت المرأة المجنونة إلى الغابة التي كانت آخِذة في الاهتزاز.